هنا موضع «التفجير»|عامود مارجرجس طنطا شاهد على الإرهاب

كنيسة مارجرجس طنطا
كنيسة مارجرجس طنطا

«من قال إننا نريد التخلص من دماء الشهداء؟» كانت تلك الكلمات ربما التي قالتها الكنيسة، تخليداً لدماء شهداء «مارجرجس أبو النجا» بطنطا، لملم الأهالي أشلاء أبنائهم حاملين في قلوبهم مشاعر الغضب والحزن، لكنهم لم يقرروا ولو ليوم أن يتخلصوا من المتعلقات التي بقيت من أبنائهم.

من بين هذه الآثار التي خلدت دماء شهداء مار جرجس، العامود الذي يقابلك في أول الكنيسة، للحظة الأولى التي تراه فيها يقشعر بدنك ويخطفك شكله الغريب، أحاط به زجاج من كل جانب لكن شكله من الداخل غريب بقايا بقع بين الأسود والأحمر، لكنه على حالته لم يمس بأي سوء.

شكله الغريب دفعني للسؤال عنه وهو ما فاجئني حيث كشفت الخادمة مريم القمص بيشوي بديع، مسولة خدمة ثانوي بالكنيسة بأن الشكل الذي يظهر عليه العمود هو لأنه يحمل بقايا دماء شهداء الكنيسة أثناء التفجير الذي ضرب الكنيسة العام الماضي، فضل القائمين عليها أثناء الترميم أن يبقي على حاله دون إزالة أي أثار للتفجير.

ويروي المسؤولين عن الكنيسة، عند بداية عملية الترميم كانوا حريصين على أن يخلدوا الذكرى التي ضحى فيها أبناء الكنيسة بحياتهم من أجل الله والوطن، وهو يصلون آمنين في معية الله، لذا اقترح أحد المهندسين، بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة والتي كانت مسؤولة عن عملية الترميم أن يحاط العمود بالزجاج لكي يستمر على حاله تخليداً للشهداء.

على ملابس الكهنة أيضاً لا تزال الدماء التي روت أرض الكنيسة كما هي، لملم الآباء الملابس، وحافظوا عليه دون أن يمسسها أحد أو حتى يغسلها كل ما فكر فيه المسؤولين كيف يحافظوا على هذه الآثار التي تمنحهم القوة لا الضعف ولم تؤثر عليهم بالسلب.

كما روت الخادمة مريم القمص بيشوي بديع عن بعض اللقطات الإنسانية، حيث أشارت إلى القمص دانيال كاهن الكنيسة والذي حمل ابنه الشهيد بيشوي بملابس الصلاة مسرعا نحو المستشفى وبرفقته زوجته د.جوزفين ونجله كيرلس الذي أصيب هو الآخر إصابة طفيفة. وعقب وفاة د.بيشوي، عاد الأب الكاهن ليترأس صلاة جنازته بملابسه الملطخة بالدماء، ولم تمنعه ظروفه الصعبة وحزنه الشديد على فراق ابنه من التواجد في اليوم التالي لحضور جنازة الشهيد فادي رمسيس، ثم عاد مرة أخرى يوم الثلاثاء ومعه أسرته ليترأس قداس إحدى صلوات أسبوع الآلام من السادسة صباحا بصبر وإيمان شديدين.