صور وفيديو| متعافون من الإدمان: أوله «شهر عسل».. وآخره «خلف القضبان»

المتعافون من الإدمان
المتعافون من الإدمان

•    من براثن الألم إلى رحلة الأمل.. حكايات 3 «مدمنين» انتصروا على «ذل الكيف»
•    كريم: «كنت عايش عشان أضرب وبضرب عشان أعيش»
•    «النمر الأسود»: خسرت الملايين بسبب الهيروين.. و«فيس بوك» وراء خروجي من مصيدة الكيف بعد 37 سنة إدمان
•    سامح: «بدأت معايا بكاسين.. وهذه كواليس جلسات الفرفشة»
•    سعد: «طردوني من الأهلي بسبب الكيف»

    
أبطال قرروا التمرد على وحش يغتال الروح قبل الجسد.. خاضوا رحلة صعبة وطويلة بل ومحفوفة بالمعاناة أيضاً، بعد أن خسروا كل شي.. أنفسهم.. أسرهم وأصدقائهم، وأصبح الجميع ينفر منهم، فقرروا الانتصار ووضع حدا لمعاناة استمرت سنوات، وفتح صفحة جديدة في كتاب الحياة.. إنهم المتعافين من الإدمان.

 

«المدمنون.. والنماذج المضيئة»

ما بين المعاناة التي استمرت أكثر من 10 سنوات والجرائم التي وضعتهم خلف الأسوار، والغياب عن العالم بعد إدمان كل أنواع المخدرات وآخرها «الاستروكس»، تنوعت أحداث رحلة المتعافين من الإدمان من طبقات اجتماعية مختلفة، الذين التقتهم «بوابة أخبار اليوم»، لرصد طبيعة رحلة العلاج عقب الانتشار الواسع لإعلان الفرعون المصري محمد صلاح، نجم منتخبنا الوطني ونادي ليفربول الإنجليزي «أنت أقوى من المخدرات»، وخاصة بعد أن تحول بعضهم إلى نماذج مضيئة، وشخصيات إيجابية وملهمة للكثير من الشباب الذين وقعوا فريسة أو ضحية لتلك الآفة.. فكل حكاية لأحدهم تفتح باب الأمل لكل من دفعته الظروف لهذا العالم المظلم.

 

 

«كريم.. وكواليس البداية»

بنظرة ثقة وملامح حازمة، بدأ «كريم سلامة»، صاحب الـ32 عاما، المتعافي حديثًا من الإدمان، في سرد كواليس رحلته مع المخدرات ، بعد أن التقيناه في مقر صندوق مكافحة الإدمان بالقاهرة.

 

«رحلتي مع الكيف بدأت بسيجارة بدافع التجربة وحب الاستطلاع».. بتلك الكلمات بدأ كريم في استحضار صفحة الماضي، قائلًا إنه قرر التدخين من باب التجربة وحب الاستطلاع، ومن ثم «الفشخرة» أو «المنظرة» بين أصدقاءه، كما أن الظروف السيئة لأسرته دفعته إلى هذا الطريق، بعد أن قرر تقليد شقيقه المدمن.

 

وأضاف «كريم»: «كنت عايش في حتة بالمطرية كلها مخدرات وضرب، وكان نفسي الناس تقول كريم راح.. كريم جاء.. فقررت أخوض التجربة عشان أعمل دماغ».

 

وذكر أنه بدأ بالسيجارة في عمر الـ12 عاما ظنا منه أنها ستجعله رجلا راشد يعمل له الجميع «ألف حساب»، مضيفاً: «فجأة في البيت عرفوا، وبدئوا في ضربي، ورغم ذلك ركبت دماغي وعندت، وتماديت أيضا رغم تدهور وتراجع حالتي من سيء لأسوأ».

 

 

«علقة الأخ.. وشهر العسل»

 

وأوضح أن بعد «علقة الأخ» قرر مواصلة العناد، وتعاطي البانجو، ومن ثم البرشام بعد تداوله بين أصدقاءه، متابعا: «كان نفسي اعمل دماغ زي أصحابي، وأبقي ملفت للنظر، والكل يقول كريم كريم».

