حوار| وزير الري: إثيوبيا والسودان لن تخالفا «إعلان المبادئ»

وزير الري خلال حواره مع أخبار اليوم
وزير الري خلال حواره مع أخبار اليوم

شدد د.محمد عبدالعاطي، وزير الموارد المائية والري، على أنه لا تفريط ولا تهاون في مصالح مصر المائية، معتبرها «خط أحمر» مؤكدا أنه من المنتظر تحديد سنوات ملء خزان سد النهضة الإثيوبي بما لا يضر بمصالح مصر المائية. 
وأكد د.عبدالعاطى خلال حواره مع «أخبار اليوم» أن مفاوضات سد النهضة ليست سهلة، وهناك إصرار على الوصول إلى اتفاق عادل يحمى مصالح كل الأطراف. وقلل وزير الموارد المائية والري من شأن الأقاويل التي يرددها البعض حول أن سد النهضة سوف يخرج السد العالي من الخدمة، مؤكداً أن هذا الكلام مجرد ادعاءات كاذبة ومضللة وغير صحيحة على الإطلاق.
وكشف عن وجود خطة قومية لإدارة الموارد المائية في مصر تصل تكلفتها إلى ٩٠٠ مليار جنيه، متوعداً المعتدين على النيل بعقوبات رادعة.. وفيما يلي نص الحوار:

قضية سد النهضة من أبرز القضايا الشائكة التي تشغل بال المصريين.. فما آخر تطورات ملف سد النهضة، وما السيناريوهات المتوقعة من جانب مصر في حالة بدء التخزين الأول منتصف العام الحالي؟
‎كان هناك اتفاق بين رؤساء الدول الثلاث «مصر وإثيوبيا والسودان» بأن يتم عقد اجتماع يحضره وزراء الري والخارجية بالدول الثلاث بالإضافة إلى رؤساء أجهزة المخابرات، ولكن الأوضاع الداخلية التي تمر بها إثيوبيا تسببت في تأخير الاجتماع الذي كان من المقرر أن ينعقد 24 و25 فبراير الجاري في السودان، ونتواصل الآن مع الجانب الإثيوبي والسودان لتحديد موعد آخر في اقرب وقت، ونأمل ألا يتم تأخير الاجتماع كثيرا، ونحن نلتزم باتفاق الرؤساء على عقد الاجتماع في أقرب وقت ومن الوارد أن تبدأ إثيوبيا في الإنتاج المبكر للكهرباء منتصف العام الحالي، ولكن هناك إعلان مبادئ وأطر سياسية وقانونية تحكم التعاون بين الثلاث دول ولا اعتقد أن إثيوبيا والسودان سوف تخالفا تلك الأطر.

 

‎اللقاء الثلاثي بين مصر وإثيوبيا والسودان ساهم إلى حد كبير في تخفيف حدة التوتر الخاص بسد النهضة.. هل تغيرت الأمور بعد الأوضاع الجديدة في إثيوبيا؟
‎الأمل في استمرار المفاوضات وهى ليست سهلة ولكن هناك إصرار من الجانب المصري على إنهاء المفاوضات بشكل يحمى مصالح الجميع لأننا يربطنا شريان مياه واحد ومن المستحيل الانفصال عن بعضنا البعض ومن الضروري الوصول لاتفاق عادل يرضى كل الأطراف.

 

ما صحة الأقاويل التي تؤكد أنه في حالة بدء تخزين المياه خلف سد النهضة سوف يخرج السد العالي من الخدمة؟
‎هذا غير صحيح لأن التخزين في بحيرة السد العالي يعتمد على مناسيب وكمية المياه المخزنة وملامح موسم الفيضان سواء كان عاليا أو متوسطا أو أقل من المتوسط وهذه العوامل هي التي تحدد مخزون السد من المياه كل عام، ومن المنتظر تحديد سنوات ملء خزان سد النهضة بما لا يضر بمصالح مصر المائية.

 

وما أوجه التعاون الراهنة بين مصر ودول حوض النيل، وما هو مستقبل هذا التعاون؟
‎هناك تعاون على جميع المستويات تشمل عدة مشروعات من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، حيث يتم تدريب الدارسين بدول حوض النيل في كل التخصصات كما تم عمل مشروعات للاستفادة من مياه الأمطار، ومشروعات للحماية من السيول وتوصيل مياه الشرب للأماكن المحرومة لمساعدة المجتمعات الفقيرة في دول حوض النيل، ومصر لم تبخل بتقديم خبراتها في النواحي الفنية المتعلقة بالموارد المائية لأشقائها في إفريقيا، ونحن نحرص على تنمية دول حوض النيل لرفع المعاناة عن مواطنيها.

