فيديو وصور| تطوير «مثلث ماسبيرو» يطيح بأقدم محل ساعات في مصر

محل هنهايات للساعات
محل هنهايات للساعات

•        صاحب المحل: «الحي أمهلني يومين للإزالة».. وسألجأ لليونسكو حال هدمه

•        «هنهايات» أسسه خواجة يهودي.. وطالبني حفيده بمقتنياته

•        جدي كان «ساعاتي» الملك فؤاد.. والملك فاروق «كان زبونًا دائمًا»

•        ساعة المندوب السامي البريطاني ومنبه الملك فاروق «الأندر» لدينا.. وهذه قصة ساعة «حبيب العادلي»

•        أم كلثوم وعلي ومصطفى أمين زبائن الزمن الجميل.. و«الخطيب» و«أبو الغيط» حاليًا


فور أن تطأ قدماك منطقة مثلث ماسبيرو التي لم يتبقى منها سوى بعض الذكريات، وتحديدًا في عقار رقم 54 بشارع 26 يوليو، وعند المحل العتيق «هنهايات للساعات»- الذي يبدو اسمه غريبًا-، تشعر بعبق التاريخ الرحيب، فهو أقدم محل لصيانة وبيع الساعات في مصر، بعد أن أسسه خواجة يهودي من أصل بلغاري يدعى «سلامون هنهايات»، وأهداه إلى الشيخ أحمد «نقيب الساعاتيه المصري» في عهد الملك فؤاد الأول، ليبقي المكان أثرًا تاريخيًا، بل ومزارًا خالدًا يحرص المصريون والأجانب على زيارته من حين لآخر.

«بوابة أخبار اليوم» التقت صاحب المحل، وحاورته عن تاريخ «هنهايات»، وكذلك مدى رواج التجارة في الفترة الحالية، فضلا عن أشهر زبائنه، وأخيراً أزمة التهديد بإزالة المحل لإدراجه ضمن خطة تطوير مثلث ماسبيرو.

 

تاريخ هنهايات للساعات

في البداية، فتح لنا «عصام سيد أحمد»، صاحب المحل الذي ورثه عن أبيه، دفتر الذكريات، قائلاً: «هنهايات» ليس مجرد محل لبيع وصيانة الساعات، بل يعد متحفا عالمياً في عيون الشرق والغرب، لكونه أقدم محل ساعات في الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط، لكنه مهدد بالزوال خلال أيام.

 

دفتر الذكريات

وكشف «عصام» أن المحل يرجع تاريخه لعام 1907 ميلادية، موضحًا أنه من الجيل الثالث لورثة أقدم شركة ساعات في الوطن العربي والمنطقة، وورث المحل عن والده الذي ورثه عن جده بعد أن عمل مع صاحبه الخواجة «البلغاري» قبل 120 عاما، وتحديداً عندما كان في عمر الـ8 سنوات .

وذكر أن الخواجة كان «ساعاتي» الملك فؤاد الأول والأسرة الملكية بالكامل، مؤكدا أن الملك فاروق كان زبونًا دائمًا للمحل في السابق، وكذلك شقيقاته الأميرات فوزيه وفوقية وفايقة.

وأوضح أن أعضاء الجيش الإنجليزي بالكامل كانوا من زبائن المحل الدائمين، لافتا إلي نيل جده لقب «نقيب الساعاتية» في فترة الملكية .

 

منبه الملك فاروق

ولمنبه الملك فاروق قصة خاصة لدي «الشيخ أحمد»، فيقول «حفيده»: «خادم الملك لف على كل محلات مصر عشان يصلح منبه الملك، ومتصلحش، وجدي الوحيد اللي قدر يصلحه، ولذلك عندما علم الملك بذلك قرر إهداء المنبه لجدي كهدية تذكارية من الملك، بعد أن فرح بقدرة طفل مصري على تصليح ساعات الملوك».

وأوضح أن المحل يتواجد في موقع استراتيجي مهم، خاصة أن شارع 26 يوليو كان شارع المهن والحرف قديما، وكان زبائنه من عظماء الأدب والفن والسياسة.

وأشار إلى أنه بعد انتهاء الملكية التي ذاع فيها صيت المحل والخواجة وجده «الشيخ أحمد»، ومع بداية فترة ترحيل الأجانب عن مصر، دخل الخواجه «سالمون» صاحب المحل في أزمة نفسية وحالة بكاء استمرت أسابيع رافضا الرحيل، إلا أنه قرر التنازل عن المحل لجده في خمسينيات القرن الماضي، مقابل ألف جنيه للجد، ورحل إلي فرنسا، تاركا تاريخ وشهرة خلدها «الشيخ أحمد»، بعد أن رفض تغيير اسم المحل، واحتفظ بمقتنياته، وواصل العمل في الصنعة، معتمدا على زبائن الخواجة.