 

واستطرد «كريم» قائلا بنبرة حزينة: «كنت أشعر وكأني في شهر عسل خلال أول لحظات الإدمان، وكنت بحب الناس تتكلم عني، كنت ببرشم وأضرب عشان أعرف أنزل الشارع واتعامل، وأرد على أبويا».

 

وعن مصادر جلب تلك السموم، قال «كريم»: «المخدرات موجودة في كل حتة، وكنت بمشي ورا الصنف لآخر العالم».

 

«فلوس الدروس.. والمخدر!»

 

وبخصوص «فلوس المخدرات»، رد قائلًا: «في البداية الموضوع كان سهل، كنت أحصل على فلوس الدرس واشتري المخدر، وعملت كل حاجة عشان أجيب فلوس، لأن المخدرات تخلي أي حد يعمل أي حاجة»، مؤكدا أن تذكرة الهيروين كان سعرها يتراوح ما بين 50 إلى 100 جنيه، متابعًا: «كنت كل يوم بضرب، عايش عشان أضرب وبضرب عشان أعيش».

 

 «كينج المخدرات.. والانتكاسة»

 

وبعد تدخين الحشيش، وصل كريم إلى «كينج المخدرات»- بحسب قوله- وهو الهيروين، فأكد أن إقباله عليه كان بهدف «حب الاستطلاع أيضاً وعمل دماغ»، متابعا: «الكيف كان كل حياتي».

 

وعن أصعب اللحظات، كشف «كريم» أنها كانت عقب فقدانه الأمل في نفسه، ومحاولته الانتحار، مستطردًا: «أخيرًا فوقت وأنا عندي 31 سنة».

 

وعن قرار العلاج والتعافي، قال كريم: «مكنش قراري، كان قرار قاضي، واقتنعت بالعلاج بعدما فقد أهلي الأمل في وفقدته أيضا في نفسي».

 

وعن تفاصيل كورس العلاج، ذكر: «كنت أنفذ تعليمات المعالج بعد أن ساهم في تقوية إرادتي، لكنى انتكست بعد فترة من العلاج، لكن المعالجين لم يتركوني وواصلت رحلتي حتى تعافيت خلال عام إلا 6 أيام».

 

أصعب اللحظات أيضا خلال فترة الانسحاب لدى «كريم»، كانت عندما أفاق وتحركت مشاعره عقب خروج المخدر من جسده، ويضيف: «ندمت كثيرا على حياتي السابقة، وندمت أكثر على الوصول إلى تلك المرحلة الصعبة».

 

 «عزومة بالسيجارة»

 

وتابع: « تعافيت خلال عام واحد فقط، ودلوقتي لا أعطي فرصة لأصدقائي القدامى حتى بعزومة سيجارة، والشخص السلبي ليس له مكانا في حياتي الآن، كما لدي دائرة ثقة لأصدقائي المتعافين، فبدأت حياة جديدة بشكل جديد وأسلوب وطريقة جديدة».

 

وعن سؤاله عن أهدافه بعد التعافي تمامًا، رد ضاحكا: «أنا شغال في مستشفى الإسماعيلية وفي نفس تخصص المتعافين من الإدمان بعد نجاحي في رحلتي، وأفكر الآن في الزواج والاستقرار، والكل يشجعني ويدعمني حاليا.. دعواتكم».

 

ووجه «كريم» رسالة للشباب في نهاية حديثه معنا، قائلا: «اوعى تفتكر إن الرجولة بسيجارة أو سيجارتين أو بضرب، الرجولة بالأدب والاحترام، سكة الإدمان آخرها بهدلة وقلة قيمة وإهانة.. خذوني عبرة لكم».

