مقالات القراء| التراث والتنمية

التراث المصري - صورة أرشيفية
التراث المصري - صورة أرشيفية

 
كان الاعتقاد السائد إلى وقت قريب، أن التراث هو أحد المفاهيم التي لا تملك موقعًا أو رابطًا محددًا  في علاقتها مع التنمية، بل أنه يمثل عقبة أمام التنمية ، و لكن التراث بما  يتمتع به من خصائص ومقومات فريدة من شأنها المساهمة في تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المنشودة للمجتمعات، دفع إلى إعادة التفكير  في هذا الاعتقاد وإثبات عدم صحته، حتى لم يعد يقتصر الأمر على مجرد صو ن وحماية التراث ومفرداته فحسب، بل تعدى إلى طرائق تنميته وتسويقه والاعتماد عليه كمورد رئيس ي من موارد التنمية الشاملة.


 
فالتراث الثقافي بشقيه المادي واللامادي أضحى عنصرًا هامًا وفعالًا  في تحقيق التنمية المستدامة من خلال الاعتماد على المنهجيات والأساليب الذكية لصو ن التراث، والتدريب، والتعليم وبناء القدرات والإمكانيات، واستغلال تكنولوجيا المعلومات، واتباع الممارسات المستدامة، لإبراز قيمته التاريخية والثقافية بما يسهل توظيف مفرداته في خطط واستراتيجيات التنمية المستدامة.


 
و هو ما يحفزنا إلى التحرك من حيز النمط التقليدي الذي نمارسه إلى فضاءات فكرية إبداعية من خلال استغلال واستثمار ما لدينا من ثروات من أجل حياة أفضل، لتجسيد وتعزيز مفهوم التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصاية والاجتماعية والبيئية والتقنية.
 
من وجهة نظري، أرى أن الشراكة المجتمعية هي السبيل لتحقيق التنمية المستدامة من خلال الاستثمار في التراث الثقافي والتشجيع عليه، لتحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية للأجيال الحالية والقادمة، وذلك من خلال بناء وتعزيز شراكات مستدامة بين قطاعات المجتمع العامة والخاصة وكذلك الأفراد

 


و أر ى أن خطة الأمم المتحد للتنمية المستدامة 2030 ، فرصة سانحة للدو ل العربية ينبغي استثمارها لخلق فرص لحياةأفضل، من خلال استغلال مواردنا التراثية والتاريخية والطبيعية والاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال، و عقد شراكات دولية ومحلية من شأنها تحقيق فوائد متعددة الأبعاد للمجتمع.

 


إن خطة عام 2030 م ،التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة أدرجت للمرة الأولى الثقافة، من خلال التراث الثقافي والإبداع، في جدو ل أعمالها و أكدت بأنها محرك هام للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، و اعتبارها عام لا  تمكينيًا للتنمية المستدامة، ويتمثل الهدف العام للخطة في مساعدة الدو ل الأطراف والممارسين والمؤسسات والمجتمعات والشبكات، من خلال التوجيه الملائم، لتسخير إمكانيات التراث العالمي للمساهمة في التنمية المستدامة، وبالتالي زيادة فعاليته وأهميته من خلال دمج منظو ر التنمية المستدامة في التراث العالمي، مع تعزيز الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة والمتمثلة في الاستدامة البيئية، والتنمية الاجتماعية الشاملة، والتنمية الاقتصادية، فضلًأ  عن تعزيز السلام والأمن.


 
لذا فإنه من الجلي أن نؤمن بأن التراث أضحى من الأصو ل الهامة للتنمية ، كما أنه يشكل عامل أساسي من عوامل تعزيز التماسك الاجتماعي وتقوية روابط المجتمعات المحلية لما يحمله

من هوية وذاك رة مشتركة للجميع.