انتهاء ٩٨ ٪من الأعمال.. والرئيس يفتتحها قريبًا .. 

صور| المصريون يسطرون ملحمة جديدة داخل أحدث محطة كهرباء في العالم 

محطة كهرباء العاصمة الإدارية الجديدة
محطة كهرباء العاصمة الإدارية الجديدة

ملحمة حقيقية تجري على أرض مـصـر، الـبـنـاء يعلو ويـسـابـق الـزمـن لـيـدخـل الخـدمـة.. واحــدة من أحـدث محطات إنـتـاج الـكـهـربـاء في الـعـالـم بـل أنها الأحدث.. تكنولوجيا متطورة تتفوق حتى على تلك المستخدمة في الــدول المـتـقـدمـة.

مـع شـروق شمس كـل يوم كانت محطة كهرباء العاصمة الإدارية تشهد جديدا، لتكون شاهدا على عظمة المصريين وإصرارهم على البناء والانجاز، حتى تحولت هذه المحطة وغيرها من المشروعات الكبرى إلى رمـز حقيقي ودلـيـل يتجدد كـل يـوم على إرادة المصريين في بناء مستقبلهم. 

المحطة تمثل حلقة مهمة في مسيرة تعاون مع أصدقاء عـلـى المـسـتـوى الـعـالمـي، واسـتـفـادة كـبـيـرة مـن عـلاقـات مصر الدولية، فالشركات العالمية التي تعاونت مع مصر في هذا المــجــال، وفــى مـقـدمـتـهـا ألمـانـيـا، حـتـى تحـولـت هــذه المحـطـة بالإضافة إلى المحطات العملاقة الأخرى لإنتاج الطاقة إلى تجـربـة يتابعها الـعـالـم - ولـيـس المـصـريـين فـقـط- بفخر فهى دليل على تجربة وإرادة وعلم وعمل لا يكل ولا يمل من أجل تحقيق الحـلـم الذي أوشــك بـالـفـعـل عـلـى الاكـتـمـال، بعدما وصلت نسبة الانجاز بالمشروع إلى ٩٨٪.

ومن المنتظر أن يقوم الرئيس عبدالفتاح السيسي بافتتاح محطة كهرباء العاصمة الإدارية قريبا، لتكون إضافة كبيرة لمنظومة إنتاج الطاقة في مصر، ودليلا جـديـدا على إرادة المصريين في بناء المستقبل الـواعـد.

«الأخـبـار» رصـدت على أرض الـواقـع الانجـاز الكبير والتقت أبطال الملحمة الكبيرة.

 


 ٤ «سد عالي» في «العاصمة الإدارية الجديدة» 


وسط مساحات شاسعة من الصحراء.. بين حبات الرمال بطريق العين السخنة سيتجه نظرك تلقائي صوب طاقة نور وأمل.. وستستمع فجأة وسط ذلك السكون إلـى ضجيج المـعـدات و أصــوات الآلات الثقيلة.. وحين تقترب من تلك الأصـوات ستشاهد ملحمة متكاملة تعمل في صمت تبني وتعمر وسينتابك حينها شعور بالفخر لكونك مصريا.. هذا ما شعرنا به بالفعل عقب مشاهدتنا لأكبر محطة كهرباء بالشرق الأوســـط وواحـــدة مـن أكبر محطات إنتاج الكهرباء في العالم.

الجولة الميدانية التى قامت بها «الأخبار» داخل محطة كهرباء العاصمة الإدارية الجديدة رصدت قصة نجاح يسطرها المصريون بعرقهم في صمت تام.

تضم المحطة عدة مبان إدارية للمهندسين والعمال والقائمين على تنفيذ المشروع، وتعد أكبر محطة كهرباء في مصر تعمل بنظام الدورة المركبة بالغاز ـ والثانية على مستوى العالم، وتتكون من عدد ٤موديول بقدرة ١٢٠٠ميجا وات، بالإضافة إلى وحدتين غازيتين قـدرة الوحدة ٤٠٠ ميجاوات فضلا عن ملحقاتها من مداخن و مآخذ هـواء ومبردات وفلاتر غاز ووحدة زيوت، كما تشمل المحطة على وحدة بخارية بقدرة ٤٠٠ ميجا وات و٢ غلاية استعادة الطاقة و ٣ محولات رئيسية بجهد٥٠٠/٢٢ كيلو فولت و ٢ محول مساعد بجهد ١١/٢٢كيلو فولت ويوجد بالمحطة مبنى تحكم حوش المفاتيح ومبنى التحكم الرئيسي الذي تم إنشاؤه بأحدث الإمكانيات والأجهزة وبه يوجد ما يقرب من ٨ شاشات حديثة لعرض استقرار عمل الوحدة وضخ الوقود لها.

