«صان الحجر» و«تل بسطة» تنفضان غبار الإهمال والحكومة تمنحهما قبلة الحياة

الكنوز الأثرية بمنطقتي صان الحجر وتل بسطة بمحافظة الشرقية
الكنوز الأثرية بمنطقتي صان الحجر وتل بسطة بمحافظة الشرقية

على بعد 83 كيلو متر تقف آثار مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، شاهدًا على عراقة وأصالة تاريخ يحكى قصص الحضارة المصرية التي لم تندثر  بفعل الزمن، ومن بينها منطقتا صان الحجر، وتل بسطة، اللتان طالتهما أيادي الإهمال لفترات طويلة، وعكفت الحكومة على تطويرهما والاهتمام بهما لتكونا قبلة للسائحين من مختلف بقاع العالم.

 

متحف تل بسطة

 

اليوم منح الدكتور خالد العناني وزير الآثار، قبلة الحياة لمتحف الشرقية للآثار، بمنطقة تل بسطة في الزقازيق، مؤكدًا أنّ الهدف من المتحف أن يكون مزارًا أثريًا وسياحيًا مناسبًا في الشرقية، لجذب السياحة الداخلية والخارجية.


وأوضح العناني، اليوم خلال افتتاحه المتحف صباح اليوم، حسب بيان أن المتحف يضم 600 قطعة أثرية عن الشرقية، و500 قاعة عرض، منوها إلى أن أعمال التطوير بدأت عام 2006 حيث اشتملت المرحلة الأولى من المشروع على إعداد وتجهيز الموقع ليكون مزاراَ اثريا وسياحيا بما يتناسب مع ما تحظى به المحافظة من مكانه على صعيد الاكتشافات الأثرية.

 

وأضاف: "تقرر آنذاك إنشاء متحف يحكي تاريخ المنطقة، كما تم إنشاء حديقة متحفية وإقامة أسوار حديدية حول الموقع بالكامل، بالإضافة إلى إقامة كافيتريا وعدد من البازارات، بالإضافة إلى إقامة قاعة تهيئة مرئية وساحات انتظار ودورات مياه ومبنى إداري للعاملين بالموقع، وتوقفت أعمال المرحلة الأولى في 2010 حتى تم استئناف العمل بالمرحلة الثانية من المشروع في 2017.

 

وأضاف أن أعمال المرحلة الثانية، تضمنت تحويل المبنى من متحف موقع إلى مبنى متحفي متكامل، حيث تم تقليص أعداد الواجهات الزجاجية للمتحف واستبدالها بواجهات مبنية بما يتناسب مع الطبيعة الأثرية للمكان، كما تم استبدال القواعد الحجرية التي كانت تستخدم في تثبيت وعرض المقتنيات الأثرية بفتارين عرض مجهزة ومؤمًنة بالكامل قام بتصنيعها فريق عمل مصري برئاسة سامح المصري مدير عام إدارة ترميم وسط غرب الدلتا ومدير إدارة العرض المتحفي.

 

وتابع: أنه إضافة إلى تركيب منظومة تأمينية شاملة من كاميرات مراقبة وإنذارات ضد الحريق، والسرقة، وتركيب منظومة إضاءة تتناسب والعرض المتحفي، بالإضافة إلى أعمال الدهانات للجدران، كما تم إقامة شبكة حماية حديدية من الخارج حول واجهة المتحف الزجاجية والتي تسمح للزائرين ومن بينهم الشباب والطلاب، برؤية الحديقة المتحفية أثناء رحلته بين أروقة المتحف.

 

وأكمل: أن أعمال إعادة تأهيل المتحف، تأتي في إطار حرص الوزارة ممثلة في قطاع المتاحف على تطوير مختلف المتاحف المصرية بكافة أنحاء الجمهورية واستكمال المشروعات المتحفية القائمة حتى تستقبل زائريها بما يليق بكونها منارة ثقافية ويتناسب مع ما تحويه من كنوز أثرية وتاريخية، كما يحرص القطاع بشكل الدائم على دعوة الجمهور بمختلف فئاتهم العمرية والمجتمعية لحضور الورش والبرنامج التثقيفية لتفعيل دور المتاحف التعليمي.