 

 

 النمر الأسود.. «سامح» في مصيدة الكيف

 

أما «النمر الأسود» أو «سامح» الذي أدمن المخدرات لمدة 37 سنة، فقرر التغلب عليها بعد أن فقد أسرته وملايين الجنيهات من ميراثه عن والده.

 

وفتح «سامح» لـ«بوابة أخبار اليوم»، قلبه، متحدثا عن تفاصيل رحلة المغامرة والمخاطرة، وانعكاساتها على أسرته وخاصة أطفاله، وكواليس طرده من عمله بسبب «الكيف»، وأخيرا رحلة العلاج، وكيف أصبح عنصرا في الفريق المعالج للمدمنين بعد أن كان أحد الجالسين على أسرتهم.

 

«سيطرة الكيف.. وجرائم السرقة»

 

«10 أشهر وأيام».. هذه هي المدة التي تخلص فيها «سامح» صاحب الـ40 عاما، من «سيطرة الكيف»، بعد أن حوله إلى مجرم وسارق وأب غير موجود على أرض الواقع .

 

«الشلة.. وبنت الجيران»

 

وكشف «سامح» أنه نشأ في أسرة ميسورة الحال، لكنه لجأ إلى المخدرات في فترة المراهقة للتجرؤ والحديث مع «بنت الجيران» التي أحبها وعشقها.

 

وأوضح أن سفر والده دفعه إلى التفاعل مع العالم الخارجي خلال فترة المراهقة، وصادق عدد من المدمنين الذين قدموا له الكيف في صوره المختلفة بداية من الكحول وحتى الهيروين.

 

واستطرد بنبرة ندم: «كنت متفوق في دراستي، وبلعب كرة، إلا أن تلك "الشلة" كانت مصدر ثقتي، ودفعتني إلي تلك الجريمة الأخلاقية في ظل غياب دور الأسرة، وسفر والدي».

 

 «كاسين».. وجلسة فرفشة

 

وعن بداياته مع التعاطي، قال «النمر الأسود»: «بدأت معايا بكاسين وبيرة في جلسات الفرفشة، ثم تطور الأمر لعقار دوائي يسمى كيتوفين، ثم تحولت إلى شخص نشط ودماغي شغال 24 ساعة».

 

وتابع: «في إحدي جلسات الفرفشة، عزم عليا صديقي بتذكرة هيروين، تقبلتها بعد رفضي الحشيش والبانجو».

 

«نقطة التحول.. ورحلة القاع»

 

وكانت نقطة التحول أو رحلة القاع والسقوط بالنسبة لـ«سامح»، عندما انقطع عن دراسته الجامعية، فتحولت حياته إلى جحيم بعد فشله في كل مجالات حياته.

 

وبعد أن خسر الكثير من المكاسب، قرر التمرد والتغيير والبعد عن طريق الإدمان، وبالفعل نجح في ذلك وتزوج وأنجب 3 أطفال، إلا أن ظروف الحياة القاسية - بحسب قوله - طرحته على طريق الإدمان مجددًا.

 

«العودة للكيف.. ونفس الحشيش»

 

وعن العودة إلى الكيف، روى «سامح» قائلا: «كنت بضرب هيروين عشان أنزل الشغل، وكان سر الإقلاع هو حبسي بعد القبض علي أثناء شراء الجرعة، فقدت الملايين بسبب المخدرات، وكدت أفقد أسرتي بالكامل».

 

وأوضح أنه تخرج في كلية الحقوق، وعمل في السياحة، إلا أنه طرد من عمله بسبب عودته للمخدرات، عقب قبوله «نفس حشيش» من أحد الأصدقاء، بعد رحلة استمرت 23 عاما في عالم الإدمان.

 

«ما أصعب أن تكون حاضرا غائبا من أن تكون غائبا حاضرا».. تلك الرسالة التي أرسلها نجل سامح له على «فيس بوك»، كانت سر التغيير، أو الدافع الحقيقي لإقلاعه عن المخدرات، فأوضح أنها كانت النقطة الفارقة في حياته، ومنذ حينها قرر غلق صفحة المخدرات، حتى يكون والدا صالحا».

