حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: التشجيع الحقيقي للاستثمار

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

لاشك أن افتتاح الرئيس السيسي الأسبوع الماضي لمراكز خدمة المستثمرين.. رسالة إيجابية قوية للمستثمرين بالداخل والخارج.. فلكم طالب الكثيرون بتلك الخطوة منذ عقود وتعددت الوعود بالتنفيذ حكومة بعد أخرى.. وها هى تتحقق.. وليس افتتاح هذه المراكز فقط هى الخطوة الوحيدة التي تمت لتشجيع المستثمرين.. لكنها ضمن منظومة متكاملة تتحقق يوما بعد يوم.. أهمها هذا الاهتمام الذي لا يخفى على أحد من رأس الدولة بالاستثمار والمستثمرين.. حتى أصبح الاستثمار أول بند على كل اجتماعات الرئيس وزياراته الداخلية والخارجية.. وهذا يأتي انطلاقا من أن الاستثمار هو كلمة السر في تقدم الدول ورفاهية شعوبها.

وانطلاقا من الإيمان بقيمة الاستثمار.. تمت خطوات إيجابية كبرى بمصر تصب في تحويلها للمكانة المستحقة كأحد أهم مراكز جذب الاستثمار في العالم.. في مقدمتها بالطبع استعادة الأمن والأمان بربوع المحروسة.. وتلك الحرب التي نخوضها على الإرهاب الأسود الذي يستهدف ممولوه أولا ضرب الاستثمار بمصر وتخويف بل وطرد للمستثمرين.. وبدأت تلك الحرب تؤتى أكلها من ضربات ناجحة وموجعة للإرهاب.. ومطاردة فلوله.. وجنبا إلى جنب مع تلك الحرب نرى التطور الكبير في البنية الأساسية.. في مقدمتها شبكة عملاقة ومتطورة من الطرق وتطوير شبكات الكهرباء وتوفير الطاقة.. والأهم عملية الإصلاح الاقتصادي التي تسير بإصرار من القيادة السياسية وفق جدولها الزمني المحدد.. وعمليات الانفتاح السياسي على العالم كله.. والذي يعد أهم وسيلة لتحقيق الانفتاح الاقتصادي الحقيقي والمدروس.

بالطبع كل هذا كلام مهم للغاية في سبيل تشجيع الاستثمار.. وقد حققت تلك الخطوات نتيجة مهمة تتجسد في وجود طابور من طلبات الاستثمار لدى الحكومة من مستثمرين بمختلف دول العالم.. تؤكد المؤشرات انه طابور ممتد للستة أشهر المقبلة.. لكن حتى تكتمل الصورة المضيئة.. فهناك بعض الإشكاليات التي لابد من حلها وبسرعة حتى لا تضيع الجهود الأخرى هباء.. أولها عملية الإصلاح التشريعي المتكامل الذي يصلح ما أفسده الدهر من قوانين عقيمة لازال شبحها يهدد الاستثمار ويسيء لمصر وصورتها بالخارج.. ولا أدرى هنا ما أخبار لجنة الإصلاح التشريعي التي تم تشكيلها فور ثورة يونيو.. وهل انتهت من عملها أم لازالت تعمل؟

بجانب الإصلاح التشريعي نحتاج إلى إصلاح حقيقي لفكر الموظفين في دواوين الحكومة خاصة الذين يتعاملون مع المستثمرين.. وهى نقطة جوهرية ومحورية.. فمهما وضعنا من قواعد وقوانين.. يظل العقل البشرى المنفذ لها هو العنصر الحاكم في التنفيذ الصحيح الإيجابي.. فبقدر أهمية مواجهة الموظف الفاسد الذي لا يقوم بمهمة إلا بمقابل غير شرعي.. لابد من مواجهة الموظف الفاشل الذي يتقاعس عن أداء مهمته.. وهنا يجب الإشارة إلى الدور المهم الذي تقوم به الرقابة الإدارية لتحقيق الهدفين معا.. ضرب الفاسد.. ومراقبة الفاشل.

ولأن المستثمر الداخلي هو العنوان الحقيقي لتشجيع المستثمر الخارجي.. فلابد أن تسارع الحكومة في حل المشاكل العالقة للمستثمرين.. هى بالفعل تسير في طريق الحل.. لكن لابد أن تتسارع الخطى.. وهناك نقطة مهمة أيضا وهى خريطة الأراضي الاستثمار بالدولة.. هذه الخريطة لا تخص جهة بعينها.. إنما جهات عديدة مختلفة.. منها هيئات التنمية الصناعية والزراعية والسياحية وطبعا العمرانية.. لابد من اجتماع عاجل لكل تلك الجهات عنوانه فقط الصالح العام.. وتحت هذا العنوان تأتى التفاصيل.. من تحديد واضح علمي مدروس لأفضل الاستخدامات لأراضى الدولة وتحديد القواعد الحاكمة لتلك الاستخدامات تشجيعا للاستثمار المحلى والدولي بمصر.

وبالطبع لابد أن يتوازى مع تلك الجهود الحكومية.. الجهود المطلوبة من المستثمرين أنفسهم خاصة المصريين.. وأولها وأهمها أن يستوعبوا الدور الاجتماعي الحقيقي لهم من مشاركة فاعلة في المشروعات الاجتماعية.. ومساندة جهود الدولة في التنمية والنهوض بالمجتمع.. ناهيك عن دورهم في الارتقاء بمستوى العاملين لديهم اجتماعيا وعلميا وثقافيا.. وكل هذا يصب في صالحهم قبل صالح الدولة.

عامة أرى أن هناك تقدما حقيقيا في هذا الملف.. فبدلا مما كنا نتحدث فقط عن معوقات حكومية.. أصبحنا نتحدث عن تعظيم الإيجابيات.. وهذا ما يدعو للتفاؤل.