صور| «مدد يا طاهرة».. دراويش «السيدة» حلقات صوفية وطعام للفقراء

مسجد السيدة زينب
مسجد السيدة زينب

أيام قليلة ويحتفل المصريون بالليلة الكبيرة لمولد السيدة زينب بالقاهرة، يبدأ المولد كل عام في شهر رجب ويستمر لمدة أسبوع، وتقام الليلة الكبيرة الثلاثاء المقبل بحضور المنشد والمبتهل الدينى الشيخ محمود ياسين التهامي.

 

وبدأت الطرق الصوفية استعدادتها للمولد بإقامة الخيام في الشوارع الجانبية المحيطة بالمسجد، وانتشر بائعوا الحلوى والألعاب والسبح ورساموا الحناء، وشهد الضريح إقبالا كبيرا من المريدين والزوار مرددين المدح والإنشاد الصوفي في حب السيدة زينب بعبارات «مدد يا طاهرة .. مدد يا أم العواجز .. مدد يا كريمة»، وانتشرت العمائم الصوفية الخضراء والدراويش والمجاذيب ممن يرجون الوصل من حفيدة رسول الله، وهناك تجبر النذور بخاطر المحتاجين، ويقبل الآلاف من مختلف المحافظات ابتهاجا بمولد السيدة زينب.

 

المسجد يتزين بالأنوار

بمجرد وصولك إلى مسجد السيدة زينب الشهير بقلب قاهرة المعز تجد المسجد وقد تزين بالأضواء والأنوار الكثيرة استعدادا للمولد، وانتشر أمامه الفقراء والمساكين وذوي الإعاقات، وهناك توزع عليهم النذور والصدقات من أهل الخير وتجبر بخواطرهم وتتعالى منهم النداءات التي تطلب المدد من آل بيت النبي، ويشهد محيط المسجد إقبالا كبيرا من مختلف محافظات الجمهورية ومن مختلف الأعمار؛ استعدادا لحضور الليلة الكبيرة، والتقرب إلى الله بحق جاه ومكانة حفيدة رسول الله.

 

بائعوا الحلوى والسبح والحناء

وانتشر بمحيط المسجد بائعوا الحلوى التي يعشقها المصريون واعتادوا شرائها في الموالد، كما ينتشر بائعوا السبح التي يوزعها أهل الخير على الناس، كما يحرص المصريون على اقتنائها كبركة من مولد السيدة، كما حرصت الفتيات والسيدات على رسم الحنة النوبية الشهيرة على أيديهن بغرض التزين وإحياء سنة الرسول، كما ينتشر بمحيط المسجد بائعوا ألعاب الأطفال والدفوف والفوانيس والأعشاب والمشغولات والإكسسوارات الفضية، والتي تحظى برواج كبير في مولد السيدة.

 

المدح الصوفي في حب حفيدة النبي

تدخل المسجد تجده وقد استلقى فيه الوافدون من مختلف المحافظات يأخدون قسطا من الراحة بعد الصلاة وللراحة من عناء السفر، وتقام به حلقات الذكر وقراءة القرآن والمدح والإنشاد الصوفي لآل بيت النبي، وبالأخص السيدة زينب، حيث تتعالى منه نداءات «مدد يا طاهرة .... مدد يا كريمة .. مدد يا أم العواجز .. مدد يا أم المساكين .. مدد يا حبيبة النبى .. مدد يا أم الدواوين»، كما انتشر بالمسجد اللوحات والملصقات التى تروى سيرة السيدة زينب ونسبها بالرسول وشجرة العائلة المحمدية، وتاريخ السيدة زينب وكيف جاءت إلى مصر؟ وألقابها وأوصافها، والكثير والكثير من الأشعار التي قيلت في مدحها والثناء عليها.

 

«المقام» قِبلة المريدين

عند الدخول للمقام تجده وقد احتشد حوله المئات يرجون الوصل من السيدة زينب حفيدة النبي وأخت الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، متبركين بالمقام، مرددين الدعوات بما تتمناه القلوب والنفوس، راجين من الله الإجابة بحق جاه ومكانة السيدة زينب، وانتشرت حول المقام العمائم الصوفية والدراويش والمجاذيب، كما انتشر حول المقام حلقات الذكر والمدح والإنشاد الصوفي ونداءات الحب لآل البيت والسيدة زينب والتقرب إلى الله، وتفوح من المقام الروائح الطيبة والبخور، ويتزين المقام بالأنوار والورود والزهور والألوان المبهجة.

كما تتقرب السيدات بالمقام – وبحسب ما هو شائع – من تريد أن تنجب ولدا أو بنتا فلتذهب لزيارة مقام السيدة، كما اصطحبن أطفالهن وألتفوا حول المقام للتبرك به.

 

خيام الطرق الصوفية

بالشوارع الجانبية القريبة من المسجد أقامت الطرق الصوفية الشهيرة «كالرفاعية والبيومية والشاذلية والبرهانية والخلوتية» الخيام الخاصة بها بعدما رفضت السلطات المختصة إقامة خيام بمحيط المسجد، واستعدت الخيام بطهي الطعام وتقديم المأكولات والمشروبات للمحبين والمريدين والفقراء والمساكين، وإستقبال الوافدين من مختلف المحافظات.

وأصدرت الطرق الصوفية بيانا أكدت فيه أن الاحتفالات تتم بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية لتأمين الاحتفالات تحسبا لحدوث أي أعمال عنف أو إرهاب، مشددة على أن احتفالات الصوفية تأكيد على تعاليم الدين الوسطي الصحيح، وأخذ الأولياء الصالحين كنموذج في نشر التسامح والإنسانية ونبذ العنف والكراهية في المجتمع.

