في حوار لممثل منظمة الصحة العالمية بالقاهرة..

جون جابور: مصر حققت معجزة في فيروس سي.. وتصل للعالمية بالتأمين الصحي

 د.جون جابور في حواره لـ«بوابة أخبار اليوم»
د.جون جابور في حواره لـ«بوابة أخبار اليوم»

■3 شركات مصرية تنتج أدوية فيروس سي على طريقها للعالمية

 

■مصر أثبتت أنها دولة قوية بعد تجاوز تداعيات قرار تعويم الجنيه

 

■التطعيمات المصرية من أقوى البرامج في إقليم شرق المتوسط

 

«منظمة الصحة العالمية» هي الشريك الدائم لكافة دول العالم في الحفاظ على الصحة العامة للشعوب، بتقديم خطط عمل المشتركة التي تعتمد على أولويات كل دولة؛ لتحقيق أهدافها السامية تحت شعار "الصحة للجميع".

 

تعمل منظمة الصحة العالمية وفق السياسات الصحية لكل دول العالم وذلك على ثلاثة مستويات، تبدأ من مكاتب المنظمة في الدول الأعضاء، ثم المستوى الإقليمي الذي تقسم فيه العلم إلى 6 أقاليم، وصولا إلى المستوى الرئيسي في مقر المنظمة بـ"جنيف".

 

«بوابة أخبار اليوم» التقت ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر د.جون جابور، وكان لنا معه هذا الحوار:

 

■ نود بداية التعرف على الإطار الذي تعمل المنظمة من خلاله على تنفيذ أهدافها؟

 

أولا أحب أن أوضح أن منظمة الصحة العالمية ليست صندوقا مانحا، فنحن نمارس دورنا وفقا لخطط عمل توضع كل عامين، ويتم تحديثها حسب تحديد الأولويات في إطار مساعدة الدول فنيا وتقنيا على رسم سياساتهم الصحية، ومن خلال تحديد ميزانيات تساعد كل دولة على وضع البرامج الصحية التي تناسبها وتنعكس على سلامة وصحة مواطنيها، وذلك بناء على مجالس حوكمة تعقد على مستويين، أحدهما المكتب الرئيسي في جنيف، من خلال الجمعية الصحية العمومية التي تعقد في شهر مايو من كل عام، إلى جانب اللجنة الإقليمية في كل إقليم، والتي تجمع وزراء صحة دول الإقليم، ويتم خلالها اتخاذ كافة القرارات المتعلقة بالشئون الصحية ذات الأهمية في الإقليم والعالم، وتتكفل المنظمة بتنفيذ هذه القرارات بالتعاون مع الدول الأعضاء.

■ هل تقدم المنظمة خدماتها واستشاراتها للدول الأعضاء فقط؟

 

المنظمة لا تميز بين شعوب الدول الأعضاء وغير الأعضاء ولا دولة تصوت أم لا تصوت، فعدد الدول الأعضاء حوالي 195 دولة، ولكن أي تهديد في أي مكان في الكرة الأرضية يمكن أن يهدد باقي الدول؛ لذلك فإن المنظمة تتعامل مع الإنسان في أي مكان دون أي تمييز. 

 

■ ما الذي يجمع مصر مع باقي دول إقليم شرق المتوسط ؟

 

لكل إقليم مشاكله وخارطته الصحية وأولوياته، فمصر يحيط بها عدة دول منها السودان في الجنوب، وليبيا في الغرب، وغزة في الشمال الشرقي، وهنا توضع أطر عمل يتم تحديثها لتفعيل التعاون والتنسيق ما بين الدول وعبر الحدود لتتمكن المنظمة من مساعدة باقي الدول ووضع استراتيجيات مشتركة في إطار تنفيذ اللوائح الصحية التي تقوي القدرات الأساسية لمواجهة أي طارئ يمكن أن يتسبب في قلق دولي، وهو ما يقتضي وجود قاعدة معلومات دقيقة، ومصر كانت خير مثال بتجربتها الناجحة في القضاء على شلل الأطفال، والتي تحتاج للتنسيق مع الدول المحيطة للحفاظ على ما تحقق من مكاسب، وتقوية أنظمة الترصد عبر الحدود الدولية، وفي هذا الإطار هناك اجتماع سيعقد في تونس نهاية أغسطس وبداية سبتمبر 2018 لتنسيق الجهود المتعلقة بالترصد لحماية مصر من أي تهديد بعودة شلل الأطفال مرة أخرى.

 

■ ما هي التهديدات الوبائية التي تحيط بمصر؟

 

يتميز إقليم شرق المتوسط بأوضاع خاصة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا وأيضا صحيا، ونحن كمنظمة الصحة العلمية دائما ما يتركز اهتمامنا بالأمراض التي تمثل خطر دولي ومنها شلل الأطفال، وأنفلونزا الطيور، المستوطنة في مصر، والتي تسبب في إرباك العالم عام 2009.

