نفوذ «كامبريدج أناليتيكا» حول العالم| عملاء يسعون للحكم وشركة تتلاعب بالناخبين

كامبريدج أناليتيكا - صورة أرشيفية
كامبريدج أناليتيكا - صورة أرشيفية

على الرغم من حداثة تأسيسها نسبيًا، وتحديدًا في عام 2013، إلا أن شركة تحليل البيانات البريطانية «كامبريدج أناليتيكا» تمكنت من كسب شهره واسعة وثقة الكثير من العملاء، ليس فقط لبراعتها في تقديم خدمات جيده لعملائها حول العالم، ولكن لتدخلها أحيانًا في مجريات الأحداث إذا استدعى الأمر، لتغيير مسار كل شيء لصالحها، حتى وإن كان ذلك بشكل غير قانوني.


لم تكن «كامبريدج أناليتيكا» جديدة عندما تم تأسيسها، ولكنها كانت فرع جديد  (offshore) لـSCL Group، والتي تعتبر  الشركة الأم التي تم تأسيسها منذ عام 1990، وكانت هي المحرك الرئيسي لعدد كبير من الأحداث السياسية حول العالم، وبالتالي فإن كامبريدج أناليتيكا لم تكن سوى شركة جديدة لضمان استمرار خدمات SCL في عدد آخر من الدول حول العالم.


وبعد حوالي شهرين من ظهور الأزمة الأخيرة التي وضعت فيسبوك في مأزق خسارة شعبيته وثقة المستخدمين حول العالم كنتيجة لتسريب البيانات الشخصية لعدد من الأشخاص واستخدمها سياسيًا بواسطة كامبريدج أناليتيكا، فإن عدد من التقارير الإعلامية أعلنت مساء الأربعاء 2 ابريل أن هذه الشركة أوشكت على إعلان إفلاسها والإغلاق تمامًا.


ولكن الحقيقة أن أناليتيكا ليست سوى واجهه للشركة الأمم SCL، والتي لن تخسر كثيرًا على الرغم من أنها كانت المُحرك الرئيسي لعدد من الأحداث السياسية منذ إنشاءها، فالانتخابات الأمريكية الأخيرة واستفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لم يكن سوى «القشة» التي حركت كل شيء.


ووفقًا لموقع BBC، فإن شركة التحليلات والاستشارات السياسية «كامبريدج أناليتيكا» لها تأثيرات كبيرة على الأحداث السياسية، حول العالم، الأمر الذي أكده رئيسها التنفيذي «الكسندر نيكس» في تصريحات أدلى بها خلال تحقيق استقصائي للقناة الرابعة البريطانية Chanel 4 والتي تسببت بعد ذلك في إيقافه عن العمل في 20 مارس 2018، حيث تحدث خلالها عن أن «كامبريج أنالتيكا» شاركت في أكثر من 200 انتخابات واستفتاءات سياسية حول العالم خلال الأعوام الماضية، كان من ضمنها انتخابات التشيك.


الأحداث السياسية في أوروبا 


وأضاف مارك تورنبال، المدير التنفيذي في شركة تحليل البيانات السياسية أنهم خلال مشاركتهم في الأحداث السياسية المختلفة حول العالم كانوا يستخدمون شركات أخرى لها تواجد في هذه الدول لتنفيذ خطط سياسية «مثالية» وجهت الأحداث تمامًا كما كانوا يريدونها أن تحدث، إلا إنه لم يكن هناك أحد يدري أنهم متواجدين أصلا داخل هذه الدول أصلاً.


ووفقًا لموقع الشركة الاليكتروني فإنها أيضًا شاركت في الانتخابات المحلية لإيطاليا عام 2012 والتي ساندوا فيها حزب سياسي كان نجاحه الأخير عام 1980، حيث اقترحت الشركة البريطانية في ذلك الوقت على الحزب الايطالي القيام بعدد من الإصلاحات التي تتناسب مع التطورات والاتجاهات السياسية الجدية التي أرادها الناس في ذلك الوقت.


ووفقًا لتقرير BBC  فإن الشركة الأم، SCL، - والتي كانت هي المحرك الرئيسي لكل شيء في ذلك الوقت قبل الإعلان عن إنشاء كانبريج أناليتيكا - تمادت لأكثر من مجرد التدخل لتوجيه أحزاب سياسية أو ناخبين؛ ففي عام 2004، لعبت SCL دور رئيسي في الثورة الأوكرانية التي أطلق عليها «الثورة البرتقالية» التي دفعت بفيكتور يوشتشينكو إلى سدة الحكم عام 2004.