 

ونوه إلى أنه تم إعداد سيناريو العرض المتحفي تحت عنوان "حفائر موقع"، والذي يستعرض مجموعة من نتاج حفائر البعثات المصرية والأجنبية بمحافظة الشرقية منها ما يعكس تفاصيل حياتية ومنها ما يجسد المعتقدات الجنائزية عند المصري القديم، حيث تتنوع المعروضات بين عدد من الأدوات والأواني التي كانت تستخدم لأغراض عديدة في حياة المصري القديم، هذا بالإضافة إلى مجموعة من المسارج وتماثيل التراكوتا والعملات ومجموعة من تماثيل المعبودات.

 

كما تم تخصيص فاترينه عرض للمعبودة "باستت"، بالإضافة إلي فاترين أخرى تعرض عدد من التماثيل المصنوعة من الطين المحروق ومجموعة من موائد القرابين ومساند الرأس والأواني المخصصة لأحشاء المومياوات، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات الفخارية وتماثيل الأوشابتي.


تاريخ تل بسطة الأثري

   
عُرف الموقع منذ العصور القديمة باسم "بر باستت" أو "بوباستيس" وهو يعني منزل المعبودة "باستت" المعبودة القديمة بهيئة القطة.

 

ومدينة تل بسطة لها تاريخ طويل من الحفائر التي نُفذت من قِبل البعثات الأجنبية والمصرية، أهمها حفائر العالم " إدوارد نافيل" عام ١٨٨٦-١٨٨٩ والتي أسفرت عن موقع معبد "باستيت الكبير" ومعبد الملك " بيبي الأول " من الأسرة السادسة، وما يسمي قصر "أمنمحات الثالث" من الأسرة الثانية عشر.

 

وتوالت البعثات على المنطقة خاصة البعثات الإنجليزية والألمانية، بالإضافة إلى الحفائر المصرية من المجلس الأعلى للآثار وجامعة الزقازيق، ومنها حفائر العلماء لبيب حبشي عام ١٩٣٦، وأحمد الصاوي عام ١٩٧٠، ومحمد إبراهيم بين عامي ١٩٧٨-١٩٩٤.


مكونات المتحف

 

يضم المتحف 43 فاترينة وعددًا من القطع الأثرية تصل لـ1000 قطعة، من متحف الريت رزنا، وذلك ليقدم نتاج حفائر محافظة الشرقية وبالأخص تل بسطة.


وتضمن مشروع تطوير المتحف زيادة مساحة العرض المتحفي واستغلال بدروم المتحف وإعداده وتهيئته للعرض المتحفي، هذا بالإضافة لعمل أقسام ودورات تدريبية للعاملين القائمين على المتحف مستقبلا.

 

تاريخ المتحف

 

تم إنشاء المتحف منذ عام 2009 وبدأ الإعداد لتجهيزه وافتتاحه منذ شهر يونيو الماضي، وتم تجهيز "فتارين" لعرض مجموعات من القطع التاريخية الأثرية التي تمثل نتائج لحفائر البعثات المصرية والأجنبية بالشرقية. إلا أنه تم تخصيص فاترينة خاصة بالمعبودة "باستت" بها العديد من تماثيل الآلهة مصنوعة من البرونز وفاترينة تضم تابوت من الفخار ومجموعة من تماثيل الأوشابتى ومسند للرأس وموائد القرابين.

 

كما تضم الفاترينات مجموعة من الأدوات التي كانت تستخدم في الحياة اليومية ومنها الأواني ومجموعة من المسارج والتماثيل المصنوعة من التراكوتا "طين محروق"، والعملات بالإضافة لمقتنيات خاصة بالزعيم الراحل أحمد عرابي.


 
حفائر موقع 

 

من جانبها قالت إلهام صلاح رئيسة قطاع المتاحف، إن العرض المتحفي بتل بسطة يقوم بتوضيح مدى اختلاف الاكتشافات من منطقة إلى أخرى، سواء كانت بعيدة عن النيل أو لا، في تربة طينية أو رملية، تحت عنوان "حفائر موقع".