■ كيف تواجه مصر مثل هذه التهديدات الوبائية العابرة للحدود؟

 

مصر نجحت في إنشاء فرق استجابة سريعة للتعامل مع أي طارئ صحي يهدد بانتشار الأوبئة، مثل ما حدث في مواجهة حمى الدنج التي هاجمت منطقة رأس غارب نهاية العام الماضي، وتم السيطرة عليها بكفاءة يشهد لها الجميع.

 

 ■ ما هي الأمراض الأخرى التي نجحت مصر في القضاء عليها بعد شلل الأطفال؟

 

أهم وأخر إنجازات وزارة الصحة كانت القضاء على مرض الفلاريا أو الفلاريات الليمفاوية، بقطع حبل الانتشار ومكافحة نواقل المرض، والترصد، والتوعية والمنظمة أصدرت شهادة تخلص مصر من الفلاريا، بالإضافة إلى البلهارسيا التي أوشكت مصر على الوصول لمرحلة التخلص منها نهائيا، إلى جانب الجهود الكبيرة والمشهود لها عالميا في مساعي القضاء على فيروس سي بحلول 2022 أو 2023 والتي تتم بدعم كبير من القيادة السياسية.

 

■ كيف ترى التجربة المصرية في محاربة فيروس سي؟

 

أقولها وبكل صدق، لا يوجد دولة في العالم استطاعت تحقيق ما حققته مصر في توفير علاج فيروس سي بأسعار لا تقارن بغيرها في الخارج، إلى جانب علاج المواطنين بالمجان دون تحمل أي تكلفة، وهذه الشهادة أقولها من منطلق دورنا لأننا منظمة حيادية لا تنتمي لأي اتجاه سياسي، ونتدخل عندما يكون لنا رؤية في تحسين الأداء أو في حالة وجود ثغرات في التنفيذ، وذلك بتقديم أحدث السياسات والبروتوكولات المعتمدة عالميا، وهو ما حدث بالفعل في فيروس سي، حيث كانت المنظمة جزء من الحل منذ شهر أكتوبر عام 2014 بالمساعدة المادية والفنية في الخطة القومية للقضاء على المرض، وكان من أبرز الخطوات التي حققت نقلة نوعية في مواجهة المرض، القضاء على جميع قوائم الانتظار في أكتوبر 2016.

■ هل كان لوزارة الصحة إستراتيجية واضحة في مواجهة جائحة فيروس سي؟

ببساطة وزارة الصحة أغلقت "حنفية" فيروس سي بالوقاية والتوعية ومكافحة العدوى، وكانت تعالج المرضى بالتوازي، وحملت الخزانة المصرية على عاتقها المسئولة كاملة في علاج مرضى فيروس سي، وتأمين الدواء بتكلفة قليلة وأدوية محلية بجودة وفاعلية عالية تضاهي المنتجات العالمية، فنجحت بامتياز، وساهمت في الوصول للهدف العالمي بعلاج ما يزيد عن 50% من المستهدف عالميا وهو علاج 3 مليون متعايش مع فيروس سي في العالم، بعلاج حوالي مليون وستمائة ألف مريض، كما تدور حاليا مناقشات مع البنك الدولي لدعم مساعي الوصول إلى أكثر من 40 مليون خلال مسح صحي شامل تجريه وزارة الصحة على الأرض حاليا.

■ هل يلعب نجاح مصر في علاج فيروس سي دورا في جذب السياحة العلاجية؟

النجاح في ملف معين ينعكس بالضرورة على التجارب المرتبطة، وبالرغم من شعور البعض بحالة من الضيق الاقتصادي، لكن هذا لم يمنع الحكومة المصرية من إعطاء كل ملف حقه الكامل، وهو دليل قاطع على قوة الدولة المصرية.

■ ما تقييم منظمة الصحة العالمية لمشروع تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بمصر؟ وهل للمنظمة دور في هذا الصدد؟

 

قلتها من قبل وأكرر، مصر أصبحت الآن على طريق الخارطة الدولية للتغطية الصحية الشاملة بعد اعتماد قانون التأمين الصحي الشامل، بتأمين الخدمات الطبية للقادرين وغير القادرين على حد سواء، وتطبيق نظام التأمين الصحي الشامل هو أهم تحول في سبيل الإصلاح الصحي، وهنا أحب أن أنوه إلى أن المدة التي حددتها مصر لتعميم القانون على جميع محافظات الجمهورية في سنة 2032 ليست بالكبيرة، فهناك دولا انتظرت 100 عام للخروج بقانون للتأمين الصحي، ومنها فرنسا على سبيل المثال، كما أن الإرادة والالتزام السياسي والمتابعة المستمرة مع الجهات المعنية من أهم عناصر نجاح تطبيق التأمين الصحي الشامل.

