الاتفاق النووي..من مهد البداية في «لوزان»..إلى بداية النهاية في «واشنطن»

صورة مجمعة
صورة مجمعة

أسبوع كامل من المباحثات بين السادس والعشرين من مارس إلى الثاني من أبريل عام 2015 أفرز اتفاقًا نوويًا بين إيران وستٍ من القوى العظمى في العالم (الدول الخمسة ذات العضوية الدائمة بمجلس الأمن إضافةً إلى ألمانيا) في مدينة لوزان السويسرية، اعتقد العالم حينها أنه وضع حدًا لأزمة ملف إيران النووي التي استمرت طويلًا.

اتفاق لوزان كان بمثابة النتاج الذي أخرجته 18 شهرًا من المفاوضات، تنوعت بين فيينا وجنيف ونيويورك، ورست بنودها في لوزان، فكان هذا الاتفاق الذي وصفته واشنطن حينها بالتاريخي.

لكن واشنطن تبدلت تجاه هذا الاتفاق، بتغير القيادة السياسية فهناك، فمنذ قدوم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وهو يمقت هذا الاتفاق، إلى أن حنث اليوم بالوعود التي قطعتها بلاده على نفسها إبان حقبة سلفه باراك أوباما.

هذا الأخير وبخ ترامب اليوم بعدما أعلن الرئيس الأمريكي انسحابه من الاتفاق النووي، ليعتبر أوباما ذلك تعريض الاتفاق النووي للخطر من دون أن تكون إيران قد انتهكته، حسبما قال، واصفًا قرار ترامب بالمضلل والخطأ الجسيم.

ترامب جعل اليوم الاتفاق النووي على المحك، رغم الأحاديث الأوروبية التي سارعت للتأكيد على الالتزام بهذا الاتفاق، حتى وإن ارتأت للولايات المتحدة أن تحيد عنه.

أهم بنود الاتفاق النووي

الرئيس الأمريكي يعتبر الاتفاق النووي المبرم مع إيران سيءٌ للغاية، ويرى في المفاوضين الأمريكيين أنهم لم يكونوا على مستوى المسؤولية الوطنية في الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة، لكن السؤال الآن ما الذي أغضب ترامب من هذا الاتفاق؟

في البداية سنشير بحديثنا إلى أهم بنود الاتفاق النووي الموقع في لوزان، فينص الاتفاق على عدم بناء أية منشآت نووية جديدة في إيران طيلة 15 عامًا، كما تبقى أي تجارة مرتبطة بصواريخ باليستية يمكن شحنها برؤوس نووية محظورة لفترة غير محددة.

كما ينص الاتفاق على خفض المخزون الإيراني من اليورانيوم الضعيف التخصيب من 10 آلاف كيلو جرام إلى 300 كيلو جرام على مدى خمسة عشر عامًا، كما يسمح بزيادة مدة إنتاج المواد الانشطارية اللازمة لتصنيع قنبلة نووية حتى عشر سنوات كحدٍ أقصى بدلًا من شهرين.

ومن ضمون بنود الاتفاق أيضًا الملزمة لطهران، مفاعل المياه الثقيلة الذي هو قيد الإنشاء في آراك سيجري عليه تعديلات كي لا يتمكن من إنتاج البلوتونيوم من النوعية العسكرية، كما يُفرض على طهران تمكين مفتشي الوكالة من الوصول لمواقع عسكرية غير نووية بشكلٍ محدودٍ في حال ساورتهم شكوكٌ في إطار البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي.

وفي المقابل، يتم إعفاء إيران من كافة العقوبات الأمريكية والأوروبية المُنزلة على طهران بخصوص ملفها النووي، والتي تستهدف القطاعات المالية والطاقة، خاصة الغاز والنفط والنقل، على أن يتم الإبقاء على العقوبات الموقعة من قبل الأمم المتحدة لمدة خمس سنوات، كي يمكن لمجلس الأمن الدولي أن يمنح بعض الاستثناءات.

اعتراضات ترامب على الاتفاق

وما يغضب ترامب بشأن هذا الاتفاق، وتحدث عنه أكثر من مرة، أن هذا الاتفاق، حسب قوله، جلب لطهران مائة مليار دولار استخدمتها في "تمويل الإرهاب"، ويقصد ترامب بهذه الأموال، الأصول الإيرانية التي كانت مجمدةً في أوروبا وأمريكا منذ عقود، وتم تحريرها بموجب هذا الاتفاق.

كما يرى ترامب أن هذا الاتفاق لم يضع حدًا لما يعتبره "طموحات إيران للهيمنة على الشرق الأوسط"، فهو يتهم النظام الإيراني بتغذية الصراعات في الشرق الأوسط، وهو ما يعتبرها ترامب انتهاكًا لما يسميه روح الاتفاق النووي.

ويتهم الرئيس الأمريكي إيران أيضًا بتطوير برامج الصواريخ الباليستية طويلة الأمد، المحظورة طبقًا للاتفاق النووي، وهو ما يهدد حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وعلى رأسهم إسرائيل والسعودية (خصم إيران الإقليمي) إضافةً إلى بقية دول الخليج.

لكن هذا الاتفاق جرى التصديق عليه في مجلس الأمن بالإجماع في العشرين من يوليو عام 2015، عبر القرار رقم 2231، وهو ما أكد اليوم زعماء فرنسا وألمانيا وبريطانيا الالتزام به خلال بيانٍ مشتركٍ تعقيبًا على قرار ترامب.

ووفقًا لما جرى اليوم، فإن الرئيس الأمريكي ترامب قد أسهم في دق ناقوس الخطر فيما يخصص الاتفاق النووي، والذي أصبح مهدًا بالانهيار، وبدوره على الرغم من تأكيده الالتزام بالاتفاق، فإن الرئيس الإيراني حسن روحاني اشترط ألا تتضرر بلاده من انسحاب واشنطن، راهنًا بقاء طهران بالاتفاق بأن يستمر في أن يدر منافع على الجمهورية الإسلامية.