«خالد ميري» يكتب| العرب .. وعودة الروح

الكاتب الصحفي خالد ميري - رئيس تحرير جريدة الأخبار
الكاتب الصحفي خالد ميري - رئيس تحرير جريدة الأخبار

وسط تحديات جسام انعقدت القمة العربية أمس بالظهران فى السعودية الشقيقة، وكانت كلمات الرؤساء والملوك العرب تعبيرا صادقا عن رغبة حقيقية لعودة الحياة للعمل العربى المشترك.. فى مواجهة أخطر أزمة تواجهها دولنا الوطنية منذ استقلالها عن الاحتلال الغربى.


هى القمة العادية التاسعة والعشرون التى تنعقد خلال 72 عاما منذ استضافت القاهرة القمة الأولى عام ١٩٤٦، انعقدت وسط تحديات غير مسبوقة تواجه الأمن القومى العربى، مع تهديد العديد من الدول العربية فى وجودها ومحاولات إسقاطها.


وكانت كلمة زعيم مصر الرئيس عبد الفتاح السيسى شاملة وجامعة، وهو يستعرض الأزمات والمخاطر، ويؤكد على أهمية العمل العربى المشترك وأن مصر ستظل فى قلب كل جهد صادق للدفاع عن الأمة العربية ومصالح دولها وشعوبها.. تحدث الرئيس عن التدخلات الإقليمية فى شئون دولنا العربية والأزمة السورية والفلسطينية واليمنية والليبية، وكان الكلام واضحا دقيقا يصف الأزمات ويطرح العلاج العربى الفعّال، فالبداية فى فلسطين بوحدة الأشقاء وإنهاء الانقسام، وفى سوريا بدعم حل عربى بدلا من أن تظل دمشق ملعبا للقوى الدولية والإقليمية، وفى اليمن وليبيا بدعم الدولة الوطنية، كما كان الحديث واضحا عن خطورة ما تفعله التنظيمات الإرهابية والطائفية لتمزيق الدول العربية، ووجود عرب -للأسف الشديد- يتآمرون مع هذه التنظيمات، وضرورة أن تكون المواجهة شاملة لمن يحمل السلاح ومن يوفره ومن يمول ويدعم سياسيا وإعلاميا.. ورغم خطورة الأوضاع كان الرئيس واضحا وهو يؤكد إمكانية التوصل لاستراتيجية شاملة للأمن القومى العربى إذا توافرت الإرادة السياسية الجماعية للعرب.


وعن العمل العربى المشترك تحدث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بعد أن تسلم رئاسة القمة، مؤكدا خطورة التدخلات الإيرانية وعلى تحديات الإرهاب والطائفية، ومؤكدا أن الأمن القومى العربى منظومة متكاملة لا تقبل التجزئة، وبرغم صعوبة الظروف فالأمل ما زال موجودا.


وقد أطلق خادم الحرمين الشريفين على القمة العربية بالظهران «قمة القدس» تأكيداً على أن القضية الفلسطينية كانت، وستظل، قضية العرب الأولى.


واتفق تماما مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط أن وحدة العرب -إن أرادوا- أكبر من أى تآمر وكلمتهم- إن اجتمعوا- فقطعا ستكون هى العليا، فالمهم أن يجتمعوا وأن يتفقوا، وأن تصدر القرارات لتنفذ وأن يتوقف من يشاركون القوى الخارجية فى التآمر كحكام دويلة قطر عن جريمتهم.. العرب ليسوا أضعف من أن يمسكوا زمام أمورهم، وليسوا أقل من أن يحافظوا على دولهم ومستقبل شعوبهم، بشرط توافر الإرادة السياسية الجماعية.. كما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى.


المخاطر واضحة من تدخلات وجرائم تركيا وإيران، إلى استمرار الدول العربية مرتعا لمصالح ونفوذ وخلافات القوى العالمية، ومن قضيتنا المركزية فى فلسطين المحتلة والقدس الشريف، إلى استمرار الأزمة السورية وتهديد وجود اليمن وليبيا.. والحل أيضا واضح بأن تكون قمة الظهران بداية حقيقية لعمل عربى جاد وفعال لإنهاء الأزمات سياسيا بما يحافظ على الدول الوطنية ويحقق مصالح شعوبها العربية، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.


لسنوات طويلة رضى العرب لأنفسهم بأن يكونوا ظاهرة صوتية لا وزن لها، لكن العرب الذين توحدوا خلف مصر ليتحقق نصرنا العظيم فى حرب أكتوبر المجيدة، قادرون على أن ينحوا أى خلافات جانبا وأن يتوحدوا من جديد، والهدف واضح: مواجهة التهديدات والمخاطر أيا ما كانت، وتحقيق مصالح الشعوب العربية وضمان الأمن والاستقرار لها.


المستقبل ليس ضبابيا رغم جسامة التحديات، والعرب - إن أرادوا وتوحدوا- قادرون على الفعل وعلى تجاوز كل الأزمات.