الحرب التجارية بين الصين وأمريكا .. «القصة كاملة»

ترامب وشي جين بينج
ترامب وشي جين بينج

 

في الثامن من شهر يناير الماضي، انطلقت شرارة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، فور إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فرض رسوم وضرائب بقيمة 25 % على واردات الفولاذ، و 10 % على الألمونيوم، اللذان تستوردهما أمريكا، وفور إعلان القرار الذي يطبق على كل دول العالم - عدا المكسيك وكندا اللذان استثناهما ترامب من قراره - بدأت الحرب التجارية بين الصين وأمريكا في الاشتعال.

 

وبحسب وزير التجارة الأميركي ويلبور روس، فإن الولايات المتحدة هي أكبر مستورد للفولاذ في العالم، فالواردات الأمريكية تبلغ أربعة أضعاف ما تصدره واشنطن.

 

 

لم تمر سوى أسابيع معدودات، حتى جاء الرد الصيني، فقد قامت بكين في الشهر المنصرم بفرض رسوم على سلع أمريكية بقيمة 3 مليارات دولار، وأعلنت وزارة المالية الصينية فرض 15% على الفواكه والمنتجات ذات الصلة، و25% على منتجات أخرى من بينها لحم الخنزير، وفقا لوكالة أنباء الصين «شينخوا»، ستتأثر 128 سلعة أمريكية بالتعريفات ، التي بدأ العمل بها منذ الثاني من الشهر الجاري.

 

 

وفي 22 مارس الماضي، زادت الحرب التجارية بين الصين وأمريكا اشتعالا وضراوة، وأعلن البيت الأبيض فرض رسوم جمريكية على واردات صينية بقيمة  50 مليار دولار ، ردا على ما تصفها أمريكا بـ «سرقات حقوق الملكية الأمريكية»، وحددت واشنطن 1300 منتج صيني يمكن فرض رسوم عليها بنسبة 25 % عليها، وصرح المستشار الاقتصادي البارز في البيت الأبيض إيفريت اينشنستات، أن الرسوم الجديدة على الواردات ستستهدف قطاعات صناعية «سعت فيها الصين إلى الحصول على ميزة من خلال الاستحواذ غير المنصف أو نقل التكنولوجيا بالقوة من الشركات الأمريكية».

 

 

لم تنظر بكين كثيرا، وجاء الرد الصيني بالمثل، ففي الرابع من أبريل الجاري، ردت بكين على واشنطن بفرض رسوم إضافية على سلع أمريكية بقيمة 50 مليار دولار، وأعلنت وزارة المالية الصينية فرض رسوم إضافية نسبتها 25 % على 106 منتجات أمريكية من بينها فول الصويا والسيارات والكيماويات وبعض أنواع الطائرات والذرة بالإضافة إلى منتجات زراعية أخرى، وأضافت وزارة التجارة الصينية أن حجم المنتجات المستهدفة بالرسوم الجمركية بلغ 50 مليار دولار في 2017 ، كما قدمت بكين شكوى لمنظمة التجارة العالمية ضد خطة واشنطن فرض رسوم جمركية على صادرات بقيمة 50 مليارا.

 

الرد الصيني على الرسوم الأمريكية، لم ينزل بردا وسلاما على الرئيس ترامب، الذي وصف الرد الصيني بأنه «غير عادل»، مقترحا فرض 100 مليار دولار رسوم إضافية على الصين، فترامب أن سياسة الصين، تؤدي إلى «سرقة حقوق الملكية الفكرية»، مضيفا أن  واشنطن تجاهلت لسنوات «الممارسات التجارية الصينية غير المشروعة» التي أدت إلى تدمير آلاف المصانع وفقدان ملايين فرص العمل، على حسب قوله.

 

 

واستقبلت الصين قرار ترامب بنيته فرض 100 مليار دولار كرسوم إضافية على منتجاتها ، بإعلانها أنها على  أتم استعداد للرد على الرسوم الأمريكية الجديدة ، وبالشكل الملائم .