 ويؤكد المهندس محمد فوزي مدير عام الأعمال المدنية بالمشروع، أن هذه المحطة فريدة من نوعها لكونها تتمتع بنظام تبريد acc ،حيث إنها المحطة الوحيدة في مصر التي تقع بالصحراء ويحيطها الصخور والجبال على عكس باقي المحطات التى يراعى عند إنشائها أن تكون بالقرب من مصدر مائي لاستخدام المياه في التبريد، بينما تعتمد هذه المحطة على نظام التبريد الهوائي من خلال مبرد البخار بالهواء والمقام على مساحة ٧ آلاف متر، و باستخدام ٤٢ مروحة عملاقة.. وتابع «أن المحطة بها نظام متكامل لمقاومة الحرائق ومحطة متكاملة لمعالجة المياه شاملة ٤ خزانات فضلا عن منظومتي لكباسات الهواء والغاز، مشيرا إلى أن المحطة تتمتع بشبكة طرق متكاملة شاملة صرف مياه الأمطار وإنارة الشوارع، مؤكدا إنجاز ٩٨ ٪من المشروع. 

«الصعب يهون عشان خاطر مصر».. هكذا بدأ المهندس يوسف الجبالى المقيم بالمشروع، متحدثا عن أبرز التحديات التى واجهتهم خلال المشروع، موضحا أن وقوع المشروع في قلب الصحراء وعدم وجود أي مصدر للمياه المطلوبة سواء للتنفيذ أو الخدمات كان أكبر تحد واجه جميع القائمين على تنفيذ المشروع. 

 

«أبطال الملحمة يتحدثون» 


في كـل مـشـروع عـمـلاق عـلـى أرض مـصـر هناك أبطال وجـنـود غـيـر مـجـهـولـين، إنـهـم الـعـمـال.. الأيدي الـشـقـيـانـة مــن أجــل تحـويـل الـصـحـراء إلـى واحـات للتنمية.. وزراعــة الـرمـال الصفراء، بمـشـاريـع الأمـــل.. وجــوه سـمـراء وقـلـوب بيضاء تتألق في كـل مـشـروعـات الـوطـن.. يحملون في داخلهم إيمانا راسخا بأن المستقبل لن يبنيه سوى أيادي المصريين لذلك يشقون الصخور لخدمة أنفسهم وأولادهم وبناء وطنهم.

 

 

موريس قائد الـ«مان ليفت» بين السماء والأرض: حققنا معجزة

 

يحلق فى السماء كالطير الحر الذي تراه طائرا لا يعرف القيود.. يحكم قبضته حول عجلة القيادة الحديدية المستديرة ليدير واحدة من أضخم الآلات بمنتهى الثقة والشموخ وكأنه يسوق دراجة أوسيارة وليس آلة ثقيلة ترتفع عن الأرض عشرات الأمتار بشكل يدعو للخوف.. إنه موريس يعقوب إبراهيم، ذاك الرجل الخمسين، الذي يعمل «سائق مان ليفت». يقضى الوقت الأكبر من يومه معلقا في السماء لطبيعة عمله، وبمنتهى الثبات والهدوء رغم نظرا الارتفاع الشاهق الذي يعمل به، يشرح لنا « موريس» أسباب اختياره لهذه المهنة رغم صعوبتها قائلا: «لم ينتبني شعور الخوف منذ قرابة ٢٠ عاما وأتذكر حينها كانت المرة الأولى التى أصعد بها داخل تلك الآلة وكنت أرتعش من الذعر كلما ارتفعت لأعلى ولكن مع مـرور السنين اعتدت الأمـاكـن المرتفعة وعشقت السماء لدرجة إنني أصبحت اليوم استمتع بحرارة الشمس وأتحملها مهما كانت شدتها وكأن جلدي قد اختلط بأشعتها»، لافتا إلى أن الرياح والأتربة والعواصف تُعد من العوامل التى تُشكل خطورة على عمله .