 

وأوضحت أن المجموعات المعروضة في المتحف تضم مجموعة من الأدوات المختلفة المستخدمة في الحياة اليومية، ومجموعة من الأواني التي كانت تستخدم لأغراض عديدة في حياة المصري القديم ،بالإضافة إلى مجموعة من المسارج والتماثيل المصنوعة من التراكوتا، والعملات، ومجموعة من تماثيل المعبودات، هي نتاج لحفائر البعثات المصرية والأجنبية في محافظة الشرقية.

 

تكلفة بناء المتحف

 

وأكد  وزير الآثار، اليوم أن التكلفة الإجمالية لأعمال بناء متحف تل بسطة بالشرقية، بلغت 3 ملايين و900 ألف جنيه لاستيفاء متطلبات المتحف من عمل فتارين ولوحات إرشادية وجهاز لإطفاء الحريق ومبنى إداري وكافتيريات وحمامات ومصاطب عليها قطع أثرية وسور حديدي وبوابات إلكترونية وكاميرات مراقبة وغيرها من الأمور الأخرى التي تمت في أعمال تطوير المتحف.

 

هيرودوت وتل بسطة

 

لقد ذكر المؤرخ القديم «هيرودوت» مدينة تل بسطة كثيرًا عندما وصفها بالعظمة أو عظيمة المدن في مصر بعد طيبة وقال: "على الرغم من أن المدن المصرية كانت مقامة على ارتفاع كبير، فإني اعتقد أن أكبر الكليمان كانت متناثرة في مدينة بوباستس التي تضم معبدا كبيرا للآلهة ذات رأس القطة، مع أن هناك معابد أخرى أكبر وأفخم فإنه لايوجد معبد يسر المرء لرؤيته مثل ذلك المعبد".

 

الصناعة في تل بسطة


 
وتعتبر تلك المدينة من أهم المدن المصرية القديمة الصناعية، التي كانت تهتم بصناعة الذهب والمجوهرات، كانت المدينة تضم معبدا ضخما يتوسطها وتزينه مجموعة من التماثيل المتناثرة حول جوانبه ويحيط به سور منقوش بالرسوم ويقام فيه الاحتفالات سنويا.

 

وكانت تحيط بالمعبد آنذاك قناتان من النيل، غير متصلان ببعضهما، إذ تصل كل منهما إلى مدخل المعبد ثم تندفع إحداهما حوله من جانب، والأخرى من جانب أخر، وكان يبلغ عرض كل قناة 30 مترا، وتظللهما الأشجار، ويمكن لكل شخص يدور حول المعبد الذي يتوسط المدينة أن يراه من كل الجهات، لأن المدينة مرتفعة.

 

 صان الحجر

 

من أهم المدن الأثرية القديمة، طالها الإهمال لسنوات، وكادت كنوزها أن تندثر بسبب المياه الجوفية، إلى أن دخلت خطة التطوير للحفاظ على آثارها العريقة.

 

وقد أهدى اللواء خالد سعيد، محافظ الشرقية، درع المحافظة للدكتور خالد العناني، وزير الآثار، تقديرا لما قدمه من مجهودات للارتقاء بقطاع الآثار داخل محافظة الشرقية، وذلك بحضور أعضاء مجلس النواب عن محافظة الشرقية.

 

وقد أكد المحافظ أهمية تطوير منطقة آثار صان الحجر، باعتبارها تمثل ثلث آثار مصر، وأن المحافظة على استعداد لتوفير جميع المعدات اللازمة، للتعاون مع وزارة الآثار في تطوير المنطقة.

 

كلية للآثار في صان الحجر

 

وصرح محافظ الشرقية، أنه تم صدور قرار جمهوري بالموافقة على إنشاء كلية للآثار بمنطقة صان الحجر ومن المقرر أن تدخل الخدمة التعليمية العام الدراسي القادم لتمثل صرحا علمياً وتعليمياً متميزاً وتتيح الفرصة أمام الدارسين للإطلاع على أثار مصر بالمنطقة مما سيشكل أثراً إيجابياً على المنطقة وتطويرها والاهتمام بها من قِبل وزارة الآثار.

