محمد البهنساوي يكتب: رسالة مهمة حول الآمال و المشاكل السياحية للقاهرة ونيلها

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

كتبنا الأسبوع الماضي مقالا تناول عدة قضايا من اجتماع رئيس الوزراء بالمستثمرين السياحيين.. وكيف ظهر ولأول مرة التوافق بين القطاعين الخاص والعام.. وعرضنا ما تم بالاجتماع من اقتراح استغلال نيل القاهرة سياحيا بتوفير مرسي بالنيل لكيلو متر وكيف سيفيد هذا مصر كلها.. وقد تلقينا رسالة مهمة من خبير سياحي كبير لكنه فضل عدم ذكر اسمه » وهذا حقه »‬ حول ما طرحنه بالمقال

وجاء فيها الأستاذ /............ تحياتي واحترامي،، نجحت كعادتك في اقتناص إحدي القضايا المهمة التي تشكل ركنا أساسيا بمنظومة السياحة المصرية وهي سياحة المدن.. ربطتها في مقالك بمشاكل القاهرة وبقضيتين أخريين مهمتين.. عرضت مشكلة محدودية الطاقة الفندقية للقاهرة وأنها ستتفاقم وبخاصة بعد فتح المتحف الكبير.. ثم مشكلة المراكب السياحية النيلية المعطلة في صعيد مصر.

وإمكانية توجيه من 30 إلي 40 منها إلي القاهرة لإضافة 3000 غرفة جديدة للعاصمة فضلا عن خلق منتج جديد (ورائع عن حق) وهو رحلة نيلية لمصر الوسطي. مجموعة الأفكار أشكرك عليها.. بجانب أهمية التقاء القطاعين الحكومي والخاص في القضايا السياحية. أتفق مع طرحك لجميع القضايا. مع بعض الاختلاف الذي يثري النقاش بمواضيع في غاية الخطورة.

اتفاق الحكومة والقطاع الخاص أمر شديد الايجابية.. خاصة بعد فترة ندر فيها النقاش والتفاهم بينهما.. ولكن قد يتفق الاثنان علي قضايا لاتحمد عقباها مثل التي طرحتها وسلطت الضوء عليه بشكل بارع في مقالك. أتفق معك جزئيا أن الكرة في ملعب وزير الري. جزئيا لأن موضوعا بخطورة النيل يتعين ألا يكون القرار بشأنه متروكا لوزير ولو مختص فالنيل من اختصاص جميع المصريين. ومصيره لا يتقرر بحساب سياحي فقط. إنما بالحساب الأشمل وأولوياته النهر الخالد وليس مراكب سياحية حتي ولو نريد إعادة تشغيلها. القاهرة عاصمة ألفية بحساب المعز. وآلاف السنين بتطورها التاريخي والنيل القاسم المشترك فيه.. مشاكل القاهرة هي مشاكل سياحة المدن عامة مع اعترافنا بخصوصية كل مدينة.. وبالقاهرة نحو 25 ألف غرفة فندقية. وكما ذكرت أنت بمقالك أن المشكلة ليست في أشغال هذه الغرف وخاصة أن سعر الغرفة وصل إلي 300 دولار.. دعنا نحاول تحليل ما ذكرت.. محدودية الطاقة الفندقية بالقاهرة.. هل هي موسمية أم طوال العام ؟ وفقا لما نعلم أن متوسط اشغال القاهرة العام الماضي لم يتجاوز 60% إذن فالمشكلة موسمية مثل العواصم الكبري.. ولها حلول سياحية كثيرة بتنويع أشكال الإقامة.. وحل مشاكل القاهرة السياحية لا ينحصر ولا يبدأ من طاقتها الفندقية وبالتالي فإن ارسال مراكب معطلة من الأقصر لزيادة مؤقتة لطاقتها قد يضيف لمشاكلها العامة والسياحية.. حتي لو مثّل هذا حلا مؤقتا لمشاكل مراكب الأقصر المعطلة.. فالأولوية لنيل القاهرة.. وأعتقد أن ما حل به تحت زعم التنمية السياحية يكفينا مشقة الشرح.

لا نريد أن تساهم السياحة في العهد الجديد في تفاقم مشاكل النيل، عن طريق حلول غير مخططة وغير مدروسة. 3000 غرفة في منطقة المنيب؟ وكيلومتر جديد يقتطع من النيل؟ ومشاكل المرور في منطقة تعاني أساسا من التكدس وسوء تخطيط المباني والطرق.

هذه »‬وقائع موت معلن» للمدينة أو لجزء منها علي الأقل. هذا رغم أنني من المتحمسين لفكرة الرحلات النيلية القصيرة من القاهرة إلي مصر الوسطي وهو عن حق منتج جديد يخلصنا من دكتاتورية الرحلة النيلية الصعيدية. إلا أن ذلك أيضا ليس علي حساب نيل وأهل القاهرة المحرومين منه أصلا.. أتمني ألا تكون الكرة في الملعب حتي الآن. وأن يكون جميع اللاعبين في مرحلة التدريب..وأرجو أن يتم طرح القضايا الهامة التي ذكرتها من خلال مناقشة يشارك فيها الجميع.. وأسجل اعتراضي وتقديري لتحريك المياه الراكدة. الخبير السياحي.......... • •

ومن جانبي أرحب بهذا الرأي المهم حول السياحة بالقاهرة.. وأشكرك علي نقاط الاتفاق والاختلاف برسالتك.. وأحترم رغبتك في عدم ذكر اسمك رغم انه كان سيضيف أهمية وثقلا للرسالة لو ذكرناه.. ولتسمح لي بالتعليق علي تعيلقاتك.. فيما يخص التفاهم بين القطاعين العام والخاص.. بالطبع مطلوب رغم تخوفك أن يؤدي لأمور لا تحمد عقباها.. لكن هذا لن يحدث طالما التزم كل طرف بدوره.. القطاع الخاص يفكر ويبدع.. والوزارة تسهل هذا الإبداع وتحميه من الشطط المضر بدورها الرقابي الصارم والواعي.

أما تخوفك علي النيل ففي محله تماما.. وعندما قلنا إن الكرة بملعب وزير الري ليس لتوفير المرسي المطلوب.. إنما لدراسة وفحص وتمحيص الفكرة وبما لا يضر شريان حياة المصريين. ودعني أخبرك أن المكان المقترح بالمنيب ليس نهائيا.. ربما كان هناك مكان آخر يتفادي زحمة النيل والشوارع المحيطة به.. وفي كل الأحوال هي فكرة قد تكون مفيدة فتنقذ القاهرة وشمال وجنوب الصعيد سياحيا.. أو مضرة فيتم البحث عن البديل ونصل للطاقة الفندقية بالقاهرة.. وقد أختلف معك في أن الطاقة الموجودة حاليا كافية.. هي كذلك لنوعية معينة من السياحة تخص العرب وسياحة المؤتمرات لسعرها الذي نتمني أن يظل مرتفعا.. لكن أيضا نحتاج وكما قلت أنت في ردك تنوع مستويات الإقامة لبدء تدفق السياحة الأجنبية.. ولعلك تتفق معي ان القاهرة ليست مدينة سياحية حتي الان رغم ما تزخر به من كنوز وإمكانيات.. وحان وقت إطلاق مشروع قومي لتحويلها لمدينة سياحية.. وأولي خطوات هذا المشروع الوقوف علي مشاكلها الحالية ووضع خطة محكمة لحلها.. ولنبدأ في طرح النقاش حول هذا المشروع المهم.