 

إلى أي مدى وصل مشروع الممر الملاحي للربط بين بحيرة فكتوريا والبحر المتوسط؟
‎تم الانتهاء من الدراسات ما قبل الجدوى، وحاليا يتم عمل الدراسة المؤسسية والقانونية وبعد ذلك سوف يكون هناك دراسة الجدوى التفصيلية يعقبها تحويل المشروع إلى مستندات طرح وتنفيذ لتوفير التمويل اللازم، ويشمل الممر الملاحي خط سكة حديد وطريقا سريعا وربطا كهربائيا بين الدول وكابل للانترنت، والمشروع تقدمه مصر هدية لدول حوض النيل لعمل تنمية على الأرض يستفيد منها المواطن البسيط في الدول الشقيقة بحوض النيل، والمشروع تنموي متكامل للقارة الإفريقية لربطها بأوروبا عن طريق البحر المتوسط، مما يفتح أسواق تصدير إلى أوروبا والدول العربية عن طريق مصر، ويساهم في خفض تكاليف النقل وإنعاش الاقتصاد بالدول الإفريقية.

 

ينطلق غدا مؤتمر «مصر تستطيع بأبناء النيل».. ما أهم الموضوعات المتعلقة بملف الري والموارد المائية المطروحة على مائدة المؤتمر؟
‎ينعقد المؤتمر يومي الأحد والاثنين تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويتناول كيفية الاستفادة المثلى من مواردنا المائية وحل مشاكلها وتطوير نظم الزراعة الحالية، وبحث فرص استخدام الطاقة المتجددة في الري والمجتمعات الجديدة ومناقشة الاستخدام الأمثل للمياه وطرق معالجة مياه الصرف، ويشارك به أكثر من ٢٠عالما وخبيراً في الموارد المائية من أبناء مصر في الخارج، ويتضمن المؤتمر 10 جلسات لبحث التحديات التي تواجه موارد مصر المائية وطرق ترشيد استهلاك المياه والاستغلال الأمثل لها وتأثير التغيرات المناخية على موارد المياه في مصر وتأهيل ورفع كفاءة شبكة الري والصرف والمنشآت المائية وغيرها من الموضوعات المتعلقة بالاستغلال الأمثل للمياه واستنباط طرق علمية وتكنولوجية حديثة لتدبير كميات المياه اللازمة للزراعة خاصة في الأراضي الجديدة، ومنظومة أمن المياه والغذاء والطاقة في مصر، والمؤتمر جاء نتيجة الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة لملف تنمية واستصلاح الأراضي، ومختلف الملفات والقضايا التي تخص المجتمعات العمرانية الجديدة، وإنشاء مجتمعات زراعية جديدة ومتكاملة في المناطق الجديدة وما سيتبعه من حاجة ماسة لتطوير منظومتي الري والزراعة، ولذلك سوف يتم الاستعانة بهؤلاء العلماء والخبراء المصريين في الخارج، لتطبيق أبحاثهم في خطة التنمية المحلية وتطوير الريف المصري.
وأثق أن المؤتمر سيتيح فرصة كبيرة للاستفادة من مشاركات خبرائنا في الداخل الذين يتمتعون بمستوى احترافي وخبرات متراكمة مع مجموعة مميزة من خبرائنا بالخارج لبحث السبل التي يمكن أن تساهم في تخطى هذه التحديات والوصول للتنمية المستدامة والإدارة المتكاملة للموارد المائية وآلية الحفاظ عليها للأجيال المقبلة، ومساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

 

هل هناك تواصل بين الوزارة والعلماء المصريين في الخارج بعيداً عن المؤتمر للاستفادة من خبراتهم؟
‎بالطبع بدأت الوزارة منذ عامين في التواصل مع علماء وخبراء الموارد المائية المصريين المقيمين في الخارج للاستفادة من خبراتهم، ومعظم المشاركين في المؤتمر كانوا زملاء في الوزارة، وهذا دليل على أن وزارة الري غنية بالكفاءات والكوادر الفنية، ومعظمهم يعملون حاليا في هيئات دولية، وانتماؤهم وحبهم للبلد جعلهم مستمرين في العطاء له رغم عملهم في الخارج، والدليل على ذلك أن الدكتور رجب رجب مهاجر في انجلترا منذ 35 عاماً وأهدانا جهازا لقياس الرطوبة في التربة يفيد الفلاح في قياس مستوى رطوبة التربة  مما يقلل استهلاك المياه، وتم تصنيع مجموعة منه في الوزارة وتوزيعه على الفلاحين لاستخدامه.

