خلال برنامج «الإمام الطيب»

شيخ الأزهر: اختبار طريق العقيدة هو وسيلة الحكم على صحتها أو فسادها

شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب
شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب

قال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، إن علماء المسلمين وضعوا ثلاثة شروط للعقيدة الصحيحة، وهي الاعتقاد الجازم، ومطابقة الواقع، وأن تكون ناشئة عن دليل، وهذا هو الاعتقاد الحق والعلم الصحيح والمعرفة اليقينية.


وأضاف خلال برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»، إن الطريق الذي تثبت به العقيدة لابد أن يكون طريقا يقينيا، إذ لو كان طريق ثبوت العقيدة طريقا ظنيا، أو طريقا احتماليا قابلا للشك.


وأوضح أن العقيدة حينئذ ينطبق عليها نفس ما ينطبق على الطريق الذي ثبتت به؛ فتكون هي الأخرى أيضا ظنا من الظنون المتأرجحة بين الثبات والتغير، بحيث لو عارضها ظن أقوى منها أو عارضها يقين؛ فإنها لا تلبث أن تتلاشى وتزول.


 وتابع: «نفس الشيء لو كان طريق ثبوت العقيدة شكوكا أو عادات وتقاليد؛ فإنها -والحالة هذه- لا ترقى أبدا إلى مستوى العقيدة الصحيحة، بل تبقى في مستوى الوهم أو مستوى التقليد الأعمى، وكثيرا ما تهبط إلى مستوى الاعتقاد اللامعقول، مثل اعتقاد الألوهية في الأحجار أو الحيوانات أو الأشخاص، وما إلى ذلك من اعتقادات ينكرها العقل الصريح».

وأشار إلى أن الحكم على صحة عقيدة ما أو فسادها يتوقف على اختبار طريق العقيدة والوسيلة المعرفية التي أنتجتها، فإذا كان الطريق يقينيا كانت العقيدة علما يقينيا صادقا لا يقبل ما يناقضه، وإذا كان الطريق ظنيا أو مشكوكا في أمره؛ لم يكن الاعتقاد الناشئ عنها إلا ظنا قابلا للاحتمال أو شكا يخلد إلى الوهم والخيال، وكل منهما ليس من العقيدة الصحيحة في شيء.

ونوه إلى أن الشرط الثاني للعقيدة الصحيحة، هو أن يكون الاعتقاد مطابقا للواقع، فعلى سبيل المثال من يستيقظ صباحا ويعتقد أن الشمس قد أشرقت ثم بعد أن ينظر إلى النافذة يجدها لم تشرق بعد، فإن اعتقاده هذا ليس عقيدة، حتى لو بلغ حد الجزم واليقين، لأنه أنه بعد أن طابقه بالواقع ونظر من النافذة وجده مخالفا للواقع، فهي عقيدة فاسدة أو باطلة، والشرط الثالث أن تكون هذه العقيدة مدعمة بالدليل، فإذا لم تتمكن من تدعيمها باستدلال عقلي فلا تسمى عقيدة.

وبين أن مفهوم العقيدة في القرآن ارتبط بالعلم، فقد قال الله عز وجل: «فاعلم أنه لا إله إلا الله»، ولم يقل فآمن أو فسلم، إنما قال فاعلم، فجعل العقيدة محكومة بالعلم، والعلم مرتبط بالعقل، وهو رد على من يدعون أن الإسلام يغيب العقل، فالقرآن هنا يرد عليهم بأن عقيدتنا مبنية على العقل والبرهان والدليل، ودليل ذلك أيضا الآيات الكثيرة التي تدعو إلى التبصر في السماوات والأرض، وتدعو لاستخدام العقل في الاستدلال على وجود الله.

وأوضح شيخ الأزهر أن لعلماء المسلمين نهج في غاية الدقة يحصرون به طرق العقيدة الصحيحة في عوامل ثلاثة يسمونها: أسباب العلم، وهي أسباب تعطي للمعرفة أو العقيدة الحاصلة بها وصف اليقين الذي لا يتبدل ولا يزول؛ هذه الأسباب هي:


  1- الحواس السليمة: وهي التي تعرف بالحواس الخمس التي هي: السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس، فالعلوم الناشئة عن طريق الحاسة السليمة علوم يقينية لا يصح التشكيك فيها، فإذا علمت -مثلا- عن طريق اللمس أن هذا الجسم حار أو بارد، وعن طريق البصر أن هذا الشيء أسود أو أبيض؛ فإن علمي هذا علم يقيني، وقل مثل ذلك في إدراكات السمع والشم والذوق؛ فكلها علوم يقينية مطابقة للواقع، لا تقبل نقائضها بحال من الأحوال. 


2- العقل: وهو القوة التي أودعها الله في الإنسان، وميزه بها من بين سائر خلقه، وأوكل إليه مهمة التحليل والتركيب والاستنباط، والعقل -في إطار النظر المنضبط بقواعد التفكير الصحيح- قادر على إدراك العلوم اليقينية والمعارف الصحيحة والعقائد الحقة المنجية للإنسان في الدنيا والآخرة، مثل قضية وجود الله؛ فهي قضية تنتهي في التحليل المنطقي إلى بديهة العقل التي تقرر أن لكل حادث محدثا، ولكل معلول علة، فمثل هذه القضية التي ترتبط -في التحليل النهائي- ببدهيات العقل وضرورياته قضية صادقة ويقينية.

وأشار إلي أن القرآن الكريم؛ لفت أنظار البشر إلى أهمية استخدام المسلكين السابقين؛ المسلك الحسي، والمسلك العقلي القاطع في اكتساب العلم اليقيني والعقيدة الصحيحة.