ولادة السيدة زينب

هي البنت الكبرى رضى الله عنها للسيدة فاطمة الزهراء والإمام علي بن أبى طالب كرم الله وجهه، وُلدت في شهر شعبان بعد مولد شقيقها الحسين بسنتين، وعاصرت إشراق النبوة عِدَّةَ سنوات، وسَمَّاهَا الرسول - صلى الله عليه وسلم- «زينب» على اسم ابنته.

حياة السيدة زينب

عاشت السيدة زينب حياة مليئة بالأهوال، فقدت جدها النبي وهي بنت خمس سنين، وفقدت أمها الزهراء بعد شهور قليلة لا تتجاوز الستة بعد مرض شديد وضيق من العيش والاعتكاف في حزن، فألقى على عاتقها وهي صبية صغيرة عبء إدارة بيت أبيها ورعاية شئون أخوتها، ثم صدمت فيما بعد بمصرع أبيها الإمام على بن أبي طالب إثر طعنة قاتلة، ثم رأت الإمام الحسين شهيدا حين نزل بأرض كربلاء ومعه ابنها عون في المعركة ومعه ثلاث وسبعين من آل البيت والصحابة وأبناء الصحابة، رغم ذلك صبرت على ما ابتلاها به ربها صبر النبيين.

زواج السيدة زينب

تزوجت السيدة زينب بابن عمها عبد الله بن جعفر الطيار بن أبى طالب، وأنجبت منه جعفر وعلى وعون الأكبر وأم كلثوم وأم عبد الله، وكانت للسيدة زينب درس حافل وهو أنها عندما انشغلت بأمر الدعوة مع أخويها الإمامين الحسن والحسين رأت أنها لا تستطيع أن تجمع بين واجب الجهاد والواجبات الزوجية، فأذنت لزوجها عبد الله بن جعفر أن يتزوج، فتزوج «الخوصاء الوائلية»، ثم تزوَّج بـ«جمانة الفزارية».

قدومها الى مصر

وفي عام 61 هجرية، أمر يزيد بن معاوية الأموي، بإخراج السيدة زينب بنت الإمام على بن أبى طالب، خارج حدود المدينة، طالبًا منها أن تختار لها بلدًا تسكن فيه، بعد أن أصبح بقاؤها يؤجج نيران الثورة ضد الخلافة الأموية، فأبت فى أول الأمر وقالت «أأترك بلد أبى وجدى!»، فقال لها عبد الله بن عباس «يا ابنة بنت رسول الله، اذهبى إلى مصر، فإن فيها قومًا يحبونكم لله، ولقرابتكم لرسول الله، وإن لم تجدي أرضًا تسكنيها هناك، فستجدين قلوب أهلها وطنًا».

واختارت السيدة زينب مصر لتقيم فيها، ووصلت إليها في شعبان عام 61 هجرية، وعلى مشارف مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، خرج لاستقبالها جموع المسلمين بالدفوف والزغاريد، وعلى رأسهم والي مصر الأموي آنذاك مسلمة بن مخلد الأنصاري، وأقامت في بيت الوالي حتى وافتها المنية في الـ 14 من شهر رجب عام 62 هجرية، ودفنت في بيت الوالي، الذي تحول إلى ضريح لها فيما بعد.

ألقاب السيدة زينب

عُرف عن السيدة زينب تحليها بالعلم والتقوى، والشجاعة والإقدام، والبلاغة وقوة البرهان، ولها كنايات كثيرة منها «أم هاشم» لأنها حملت لواء راية الهاشميين بعد أخيها الإمام الحسين، و«صاحبة الشورى» لأن كثيرا ما كان يرجع إليها أبوها وإخوتها في الرأى، و«عقيلة بنى هاشم» ولم توصف سيدة في جيلها أو غيره أو في آل البيت بهذا إلا السيدة زينب رضى الله عنها، و«الطاهرة» فقد أطلقه عليها الإمام الحسن أخوها عندما قال لها «أنعم بك يا طاهرة حقا إنك من شجرة النبوة المباركة ومن معدن الرسالة الكريمة»، عندما شرحت حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الحلال بين والحرام بين».

كما لقبت السيدة زينب بـ«أم العزائم» فكانت تكنى عند أهل العزم بأم العزائم وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، و«أم العواجز» كنيت بهذه الكنية عندما شرفت مصر بقدومها وساعدت العجزة والمساكين، و«رئيسة الديوان» لأنها عندما قدمت مصر وكان الوالي وحاشيته يأتون إليها وتعقد لهم بدارها جلسات للعلم فيتفهموا الأمور الدينية في ديوانها وهي رئيسته.

وتعتبر السيدة زينب من أول نساء أهل البيت اللاتى شرفن أرض مصر بالمجىء إليها فوصلت مع بزوغ هلال شهر شعبان بعد ستة أشهر على استشهاد أخيها الحسين ومعها «فاطمة وسكينة وعلى» أبناء الإمام الحسين.

بناء المسجد

والمشهور أن المسجد مبني فوق قبر السيدة زينب، لا يعرف على وجه التحديد متى تم إنشاء المسجد أعلى قبر السيدة زينب فلم تذكر المراجع التاريخية سوى أن والي مصر العثماني علي باشا قام سنة 951 هـ/1547م بتجديد المسجد، وفي عام 1940م قامت وزارة الأوقاف بهدم المسجد القديم تماما وأقامت المسجد الموجود حاليا وبالتالي فالمسجد ليس مسجل كأثر إسلامي.