«مش كله أثري».. في شارع المعز «خلايا نحل» بمصانع صغيرة |صور

شارع المعز
شارع المعز

•    «عربات الكبدة» الملونة بـ3 آلاف جنيه.. وتاجر: السوق «منتعش»
•    «إمبراطور الألمونيوم»: ربات البيوت زبائننا.. وانقراض المهنة «مستحيل»
•    عم «جمال توفيق».. 30 عامًا من طلاء المعادن.. ويؤكد: «مهنتنا مربحة لكنها على وشك الانهيار»

قد تعتقد أنك تعرف كل شبر فيه وأن ما يحويه من خبايا وآثار وقصص خاصة بالملوك.. ولكنه لم يكشف عن كل حكاياته وقصصه.. انه شارع المعز لدين الله الفاطمي.. فبمجرد دخولك من باب الفتوح تسير وتتجول بين أبنية ومساجد احتضنت واحدة من أعظم الحضارات على مستوى العالم، وحين ترى الشارع صغير المساحة وما به مبانٍ ضخمة الحجم تشعر وكأن شيئاً غريباً قد أصاب هذا الشارع العريق.. وهذا بالفعل ما حدث.. حيث إن مساحة شارع المعز لدين الله الفاطمى كانت كبيرة لتستوعب مرور عرض عسكري مهيب به عند دخول الملوك والأمراء إلى الشارع ولكن مع مرور الزمن غزت البيوت القديمة والمنازل المصحوبة بمحال ووكالات تجارية، مساحات عريضة من الشارع أدت إلى ما نراه عليه اليوم.

«بوابة أخبار اليوم» تجولت في شارع المعز، الذي يمتد من باب النصر والفتوح شمالا لباب زويلة جنوبا وتمتد منشآته الإسلامية إلى ستة عصور من الفاطمي للأيوبي، حتى المملوكي، والعصر العثماني وأخيرا عصر محمد علي باشا، والبداية كانت من منطقة النحاسين.

«عربات ملونة»
يقف «تامر الشعراوي»، صاحب ورشة لتصنيع العربات الملونة، وسط الآثار التي ظلت صامدة لم تتغير، لتمثل لوحة فنية تمتد عبر العصور، واقتربنا منه، فأكد أنه يصنع كل أنواع عربات الأطعمة من «السندوتشات، والزلابية، والكريب، والفول والطعمية، والآيس كريم، والفشار».

وأوضح أنه يقوم بصناعة عربات الأطعمة في ورشة خاصة به، ويعتمد على مواد خام مكونة من الصاج، والقماش الملون، وكذلك أعمدة استالس، متابعا: «التكلفة الإجمالية للعربة الواحدة تصل إلى 3 آلاف ونصف، وهناك عربات تصل إلى 10 آلاف جنيه لكنها ذات خامات عالية الجودة». 

«زينة درب البرابرة»

وكشف أنه يستقدم مواد لتزيين العربة من درب البرابرة، مثل الكريستال والتحف، موضحا أنها يبيع العربة الوحدة بـ 4 آلاف جنيه.

وعن سوق البيع، قال «الشعرواي»: «أنا بشتغل فيها بقالي 5 سنين، الشغل في الكار حلو، وشباب شارع مصر في الشيراتون والشروق كله بيشتري مني، وبياخدوا الألوان».

«حركة البيع»

وحول تأثير الوضع الاقتصادي الراهن على سوق العربات، قال: «ساعات بنقعد أيام من غير ولا زبون»، مشيراً إلى أنهم يصدمون بأسعار جديدة كل أسبوع، متابعا: «ببيع قطاعي، محدش بياخد جملة، واللى نازل مستعجل بياخد الجاهز».

ولفت إلى استقباله زبائن من شرم الشيخ والغردقة والمناطق السياحية لشراء تلك العربات الخاصة بمشروعات الشباب.

«منتجات الألمونيوم»

في زاوية أخرى من الشارع جلس «عم محمد» على كرسيه المعدني، يدق على قطع «ألومنيوم» ليشكل منها الأدوات المنزلية لكل «ست بيت» من «طاسات» و«قلايات» وحتى «قدر الفول» و«الطشت المنزلي».

وقال «عم محمد» لـ«بوابة أخبار اليوم»: أنه يعمل في تلك المهنة منذ أكثر من 15 عامًا، وورثها أبًا عن جد، مؤكدًا أن«الرزق فيها بالكوم وسوقها ماشي» رغم الحداثة في تلك الصناعة، متابعًا: «كل تجار مصر بيشتروا مننا».

وأضاف «الرجل السبعيني» الذي يقبع على كرسيه، منهمكًا في عمله، كأنه جنديًا في ميدان معركة، مدافعًا عن مهنته: «المهنة لن تنقرض مهما أبدًا، واحنا بنعشق شغلنا».

وأوضح أنه سيظل يعمل في صنعته حتى آخر يوم في حياته، مضيفًا في نهاية حديثه قبل أن يودعنا: «عاوزين الشباب تعرف قيمة الصنعة، ساعدونا لتحريكهم، للارتقاء بالصناعة المصرية مجددًا».
«طلاء المعادن»

وفى ركن منزو بشارع المبيضة بالجمالية، يقبع «عم جمال توفيق» الرجل الستيني بملابس رثة، على آلة طلاء المعادن.. وقال لـ«بوابة أخبار اليوم»: «شغلانتنا اسمها طلاء معادن، واصنع أحواض وأشكال فرعونية، وغيرها، بس نفسي الناس تتعلم».

وذكر أنه يعمل في تلك الصنعة منفرداً منذ 30 عاما، موضحاً أنه يصنع الأطباق الفرعونية والأحواض المعدنية، كما يطليها بماء الذهب والفضة.

وعن سبب عمله منفردا في ورشة تقع على مساحة (5×6)، قال: «الشباب معندوش صبر يتعلم، الكل بيستسهل، وبيشتغلوا على تكاتك، المهنة مربحة لكنها على وشك الانهيار».

واستطرد: «التجار تشتري مني، وبضاعتي بتوصل الإسكندرية، أنا غاوي المهنة، وأهم حاجة فيها تشغيل الدماغ، وطلاء الحوض يتكلف صافي 65 جنيها، التجار يشترونها مني ويبيعونها ب 250 جنيه».

وتابع: «بعمل 50 حتة في 4 أيام، سوقها شغال بس مفيش أيدي عاملة، وإبني مش عاوز يتعلم».