«وحوي يا وحوي»| القصة الكاملة لرحلة صناعة فانوس رمضان .. فيديو وصور

صناعة الفوانيس
صناعة الفوانيس

•    من الفتيل والشمعة إلى الآلة.. وقرار منع «الصيني» أعاده للريادة
•    خامات الفانوس تشمل الصفيح والزجاج والقصدير وأغلبها مستوردة
•    «الخيامية وفاروق وعبد العزيز والخشب والنجمة وشق البطيخ وشوبيس».. أشهر الأنواع
•    ارتفاع الدولار سبب الركود وغلاء الخامات.. ومطالب بخفض الأسعار وتفعيل الرقابة
•    الدول العربية أبرز المستوردين.. وفرص التصدير كبيرة بعد حل المعوقات
•    التجار يتحايلون على قرار منع الفانوس الصيني ببند «لعب الأطفال» ثم يعاد تركيبه محليا


في ليلة السابع من شهر رمضان الكريم من العام الهجرى 362 هـ، حين كان القمر لايزال هلالًا صغيرًا لا يستطيع أن يبدد ظلمة الليل وحده، خرج جمع كبير من المصريين حاملين القناديل التي تضيئها الشموع خلف قائد الجيش جوهر الصقلي ومعه الحاشية الفاطمية لاستقبال الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، والمُنتسب إلى السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله قادما إلى مصر، وفى هذا الحدث التاريخي وُلد فانوس رمضان، وتوارث المصريون منذ ذلك الحين الاحتفال بقدوم الشهر الكريم كل عام بالإقبال على شراءه.

 

 

وهناك رواية أخرى تعود لعهد الحاكم بأمر الله الفاطمي، وقد كان مُحرَّماً على نساء القاهرة الخروج ليلًا، فإذا جاء رمضان سمِحَ لهن بالخروج بشرط أن يتقدّم السيدة أو الفتاة صبي صغير يحمل في يده فانوساً مضاءً ليعلم المارة في الطرقات أنّ إحدى النساء تسير فيُفسحوا لها الطريق، وبعد ذلك اعتاد الأطفال حمل هذه الفوانيس في رمضان، وقِيل إن ظهور فانوس رمضان ارتبط بالمسحراتي ولم يكن يُشعل في المنازل بل كان يعلَّق في منارة المسجد إعلاناً لحلول وقت السحور، فصاحب هؤلاء الأطفال بفوانيسهم المسحراتي ليلاً لتسحير الناس حتى أصبح الفانوس مرتبطاً بشهر رمضان وألعاب الأطفال وأغانيهم الشهيرة في هذا الشهر ومنها وحوي يا وحوي.

 

وقامت «بوابة أخبار اليوم» بجولة داخل إحدى ورش صناعة الفانوس المصري بمنطقة السيدة زينب بقاهرة المعز لرصد رحلة صناعة فانوس رمضان وخاماته وأسعاره وأشكاله، والذي استعاد ريادته منذ ثلاث سنوات بعد قرار وزير التجارة والصناعة الأسبق منير فخري عبد النور، رقم 232 لسنة 2015 بمنع استيراد المنتجات ذات الطابع التراثي ومن بينها «فانوس رمضان»، ليغيب بعدها الفانوس الصيني عن الأسواق بشكل لافت.

 

 

«تشكيل الخامات»

في البداية يقول عم أحمد حسن، عامل بورشة تصنيع الفوانيس بالسيدة زينب: «الخامات التي يصنع منها الفانوس الصاج عبارة عن فُضل الصفيح والبواقي التي تبيعها المحلات بعدما يتبقى لديها ونقوم بشرائها منها، ونقصها ونشكلها إما أشكال دائرية أو شكل النجمة أو أشكال كثيرة، بالإضافة إلى الزجاج الذي نقوم بتقطيعه ودهانه بالبويات بألوان معينة، ونستكمله بإضافة إطار له، ثم يدخل مرحلة اللحام، ويتم فيها تجميع الفانوس على مراحل حيث نجمع كل مرحلة وحدها، ثم يتم تجميع أجزائه، ثم يخرج بالشكل الذي نراه في السوق وذلك بفضل خبرة لسنوات طويلة، والفانوس كان حجمه صغيرا وإحنا كبرناه بتكبير خاماته وأجزائه».

 

 

«أعلى جودة»

وتابع «يجب أن يكون الصفيح المستخدم من أجود الأنواع ونسميه صفيح ألماظ، وكذلك الزجاج لابد أن يكون من أجود الأنواع، ويجلبه لنا السريحة الذين يجمعون الزجاج، وأحيانا نشترى زجاج من المصانع بجودة عالية».

 


«تطورات العصر»

 

وأضاف: «دائما الناس بتردد اسم الفانوس الخيامية لكن في الحقيقة مفيش فانوس اسمه الخيامية، وهو نتاج إضافة القماش على الفانوس الصاج، حيث يتم تزيين الفانوس بقماش ملون فقط، وفانوس رمضان له تاريخ فمثلا يوجد فانوس فاروق منسوب للملك فاروق، ولما زار الملك عبد العزيز آل سعود مصر سُمى الفانوس بفانوس عبد العزيز، عند ظهور الترماي عملنا فانوس الترماي، عند افتتاح قناة السويس عملنا فانوس على شكل مركب، ودائما ما نساير العصر وتطوره».

