بعد اجتماع رئيس الوزراء

محمد البهنساوي يكتب: تطوير المطارات و«الكوكتيل» المصرى العجيب !

الكاتب الصحفي محمد البهنساوي
الكاتب الصحفي محمد البهنساوي

 طوابير وساعات لتفتيش السائحين.. ومسئول : «هنقرفهم علشان يعرفوا أننا جادين»!
اجتماع مهم عقده السبت الماضى المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء لبحث تطوير المطارات المصرية وبخاصة مطار القاهرة رفع كفاءتها.. وأكد بيان لمجلس الوزراء أن الاجتماع بحث التحديات بالمطارات والاحتياجات المطلوبة لتطويرها وأن رئيس الوزراء وجه بضرورة توفير الإمكانات اللازمة لتسهيل إجراءات التأمين وأن تكون المطارات خير مركز لاستقبال الزائرين.. انتهى بيان مجلس الوزراء لكنه لم يتطرق إلى آليات وخطط تطوير المطارات الذى طال انتظاره ليس فقط بعد حادث الطائرة الروسية إنما قبله بسنوات طويلة.. ولعلها خير أن يفتح مجلس الوزراء الملف بحضور الوزراء المعنيين.
وبما أننا لم نعلم ما دار داخل الاجتماع وهل كانت المناقشات صريحة أم مغلفة.. وبما أننا ندرك الأهمية القصوى لمطاراتنا كأحد عوامل زيادة حركة السياحة وبما يعود بالنفع على اقتصادنا القومى.. نطرح حوارات تدور همسا وصراحة داخل المجتمع السياحى ومن السائحين حول حال مطاراتنا.. ندرك بالطبع حرص وزير الطيران شريف فتحى على تطوير المطارات والمساندة القوية للسياحة.. لكننا ندرك أنه ليس بالنوايا فقط نحقق ما نريد.. والأهم على الإطلاق أن الأمر كله ليس بيد وزير الطيران ولا أجهزة وزارته !!.
ولنجعل الصراحة عنوانا لحديثنا عن حال مطاراتنا التى نحلم بتطويرها.. فحديث تطوير المطارات منذ سنوات وعقود.. لكنه خرج للنور وبقوة بعد حادث الطائرة الروسية.. وتردد كلام حول ضرورة الإستعانة بشركات عالمية متخصصة لتأمين او إدارة المطارات.. وما بين أخذ ورد وبحث.. وصلنا لكوكتيل يعد إختراعا مصريا خالصا لتأمين وإدارة المطارات.. أعتقد أن هدفه الأساسى ليس تحقيق أكبر نفع للصالح العام بقدر إرضاء أكبر عدد من الجهات والمسئولين !! ووصلنا لما يلى:
رغم الإعلان عن الاستعانة بأحدى شركات الحراسة التى تعد شبه حكومية لتأمين المطارات بالتعاون مع شركة إنجليزية عالمية وبالتنسيق مع وزارة الداخلية.. وبعد كل تلك الشهور هذه هو الوضع على الأرض.. خليط من التأمين والتفتيش المزدوج الذى لا نجده فى أى مطار فى العالم إلا فى مصر.. اللاعب الأساسى فيه أمين الشرطة !! مع تشديد فى التأمين لا يؤدى إلى طمأنة السائح أو المسافر بقدر مضايقته.. ساعات من طوابير ممتدة على بوابات الدخول.. وهرج ومرج لعبور البوابات وبعد أمتار قليلة من البوابات يتكرر نفس المشهد المأساوى للتفتيش !!