كامبريج أنالتيكا في أفريقيا


في كينيا.. ساعدت كامبريج أنالتيكا الرئيس أوهورو كينياتا، للفوز بالرئاسة في مرتين، الأولى عام 2013، والثانية عام 2017.


ولم تقم الشركة البريطانية في ذلك الوقت فقط بتقديم الاستشارات والتحليلات السياسية، لكنها وفقًا للمدير، مارك تورنبال، تدخلت في سياسات الحزب الحاكم وأعادت تغيير سياساته وأعادت له الشعبية وأكسبته ثقة المواطنين، لدرجة أنها كتبت خطابات الحزب في ذلك الوقت.


وبسبب التدخلات الشديدة التي قامت بها «كامبريج أنالتيكا» وشريكتها SCL في السياسات الكينية، طالب الحزب المعارض الرئيسي في البلاد National Super Alliance بإجراء تحقيق فيما حدث خلال الانتخابات، مؤكدًا أن توجيه الناس والتدخل الشديد في سياسات البلاد الداخلية يعتبر «تلاعب حقيقي في الإرادة الوطنية للبلاد».


وفي تقرير أوردته الجارديان البريطانية، أكدت على أن شركة كامبريدج أنالتيكا لعبت دورًا آخر في الانتخابات النيجيرية التي تنافس فيها جودلاك جوناثان والرئيس الحالي محمد بُخاري، ووفقًا للصحيفة فإن الشركة تدخلت في الانتخابات من خلال معلومات حصلت عيها عبر اختراق حسابات اليكترونية لسياسيين نيجيريين بارزين وتم استخدامها لصالح بخاري، الأمر الذي على الأرجح لا يعلمه  جوناثان حتى اليوم.


وأشار التقرير الذي نشرته BBC  أن كامبريج أنالتيكا لعبت دورًا بارزًا في الانتخابات التي جرت في دول أخرى مثل المكسيك، والهند، والبرازيل وماليزيا.


ووفقًا للتقرير البريطاني فإن هناك الكثير من الصلات التي تثبت تورط الشركة البريطانية في تغيير مسارات واتجاهات الأحداث السياسية في كل هذه البلدان، ففي ماليزيا على سبيل المثال، اضطر رئيس الوزراء «نجيب رازق» إلى الإدلاء بتصريحات رسمية لنفي وجود أي علاقة أو تعامل تم بينه وبين شركة الاستشارات البريطانية.


وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد نشرت في تقرير لها مساء الأربعاء 2 ابريل أن الشركة البريطانية التي ذاعت سمعتها مؤخرًا بسبب تورطها بشكل أساسي في فضيحة تسريب البيانات والمعلومات  المتعلقة بشركة فيسبوك.


تعود مشكلة فيسبوك وكامبريدج أناليتيكا، إلى التسريب الذي حدث منذ منتصف شهر مارس الماضي وهدد موقع التواصل الاجتماعي الشهير «فيسبوك» بخسارة ثقة مستخدميه خاصة بعد الكشف عن تسريب معلومات 87 مليون مستخدم ومشاركتها مع شركة تحليل البيانات السياسية.


وبعد فترة طويلة من الصمت الذي أعقب ذلك، اعتذر زوكربيرج عما حدث في بيان طويل نشره على صفحته بالموقع الاجتماعي قائلا فيه أن ما حدث هو مسئوليته ومسئولية شركته التي وثق المستخدمين في قدراتها على حماية بياناتهم الشخصية. وكتب مؤسس «فيسبوك» تحليلا مطولاً لما حدث وتتبع للأحداث التي أدت لتفاقم المشكلة حتى وصلت لهذه النقطة، وشرح  كيف حصلت شركة تحليل البيانات على هذه المعلومات


إلا إن الأمر لم يقف عند هذا الحد، حيث تشهد أزمة «فيسبوك» توسًعا يوميًا، ويتساءل عدد كبير من المستخدمين حول الرقم الحقيقي للمعلومات التي تم تسريبها وإن كان ذلك التسريب يمكن أن يمتد لأكثر من ذلك.