حقيقة تبرع ليلى مراد بـ50 ألف جنيه لإسرائيل

صورة الغلاف
صورة الغلاف

فى عام 1978، وقفت الفنانة الكبيرة الراحلة ليلى مراد أمام كاميرات داخل الاستوديو، ترتدي فستانا أسودا، ينتمى إلى نفس نوعية الملابس، التى كانت ترتديها فى أفلامها، تغنى أغنية "مسا الجمال" من ألحان الموسيقار الكبير الراحل بليغ حمدي، الذى استضافها فى إحدى حلقات برنامجه "جديد فى جديد".

أثناء مشاهدة ليلى، وهى تغنى فى البرنامج وتظهر خصلة بيضاء فى شعرها الأسود الكثيف، نتساءل هل كان عام 1978 زمن معبر عن صوتها؟. ربما نجد الإجابة  لا.. أدركت ليلى فى عام 1955 - وهى تصور أخر أفلامها "الحبيب المجهول" وكانت حاملا فى طفلها الثانى زكى فطين عبد الوهاب - بأن الزمن لم يعد زمنها، وأن الثمن سيكون فادحا لو أصرت على العودة، وستخسر هيئتها أمام جماهيرها، فقررت الاعتزال والتفرغ التام لولديها أشرف وزكي، بدليل حين وافقت لبليغ على الظهور معه فى برنامجه على شاشة تلفزيون أبو ظبى، كان شرطها الوحيد عدم إذاعة حلقات البرنامج فى مصر، حرصا على صورتها الأولى لدى شعبها المصري.

ليلى مراد كانت تعبر عن زمن الثلاثنيات والأربعنيات والخمسينيات، وهذا ما أكده الناقد الفنى أشرف غريب من خلال كتابه "الوثائق الخاصة لليلى مراد" الصادر عن دار الشروق للنشر، عندما أهدى الكتاب إلى زمن كانت ليلى مراد قبسا من روحه، وأحد أبرز عناوينه.

أراد أشرف لهذا الكتاب أن يكون مختلفا عما سبقه، فقد أعتمد على أصول مجموعة من الوثائق الرسمية والخاصة، التى لا تقبل الشك أو التأويل، تؤرخ لحياتها بشكل منضبط ودقيق، وتكشف القراءة المتأنية فيها عن الحقائق تصل إلى حد المفاجآت.

استطاعت الوثائق التى جمعها أشرف أن تقضى على شائعة زيارتها إلى إسرائيل، وتبرعها بخمسين ألف جنية لحكومتها، بدأت القصة  بخبر من صحيفة الأهرام صباح الثانى عشر من سبتمبر 1952،عقب ثورة يوليو، يقول أن الحكومة السورية منعت عرض أفلام ليلى مراد، وإذاعة أغنياتها من راديو دمشق، لأنها زارت إسرائيل وتبرعت بخمسين ألف جنيه لحكومتها.

عندما نشر الخبر كانت ليلى فى ذلك الوقت فى فرنسا، بعد خمسة أيام قام أحد موظفى القنصلية بتسليم ليلى مراد أول وثيقة مهمة كان لها دور فى حشد براءتها، تقول الوثيقة: ((تشهد القنصلية المصرية العامة بباريس بأنه بعد الإطلاع على جواز سفرها وجد أنها غاردت القطر المصرى فى الثامن من أغسطس عام 1952، ووصلت إلى مطار أورالى فى نفس اليوم ولم تغادر الأراضى الفرنسية حتى اليوم)).

من الذى أطلق الشائعة إذن؟، تم اتهام الفنان أنور وجدى بأنه صاحب هذه القصة المزورة، الذى كان على خلاف معها فى ذلك الوقت وصل إلى الطلاق، لكنه سيكون المتضرر الأول من ذلك الموقف، لأن أغانى وأفلام ليلى كانت من إنتاجه، وأرسل بيانا عاجلا إلى الصحف يوضح فيه موقفه، وينفى عن ليلى ما لحق بها جراء هذه الشائعة.

يرى أشرف أن اسرائيل ذاتها هى من تقف وراء كل الشائعات التى طاردت ليلى مراد، وعلى رأسها شائعة زيارتها وتبرعها للكيان الصهيونى، وهو أسلوب اتبعته الدولة العبرية كثيرا، وخاصة فى عقد الخمسنيات، مع العناصر التى تريد استقطابها ودفعها للهجرة إلى إسرائيل، ويتمثل ذلك في تكدير حياتهم، وتصدير مشكلات لهم حيث يقيمون، فإما أن يضيقوا ذرعا بالعيش فى بلادهم مفضلين الرحيل، أو أن تقوم السلطات نفسها بترحليهم خارج دولهم، ويصبح بعد ذلك من السهل اجتذابهم إلى دولتهم الناشئة.