السودانية نورا حسين.. ضحية الاغتصاب الذي يحميه القانون

السودانية نورا حسين.. ضحية الاغتصاب الذي يحميه القانون
السودانية نورا حسين.. ضحية الاغتصاب الذي يحميه القانون

«كانت نورا حسين طوال حياتها ترغب في أن تصبح معلمة، لكن انتهى بها الأمر إلى إرغامها على الزواج من رجل أساء معاملتها، وقام باغتصابها وتعذيبها بوحشية. وها هي الآن يحكم عليها بالإعدام من قبل محكمة رفضت الاعتراف بوجود اغتصاب في إطار الزواج. فنورا حسين تعتبر ضحية، والحكم الذي صدر ضدها أمر بالغ القسوة لا يقبله عقل..» هكذا ترد قصة السودانية نورا حسين في تقرير منظمة العفو الدولية «أمنيستي انترناشونال» التي طالبت مع غيرها بالإفراج عن الفتاة التي لم تفعل شيئا سوى الدفاع عن نفسها.


«الزواج القسري، الاغتصاب الزوجي، وزواج الأطفال».. كلها جرائم مشروعة بحسب القانون السوداني الذي لا يعتبر أي مما سبق أسباب تستدعي المحاسبة أو العقاب، بل على العكس يتيح سن الزواج للفتيات من عمر 10 أعوام، ولا يعتبر الاغتصاب في إطار الزواج عملاً غير قانوني. كل هذا حوّل قضية الفتاة السودانية نورا حسين التي تبلغ من العمر 19 عاما فقط من قضية عادية إلى قضية رأي عام تفاعل معها الناس حول العالم، مطالبين بالعفو عنها وإعادة النظر في القوانين المنظمة للزواج وحقوق المرأة داخل البلاد.


تعود قصة نورا عدة سنوات للوراء عندما كانت تبلغ من العمر 15 عامًا فقط، وتحلم بأن تصبح معلمة يومًا ما بحسب سيف ماجنجو نائب المدير الإقليمي لمنطقة شرق أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، الذي قال في تقريره الصادر بتاريخ 10 مايو 2018:  «إن تطبيق عقوبة الإعدام على نورا حسين ضحية الاغتصاب، يبرز تقاعس السلطات عن الاعتراف بالعنف الذي تحملته نورا. ويجب على السلطات السودانية أن تسقط هذه العقوبة الفادحة الجور، وضمان إعادة محاكمة نورا محاكمة عادلة تأخذ بعين الاعتبار ظروفها المخففة للعقوبة».


 

 

أجبرت الأسرة التي كانت تسكن «منطقة سنار» الفتاة، على الارتباط بأحد أقربائها، والذي يدعى عبد الرحمن محمد حماد، وعلى الرغم من رفضها له إلا إن الأسرة قامت بإعلان خطبتهما رسميًا وزواجهما بعد ذلك بفترة قصيرة، الأمر الذي دفع الفتاة التي كانت تبلغ من العمر وقتها 16 عامًا للهرب إلى أهل والدتها والاختباء لمدة ثلاثة سنوات.


بعد ضغط كبير من الوالدين، وتحديدًا الأب عادت نورا إلى منزلها بعد وعد والدها لها بأنه سوف يقوم بإجراءات انفصالهما، لكنها فوجئت به يأخذها إلى منزل زوجها في الخرطوم. وخلال الأيام الأولى من عودتها كانت ترفض نورا أن يقترب منها زوجها بأي طريقة، ولذلك استعان بأبناء عمومته في أحد الأيام، الذين قيدوا زوجته من أجل السماح للزوج بالاعتداء عليها، أو –الحصول على حقوقه الزوجية منها- بحسب زعمهم.


وفي اليوم التالي، حاول الزوج تكرار فعلته، لكن الفتاة دافعت عن نفسها من خلال تسديد عدة طعنات للزوج أدت لمقتلة في الحال. هربت نورا بعد ذلك لبيت والدها الذي سلمها بنفسه للسلطات وتبرأ منها، وذلك لعدة أسباب قانونية وعرفيه تتعلق بعادات المجتمع وقوانين الثأر.


في مايو 2017، احتُجزت نورا حسين بسجن أم درمان، وتمت محاكمتها وفقًا للمادة 130 من قانون العقوبات الصادر عام 1991 والتي لا تعترف بالاغتصاب الزوجي كجريمة، ونتيجة لذلك حُكم على نورا بالإعدام كنتيجة لـ«قتلها العمد لزوجها».


ووفقًا لتصريحات نقلها موقع BBC، فإن أهل الزوج يرفضون كل وسائل التصالح أو القبول بـ«دية» مقابل الإفراج عن نورا، مُشيرين إلى أن ماحدث جعلهم يشعرون بالإهانة، وأن ما حدث «جرح كبرياءهم».


وتابع الأقارب قائلين، إنهم إذا تركوها تخرج، فإن هذا الأمر سيفتح الباب أمام النساء لرفض الزواج من الرجال دون سبب معقول. 


أثار الحكم الصادر موجه من الغصب بين المدافعين عن حقوق المرأة في العالم، بالإضافة لعدد من الأشخاص الذين تفاعلوا مع قضيتها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وطالبوا بتبرئتها وإعادة النظر في القوانين السودانية التي تُحاكم الضحية بدلاً من الجاني، كما أطلق المدافعون عن قضيتها عدد من الحملات تحت شعار #العدالة_لنورا JusticeForNoura#

 

 

كما طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، في بيان صادر مايو الماضي، في أعقاب الحكم على نورا بالإعدام، بوقف تنفيذ الحكم ضد الفتاة السودانية. وناشد جوتيريس السلطات لإلغاء حكم الإعدام ومنحها محاكمة جديدة تحترم قوانين حقوق الإنسان الدولية، داعيًا إلى احترام ادعاء الفتاة بأنها كانت تدافع عن نفسها من الاغتصاب.


ووفقًا لموقع النيلين السوداني فإن قصة نورا ليست الأولى من نوعها في السودان، حيث أوردت الإحصائيات الرسمية أن 38% من النساء في السودان تزوجن في سنٍ مبكرة، وحسب مسح أجري في عام 2014، فإن زواج هؤلاء الفتيات جاء في فترة لم يكتمل فيها نموهن الجسدي والنفسي والاجتماعي، ليصبحن قادرات على مواجهة الحياة الزوجية.


وعرّفت منظمة الصحة العالمية العنف ضد المرأة بأنه: العنف الذي يمارسه ضدها شريكها المعاشر أو العنف الجنسي الممارس ضدها، وتشير التقديرات العالمية _وفقًا للتقرير_ أن واحدة من كل 3 نساء (35%) من النساء في أنحاء العالم كافة يتعرضن في حياتهن للعنف على يد شركائهن الحميمين أو للعنف الجنسي على يد غير الشركاء. كما تصل نسبة القتل التي يرتكبها الشركاء إلى 38%.


ولا تعتبر السودان هي الدولة الوحيدة التي لا تعترف بوجود ما يسمى بالاغتصاب الزوجي، حيث تناضل عدد كبير من المدافعات عن حقوق المرأة في العالم وخاصة في الدول العربية من أجل الاعتراف بها كتهمة تستوجب العقاب.