 

وأشار إلى أنه سيتم توقيع برتوكول تعاون بين المحافظة ومديريتي التربية والتعليم والشباب والرياضة وجامعة الزقازيق لتنظيم رحلات لطلاب المدارس والجامعة والشباب لزيارة تلك المناطق الأثرية للتعرف عليها، وتشجيع السياحة الداخلية داخل محافظة الشرقية لوضعها على الخريطة السياحية إقليمياً ودوليًا.

 

صان الحجر تانيس

 

صان الحجر تانيس، هي عاصمة مصر ومدينة الحسينية بمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، وهي من الأسرة 21 وتسمى بأقصر الشمال لأنها أغنى منطقة أثرية في الدلتا وبها أكبر معبد بالوجه البحري للإله آمون وهو يشبه معبد الكرنك في الأقصر وبقايا المدينة تحت مياه بحيرة المنزلة واسمها قديما "جنعت".


ورد اسمها في التوراة باسم "صوعن" "حيث قيل إن سيدنا موسى ألقى به في أحد فروع النيل بها "التانيسى"، ويسمى الآن بحر مويس"، ثم حرفت لـ"تانيس" في اليونانية، و"صان" في العربية ولكثرة أحجارها أصبحت صان الحجر، ولها أهمية دينية وتاريخية وأثرية.


نقل الملك رمسيس الثاني، حينها كل ما استطاع من أحجار ومسلات وتماثيل ليتخذها عاصمة له، وذلك بعد جفاف الفرع البلوزى أحد أفرع النيل القديمة عن عاصمته بررعمسيس فنقل كل ما استطاع نقله لصان، وقد زارها ووصفها علماء الحملة الفرنسية، وتضم سورا ضخما من الطوب اللبن، بلغ سمكه 27 مترا حول المعابد التي شيدها رمسيس الثاني.

 

حيث يوجد معبد لأمون وأمامه تمثال ضخم، وهناك بقايا معبد لحورس ومعبد لموت ومعبد للإلهة عنات السورية الأصل، وبداخل المعابد مجموعة كبيرة من الأعمدة والمسلات بلغت عشرون مسلة كلها لرمسيس الثاني، ومنها خرجت مسلتي المطار وحديقة الأندلس، ومنها ما خرج لميادين أوروبا وكله من حجر الجرانيت الوردي، وبقايا تمثال لرمسيس الثاني قدر وزنه بحوالي 800 طن، وهو ثاني أضخم التمثال بعد تمثال الرمسيوم الذي قدر بألف طن.

 

جبانة ملوك الأسرتين 21 و22

 

وفى عام 1939، أثناء عمل البعثة الفرنسية برئاسة بيير مونتيه، عثر على منازل من العصر البطلمي بعد إزالتها، وجد أسفلها جبانة تضم مقابر ملوك الأسرتين 21-22 وهى مقابر الملوك الوحيدة التي عثر والتي ما تزال في الدلتا وهى توازى مقابر وادي الملوك في الأقصر.

 

قرار كانوب

 

ومن صان الحجر خرجت قطع أثرية هامة منها حجر مسجل عليه قرار كانوب "أبو قير"، وهو يشبه حجر رشيد فى كتابة نص واحد بثلاثة خطوط وهو أقدم منه ويوجد فى المتحف المصري، وكذلك لوحة الأربعمائة التي أقامها رمسيس الثاني تخليدا لزيارة جده وأبيه للمدنية ومرور 400 سنة على عبادة الإله "ست"، بجانب مجموعة من تماثيل على هيئة أبو الهول توجد بحديقة المتحف المصري.


واقتصرت مساحة صان الآن على 560 فدانا بعد أن كانت آلاف الأفدنة بسبب التعديات وقربها من الكتلة السكانية والمشكلة الأكبر هي المياه الجوفية شديدة الملوحة التي تسبب تأكل أحجار معابدها ومقابرها وقد نفذ مشروع تكلف عشرات الملايين لتخفيض منسوب المياه ولكنه لم يعمل حتى الآن لعدم التوصل لمكان لصرف المياه شديدة الملوحة.