الفاتيكان يحمي نفسه بدلا من تقديم العون لضحايا التحرش الجنسي.. جملة يرددها الجميع عقب ظهور أي فضيحة جنسية جديدة يكون أحد كرادلة المؤسسة الدينية الكبار متورطًا فيها، وهي الفضائح التي تضرب الكنيسة الكاثوليكية منذ عقود.
وشهدت السنوات الماضية خروج العديد من الأشخاص للحديث في العلن حول تعرضهم لاعتداءات جنسية على يد مجموعة من الكرادلة، مضيفين أن أغلب تلك الحوادث وقعت عندما كانوا أطفال، ليعود الحديث مرة أخرى حول مؤسسة الفاتيكان والإجراءات التي تتخذها من أجل حماية الكرادلة المذنبين، ومحاولة إخفاء تلك الاتهامات الجنسية لهم لكي لا تؤثر على سمعتها.
مستشار البابا آخر المتحرشين
«الكاردينال جورج بيل» أحد أبرز مستشاري البابا فرانسيس وواحد من أقرب الكرادلة له كان آخر الأشخاص المنتمين إلى المؤسسة الدينية الكاثوليكية الأكبر في العالم الذي توجه له اتهامات بالتحرش.
وبحسب شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية فإن الكاردينال جورج بيل خضع للاستجواب أمام إحدى المحاكم الاسترالية للتحقيق معه في اتهامه بالتحرش الجنسي بالأطفال.
وأضافت أن مستشار البابا ليس الكردينال الوحيد المتهم في تلك القضية بل يوجد معه 8 كرادلة آخرين، لافته إلى أن سيخضع للاستجواب يوميًا على مدار الأسابيع القادمة من أجل حسم تلك القضية التي يصر الكاردينال جورج بيل على أنه بريء منها.
ولفتت إلى أن المحكمة ستقوم باستدعاء الأشخاص الذين تعرضوا لاعتداءات جنسية على يد مستشار البابا فرانسيس للإدلاء بشاهدتهم.
تاريخ التحرش الجنسي في الفاتيكان
لم يكن الكاردينال جورج بيل والكرادلة الثمانية الآخرين هم أول من توجه لهم اتهامات بالتحرش الجنسي بالأطفال في تاريخ الفاتيكان حيث واجهت المؤسسة الدينية عدد كبيرًا من القضايا التي كانت تحاول أن تخرج إلى العلن.
جوزيف ويسووسكي.. الموت قبل المحاكمة
سفير الفاتيكان السابق في جمهورية الدومينيكان وجهت له عدد من الاتهامات الجنسية إلا أن الكاردينال تُوفي قبل ذهابه إلى قاعة المحكمة.
وأثبتت التحقيقات أن جهاز الحاسب الشخصي الخاص بالكاردينال الذي توفي في عام 2015 عُثر بداخلة على 100 ألف ملف متنوع بين صور إباحية ومقاطع فيديو بحسب صحيفة كوريير ديلا سيرا الإيطالية.
ويعد ويسووسكي هو أعلى كاردينال من حيث الرتبة يتم اعتقاله في عام 2014 إلا أنه توفي قبل أن يخضع للمحاكمة.
آلاف الضحايا في هولندا
في عام 2011 تم الكشف عن فضيحة جنسية كبرى في هولندا بعد ما أبلغ آلاف الأطفال عن تعرضهم للاعتداء الجنسي على يد كرادلة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية الهولندية.
وأشارت التحقيقات إلى قرابة الـ800 متهما تم التأكد من هويتهم وأنهم قاموا بالاعتداء على هؤلاء الأطفال على مدار عقود.
التحرش في إبراشية البابا
لم تكن الإبراشية التي أشرف عليها بابا الفاتيكان السابق بندكت السادس عشر بعيدة عن اتهامات التحرش الجنسي بالأطفال هي الأخرى، حيث كشف أحد الأطباء عن أنه طلب إبعاد أحد الكهنة عن التعامل مع الأطفال لعدم سلامة سلوكه.
وقالت «سي إن إن» إن اتهامات التحرش الجنسي بالأطفال من جانب الكرادلة ضربت عدد من الدول التي يوجد بها أغلبية مسيحية كاثوليكية كالبرازيل وألمانيا وهولندا وسويسرا وإسبانيا والنمسا.
أيرلندا.. التحرش تحت غطاء الكنيسة
في أيرلندا كشف تقرير حكومي عن أن إبرشية دبلن وسلطات الكنيسة الكاثوليكية الأخرى في أيرلندا تسطروا على مجموعة من التصرفات غير السوية من جانب الكهنة تجاه الأطفال.
وأضاف التقرير أن التحرش الجنسي بالأطفال تعرض للتكتيم من جانب الكنيسة الفترة بين 1975 وحتى عام 2004.
وتضمن التقرير أسماء 11 كاهنًا ممن أدينوا أو اعترفوا بوقائع التحرش الجنسي بالأطفال التي ارتكبوها.
4000 قس متحرش في أمريكا
كشفت التقارير الإخبارية عن أن في أمريكا وحدها يوجد قرابة الـ4000 قس متهمين بالتحرش بين عامي 1950 و2002.
وفي عام 2002 اتهم القس جون جيوغان بالتحرش الجنسي بقرابة الـ130 شخصا على الأقل.
النمسا في عام 1998
في عام 1998 أجبر القس هانز هيرمان غروير على التخلي عن كافة المناصب التي يشغلها وذلك بعد ما تم اتهامه بالاعتداء جنسيا على أحد الأطفال.
وبحسب «سي إن إن» فإن القس هيرمان غروير طلب الصفح في بيان رسمي له إلا أنه لم يعترف بارتكابه أي شيء مخالف.
البداية في عام 1985
بداية اتهامات التحرش الجنسي بحق الكرادلة كانت في عام 1985 في لويزيانا الأمريكية بعد ما اعترف الكاهن جيلبرت جوث بالاعتداء الجنسي وإساءة معاملة 37 صبيا، بالإضافة إلى اعترافه بأنه مُذنب في الـ34 تهمة جنائية الموجهة له بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
وحُكم على جوث بالسجن لمدة 20 عاماً، لكنه أفرج عنه بعد عشر سنوات فقط.
تسريع وتيرة التحقيقات
وبحسب وكالة رويترز فإن البابا فرانسيس طالب بضرورة تسريع وتيرة التحقيقات التي يخضع لها الكرادلة المتهمين بالاعتداءات الجنسية.
وأضافت أنه خلال اجتماع البابا بعدد من الكرادلة الذين يجتمعون في الفاتيكان 4 مرات خلال العام الواحد من أجل مناقشة عدد من الأمور الهامة والتي كان من بينها هذا العام قضية الاتهامات الجنسية.
وقال المتحدث باسم الفاتيكان جريج بورك أن البابا ناقش مع الكرادلة خلال الاجتماع الخطوات التي من الممكن أن يتخذوها من أجل الإسراع من وتيرة التحقيقات المتعلقة بالتحرش الجنسي.
وأضاف أن من بين تلك الإجراءات هو إقامة عدد من المحاكم الإقليمية بعدد من الدول من أجل أن تتابع التحقيقات مع الكرادلة والكهنة المتورطين في تلك القضايا.