 

وتابع: «كان الفانوس قديما يوضع فيه الشمعة للإضاءة وحاليا تم وضع الآلة التي تردد غناء أهلا رمضان، وحوي يا وحوي رمضان جانا».

 

 

«الفانوس الخيامية»

وذكر عاطف سلامة، صاحب ورشة لصناعة الفوانيس بالسيدة زينب، «ورثت مهنة صناعة الفوانيس أبًا عن جد، الفانوس الخيامية أول من أدخله لمصر الست سلمى السورية وهى أول من بدأت بوضع القواطين على الفانوس، ولدى فانوس لها عمره يزيد عن 16 عام، ولا أحد يستطيع صناعة شبيه له فى مصر، وعرضته على صاحب ورشة أخرى قال إن صناعته تتطلب وقت طويل لأنه معمول بحرفية، أما الخيامية الموجود في السوق حاليا فيعود لأحدى السنوات حدث بها ركود والفوانيس بدأ فيها الصدأ فقام أحد أصحاب الورش بكسوتها بقماش جديد ليخفى الصدأ ومن ثم أصبحت موضة، ويتم تغطية الفانوس الجديد حاليا بالقماش الخيامية».

 

 

«أسعار الفوانيس»

 

وتابع: «أسعار الفوانيس تعود لحركة السوق والعرض والطلب، وهناك قاعدة تقول حُسن السوق ولا حُسن البضاعة، ويرجع أيضا للمنطقة التي يُباع فيها هل حي راقي أم شعبي؟ ولحالة الزبون المادية متوسط مثلا أم ثري، وقرار وزير التجارة والصناعة بمنع استيراد الفانوس الصيني جاء متأخرًا بعدما أصاب سوق الفوانيس الركود، أما لو صدر قبل ثورة 25 يناير كان سيكون أفضل لأن وقتها كان السوق مفتوح والطلب كبير، وحاليا أصبح الفانوس في أخر قائمة أولويات البيت المصري، الفانوس الكبير الحجم يتم بيعه للتاجر بـ 750 جنيها، ثم يصل سعره للمستهلك مُضاعف».

 

 

«الباب الخلفي للفانوس الصيني»

وأضاف: «رغم قرار منع استيراد الفانوس الصيني إلا أنه يأتي إلى مصر تحت بند لعب أطفال بالتحايل على القرار ويتم تركيب الآلة والسماعات له في مصر، وقف استيراده بسبب أزمة الدولار حيث كان سيتضاعف ثمنه ولن يشتريه أحد».

 

 

«أنواع الفوانيس»

وذكر أن أنواع الفوانيس مثل فانوس النجمة وهو غائب عن السوق منذ حوالي 40 عاما، وعندما تنظر إليه من أي زاوية ترى صورة النجمة أمامك، وهى نجمة رباعية تتركب في ثلاثة ألواح، وهناك فانوس أبو قرطاس وهو تطور للنجمة، فانوس شق البطيخة بأحجامه الكبيرة، فانوس شوبيس، فانوس أبو ولاد، فانوس بعرق، فانوس بدلاية، فانوي فارقو، فانوس عبد العزيز».

 

«التصدير للخارج»

وأوضح أن تجار الفوانيس يقومون بشراء الفوانيس منا وتصديرها للخارج، فالتصدير اختصاص التجار وليس الصناع، لأن يحتاج مكان للتخزين وتعبئة ونقل، ودائما الدول العربية تطلب الفانوس المصري وخاصة دول الخليج وليبيا.

 

 

 

«رحلة التجهيز»


وتابع: «تجهيز الفانوس عادة يبدأ بعد انتهاء شهر رمضان، ونقسم السنة لمراحل فمثلا في أول السنة نصنع الفانوس الشوبيبس، ولمدة شهرين حسب الطلبيات، ثم نصنع فانوس شق البطيخة وأيضا نستمر مدة فيه حسب الطلبية، ثم نستكمل باقي الأنواع، ويستغرق ذلك حوالي 8 شهور، وإذا نفذ نوع لا نعود لتصنيعه مرة أخرى حتى إذا تم طلبه مرة أخرى، وهناك زبائن لنا طوال العام، وزبائن موسمية في شهر شعبان فقط، ويأتي تجار المحافظات لنا وأكبر الأسواق التي تلي القاهرة محافظة الإسكندرية، ثم باقي محافظات الجمهورية».

 

 

 

«التطوير يرفع الأسعار»

وأضاف: «تم تطوير الفانوس بإضافة أشكال جديدة وألوان وطبعات وطراز وهذا ساهم في جذب الزبائن لكن أدى إلى ارتفاع أسعار الخامات اللازمة والتي ارتفعت بعد ارتفاع الدولار وتعويم الجنيه، خاصة وأن خاماته مستوردة من الخارج، سواء القصدير أو النحاس أو الصفيح أو الزجاج».     