 

زبائن الزمن الجميل

وعن زبائن الزمن الجميل، قال «صاحب المحل»: «دفتر الذكريات خلد الزبائن، وهم رياض السنباطي، والسيدة أم كلثوم، وكذلك صفية زغلول، وتوفيق الحكيم، أما الآن فزبائننا محمد الخطيب رئيس النادي الأهلي، وحسن حمدي، والإعلامية رولا خرسا، ووزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط، وعدد كبير من السفراء، وكذلك  الفنان حسين فهمي، والفنان محمد وفيق، زبوني من أيام مسلسل رأفت الهجان، وفريدة الزمر وعبدالعزيز مخيون، وكان على ومصطفي آمين زبائن جدي الدائمين».

وذكر عصام أنه ترك العمل في التدريس والصحافة، مقابل العمل في المحل حفاظا على التاريخ، لافتا إلى أنهم كانوا يصنعون قديما الساعات، أما الآن فيعتمدون على الصيانة والتصليح فقط، مستطردا: «لدينا ساعات جيب وساعات يد وآخرى حائط، وكنا نستورد من ألمانيا وفرنسا، أما الآن فنعتمد قليلا على المحلي، وزارني ذات مرة حفيد الخواجة سالمون وطالبني بصورته ومقتنيات له فرفضت».

 

الساعة الذهبية

سألناه عن الفرق بين الساعات القديمة والحديثة، فرد قائلا: «القديمة كانت ذات خامة نظيفة وجودة صناعية، وكانت تعتمد على النحاس والصلب، أما الآن فأغلب الساعات تعتمد على مادة الانتيمونيا والبلاستيك، وزمان كانت الساعة الذهب ب 3 جنيه، أما الآن فتبلغ ملايين».

 

الساعات النادرة

وورث «عصام» عدد من الساعات النادرة عن جده وأبيه، كساعة المندوب السامي البريطاني، ومنبه الملك فاروق، الذي يزين فاترينه المحل الرئيسية من الداخل، وكذلك ساعة جيب راديو، وساعة أوميجا ذهب، والساعة القيصرية، :لذلك طالب بتحويل المحل لمتحف ساعات بدلا من هدمه ضمن مثلث ماسبيرو، مبررًا ذلك بقوله: «لدينا نوادر ليست متواجدة بأي دولة في العالم».

 

أغلى وأرخص ساعة

وبالنسبة لأرخص وأغلى ساعة في «سلامون هنهايات»، كشف «عصام» أنه بالنسبة للبيع، فإن الأرخص تبلغ قيمتها 100 جنيه، أما الأغلى فتصل إلى أكثر من 10 آلاف جنيه، وأحيانًا ربع مليون جنيه، متابعا: «عندي ساعات تاريخية لا تقدر بثمن».

وأشار «عصام» إلى قصة ساعة حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، مؤكدا أنه هاتفه ذات يوم، وطالبه بتصليح ساعة حفيده، قائلا: «قالي مش هخش البيت يا عصام إلا لما الساعة دي تتصلح، وبالفعل صلحتها».

 

دفتر الذكريات

وكشف أن دفتر الذكريات يضم أكثر من ألف عميل من الزمن الجميل بينهم الملك فاروق وهدي شعراوي، وحتى آخر عميل وهو خواجة فرنسي.

 

هدم المحل.. ومثلث ماسبيرو

وأخيرا، أعرب «عصام» عن صدمته وحزنه لتهديده بإزالة المحل ضمن خطة تطوير مثلث ماسبيرو، قائلا: «هيزيلوا تاريخ، المحل يعد آثرا، لأن تاريخه تعدي 100 سنة، وأطالب الهيئة العامة للآثار بترميمه وتحويله إلى متحف لساعات بدلا من هدمه».

وواصل حديثه: «قالولي هننكس البيت وهنشيل المحل، ديكور المحل تاريخي ويحتاج الترميم لا الهدم، بس ليه يا حكومة هتمسحوا التاريخ».

وأضاف في نهاية حديثه: «معندناش في مصر متحف للساعات، فلما لا يتم تحويل المحل لمتحف»، متابعًا: «الحكومة أمهلتني يومين لإخلاء المحل، من أجل تنكيس البيت، انقذوا التراث.. انقذوا ساعات هنهايات من الاندثار»، لافتا إلى أن في حالة عدم الاستجابة له، سيلجأ إلى اليونسكو للحفاظ على تاريح المحل.