سوريا ومخاطر التقسيم .. في أيام الاحتلال التركي لـ«عفرين»

الرئيس التركي وطفل سوري
الرئيس التركي وطفل سوري

قال المبعوث الأممي لدى سوريا، ستيفان دي ميستورا، اليوم الاثنين 19 مارس، إن تقسيم سوريا يمثل كارثةً على منطقة الشرق الأوسط كلها، مستشهدًا بما سماه التقسيم اللين طويل الأمد الذي تشهده بعض مناطق البلاد في الوقت الراهن.

تصريح دي ميستورا هذا جاء بعد يومٍ واحدٍ من إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيطرة الجيش التركي على مدينة عفرين الواقعة شمال غرب سوريا.

الرئيس التركي فتح الباب يوم الاثنين أمام إمكانية مواصلة القوات التركية هجومها على وحدات حماية الشعب الكردية على امتداد الحدود التركية مع سوريا وإذا تطلب الأمر في شمال العراق، وهو ما يهدد باتساع رقعة الصراع في الحرب الأهلية الدائرة على الأراضي السورية.

ولا تزال سوريا هي الخاسر الأكبر، من تصفية الصراعات التي يتبناها أردوغان بحق وحدات حماية الشعب الكردية، والتي يعتبرها الرئيس التركي امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، لذا يجب القضاء عليهم دون أن يبقي منهم أحدًا، حسبما صرح الرئيس التركي مع بداية عملية غصن الزيتون في العشرين من يناير الماضي.

ويقود حزب العمال الكردستاني، الذي يتزعمه عبد الله أوجلان، تمردًا عسكريًا جنوب شرق تركيا منذ عام 1984، وتصنفه أنقره على أنه تنظيمٌ إرهابيٌ، بل وتلحق صفة الإرهاب بكل القوات الكردية المسلحة في سوريا وكذلك العراق.

وتنكر وحدات حماية الشعب الكردية، المسلحة من قبل الولايات المتحدة للمساهمة في قتال تنظيم "داعش"، أي صلة بينها وبين حزب العمال الكردستاني.

أعمال نهب بدعمٍ تركيٍ

و يفيد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن التقارير الواردة إليه من عفرين تشير إلى وقوع عمليات نهب في المدينة على أيدي مسلحين مدعومين من تركيا بعد أن بسطوا سيطرتهم عليها أمس الأحد.

روايةً أكدها مراسلون تابعون وكالة أنباء فرانس برس، حيث شاهدوا مسلحين يدخلون محلات تجارية ومطاعم ومنازل وينهبون محتوياتها من الأغذية والأجهزة الكهربائية والأغطية الصوفية وأشياء أخرى، حسبما تحدثت الوكالة الفرنسية.

وتقاتل قوات الجيش السوري الحر، المنشقة عن الجيش الحكومي، إلى جانب القوات التركية، حيث تحظى بدعمٍ كبيرٍ من أنقره، منذ الوهلة الأولى للصراع في سوريا.

وبعد أن فرض الجيش التركي سيطرته على كامل المدينة، أسقطت القوات التركية والجماعات المتحالفة معها، تمثالًا يعتبر من المعالم الثقافية الكردية لمدينة عفرين السورية.

أوضاع المدنيين الصعبة

وتسببت عمليات الجيش التركي في عفرين في سقوط نحو 280 قتيلًا في صفوف المدنيين، حسب نشطاء هناك، في حين تشكك أنقره في مصداقية أعداد تلك القتلى.

أوضاع المدنيين المقيمين بعفرين تسردها هيفي مصطفى، عضو الإدارة الذاتية الكردية في مدينة عفرين السورية، حيث تقول إن ما يربو على  200 ألف شخص فروا جراء العملية العسكرية بقيادة تركيا، وهم الآن يعيشون بلا مأوى في مناطق قريبة ويفتقرون للغذاء والماء.

وتضيف هيفي أن أصحاب السيارات ينامون في سياراتهم ومن لا يملكون سيارات ينامون أسفل الأشجار مع أبنائهم.، مشيرة إلى أن المدنيين الباقين في عفرين، يواجهون تهديدات من الجماعات المدعومة من تركيا.

و من جانبه، تعهد نائب رئيس الوزراء التركي، بكر بوزداج، بأن القوات التركية لن تبقى في عفرين السورية، وستسلم المنطقة لأصحابها الحقيقيين، دون أن يسمي الجهات التي تراها أنقره صاحب حقٍ في أرض عفرين.

وإلى حين تسليم تركيا عفرين لأصحابها الحقيقيين كما يقول بوزداج، ستخضع عفرين لسيطرةٍ تركيةٍ، يصح وصفها بالاحتلال، في انتظار تحيرها من جديد من القبضة التركية، أو أن تفي أنقره بوعودها وتسلمها مرةً أخرى لسوريا، التي لا تعترف بلاد الأناضول بشرعية نظامها السياسي المتمثل في الرئيس بشار الأسد.