أما طريقة التفتيش فهى اختراع مصرى أيضا تصل إلى حد « ومعذرة لإستخدام هذا اللفظ « التحرش بالمسافر أو المسافرة حتى ولو كان من يقوم بالتفتيش من نفس جنسه.. فحص وتفعيص وكأن المسافر مجرم أو يخبئ ممنوعات أو متفجرات أسفل جلده.. ونجد نفس أمين الشرطة يقوم بإدخال الحقائب والتفتيش وفحص الأوراق.. وحتى لو عبرت أجهزة التفتيش اللإكترونية بأمان ودون صافرة إنذار.. يصر أمين الشرطة على تفتيشك بالطريقة المصرية !!..ولا ندرى هل تم شرح كل هذا لرئيس الوزراء.. وهل يعلم المسئولون أن شركات السياحة والفنادق بشرم والغردقة توجه السائحين للمطارات قبل سفرهم ب4 ساعات بسبب التفتيش وتمتد طوابير السائحين أمام بوابات المطارين بالكيلو مترات ولساعات وفى عز الحر ولا توجد اماكن انتظار.. أى إنطباع يغادر به السائح بعد تلك « البهدلة «.. أما مطار القاهرة فقد أقسم لى عدد من المستثمرين بالغردقة وشرم أنهم يسافرون لأوروبا عبر الأردن وتركيا تجنبا لما يتعرضون له بمطار القاهرة من تفتيش يصل لحد « لفظ « خارج لا نستطيع ذكره !!
وقد سألت أحد كبار المسئولين عن سبب هذا التشدد.. قال الرجل نصا « إحنا مزوديناه حبتين « وبرر ذلك قائلا « هيتعبوا ويطلع عينيهم بس هيعرفوا إننا جادين فى تأمين المطارات « !!.. هذا المسئول بكل تأكيد سافر للمطارات الأوروبية التى تطبق أقصى درجات التشدد فى التأمين دون إيذاء المسافر ففى كل مطارات العالم.. يمر المسافر من بوابات التفتيش والحقائب على السير بكل سهولة.. جيش من الموظفين.. و»أكرر الموظفين وليس رجال الأمن» يساعدون المسافرين فى إنهاء الإجراءات والتفتيش.. ولا يلمسك أحد طالما لم تطلق الأجهزة صافرتها.. حتى ولو أطلقت يمرر يده على جسمك دون أن يلمسه وهذا يحتاج لتدريب وإعداد خاص.. وإذا ما استمر الاشتباه والصافرة.. هناك الأجهزة الحديث يدخل فيه المسافر ليمسحه فى لحظات.. وبمناسبة هذا الجهاز الذى تم استيراده لمطاراتنا.. نسأل: أين هو ولماذا لم يعمل حتى الآن؟ أم أن ما سمعناه صحيح أنه يعمل فى حالات قليلة بصالات الوصول وليس السفر بطلب من وزارة المالية لزوم « الجمارك «. رغم أن أهميته فى السفر لتأمين المسافرين وحقائبهم قبل الصعود للطائرة.. ألم أقل لكم.. اختراعات مصرية بحتة ؟!
نصل لنقاط قديمة لكنها تتجدد..ألم يناقش الاجتماع من المسئول عن التفتيش وقد كان هناك شبه إتفاق على أنه لا يصلح أمناء الشرطة لمنظومة التفتيش بالمطارات التى تحتاج مطالب خاصة.. وثانيا هل تم تطبيق نظام السرية فى توزيع المفتشين بحيث لا يعلمون مسبقا مكان عملهم.. ولا يستمر أى منهم فى مكانه إلا فترة قصيرة ويتم تبديلهم مثلما يحدث بمطارات العالم.
ويبقى السؤال القديم الحديث أيضا: إذا كانت معظم مطارات العالم يتولى التفتيش فيها شركات عالمية متخصصة..فمطارات لندن تديرها شركة أسبانية.. وألمانيا وإيطاليا شركات إنجليزية.. هل مازال لدينا نفس الحساسية المفرطة فى هذا الأمر ليستمر الكوكتيل الاختراع المصرى فى تشويه أقصد تأمين المطارات ؟ أسئلة مهمة نتمنى أن يكون قد تم طرحها بصراحة أمام رئيس الوزراء إذا كنا حقا نريد تطوير مطاراتنا.