الهدنة في سوريا.. حبرٌ على ورقٍ في «الغوطة الشرقية» و«عفرين»

صورة مجمعة
صورة مجمعة

أصدر مجلس الأمن الدولي بالأمس قرارًا بفرض الهدنة في جميع أرجاء سوريا لمدة 30 يومًا، للسماح للمنظمات الإغاثية بالدخول إلى أماكن الصراع الرئيسية، وأهمها حاليًا الغوطة الشرقية بريف دمشق، التي يواجه سكانها ظروفًا عصيبةً نتيجة اشتداد القتال بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة.

وحين يصدر عن أعلى سلطة في منظمة الأمم المتحدة، وهي مجلس الأمن، قرارًا صُوّت عليه بالإجماع، يُنتظر أن يجد موطأ قدمٍ للتنفيذ في أرض الواقع، لكن القرار بدا بعد أربعٍ وعشرين ساعةً فقط أشبه بمجرد حبورٍ كُتبت على الأوراق، فلم تجف الأراضي السورية من دماء السوريين المهدرة بعد، قبل أن يجف الحبر الذي صيغ به مشروع قرار الهدنة في سوريا.

قرار مجلس الأمن، الذي خُيل في البداية أنه سيجد أرضًا خصبةً للتنفيذ في كافة أنحاء البلاد، بات أشبه بقرارات فرض حظر التجوال التي تفرضها أنظمة الحكم في زمن الثورات، والتي لا تعدُ حينها أكثر من مجرد قراراتٍ في الهواء.

وعود زائفة

و فور إعلان الهدنة، تعهد فصيل جيش الإسلام وفصيل فيلق الرحمن في بيانين منفصلين أمس بحماية قوافل الإغاثة التي ستدخل الجيب المحاصر الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة قرب دمشق، وقال المسلحون إنهم سيلتزمون بالهدنة لكنهم سيردون على أي انتهاكات من الحكومة السورية وحلفائها.

لكن سرعان ما حنث الجانبان بوعودهما، فقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم عن أن خمس جماعات مسلحة، من بينها جيش الإسلام، وجبهة النصرة، وفيلق الرحمن، وفجر الأمة، أسست قيادة مشتركة في منطقة الغوطة الشرقية، مشيرةً إلى أن الوضع في الغوطة الشرقية قد تفاقم.

المرصد السوري لحقوق الإنسان قال أمس إن طائراتٍ حربيةً تابعةً للنظام السوري قصفت الغوطة الشرقية أمس السبت فور قرار مجلس الأمن بفرض الهدنة، بعدما كان مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، قد أعلن أن الهدنة لا تعني أنها ستشمل توقف القتال ضد الجماعات الإرهابية في سوريا.

وأشار المرصد اليوم إلى أن تسعة أشخاص قُتلوا وأصيب 31 آخرون في غارات جوية وقصف لضواحي دمشق الشرقية، اليوم الأحد، لكنه اعتبر أن قصف اليوم أقل ضراوة من الأيام الماضية قبل فرض الهدنة.

ومن جانبه، قال رئيس أركان الجيش الإيراني، الجنرال محمد باقري، إن طهران ودمشق ستحترمان قرار الأمم المتحدة، لكنه استطرد قائلًا إن الهدنة لا تشمل أجزاء من ضواحي من دمشق يسيطر عليها إرهابيون، حسب قوله.

الأمر الذي يوحي بأن القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد وحلفاءه لن يرضخوا بشكلٍ كليٍ لاتفاق الهدنة الذي أُقر في نيويورك أمس السبت، وأن صداه سيصل دمشق منقوصًا.

الوضع في عفرين

وفي عفرين، بدت تركيا عازمةً على المضي قدمًا في عملية "غصن الزيتون" التي تشنها ضد قوات حماية الشعب الكردية المنتشرة شمال غرب سوريا.

هذا ما أفصح عنه نائب رئيس الوزراء التركي، بكر بوزداج، الذي قال اليوم الأحد إن قرار الأمم المتحدة لن يؤثر على العملية التي تشنها بلاده ضد المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين.

ويأتي هذا رغم إعلان الفصائل الكردية المسلحة في عفرين التزامها بقرار مجلس الأمن حول فرض الهدنة، لكنهم كفلوا لأنفسهم حق الرد حال تعرضوا لهجومٍ خاصةً من الجيش التركي الذي يشن حملةً عسكريةً ضدهم منذ العشرين من يناير الماضي.

أوضاعٌ هنا وهناك في أنحاء متفرقة بسوريا تنذر بانهيار الهدنة التي فرضها مجلس الأمن، الذي تخطى حاجز حق النقض "الفيتو" الذي استخدمته موسكو كثيرًا لإبطال مشاريع قرارات حول سوريا، لكنه لم يجد حلًا بعد لإنفاذ هدنته في الأراضي السورية المشتعلة بحربٍ داميةٍ ناهزت السبع سنوات.