«محلب» يكشف تفاصيل استرداد أراضي الدولة ومقترحات التطوير

المهندس إبراهيم محلب
المهندس إبراهيم محلب

عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، ندوة بعنوان "منظومة أراضي الدولة« الوضع الحالي ومقترحات التطوير».

 شارك في الندوة، كل من المهندس إبراهيم محلب، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والإستراتيجية ورئيس مجلس الوزراء السابق؛ واللواء أمير سيد أحمد، مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمراني، وذلك في إطار مجموعة الندوات التي يعقدها المركز بهدف مناقشة المشكلات الملحة التي تواجه الاقتصاد المصري.

 

وأوضح إبراهيم محلب، في بداية حديثه، أن لجنة استرداد أراضي الدولة عندما بدأت عملها، حرصت على استرجاع حقوق الدولة دون الاعتداء على المزروعات، وأعطت مهلة شهر للمتعدين قبل تنفيذ الإزالات، حرصا على تحقيق العدالة قدر الإمكان. كما أشار إلى أنه تم حل مشاكل كبيرة وتقنين الأراضي بما يضمن حق الدولة والحفاظ على المستثمر في نفس الوقت بدلا من اللجوء إلى الطرق الجنائية، لافتا إلى أنه تم تحصيل نحو 4 مليار جنيه من تقنين أوضاع المشروعات والأراضي حتى الآن.

 

وأكد، على أنه تم الاتفاق على منح مهلة حتى 30 يونيو المقبل لتقنين أوضاع عدد كبير من المشروعات وعلى رأسها مشروع سهل الطين في سيناء لأنه تم تحويل أراضي المشروع والبالغة نحو 40 ألف فدان إلى مزارع سمكية، حيث من المخطط تجفيف أراضي المزارع السمكية المخالفة في مشروع سهل الطين وتحويلها إلى زراعة الأرز لفترة محدودة فقط، لاستغلال الملوحة القائمة في الأرض، مؤكدا أن المياه المتوفرة في أراضي هذا المشروع كانت مخصصة للزراعة وليس للمزارع السمكية.


وعرض المركز المصري للدراسات الاقتصادية دراسة أعدها لتقييم الوضع الحالي لأراضي الدولة، وجهود الدولة في هذا المجال منذ عام 2011، بالإضافة إلى عرض تجارب لدول تميزت في إدارتها للأراضي هي:"سنغافورة، وكوريا الجنوبية، والصين، وجورجيا"، وهى تجارب يمكن الاستفادة منها في وضع مقترح لتطبيقها في مصر تشمل تغييرات في كل من الإطار المؤسسي، والتشريعي والمعلوماتي من خلال إضافة بعد الأراضي لهيئة التنمية الجديدة التي سيتم إنشائها بموجب قانون التخصيص الموحد للأراضي، بجانب إنشاء قاعدة معلوماتية متكاملة مربوطة بقواعد البيانات الأخرى تقوم على التقنيات الحديثة.

 


وعلق محلب على نتائج الدراسة، بأن منظومة الأراضي في مصر لم تكن منظمة والقانون كان يشجع على التعديات، ومن هنا ظهر الخلل الإداري وغيره، وهو ما ترتب عليه تحويل عدد كبير من الأراضي الزراعية إلى مشروعات تطوير عقاري، وتحقيق مكاسب كبيرة، نظرا لهذا التحول، ولكن يُجرى حاليا دراسة الصيغة المثلى لتنقية القوانين المنظمة لأراضي الدولة، مؤكدا نيته الاستعانة بدراسة المركز المصري في عملية تطوير المنظومة.