 


                                            تأثير الرسوم على أمريكا

أثار إعلان ترامب، فرض رسوم على الواردات الصينية، ردود فعل غير ودية من رفاقه في الحزب الجمهوري، وحذروا أن هذه الإجراءات ستؤذي الأمريكيين وتكلفهم فرص عمل، وطالبت سلاسل متاجر كبرى مثل وولمارت وتارجت، ترامب بالتفكير بعناية بتأثير فرض الرسوم على أسعار السلع والعائلات الأمريكية.

 

فبالأرقام، تستورد أمريكا منتجات من الصين أكثر من أي بلد آخر في العالم ، وقدرت قيمة ما استوردته أمريكا في عام 2017 من الصين بـ 505 مليارات دولار وفقا لبيانات أمريكية حكومية، في حين أن الولايات المتحدة تصدر فقط بما تبلغ قمته 130 مليار دولار للصين من تلك المنتجات إلى الصين، ما خلق عجزا أو فارقا بـ 375 مليار دولار ، وهذا ما خلق جزءً كبيرا من العجز التجاري مع الصين.

 

 

                           هل ستتوقف أمريكا عن شراء المنتجات الصينية بعد الرسوم الجمركية؟

 

يرى محللون، أن الولايات المتحدة لن تتوقف عن استيراد المنتجات الصينية، على الأقل في الوقت الحالي، فبلغة الأرقام تستورد واشنطن أجهزة وأدوات إلكترونية من بكين ، تقدر قيمتها بـ 146 مليار دولار سنويا، وهو أكثر مما تستورده الصين من أمريكا، كما تستورد الولايات المتحدة أحذية من الصين بقيمة 1.4 مليار دولار سنويا، وبالإضافة إلى كل ذلك استوردت أمريكا مظلات في العام الماضي بقيمة 113 مليار دولار في العام الماضي بحسب شبكة CNN الأمريكية والصين بالطبع هي أكبر مورد مظلات لها.

وفي حال تطبيق الرسوم الأمريكية على المنتجات المستوردة من الصين، فإن المواطن الأمريكي بسعر أعلى، ما قدر يثقل كاهل الموطنين الأمريكيين.

 

                                      متى تطبق أمريكا زيادة الرسوم على المنتجات الصينية؟

 

وفقا للقانون الأمريكي ستخضع الإجراءات الأمريكية المقترحة للدراسة والفحص وإجراءات كثيرة، هذا يعني أن أي قرار لاتخاذ خطوات عملية لن يصدر قبل مضي شهور .

 

 

 

                                              تاريخ فرض أمريكا عقوبات على الصين

 

يعود نهج العقوبات الأمريكية ضد بكين إلى عام 1989، إذ فرضت على خلفية أحداث ميدان «تيانانمن»- تظاهرات لطلاب جامعيين صينيين طالبوا بالديمقراطية و الإصلاح-  وحاولت واشنطن عزل بكين بشكل شامل عن طريق التجميد الكامل للعلاقات وعقوبات اقتصادية ضارة، لكن في عام 1993 تراجعت الولايات المتحدة عن هذه السياسة وبدأت العمل على تطبيع العلاقات مع بكين.

 

                                              ما هي الرسوم الجمركية؟

 

الرسوم الجمركية، هي ضرائب تفرضها دولة ما على السلع المستوردة من الخارج أو المصدّرة إليه، وتدفع أثناء عبور هذه السلع الحدود ودخولها ما يسمى بـ « التراب الجمركي» الخاضع للضريبة أو خروجها منه، والتراب الجمركي هو الجزء الخاضع للدولة، بما فيه المياه الإقليمية والمجال الجوي والبري، ويطبق القانون على مجموع التراب الوطني.

 

وتستخدم بعض الدول الرسوم الجمركية لحماية صناعتها من المنافسة الأجنبية، وحماية المنتجات المحلية عن طريق رفع أسعار السلع المستوردة، الأمر الذي يشجع المنشآت المحلية على زيادة إنتاجها، كما تحقق الرسوم عائدات ضريبية مهمة تعود بالنفع على الدولة وتزيد من إيرادتها.