مترو الأنفاق.. «سعر التذكرة» ينقذ المرفق من الانهيار

مترو الأنفاق
مترو الأنفاق
  • 250 مليون جنيه خسائر سنوية.. و3 ملايين مواطن ينقلهم الخط سنويًا
  • 9 % فقط من الركاب سيدفعون 7 جنيهات للتذكرة.. و45% هم من سيدفعون الـ5 جنيهات
  • 38% من حقهم الاشتراكات الرمزية ودفع 3 جنيهات
  • 800 مليون جنيه حصيلة رفع التذاكر خلال عام

 

رغم تكرار حديث وزير النقل د.هشام عرفات، منذ أواخر عام 2017 حول ضرورة رفع سعر تذاكر مترو الأنفاق لإنقاذ المرفق من الانهيار، ورغم التأكيد على أن زيادة سعر التذكرة سيتم إقراره في شهر مايو الجاري، وقبل انتهاء السنة المالية بسبب احتياج الخط الأول من المترو لخطة إنقاذ عاجلة، استيقظ المصريون الجمعة الماضي على خبر زيادة أسعار تذاكر المترو.

البعض حاول تصدير الأمر على أنه «أزمة» مفاجئة افتعلتها الحكومة، وحاولت عدة أطراف «النفخ في نار»، فلجأ الإخوان وأتباعهم إلى تصدير صور عن وجود غضب شعبي عارم في الشوارع إزاء القرار والحكومة مع بوادر لاندلاع ثورة أخرى على غرار ثورة الـ25 من يناير، فيما قام أنصار الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بالترحم على أيامه وبيان مدى الترف والبذخ الذي عاشه الشعب المصري خلال فترة حكمه.

 

«ليس مشروع مبارك وحده»

مع تداول خبر الزيادة ظهر أيتام مبارك وعادوا يشيدون بدوره في إنشاء المترو وأسعار التذاكر في عهد الرئيس الأسبق، لكن الحقيقة أن القاهرة هى أول مدينة في الشرق الأوسط وإفريقيا تفكر في إنشاء مترو لمعالجة التكدس السكاني وضعف شبكة المواصلات الداخلية بها وكان ذلك في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي على يد المهندس الدكتور سيد عبد الواحد، وكان يعمل مهندسا بمصلحة السكة الحديد.

في عام 1954 استقدمت الدولة خبراء فرنسيين لإعداد تقرير حول مستقبل النقل العام داخل القاهرة الكبرى وأوصوا بتكوين شبكة من مترو الأنفاق تتكون من خطين.. «الأول»: بين باب اللوق وترعة الإسماعيلية بطول 12 كم.. و«الثاني»: من بولاق أبو العلا إلى القلعة بطول 5 كم، وأوصوا بتجميع شركات النقل في شركة واحدة ومن عام 1965 حتى عام 1966 قدمت بيوت الخبرة من الاتحاد السوفيتي واليابان وفرنسا توصيات بضرورة إنشاء شبكة للمترو.

 

«أزمة مواصلات»

في عام 1969 تصاعدت أزمة النقل العام بالقاهرة الكبرى وأوصى مجلس الوزراء في عهد الرئيس جمال عبد الناصر بدراسة المشكلة ولم تكن الظروف الاقتصادية بعد حرب 1967 مناسبة لوضع مشروع مترو الأنفاق موضع الجد وبالرغم من ذلك قامت وزارة النقل بناء على توصية مجلس الوزراء بطرح مناقصة وتم التعاقد مع بيت الخبرة الفرنسي الحكومي (سوفريتو) في 20 سبتمبر 1970، وهو ما صدق عليه الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

وما يحسب لمبارك أن الافتتاح تم في عهده، ثم بدء تنفيذ الخط الأول في عام 1982 وانتهت المرحلة الأولى منه في 1 أكتوبر 1987 والمرحلة الثانية في 12 أبريل 1989 ليربط المنطقة الصناعية وجامعة حلوان بالمنطقة التجارية بوسط القاهرة ومنطقة شمال شرق القاهرة، حيث

وصل حتى المرج بطول 42.7 كم، يرتبط تبادليا بخطوط السكك الحديدية الرئيسية للوجه (القبلي والبحري) عند محطة «الشهداء» - مبارك سابقا- وبخط (السويس/ إسماعيلية) عند محطة «عين شمس» وبخط (المرج/ شبين القناطر/ قليوب) عند محطة «المرج» ويبلغ عدد محطاته 34 محطة.