وأشار إلى أن لجنة استرداد أراضي الدولة عقدت نحو 270 اجتماعا خلال الفترة الماضية تشاورت فيها مع كافة الخبرات التي تتعامل مع المنظومة من الناحية القانونية وغيرها.
وعرض محلب بعض حالات التعدي على أراضي الدولة، منها أراضي السكة الحديد التي شهدت تعديات صارخة بإنشاء محلات تجارية في حرم السكك الحديد، وتكتلات عشوائية إلى جانب التعديات على حرم أراضي النيل بالآلاف من الكيلو مترات، علما بأن حرم النيل تصل مساحته إلى 3 آلاف كيلو متر للنيل وفروعه، فضلا عن التعديات على أراضي لا يصلح استغلالها من الأساس مثل أراضي الآثار وأراضي الثروات في الصحراء الشرقية والبحر الأحمر.


وفي نفس السياق، أوضح مساعد رئيس الجمهورية، أن ملف التداخل بين أراضي هيئة الأوقاف وهيئة التنمية الزراعية هو من الملفات الصعبة للغاية ولكن تم فتحه والفصل في هذا التداخل حاليا بما يسمح بتسجيل الأرض في الشهر العقاري، وأكد أن الدولة لا تتاجر في الأراضي بل تنظر إليها وفقا للمخططات العمرانية، مشيرا إلى أن الدولة وضعت ضوابط تراعي الشفافية، وأيضا التسهيل على الجادين في تقنين أوضاعهم، منها إمكانية التقسيط ومنح فرصة الخصم لمن يرغب في السداد الكامل، وهناك لجان طعن، وأيضا سداد قيمة حق انتفاع مقابل كل سنة بالنسبة للمواطنين الجادين اللذين استفادوا من أراضي الدولة لسنوات طويلة.


ومن جانبه، قال باسل شعيرة رئيس شعبة التطوير الصناعي باتحاد الصناعات المصرية، إن تعدد الجهات من أكثر المشاكل التي تواجه المستثمرين الصناعيين في التعامل مع الأراضي، يليها صعوبة التسجيل وقواعد البيانات الخاصة بالأراضي الصناعية، مؤكدا أن هذه المشاكل تظهر بشكل كبير عند التعامل مع الأجانب، لأن الشركات الأجنبية لا توافق بآلية تمليك الأراضي القائمة في مصر، خاصة أن هذه الآلية تسبب مشاكل عند التعامل مع البنوك للحصول على تمويل، مشيرا إلى أن المستثمر في القطاع الخاص يقوم بدور الدولة في التسجيل ونقل الملكية.


ويرى سعيد حنفي، شريك بمكتب وايت آند كيس للمحاماة والاستشارات القانونية، أن الحل هو العودة إلى تطبيق القانون المدني الذي وضع منذ الأربعينات من القرن الماضي، حيث كانت المنظومة تعمل بنجاح، ويعد القانون المدني هو الأكبر في المنطقة العربية لتنظيم حقوق ملكية الأراضي، ويقوم على نظام حق الانتفاع ويمكن من خلال التسجيل أن يتحقق الضمان البنكي الذي يمكن المستثمر من الحصول على قرض بضمانه، مشيرا إلى أن تأخر تصحيح أوضاع تسجيل الأراضي في مصر يهدر على الدولة مليارات الدولارات التي من الممكن أن تساهم في الاقتصاد المصري.


وفي هذا الإطار طالبت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، بضرورة دراسة استخدام آلية حق الانتفاع بالنسبة للمشروعات الصناعية للتغلب على مشكلة تسعير الأراضي، ولكن بعد وضع الضمانات اللازمة لحصول أصحاب هذه الأراضي على القروض من البنوك، وفى نفس الوقت استكمال الجهود المبذولة لحل أزمة التسجيل العيني بشكل جذري.


ومن جانبه، قال عمر مهنا، رئيس مجلس إدارة المركز المصري للدراسات الاقتصادية، إن المركز أجرى دراسة في عام 2001، مولتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بمبلغ كبير حول تسجيل الأراضي في مصر.


 
وتوصلت الدراسة إلى أن 92% من الأصول العقارية والزراعية في مصر غير مسجلة وقدر قيمة هذه الأصول بنحو 42 مليار دولار، وفى عام 2014 تم تجديد هذه القيمة وبلغت نحو 340 مليار دولار قبل التعويم.

