من «الأرز المكثف» إلى «القمح المبرد».. ثورة في زراعة المحاصيل الموفرة

ثورة في زراعة المحاصيل الموفرة
ثورة في زراعة المحاصيل الموفرة

•    زراعة الأرز بالتكثيف تنتج ضعف المحصول.. و«القمح الهجين» يدخل في إنتاج الرغيف
•    باحثون: انتظروا طفرة قريبًا

تحت شعار «عاوزينها تبقي خضرة» و«مش هنبطل تنمية».. نجح المصريون في إثبات قدرتهم على النهوض بأوضاع الزراعة، لتعود مصر مجددًا إلى مصاف الدول الرائدة في تلك الحرفة القديمة، رغم ما تمر به البلاد من ظروف اقتصادية صعبة.

«أصناف جديدة»

وخلال الفترة الأخيرة، كلفت القيادة السياسية وزير الزراعة باستنباط أصنافًا جديدة من المحاصيل المختلفة خاصة الإستراتيجية، التي تتميز بإنتاجيتها العالية من جانب، وتوفر المياه المستخدمة في الري من جانب أخر، من أجل تحقيق الأمن الغذائي، وتقليص الفجوة من المحاصيل، وبالتالي تقليل فاتورة الاستيراد من الخارج.

 وكانت الأولوية في هذا الشأن للمحاصيل والأصناف المنتجة والموفرة للمياه تتأقلم مع التغيرات المناخية المختلفة، وأكثر قدرة على مقاومة الأمراض والآفات.

«زراعة الأرز بالتكثيف»

 في هذا السياق، كشف د. سعد محمد شبل، رئيس بحوث متفرغ بقسم بحوث الأرز بمعهد المحاصيل الحقلية، إن الأرز هو أحد أهم المحاصيل الزراعية الغذائية في مصر، وقد تراوحت المساحة المنزرعة من هذا المحصول من 1.3 إلى 1.7 مليون فدان سنويا خلال العقد الماضي، وتراوحت الكميات الناتجة من الأرز الشعير من 5.2 إلى 6.8 مليون طن.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن هذا القدر من الإنتاج جعل مصر قادرة علي الاكتفاء ذاتيا، بل وإمكانية التصدير والاستفادة من العائد في رفع كفاءة الاقتصاد المصري.

«محاصيل الأعلى إنتاجية»

وأوضح أن المدرسة العلمية والبحثية القائمة على شئون المحصول في مصر تعتبر من أفضل المدارس المؤسسة جيدًا متمثلة في مركز البحوث والتدريب في الأرز التابع لمعهد بحوث المحاصيل الحقلية، وهو من أكبر المعاهد البحثية في مركز البحوث الزراعية، إضافة لذلك فان  الظروف البيئية المصرية من أنسب الظروف لتحقيق أعلى إنتاجية من الأرز من حيث درجة الحرارة وعدد ساعات سطوع الشمس التي تناسب أفضل نمو للمحصول مما جعل مصر تتصدر دول العالم في التفوق في الإنتاج من وحدة المساحة من هذا المحصول.

وتابع: «في الآونة الأخيرة استجدت على المحصول مشكلة نقص المياه المتاحة للري بسبب ظروف إنشاء سد النهضة، وما يتوقع من نقص حصة المياه المتاحة في نهر النيل الذي يعتبر الشريان الرئيسي للمياه في مصر مما كان معه الاضطرار إلي تقليص المساحة المزمع زراعتها من المحصول إلى حوالي 734 فدان الموسم القادم»، متابعًا: «والعاقل الحكيم لا يبكي على اللبن المسكوب ولكن ينهض ويخطط للتعاطي مع المشكلة القائمة دون تراخ أو تأخير، وعلى ذلك كان من أهم أهداف قسم بحوث الأرز هي نشر الأصناف التي تتمتع بصفات تجعلها أكثر إنتاجا وأقل استهلاكا لمياه الري وأكثر تحملا للظروف البيئية غير المواتية مثل ملوحة التربة والري بالمياه المخلوطة وقليلة الجودة».

 «الأرز الهجين»

 وأشار إلى أنه تم الاقتصار على الأرز الهجين والأصناف سخا 101,سخا 104,سخا 106,سخا 107, جيزة 177, جيزة 178. وهذه الأصناف عالية الإنتاجية تتراوح إنتاجية الفدان منها من 3.6 : 4.6 طن للفدان وفقا لخبرة المزارع  واتباعية التوصيات الفنية وظروف التربة وغيرها.

وأوضح أنه تم توفير التقاوي المنتقاة من خلال الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي ومن خلال شركات إنتاج التقاوي علي مستوي محافظات زراعة الأرز وهي بالفعل تقاوي جيدة تم فحصها واعتمادها وتتميز بارتفاع نسبة  الإنبات والخلو من الأمراض والإصابات الحشرية وسوف تكون متوفرة بجميع منافذ الإدارات الزراعية .