 

 

«توما»: سوق النجارة «ميت» فقررت أشتغل في مشروعات بلدي

 

بينما كان يجلس القرفصاء منهمكا يمسك بين يديه أداتـين حديديتين مدببتين وهما «مطرقة» و«شـاكـوش» ويطرق بشدة وعزيمة فوق ألواح خشبية طويلة يتخللها «أسياخ» حديدية تتقاطع مع بعضها البعض لتصنع في النهاية شكل قطعة من «الشطرنج».. اقتربت منه قائلة: الله ينور ياريس.. فرفع رأسه قليلا وأجاب: علينا جميعا.. إنه توما رتيب ناشد، ٤٢ عاما، نجار، يروى أنه يعمل بمهنة النجارة منذ صغره وحين أصبح شابا قرر أن يسافر ليعمل في الأردن وفي عام ٢٠٠٥ قرر أن يعود إلى وطنه ليستقر وسط دفء أولاده الأربعة وزوجته، وبعدها بدأ يعمل «نجار حر» وكان يربح ما يكفيه وزوجته وأطفاله وظل على ذلك الحال سنوات طويلة حتى قامت الثورة.


ويوضح «توما» سبب حرصه على العمل داخل المشروع قائلا: «بعد الثورة تغيرت الأحوال الاقتصادية وبدأ سوق النجارة «يريح» ويحدث به ركـود تـام وبعد أن كانت حرفة النجارة تعمل ليل نهار أصابها طوفان الخسارة لذلك قررت ان أبحث عن عمل داخل أى شركة أو مصنع لكي أوفر لأولادي دخلا ثابتا».. وتابع: «الأجور هنا جيدة، أحصل على راتب يتراوح بين ٣٥٠٠ إلى ٤٥٠٠ جنيه».

 

 

عبد الرحمن: تركت الإرشاد السياحي من أجل «المعدات الثقيلة»

مش هروح أقعد ع القهوة.. الشغل مش عيب.. بهذه الكلمات بـدأ عبد الرحمن محمد عبده، ٣٢ سنة، سائق ونش، حديثه إلينا بروح شبابية.. أنه خريج يغلب عليها الإرادة والعزيمة، موضحا انه خريج قسم لغات وترجمة بجامعة الأزهر وكان يعمل بالقطاع السياحي، ولكن عقب قيام الثورة توقف الحال ولم تعد هناك فرصة أن يعمل بشهادته، فقرر أن يكافح في مجال أخر جديد بعيدا دراسته.


وتابع: «مش هستنى أخد مصروف.. بعد أن تدهور الحال قررت أن أقف على قدمي مرة أخـرى وبــدأت أبحث عن اى عمل حـلال مهما كانت مواصفاته وحينها عرض على والدي أن يعلمني مهنته وهى قيادة المعدات الثقيلة ووافقت على الفور وهكذا وبالفعل تعلمت الصنعة وبعدها وجدت فرصة عمل هنا.. والحمد الله تحسنت أحوالي كثيرا.
وعـن الصعوبات التى يواجهها خـلال عمله يقول: «أصعب حاجة عدت عليا لما بيكون معايا ناس فى الباسمت مع أحمال ثقيلة وقتها بشعر بالخوف وأتخيل أن الأرض قد يحدث بها هبوط وحينها تقع كارثة لكن ربنا بيسترها طالما بتبع المعايير».

 

 

عم يونس: «الأشية معدن والحال عال العال»

«الهمة شوية.. تصقيفة أومـال.. وأدينا بمبنى ولسة قـادريـن.. هنعمرها يا مصريين».. بهذه الكلمات التي تفيض بالعزيمة وتحــث على الـبـنـاء.. كــان يتغنى الرجل ذو الستين خريفا وهو ينحني ويحمل خلف ظهره عربة تمتلئ بقطع حديدية ويتصبب عرقا من ثقل الحمولة.


يـروى يونس عبد المالك، أو كما يلقبونه بـ«عم يونس» ٥٩ عاما، قصة كفاحه بعد أن جاء من سوهاج للبحث عن قوت يومه.. ويقول: «لم أجد عملا في بلدتي التي ولدت بها وعلى الرغم من شدة تعلقي بها إلا أنني قررت أن أعمل بعيدا عنها من أجل أن أوفر مكسب حلال يسترني، كما أننى أعشق العمل ولن أذهب ذات يوم لأحصل على جنيه واحد من أحد». 


وحول المتاعب التي قد تواجهه قال: «الحمد الله الصحة زي الفل والحركة بركة.. فعلا طول ما بشتغل بشعر بتحسن ولوقعدت يوم فى البيت أحس بالمرض.. وطول ما ربنا رازقني بصحة هفضل أشتغل عشاني وعشان بلدي.. والقشية بقت معدن والحال عال العال».