 

ويرى المهندس مصطفى غالي، المستشار السابق لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، أن هناك مبادرات وجهود بذلت في الجانب المعلوماتي لاستكمال قاعدة البيانات من أجل إصلاح منظومة تسجيل الأراضي، بدءا من وضعها كأرض فضاء وحتى أشكال الاستغلال المختلفة، ولكن هذه المبادرات تحتاج إلى أن يتم استكمالها لتحقيق الهدف منها، ومن بينها إنشاء بنك وطني لأراضي الدولة.

 

ومن جانبه أيد مجدي غازي، نائب رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية، خفض أسعار الأراضي المخصصة للقطاع الصناعي حتى لا تصبح عبئا على المستثمر، علما بأنه يتحمل أعباء مالية أخرى مثل شراء الآلات، ولكن أسعار الأراضي تحددها هيئة المجتمعات العمرانية باعتبارها الجهة صاحبة الولاية، وتحاول هيئة التنمية الصناعية قدر الإمكان الحد من ارتفاع سعر الأرض المقدم لأصحاب المصانع وذلك لعدم تطبيق قانون ولاية الأراضي الصناعية رقم 82 لسنة 2016 حتى الآن.

 

وتساءل عدد من الحضور عن أسباب عدم قيام الهيئة بتسجيل الأراضي الصناعية، وهو ما رد عليه غازي بأنه لا يسمح بالتسجيل إلى أن يبدأ النشاط بالفعل لضمان استخدام الأرض في الصناعة وليس أغراض أخرى.


وردا على انتقادات المستثمرين للهيئة بسبب بطء إجراءات تخصيص الأراضي الصناعية، قال غازي إن ولاية الأراضي ليست تحت يد الهيئة حتى الآن رغم صدور قانون ولاية الأراضي الذي نقل ولاية الأراضي الصناعية إلى هيئة التنمية الصناعية دون غيرها، ومع ذلك لم يبدأ تطبيق القانون بالفعل ومازالت هيئة المجتمعات العمرانية هي من يقوم بعملية ترفيق الأراضي، لافتا إلى أنه بمجرد نقل الولاية إلى هيئة التنمية الصناعية ستحل مشكلة تخصيص الأراضي.

وعلقت د.عبلة عبد اللطيف على هذه المشكلة، بأن ما يحدث يمثل كارثة، فلا تخصص هيئة التنمية الصناعية أراض، ولا تقوم المحافظات بذلك وهو دورها في المنظومة سابقا قبل صدور قانون ولاية الأراضي الجديد، ووصفت المرحلة الحالية بأنها مرحلة انتقالية بين صدور القانون وتنفيذه الذي لم يبدأ بالفعل حتى الآن، وهو ما يتطلب وضع قواعد خاصة تتناسب مع هذه المرحلة، حتى لا يتوقف تخصيص الأراضي الصناعية.


وانتقد الحضور ارتفاع أسعار "مصنعك جاهز بترخيصه"، حيث لا تتناسب مع صغار المستثمرين، وهو ما رد عليه غازي بأن المستثمر مطالب فقط بدفع 25% من ثمن المصنع وتقدم له البنوك تسهيلات للسداد، ولكن مع ذلك يرى المستثمرون أنه يصعب على المشروع الصغير أو المتوسط تحمل هذا العبء.

 

وقال نائب رئيس هيئة التنمية الصناعية، إن الهيئة تداركت هذه المشكلة عندما وجدت أن الأسعار لا تناسب المستثمر الصغير، وقامت بإنشاء 13 مجمعا صناعيا بنفس مواصفات "مصنعك جاهز بتراخيصه"، بنظام الإيجار وهو موجه للشرائح الأصغر، مؤكدا أن الهيئة في مرحلة تحول الآن وتسعى لتحسين الوضع.