 

«60 ألف راكب»

تم تصميم الخط الأول لمترو الأنفاق ليسمح بزمن تقاطر (2,5 دقيقة) وطاقة استيعابية تصل إلى 60,000 راكب في الساعة لكل اتجاه، وسرعة تصل إلى 100كم/ ساعة وزمن سير 65 دقيقة في المسافة من حلوان إلى المرج ولذلك حقق هذا المشروع بعد تشغيله نجاحا كبيرا في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وقضى تقريبا على مشاكل الزحام واختناقات المرور بشوارع العاصمة كما كان له الأثر الواضح في خفض نسبة التلوث البيئي بالعاصمة الكبرى نتيجة خفض نسبة وسائل النقل السطحي، ثم توالى بعد ذلك إنشاء الخطوط تباعا تلبية لمطالب النقل الكثيفة.

«زيادة الأعطال»

بمرور الزمن أصبح مترو الأنفاق أهم وسيلة مواصلات في مصر حاليا، لما تعانيه القاهرة الكبرى من ازدحام شديد، ولقدرته على نقل عدد كبير جدا من الركاب في وقت واحد دون التأثر سلبا بحركة المرور.

 

«التذكرة بـ10 قروش»

ومنذ بداية تشغيل المترو عام 1987 تم تحديد سعر التذكرة بعشرة قروش كسعر موحد مع افتتاح أول مرحلة بالخط الأول للمترو من حلوان حتى رمسيس، ومع اكتمال الخط الأول للمترو عام 1989 وافتتاح المرحلة الثانية منه تم تقسيمه إلى ثلاث مراحل، وتم تحديد سعر المرحلة الأولى وكانت من محطة إلى 9 محطات بمبلغ 10 قروش للتذكرة، وسعر المرحلة الثانية من 9 محطات إلى 18 محطة بسعر 15 قرش للتذكرة، والمرحلة الثالثة من 18 محطة فأكثر بسعر 25 قرش للتذكرة.

مع اكتمال الخط الثاني للمترو «شبرا ـ الجيزة» عام 2002 تم رفع قيمة التذكرة، حيث أصبحت المرحلة الأولى بـ 25 قرش والثانية بـ 50 قرش والثالثة بـ 75 قرش.. وفي عام 2006 تم إلغاء نظام المراحل في سعر التذكرة، وتم تحديد سعر موحد للتذكرة قيمته جنيه واحد للكوامل و75 قرشا للأنصاف.

في 24 مارس 2017 رفع سعر التذكرة ليصل إلى جنيهين للكوامل و1.5 جنيه للأنصاف وجنيه واحد لذوي الاحتياجات الخاصة.. ورغم الزيادة السابقة لأسعار التذاكر فإن مترو الأنفاق ظل يتعرض لخسائر سنوية تعدت الـ250 مليون جنيه، بسبب الفرق بين قيمة تذكرة المترو الفعلية والسعر الذي تباع به للجمهور، ما دفع الشركة إلى إعلان عدم قدرتها على إجراء إصلاحات للأعطال التي كثرت مؤخرا لقطاراتها خاصة في الخط الأول والثاني، ومن ثم إعلان الزيادة الأخيرة في أسعار التذاكر لتصبح بعدد المحطات.

 

«الصيانة والتحديث»

وقال د.هشام عرفات، وزير النقل، إن الزيادة الأخيرة في أسعار تذاكر المترو ستوجه إلى قطاع الصيانة والتحديث، لافتًا إلى أن هناك عجزًا يصل إلى 90%.

وأضاف أن تأثير الزيادة في الأسعار يظهر في تحسين الخدمة بمحطات مترو الأنفاق، موضحا أن الوزارة أخذت قرضا بقيمة 30 مليار جنيه لتحديث أنظمة الخط الأول لمترو الأنفاق، التي تعاني من أنظمة الاتصال والبنية التحتية.