«نقص المياه»

وللتغلب على مشكلة نقص المياه والحفاظ على الإنتاجية العالية للمحصول، قال «شبل»: نناشد الأخوة الزراع بضرورة استخدام التقاوي المنتقاة والاهتمام برعاية المحصول خاصة مكافحة الحشائش وترشيد استخدام ماء الري لأن الأصناف الحالية يكفيها فقط توفير المياه لدرجة التشبع ولا داعي للغمر بأعماق كبيرة لأن ذلك لا يزيد المحصول ولكن يهدر الماء والجهد والطاقة المستخدمة (السولار) خاصة وأن كل المزارعين بلا استثناء يستخدمون ماكينات الري كما يجب الاهتمام بمتابعة المحصول أثناء النمو ووضع السماد قبل الري مباشرة وليس بعد الري لزيادة الاستفادة وعلاج أي آفات وفقا للتوصيات الفنية للمحصول. كما نهيي بالأخوة الزراع  بالالتزام بالمساحات المحددة وفقا للتعليمات المتوفرة لدي الجمعيات الزراعية في كل القرى التي مساحات مصرح بزراعتها أرز هذا الموسم حتى لا يتعرض المزارع للمخالفات.

 الإصابة بالثاقبات (الدوارة)

ولفت إلى أن هناك جهود مستمرة ودءوبة من باحثي الأرز لإنتاج الأصناف الأكثر إنتاجا والأقل عمرا والتي تتصف بأقل استهلاك للمياه وأن لدينا العديد من السلالات الجيدة والعديد من النتائج البحثية المتميزة سوف تأخذ دورها تباعا إلى المزارع لمواكبة ظروف نقص مياه الري ونحن علي يقين أن الله لا يضيع أجر العاملين.

«ظروف قاسية»

وبالنسبة لتجربة القمح الشبيه بالأرز، فنجح فريق من بحوث القمح في سخا بمحافظة كفر الشيخ، في إجراء تجارب ناجحة لإنتاج محصول مضاعف خلال الشهور الأخيرة.

وفي هذا السياق، كشف الدكتور هاني البرهامي، رئيس بحوث بقسم بحوث القمح في سخا، ووكيل محطة البحوث بكفر الشيخ، في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن المساحة المنزرعة من القمح تقارب 3 مليون فدان سنويا، والمحصول ينتح من 8 ونصف إلى 9 مليون إردب سنويا، ونحن نحتاج 12 مليون إردبا، فيتم التعويض عن طريق الاستيراد أو خلط الدقيق القمح بالذرة.

وذكر أن القمح المصري من أجود أنواع الأقماح على مستوى العالم، نظرا لاحتوائه على نسبة تصافي عالية جدا وكذا الحال بالنسبة للبروتين، مضيفًا: «نزرع تحت ظروف قاسية بكميات مياه قليل، وري مرتان في العام للتوسع الأفقي لزراعة المليون والنصف المليون فدان، التي ستدخل الخطة خلال الفترة القادمة، لرفع الكمية المنزرعة الجديدة من القمح والمحاصيل الإستراتيجية».

«أنواع جديدة»

وعن الأنواع المستنبطة خلال السنوات الأخيرة، قال «البرهامي»: استنبطنا 12 نوعًا من قمح الخبز وأبرزهم «الجميزة»، والتي تستخدم في إنتاج دقيق الخبز وتدخل في إنتاج رغيف الخبز، وهي عبارة عن تراكيب وراثية مصرية من خلال برامج التربية عن طريق التهجين، وبالفعل أثبت نجاحه بعد 12 عاما من التجربة، وهو يعطى محصول عالي، كما أنه مقاوم للظروف البيئية القاسية مثل درجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة والملوحة ونقص مياه الري، ومقاومة للأصداء وهي عوامل وراثية، بالإضافة إلى احتوائه على جينات مقاومة الأصداء الثلاثة، وخاصة الصدأ الصفر الأصفر (صدأ أسود.. صدأ برتقالي.. والصدأ الأصفر أو الأخطر).

وتابع: كذلك لدينا 6-14 جيزة 171 ، مصر 3 ، شندويل 1، سخا 95 ، وهى أحدث الأصناف المستنبطة ، ومحصول عالي الجودة، وتتحمل الإجهادات البيئية القاسية، وأحدثنا ثورة في هذا المجال، لأنه يحل مشكلة قائمة على أرض الواقع.

وتابع: «نحن بصدأ تسجيل أصناف جديدة خلال الفترة القادمة، وكذلك بصدد توصية المزارعين بزيادة نسبة الإنتاجية ليكون متوسط إنتاجية الفدان 20 إردبا، وهذا ما يوفر الكثير للمستهلك المحلي، وينعش الاقتصاد المصري ككل».

وبالنسبة لزراعة القمح المبرد- ذلك المحصول الذي يزرع مرتين في العام في درجة حرارة معينة، فأكد «البرهامي» أن التجربة لم تثبت نجاحها حتى الآن، لكن قد تتغير المعادلة خلال الفترة القليلة القادمة.

وأضاف في نهاية حديثه :«انتظروا ثورة في زراعة القمح خلال السنوات القادمة».