 

ولفت إلى أنه قصد صندوق مكافحة الإدمان للعلاج، وتم تحويله إلى مستشفى الإسماعيلية، متابعًا: «بالفعل بدأت رحلة التغيير، وساعدني كثيرا مسئولي الصندوق، بالدعم النفسي والمعنوي وكذلك الرعاية المتكاملة، وبالفعل تعافيت خلال 10 شهور، كما عملت في الصندوق».

 

«دروس.. وعظات»

 

وكشف «سامح» عن الدروس المستفادة من تجربته، قائلًا إنها كثيرةـ ولعل أبرزها رفض كل الشخصيات السلبية في حياته، متابعا: «بمشي من أي مكان فيه مخدرات، والعودة له مجددا مش في قاموسي».

 

ووجه «النمر الأسود» رسالة للشباب في نهاية حديثه، قائلا: «المخدرات مش رجولة، إدمنوا الحياة، واثبتوا وجودكم بتحقيق أحلامكم».

 

 

رحلة «سعد».. 6 سنوات من الهزار إلى الطرد من البيت

 

وأخيرًا، صاحب هذه الحكاية كان أحد اللاعبين الأشبال في النادي الأهلي - وبطل الجمهورية في الجودو حسبما عرف نفسه- فلعب كرة القدم في القلعة الحمراء لسنوات، إلا أنه تم طرده بسبب «المخدرات».

 

كريم محمد 24 عاما، متعافي ومعالج حاليًا، يدرس الـ«بيزنس» في جامعة القاهرة، والتحق بدورات لغات لإثقال مواهبه في الحديث بأكثر من لغة.

 

«أنا أدمنت كل أنواع المخدرات».. في لحظة ندم، سرد «كريم» تفاصيل حياته السابقة وحكايته مع المخدرات، قائلا: « في البداية أريد أن أوضح أني متعافي منذ 9 سنوات ونصف، ومعالج الآن».

 

الترامادول و«الهيروين»

 

سار «كريم» في طريق المخدرات في سن صغيرة، وتحديدًا في عمر 7 سنوات بتدخين السجائر، تقليدًا لوالده، وبعد وفاة والده قرر تدخين الحشيش، ثم تعاطي الترامادول والهيروين .

 

«طرد الأهلي.. و6 سنوات كيف»

 

وكشف انه تم طرده من النادي الأهلي بسبب تعاطيه «الترامادول والحشيش» في سن الـ 14 عاما، وحينها فقد أحد أحلامه في أن يصبح لاعب كرة شهير .

 

وأضاف: «في الأول كنت بهرب من الواقع وبهزر، وبعد ذلك سرقت البيت، وبيوت أقاربنا، وأصبح الجميع يخشي وجودي، ويخبأ الأموال من أمامي».

 

وأوضح أنه استمر 6 سنوات في رحلة الإدمان، حتى قرر العلاج بعد أن تحول إلى شخص «منبوذ اجتماعيًا»، متابعًا: «فالتجربة السلبية حولتني لشخص إيجابية، فتغيرت من مدمن إلى متعافي ثم معالجا، والتحقت بدبلومة تعديل سلوك، وكورسات علم نفس وتنمية بشرية ساعدتني في اجتياز تلك الفترة الصعبة».

 

وتابع بنظرة حزينة: «كان طردي من البيت أصعب لحظة في حياتي، وكذلك إخفاء الأموال من أمامي من قبل كل أقاربي لتناولي كل أنواع المخدرات من البيرة مرورا بالحشيش والأفيون والبودرة، رغم أني كنت بطل في الجودو وأحصد بطولات كثيرة».

 

وأضاف: «أدرس الآن بيزنس، ولغات، وأنمي نفسي باستمرار».

 

وكانت أخر كلمات «سعد» رسالة للشباب، فقال:«حب الاستطلاع بيودي في داهية، وأقول لكل مدمن يريد التعافي مفيش مستحيل».