 

أما عن دور المنظمة، فقد كانت شريك وداعم للحكومة المصرية ممثلة في وزارة الصحة منذ البدايات الأولى لصياغة القانون مع اللجنة الأولى التي تشكلت لإعداد مسودة القانون، وذلك بتقديم الدعم التقني والاستشارات والدراسات وتوفير المعلومات المتاحة لوضع هذه الجهود على الطريق الصحيح وفقا للمعايير الدولية، ومؤخرا أنشأت المنظمة وحدة كاملة للسجلات الطبية، كما عينت مستشارا للوزير د.سحر عزالعرب الأستاذ في جامعة عين شمس وهي من الخبراء في مجال إعداد السجلات الطبية، وكانت من المساهمين في إعداد وحدة السجلات الطبية بجامعة عين شمس، وهي مدعومة بشكل كامل من المنظمة، كما انتهينا من عمل دراسة لتسعير خدمات المستشفيات وتم تسليمها لوزارة الصحة، وخلال أيام سيتم تسليم دراسة أخرى لأسعار خدمات الرعاية الصحية الأولية؛ وذلك للمعاونة في بناء النظام على أساس من المعلومات الصحيحة والدقيقة.

 

■ وزير الصحة أكد مرارا على أن وحدات الرعاية الأساسية هي اللبنة الأساسية في مشروع قانون التأمين الصحي، فما تعليقك على ذلك؟

 

العالم يتوجه نحو الرعاية الصحية الأولية وليس المستشفيات وهو ما يساهم في تخفيف أعباء كثيرة عن الدولة، ونجاح التأمين الصحي لا يكون إلا بتقوية وحدات الرعاية الصحية الأولية

 

■ ما هي المرجعية التي بنيت عليها دراسة أسعار خدمات المستشفيات؟

 

الدراسة تم إعدادها بمعرفة خبير دولي، بالتنسيق مع المنظمة وكل الأطراف المعنية في الوزارة، بناء على نماذج عالمية، مع مراعاة الظروف والمناخ العام في مصر.

 

■ ما هي رؤيتك لمستقبل صناعة الدواء في مصر؟

 

مصر أثبتت للعالم قوتها في تجاوز تداعيات قرار تعويم الجنيه والذي تم اتخاذه بعد دراسة متعمقة، وهو ما يظهر بوضوح في ما يخص أسعار الدواء، والتعويم أثبت للعالم أن مصر دولة لها قيادة قوية وإستراتيجية فاعلة؛ حيث أن الزيادة التي طرأت على أسعار الدواء ليست بالكبيرة مقارنة بالأسعار في العالم، فهناك بعض الدول لا تمنع التاجر أو المصنع من التحكم في أسعار الأدوية،وهذا ما لم يحدث في مصر.

■ هل هناك تهديدات جديدة تستوجب استحداث تطعيمات في البرامج المتبعة حاليا؟

برامج التحصين والتطعيمات في مصر كانت ومازالت من أقوى البرامج في إقليم شرق المتوسط، والمنظمة تدعمها بالشكل المطلوب، كما أن التطعيمات الروتينية في مصر محدثة حسب أجندة منظمة الصحة العالمية، وحسب توصيات المنظمة والمجموعة الاستشارية العالمية فإن كل التطعيمات التي يحتاجها المجتمع المصري موجودة في البرنامج القومي للتطعيمات، ومصر لا تدخر جهدا في هذا الصدد، حيث يزداد عدد السكان بنحو 2 مليون و600 ألف مولود سنويا ،وكل مولود قد يحتاج إلى 5 جرعات من التطعيمات المختلفة، وتتحمل الدولة تكلفتها بالكامل، ولكن النجاح لا يقاس بالتكلفة بقدر ما يقاس بالنتائج التي تحققت في انخفاض معدلات وفيات الأطفال والقضاء على الأمراض الوبائية.

‏■ كيف ترى استحداث قانون لتطبيق التجارب السريرية في مصر؟

منظمة الصحة العالمية تدعم أي جهد يؤدي للحفاظ على صحة الإنسان، وهذا القانون ينظم التجارب والبحوث الإكلينيكية، فالعلم عندما يستخدم في غير مكانه يسيء للإنسان، والحقيقة أن وزير الصحة د.أحمد عمادي الدين راضي، لا يدخر جهدا في سبيل حماية المريض المصري .

■ ما هو تقييمك لتجربة الشركات المصرية في إنتاج أدوية علاج فيروس سي؟

مصر يوجد بها 17 شركة مصرية تنتج 40 دواء لفيروس سي، وجميعهم في مستوى الدواء المستورد، ونحن ندعم اعتماد منتجات 3 شركات عالميا، كما سنشارك اجتماع توجيهي يعقده وزير الصحة والسكان د.أحمد عماد الدين راضي، لمنتجي الأدوية في مصر.