«قصاص الأثر» مباحث جنائية بالفطرة وعلم يدرس في الصحراء

أرشيفية
أرشيفية

«قص الأثر» علم لم يأتي من فراغ وانما اخذ وقتا طويلا علي مر السنوات الماضية ضاربا جذوره في عمق التاريخ وربما يرجع ذلك إلي وقت الفراغ إلي جعل من قصاص الأثر يكتسب خبرة التعامل والتعرف علي اثأر الأقدام وتلتصق بذاكرته مع تكرار التجارب.


وقصاص الأثر متخصص في قص أثار أقدام المجرمين في رمال الصحراء حتى لو مر علي الجريمة عدة سنوات .وكذلك الحال في المناطق التي تنشر فيها الزلط والتربة الطينية .وقد تخصص بدو سيناء في مهمة قصاص الأثر وهم يعتمدون عليه  كوسيلة لحل الغاز السرقات والجرائم التي ترتكب خاصة الجرائم المرتبطة بالبيئة الصحراوية .


 الشيخ حسن سالم من قرية الطويل شرق العريش متخصص في قص الأثر قال ان قصاص الأثر يقوم بدور البحث الجنائي حيث يقوم بتعقب الآثار ويستطيع ان يميزها سواء كانت لرجل أو حافيا كان أو لابسا حذاء من أي نوع أو امرأة حاملا أو انسه .


وهنا فراسة قصاص الأثر كما يقول الشيخ حسن إذ انه بمكانه التعرف علي الخطوات الخاصة بقدم الإنسان آو بأرجل  الحيوان سواء الإبل أو غيرها مستعينا بالبصمة التي تميز أقدام الإنسان والتي تعود إلي عنصر الوراثة بين الأبناء والآباء والأجداد وذلك من خلال طريقة المشي والسير علي الرمال بوجود علامات مميزة لهذه الأقدام .


وعن تمكن قصاص الأثر من معرفة الإقدام التي تسير علي الزلط فأن عوامل الطبيعة تلعب دورا بارزا في الوصول إلي صاحب القدم حيث أن الشمس والرطوبة تعمل علي تكوين طبقة فوق الزلط وعندما تسير الأقدام فوقها يتغير لون الزلط علاوة علي تحرك الزلط عن مكانه وهنا يتم تعقب الآثار إلي أن تظهر في مكان رملي .كما يمكن لقصاص الأثر أن يتعرف علي التوقيت والزمن التي مرت فيه أثار الأقدام .وهنا تلعب الرياح والهواء دور في ذلك حيث انه كلما كانت الآثار مطموسة يكون من السهل التعرف علي الزمن الذي  مضي علي سير الأقدام .


وقصاص الأثر لدية من الفطنة والذكاء اللذان يجعلاه متمسكا برأيه وقوله في حالة جرائم السرقة وهو في سبيل ذلك يتحمل أحكام القضاء العرفي بان يحلف اليمين أم أن يذهب إلي المبشع كي يلحس النار وفي حالة ثبوت كلامه تظهر براءته بينما إذا أخطا يتحمل في الأولي والأخيرة أي تبعات ادعاءه كذبا باتهام بريء
.حتى الإبل يستطيع لقصاص الأثر القدرة علي تعقب آثارها من خلال أقدامها والتعرف عليها وعلي أصحابها لذا كانت من نفس القبيلة أو من خارجها وبذلك يسهل التعرف عليها إذا سرقت أو ضلت الطريق ومن هنا تجد الإبل سارحة دون رقيب عليها ولا احد يجرؤ أن يقترب منها وسط الصحراء.وهناك بعض قصاصي الأثر يتعرضون علي الدجاج الخاص بهم عن الدجاج الخاص بجيرانهم إنما هواية وعلم متعمق لم يأتي من فراغ إنما اخذ وقتا طويلا .


ويؤكد الشيخ حسن ان هذا الأسلوب ربما هو الذي جعل الجاني يفكر طويلا في ارتكاب جريمته حني لو لجا إلي تغيير حذاءه بأخر أو استخدم الصوف في إخفاء أثار الأقدام أو اخذ طريق الإسفلت طريق له .


 فالسارق دائما يكون مثقلا بالأحمال وهنا تقصر الخطوة وتغوص قدمه في الرمال ويسهل التعرف عليه بخلاف الشخص الذي يسير بدون ثقل تكون خطواته أوسع وأسرع ولا تغوص قدماه في الرمال .


الشيخ حسن قال انه استطاع أن يرد دراجة هوائية خاصة بعضو مجلس الشعب عن العريش بعد 3 ساعات من سرقتها من مزرعته حيث استعان بآثار أقدام الشاب مرتكب السرقة وأثار الدراجة في عدة مواقع وتتبعهما وتعرف عليه إلي أن وصل إلي الجاني  والذي اعترف بارتكاب الجريمة . ويعتبر قصاص الأثر من الوظائف المساعدة للشرطة في كثير من الدول خاصة في المناطق الصحراوية وذلك للكشف عن الجناة بتتبع آثارهم


وحدث ان استعانت الشرطة بقصاص الأثر في تعقب الجناة في جريمة قتل ارتكبها رجلان  وكان معهما رجل ثالث اعور هدداه بالقتل  لو قام بالإبلاغ عنهما  .وقد كانت سهلة بالنسبة لقصاص الأثر  ،لان الجريمة وقعت في منطقة رملية ناعمة التراب ،ولم تهب رياح تطمسها وكان من السهل عليه معرفة أثار أقدام الرجال من أثار سير الإبل ، ثم أن الخطوات الواسعة والآثار العميقة لاقدامهما دلته أن الرجلين  كانا طويلي القامة ضخمي الجثة ، كما انه لاحظ أيضا أثار استلقائهم على الأرض وأثار أسلحتهم عندما نصبوا للمجني عليه كمينا .


أما كيف عرف ان الرجل الثالث اعور ، فلأن فقدان إحدى العينين يؤثر على آثار الأقدام أيضا لان الرجل الأعور يدير رأسه من وقت لآخر إلى جهة العين السليمة وهذا ما يؤثر على توازن الجسم ، مما ينتج أثارا معينة للأقدام