وطالب بتخفيض أسعار الخامات وتفعيل دور الرقابة على الأسعار، حتى لا تغلق معظم الورش أبوابها وتنقرض مهنة صناعة الفوانيس في مصر.

 

 

«سيطرة المصري»

وقال بركات صفا، نائب رئيس شعبة لعب الأطفال في غرفة القاهرة التجارية، إن منع استيراد الفانوس من الخارج أعطى فرصة للصناعة المصرية، وزاد نسبة التصنيع المحلي، والابتكار في أشكال الفوانيس عن الأعوام الماضية، لافتًا إلى أن الأسواق ستشهد أشكالًا مختلفة هذا العام رمضان 2018.

وأشار صفا، إلى أن الابتكار في الأشكال شمل الفانوس الخشب بأشكاله المتعددة، والذي انتشر بعد قرار منع الاستيراد، وكذلك الفانوس البلاستيك، والخيامية، والخرز والصاج.

 

 

 

«الأسعار المتوقعة»

 

وأكد نائب رئيس الشعبة، أن أسعار فانوس رمضان لن ترتفع هذا العام؛ نتيجة لاستقرار أسعار الخامات، واستقرار سعر الدولار، مشيرًا إلى أن أسعار الفانوس البلاستيك ستبدأ من 27 جنيها جملة إلى 45 جنيها حسب الحجم، الذي يستحوذ على نصيب الأسد من سوق الفوانيس؛ نظرا لانخفاض أسعاره، وسهولة تصنيعه وتجميعه، وكذلك يأخذ مساحات صغيرة في العرض.

وأوضح أن أسعار الفانوس الخشب تبدأ من 6 جنيهات جملة بأشكال صغيرة جدا وتختلف في أحجامها إلى أن تصل إلى 70 جنيها في المتوسط للفوانيس كبيرة الحجم، مشيرًا إلى استحداث أشكال من الخيامية على شكل مدفع رمضان، وعربة الفول، لكن أسعار الفانوس الخرز مازالت مرتفعة والإقبال عليها مازال ضعيف لارتفاع أسعارها بالمقارنة بغيرها من الخشب والبلاستيك، والصاج.

وتابع صفا، أن أسعار الفانوس الصاج تتراوح بين 150 إلى 200 جنيها، مشيرا إلى أنها تلقى إقبالا من الفنادق والقرى السياحية، إضافة إلى الفانوس الخشبي والذي يتراوح سعره للجملة بين 3 جنيهات إلى 80 جنيها بحسب الحجم، موضحا أن أسعار الفانوس الخيامية تتراوح بين 30 و150 جنيها، والفانوس الخرز سعره بين 40 و120 جنيها، هذا إلى جانب اللعب الرمضانية، والتي تبدأ أسعارها من 50 جنيها، والعرائس الرمضانية «الشخصيات»، والتي يتراوح سعرها من 55 جنيها إلى 190 جنيها.

 

«أزمات الصناعة»

 

وأضاف أن الصناعات المكملة مازالت ضعيفة جدا في قطاع صناعة الفوانيس، ومازال التصنيع لدى الكثيرين ثقافة جديدة لدى المجتمع الصناعي في مصر، وهو ما طالب به صناع الفوانيس مؤخرا، خاصة تسهيل الإجراءات الخاصة بالتصنيع لدى الغير، وإصدار التراخيص الصناعية أيضا.

 

«فرص التصدير»

 

ولفت نائب رئيس الشعبة، إلى أن الفانوس المصري مازال حبيس السوق المحلي، ولا يوجد صادرات كبيرة منه للدول الخارجية، لكن لو تم تسهيل الإجراءات في استخراج التراخيص الصناعية لمصانع الفوانيس في مصر، وتسهيلها في إطار التصنيع لدى الغير سيغزو الفانوس المصري الدول العربية، لافتًا إلى أن الجاليات المصرية في الدول العربية متعطشة للفانوس في هذه الدول، ويوجد فرص تصديرية كثيرة لكن بدون التراخيص الصناعية لا يتم فتح التصدير أمام هذه المصانع.

 

 

«فانوس محمد صلاح»
 
كما انتشر فانوس اللاعب محمد صلاح، نجم منتخب ليفربول الإنجليزي، بكثافة في الأسواق المصرية، إذ اتخذ عدة أشكال وتصميمات مختلفة.


وقال أحمد على، بائع فوانيس «الناس مُقبلة بكثافة على شراء فانوس محمد صلاح، وسعر الفانوس المتر ونصف حوالي 250 جنيها، ويوجد نوع أصغر منه بـ200 جنيه، وهو نفس سعر الفانوس الصاج، لكن لعبة محمد صلاح اشتهرت في السوق قبل نزولها لذا ارتفعت أسعارها لـ220 جنيها».

 

وأضاف: «منذ أسبوع كان فانوس محمد صلاح بالحجز، ومش لاقى أشترى كمية علشان أبيعها للناس، وكانت الناس تسيب عربون وتستلم بعد أسبوع، وخاصة بعد طلب الأطفال للفانوس لأنه أصبح أيقونة المصريين وقدوة للأطفال».