«تفاصيل الزيادة»

الأسعار التي أعلنتها الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق، بعد الإعلان عن تغيير منظومة إدارة التحصيل ابتداءً من صباح الجمعة 11 مايو أصبح بمقتضاها سعر التذكرة لركوب مترو الأنفاق بمنطقة واحدة لعدد 9 محطات 3 جنيهات، وركوب منطقتين لعدد 16 محطة بـ 5 جنيهات وركوب 3 مناطق أكثر من 16 محطة بـ7جنيهات، وركوب جميع المناطق لذوي الاحتياجات الخاصة بسعر التذكرة 50 قرشًا.

«البعد الاجتماعي»

ووفقا لبيان الهيئة فإنه تم مراعاة البعد الاجتماعي وعدم المساس بأسعار اشتراكات الطلبة وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، بحيث إن اشتراك الطلبة لعدد 25 محطة بمبلغ 33 جنيها وعدد 35 محطة بمبلغ 41 جنيها، وأسعار اشتراكات ذوي الاحتياجات الخاصة لعدد 25 محطة بمبلغ 22 جنيها، وعدد 35 محطة بمبلغ 27 جنيها، وأسعار اشتراكات كبار السن بعدد 35 محطة بمبلغ 135 جنيها، على أن تكون بعدد 180 رحلة خلال الثلاث أشهر أيهما أقرب.

وناشدت الوزارة مستخدمي المترو بصفة مستمرة بعمل اشتراكات مخفضة ومدعمة لعدد 180 رحلة خلال الثلاث أشهر أيهما أقرب، وتتضمن أنواع الاشتراكات للأشخاص غير الطلبة وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن المرحلة الأولى حتى 8 محطات بمبلغ 360 جنيها وفيها يبلغ سعر التذكرة 2 جنيه بنسبة تخفيض 33%، ومرحلة ثانية لعدد 16 محطة بمبلغ 450 جنيها وفيها يبلغ سعر التذكرة اثنين ونصف جنيه بنسبة تخفيض 50% ومرحلة ثالثة لعدد 26 محطة بمبلغ 535 جنيها وفيها يبلغ سعر التذكرة 2 جنيه و97 قرشا بنسبة تخفيض 5.75% ومرحلة رابعة لعدد 37 محطة بمبلغ 700 جنيه وفيها يبلغ سعر التذكرة ثلاث جنيهات و89 قرشا بنسبة تخفيض4.44%.

«سعر التكلفة»

عقب الزيادة خرج الدكتور هشام عرفات، وزير النقل، بأكثر من تصريح صحفي كان أكثرها يدور حول أن قرار الزيادة معروف للجميع منذ فترة طويلة، معبرًا عن تعجبه من تفاجؤ الناس، لأن الحكومة اعتمدت زيادة التذاكر منذ 3 أسابيع قبل الإعلان، معتبر السعر لم يصل بعد لسعر التكلفة، وأن محدودى الدخل لم يتم تجاهلهم لأن هناك اشتراكات لهم، والتى ستجعلهم يدفعون 3.30 جنيه فقط، بدلًا من 7 جنيهات، وأن الصيانة وحدها ستلتهم الجزء الأكبر من الزيادة، وأن هناك ديونا 200 مليون جنيه للإنفاق على قطع غيار المترو.

الوزير أكد أن سبب الإعلان الآن هو أن الموسم الدراسي انتهى، والآن الامتحانات بضعة أيام فقط، و80% من الطلبة أنهوا امتحانات النقل، ولم يتبقَ سوى الشهادات العامة والجامعات وهؤلاء قليلون.

وأشار الوزير خلال تصريحاته الصحفية إلى أن هناك بوابات جديدة جرى تركيبها، والتسرب من التذاكر أصبح قليلًا، وسنقضي عليه نهائيا، لأن تكلفة مترو الأنفاق في مصر أقل من كل دول العالم، وأناشد كل من يستخدم المترو يوميًا أن يستخرج اشتراكا، مثل كارت شحن الموبايل، وسيوفر كثيرًا عليهم.