 

مؤتمر «مصر تستطيع» الأول شارك فيه خبراء في الموارد المائية وقدموا مقترحات ومشروعات.. هل تم الأخذ بها؟
‎بالطبع الكثير من المقترحات التي تقدم بها الخبراء تم الأخذ بها والوزارة على تواصل تام معهم وفى حالة حضور أحدهم إلى مصر لقضاء الإجازة يتم مقابلتهم ومناقشة التحديات المائية وبحث الحلول الفعالة لتنفيذها، ويعد الدكتور بكر بدوى دليلا على ذلك فهو يعمل في هيئة البيئة بكندا وعندما يعود إلى مصر لقضاء إجازته، يحضر إلى مركز التنبؤ ويحسن النماذج الرياضية للتنبؤ بالأمطار والسيول.

 

الوضع المائي في مصر أصبح أكثر سوءا بسبب الزيادة السكانية.. ما هي الحلول والخطط المقدمة لمواجهة التحديات المائية؟
‎وضعت الوزارة إستراتيجية «4ت» للتغلب على العجز المائي وخلق حالة وعى عام لكل أهل مصر عن محدودية الموارد المائية وعدم كفايتها لاستخداماتنا نتيجة الزيادة السكانية، وتتكون من 4 محاور أولها التنقية وهى إعادة الاستخدام لتكون المياه ذات جودة عالية من خلال معالجة مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي، والمحور الثاني التنمية من خلال تنمية الموارد المائية مثل تحلية مياه البحر على سواحل مياه البحرين الأحمر والمتوسط، والبحوث والتطوير لتعظيم الاستفادة من كل نقطة مياه، والتعاون مع دول منابع النيل، وإنشاء السدود لحصاد مياه السيول، والمحور الثالث الترشيد من خلال حث المواطنين على المحافظة على المياه وعدم الإسراف في استخدامها وذلك بمشاركة عدة جهات مثل وزارات الصحة والأوقاف والشباب والتعليم العالي والتربية والتعليم، والأزهر والكنيسة والمحور الأخير تهيئة البيئة المناسبة من خلال التشريعات والنظم.
‎ كما تم على مدار عامين وضع الخطة القومية لإدارة الموارد المائية  2037 والتي تصل تكلفتها إلى 900 مليار جنيه، وهى مشتركة مع 9 وزارات وتعمل الخطة على تحديد كيفية مواجهة النقص المتوقع في الموارد المائية مستقبلاً، وتشمل الخطة الأخذ في الاعتبار كمية ونوعية المياه والاستخدام الأمثل لهذه الموارد من منظور اجتماعي واقتصادي وبيئي، وتطوير وتحديث أسلوب التخطيط للموارد المائية مع الأخذ في الاعتبار الموارد المائية المتاحة والأهداف طويلة المدى و التوزيع العادل والاستخدام الأمثل للمياه، وتدريب الكوادر البشرية لمراقبة وتقييم معدلات تنفيذ الخطة.

 

وكيف يتم نشر ثقافة الترشيد؟
‎اتخذنا إجراءات لنشر الوعي على كل الأصعدة وفى جميع مجالات الحياة، من خلال دورات تدريبية في الوزارات والمدارس والجامعات، نستهدف بها جميع طبقات المجتمع للتوعية بأهمية الحفاظ على المياه وترشيد الاستهلاك، لعودة أخلاقيات المياه، فنحن نخاطب رجال الدين في المساجد والكنائس، الذين يخاطبون بدورهم جموع الشعب، وكذلك نخاطب الشباب في مراكز الشباب والجامعات، وكذلك باقي فئات المجتمع من خلال الإعلام نظرا لأهميته وتأثيره في تشكيل الوعي المجتمعي حول قضايا المياه.
لقراءة الحوار كاملا برجاء اقتناء عدد أخبار اليوم الأسبوعي الصادر غدا السبت..
 

 

 

 

 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي