التجميل القاتل.. مستحضرات من مخلفات الدواجن والأسماك تســــــــبب السرطان |تحقيق استقصائي

مستحضرات التجميل المغشوشة تسبب السرطان
مستحضرات التجميل المغشوشة تسبب السرطان

- الضحايا: شعرى احترق من الـ «شامبو» المغشوش.. والعلاج بلا نتيجة
- خبير بـ «القومى للبحوث»: مسحوق البروتين يصيب بالسالمونيلا وتم منعه كطعام للكلاب
- د.هانى الناظر: البروتين الحيوانى يسبب بكتيريا.. والبيئة: لا تهاون مع المخالفين
- شعبة الكوافير: 80% من المستحضرات مغشوشة


ظنت رشا فى البداية أن المشكلة تكمن فى (الشامبو) نفسه لكن عند عرض العلبة على متخصص فى التجميل أخبرها ان هذه الزجاجة «مغشوشة» وان الشامبو المعبأ بها ليس المنتج الأصلى من الأساس، لتستمر معاناة رشا التى ضاع شعرها الذى اعتزت به طيلة حياتها.


قامت رشا بالتواصل مع الشركة (حصلنا على نسخة من المخاطبات) التى صنعت الشامبو والتى بدورها أخبرتها بعد عدة أشهر أن العينة مطابقة للمواصفات وذلك بعد أن حصلت الشركة على الزجاجات التى تبقى منها بعض الشامبو، وكذلك تواصلت مع وزارة الصحة تشكو لهم ما حدث لها فأخبروها أنهم ليسوا مسئولين سوى عن الصيدليات، حتى أن جهاز حماية المستهلك الذى لجأت له مؤخرًا لم يعد لها حقها بعدما سجلت شكواها عبر الخط الساخن فلم يردوا عليها.


رشا ليست الوحيدة المتضررة من منتجات التجميل المغشوشة فـ»سلمى محمد» فتاة عشرينية تدرس بإحدى كليات القمة، هى حالة أخرى قامت بشراء إحدى عبوات «كرياتين للشعر» من محل شهير فى منطقة المهندسين، تعمدت الشراء منه لسمعته وشهرته لتفادى النصب، إلا أنها عند الشراء بمبلغ 450 جنيهاً وجدت المنتج عبارة عن مياه لها رائحة ولون لكن دون تحقيق أى نتائج فعالة كما توقعت لشعرها، بل زاد تقصفه وتغير لونه للدرجة التى تأكدت معها أن شعرها أصبح «كالميت»، كل التغير الذى طرأ عليه هو أنه يتساقط، حاولت العلاج أكثر من مرة حتى وصلت إلى درجة أسوأ كثيرًا عما كانت عليه من قبل.


على مدار العامين الماضيين ومطلع العام الجديد رصدت «الأخبار» زيادة ضبطيات مباحث التموين ووزارة الداخلية لمسحوق مجهول المصدر وغير معروف ماهيته بجانب زجاجات فارغة تابعة لشركات كبرى فى مجال مستحضرات التجميل تقوم مصانع بير السلم بإعادة ملئها بهذا المسحوق بعد وضع بعض المواد الأخرى بجانب مخلفات المطاعم ومخلفات الأسواق ويتم تحرير العديد من المحاضر أبرزها المحضر رقم 5584 جنح قسم فاقوس لسنة 2016.


المسحوق الغامض والمجهول المصدر تتبعته «الأخبار» فى هذا التحقيق الذى يكشف تورط مصانع مرخصة وأخرى غير مرخصة لصناعة الأعلاف، تستخدم بقايا ومخلفات الدواجن والأسماك النافقة فى صناعة مساحيق بروتين يتم توزيعها على مصانع غير مرخصة لإنتاج مستحضرات تجميل تسبب أضرارًا بالغة لمستخدميها، فى ظل ضعف الرقابة المتمثلة فى وزارة البيئة وهيئة الخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة والمحافظات المتواجد بها تلك المصانع.


كانت بداية الخيط لتتبع هذا المسحوق تصريح رئيس شعبة الدواجن فى الغرفة التجارية، عبد العزيز السيد، أثناء إجرائنا حواراً معه حول مخلفات الدواجن، الذى بدوره أكد لـ «الأخبار» أن مصانع إعادة تدوير مخلفات الدواجن تقوم بإنتاج مسحوق بروتين يدخل فى صناعة مستحضرات التجميل بجانب صناعة أعلاف الأسماك والدواجن وأنه توجد 3 مصانع كبرى أكبرها فى الشرقية وثانيها على طريق مصر اسكندرية الصحراوى، والثالث فى الجيزة، بخلاف مصانع أخرى مرخصة أيضًا تعمل على إعادة تدوير هذه المخلفات حتى لا تتراكم وبعضها يعمل دون ترخيص.


عبر شكويين لجريدة «الأخبار» من سكان قرى بداخلها مصانع إعادة تدوير مخلفات الدواجن والأسماك يشكون الإصابة بأمراض صدرية بسبب رائحة لا تطاق ومطالبات بنقلها، تمكنت «الأخبار» من الوصول للقرى، اثنان من هذه المصانع كانا مرخصين والثالث غير مرخص بمحافظتى الإسكندرية والشرقية.


مصانع الموت


كانت بداية الرحلة فى قرية السلام بمدينة بلبيس محافظة الشرقية، حيث قادنا أحد أهالى القرية إلى مكان المصنع الأول وهو مصنع صغير غير مرخص يوجد بعيدًا عن القرية يدعى مصنع «حميدو» كما يطلق عليه الأهالى، المشهد من الخارج لا يوحى بأنه مصنع، فهو يشبه البيت الصغير المكون من طابقين وله سور قصير، لكن طيور أبو قردان التى أحاطته وكذلك تواجد بعض بقايا الحيوانات النافقة خلف سور المصنع تؤكد بوضوح شهادات الأهالى أكدت لنا أنه يعيد تدويرها.


دخلنا إليه وتحدثنا إلى جمال الذى أكد أنه أحد المسئولين عن المصنع، ولكنه لم يوافق على الحديث إلا بعد إجراء عدة اتصالات مع المديرين وأصحاب المصنع وافقوا على الحديث معنا والتصوير على مضض، ليؤكدوا أنهم يقومون بإعادة تدوير مخلفات الأسماك فقط بعد جمعها من الأسواق ليعيدوا تدويرها لصناعة «مسحوق بروتين» والذى يدخل فى صناعة الأعلاف فقط، لكن «الريش» كان ظاهرًا وسط المخلفات التى شاهدناها، ورفضوا أيضًا تصوير «الكوكر» وهو إناء حديدى ضخم يتم «طبخ» المخلفات داخله على درجات حرارة مرتفعة للغاية تصل إلى 138 درجة مئوية من أجل تحويلها إلى مسحوق بروتين حيوانى، بدعوى أن التصوير من الممكن أن يجعل آخرين يسرقون فقرة صناعة الكوكر وينفذون نفس المشروع وينافسونه فى السوق.


المخلفات تتناثر فى كل مكان ولا توجد ثلاجات محكمة الإغلاق أو حتى فلاتر لتمتص تلك الرائحة التى تملأ الأرجاء، كما عرض علينا العاملون فى المصنع عينة من المسحوق لكنهم لم يأتوا بها من الأجولة المترامية على الأرض وجاءوا بها من داخل غرفة مغلقة بأقفال محكمة، وقدم لنا أحد العاملين كيسًا بلاستيكيًا بداخله عينة من المسحوق يشبه فى ملمسه ولونه «الكمون».


مسحوق المرض


وعن مكونات المسحوق وطريقة تحضيره أكد هـ. ح، الذى رفض نشر اسمه لعدم وقوع ضرر عليه، وهو يعمل كفنى فى أحد المصانع الشهيرة فى هذا المجال، أن جميع الحيوانات - وليست الدواجن أو الأسماك فقط النافقة والمريضة والكتاكيت والبيض وأى شيء - يجمعها العاملون بالمصانع ويتم وضعها فى «الكوكر» تحت درجة الحرارة المرتفعة للغاية لتتحول إلى مسحوق يكون مختلطًا ببعض الزيوت، ثم تتم تصفيته فى مصفاة ضخمة، لتذهب تلك الزيوت وتباع إلى مصانع الصابون، أما المسحوق فيتم توزيعه على مصنعى مستحضرات التجميل خاصة مصانع «الروج» ومستحضرات تنعيم الشعر وكذلك الأعلاف لأصحاب المزارع والتى تباع لدى العطارين ويكتب عليها «نباتية» لكن فى الحقيقة معظمها يحتوى على بروتين حيوانى.


عامل أيضًا فى نفس المجال أكد أن المصنع الكبير فى الشرقية صاحبه «مسنود» ولا يجرؤ أحد على التقرب من المصنع الخاص به فرغم إغلاقه أكثر من 6 مرات إلا أنه يعاود العمل مرة أخرى بعد كسر الشمع، دون رادع له، القرية بأكملها تعانى من الرائحة لعدم وجود فلاتر أو تغطية كافية للسيارات الحاملة للأحشاء مما يتسبب فى انبعاث الروائح، مؤكدًا أن هناك معايير لا يلتزمون بها منها ألا يمر على الطير النافق وقت طويل وكذلك أن يتم حفظه فى ثلاجات وأن يتم فصل كل جزء من جسد الطائر فى ناحية وكل حسب الاستخدام لكن هذا لا يطبق.


امبراطورية مصنع «الريش»


انتقلنا مباشرة إلى موقع مصنع «الريش» وهو مصنع مرخص يقوم بتصنيع بروتين حيوانى بحسب ما كتب على لافتة المصنع، والذى يمتلكه رجل أعمال شهير، وهو المتسبب فى الرائحة التى تؤذى أهالى القرية، المصنع له أسوار شاهقة يحيط بها أشجار عالية لا تستطيع رؤية ما خلفها وعلى الرغم من أن السور العالى والأشجار من اشتراطات وزارة البيئة، إلا أن الرائحة الكريهة تصاعدت للدرجة التى أصابت معدى التحقيق بـألم شديد فى المعدة وعدم القدرة على التنفس، طيور «أبو قردان» تخيم على المكان، المصنع مقام على مساحة شاسعة، بداخله مزرعة ويبيع الدواجن وكذلك يعيد تدوير مخلفاته ومخلفات قادمة إليه من خارج المزرعة، يحوى بداخله 10 وحدات كوكر لصناعة المسحوق.


أشرف كمال، أحد ساكنى منطقة الجمهورية والتى تبعد 2 كم عن المصنع، يملك مزرعة تصل الرائحة إليها فلا يستطيع الجلوس فيها بسبب رائحة المصانع، وهو ما يضطره إلى زيارة مزرعته مرة كل بضعة أشهر. قدم أشرف العديد من الشكاوى إلى المحافظة وإلى الوحدة المحلية وإلى الشرطة دون فائدة مضيفًا أن هناك مصنعا تحت الإنشاء حصل على ترخيص جديد بالشرقية لإعادة تدوير مخلفات لتتزايد الأضرار سواء الناتجة عن المساحيق أو الرائحة الكريهة.


صرخات أهالى القرية


تعانى قرية السلام من رائحة تشبه رائحة تعفن جثث الموتى شكاوى لا حصر لها من رائحة مصنع يقوم بـ «طبخ» مخلفات وأحشاء وريش وعظام وإعدامات الدواجن، لا يستطيعون النوم أو تناول الأكل أو الشرب من الرائحة الكريهة التى تغطى القرية بأكملها، وقفنا على بعد 200 متر من مصنع الريش، الرائحة بدأت فى التزايد تمام الساعة الواحدة ظهرًا لنجد السماء قد أظلمت فجأة وامتلأت بمجموعات ضخمة من الطائر الشهير بتناول الديدان «أبو قردان» وقد انهال فى الهبوط على إحدى العربات المارة من طريق ميدان الطيارة وهى عربة نصف نقل مكشوفة مغطاة بقطعة من القماش الخفيف حيث تتاح لك رؤية الأحشاء الخارجة منها والرائحة التى تملأ المدينة، تتزايد حدتها وقت مرورها فى طريقها للمصنع وتتشاجر الطيور على نهش النافقات وتمزقها إربًا تاركة البقايا على الطرقات والرائحة خلفها تؤذى جميع السكان وتصيبهم بأمراض الصدر والمعدة، حتى المدرسة والوحدة الصحية بالقرية لم تسلما أيضًا من رائحة «الطبخة» التى تعدها تلك المصانع.


الطفلة نور، لم تكمل عامها السابع بعد، ضحية للمصنع فهى تعيش بمنزل قريب منه، تقول: «أنا كل يوم بروح للدكتور عشان الكحة.. عندى حساسية مش بتروح» وهو الأمر الذى أكدته والدتها وأن الطبيب يحذرها من البقاء فى المكان خاصة أن معظم أطفال وشيوخ القرية لديهم حساسية صدرية.


يقول ممدوح عليم، تاجر بالقرية، إن عربات المخلفات التى تحوى أحشاء الدواجن والريش والنافقات تمر بين القرى لتبعث رائحة لا تطاق تصيب الجميع بمغص شديد فى المعدة وكذلك شعور بعدم الرغبة فى تناول الطعام والشراب.


وهو ما يؤكده توفيق عطية، صاحب إحدى الاستراحات الشهيرة، بقوله إنه يعتمد على البخور لأن الزبائن «طفشوا» بسبب الرائحة الكريهة، وهو يتمنى أن يتدخل المسئولون لحل الأزمة وإيجاد حل ينقذ السكان، وأكد معظم الأهالى أن المصنع عمله غير الملتزم بالمعايير البيئية والقانونية ويرون العاملين فيه يجمعون الكلاب والقطط والحيوانات النافقة من الطرقات ويضعونها بالمفارم لإنتاج نفس المسحوق.


مصانع الشرقية


واجهنا مسئولى الوحدة المحلية بمدينة بلبيس بتلك الرائحة وشهادات الأهالى وكذلك بالمنتج الناتج عنها، ليؤكد محمد فتحى عبد الحميد، رئيس الوحدة المحلية، أن مصنع الريش تم إنشاؤه عام 2002 وأنه حاصل على جميع التراخيص والموافقات من جهاز شئون البيئة وكذلك اتحاد الصناعات من أجل الفتح، وبسبب الرائحة تم عمل أكثر من محضر ضد المصنع من الوحدة المحلية وبالفعل يتم إحضار قوات من وزارة الداخلية لإغلاقه إلا أن صاحب المصنع يعيد فتحه من جديد ويدفع غرامة 50 جنيها عقوبة كسر الشمع. مضيفًا أن دور الوحدة فقط هو عمل محضر ضد المخالفين وأن آخر محضر لديه بتاريخ 30 أغسطس عام 2017.


فى حين يرى عبد الله أبيب، مسئول سابق عن جهة التراخيص، أن الوحدة المحلية تصبح لا حول لها ولا قوة أمام حصول المصنع على التراخيص من كافة الجهات المسئولة، على الرغم من وجود قانون البيئة المادة رقم (4) لسنة 1994 وتعديلاته ولكن لا فائدة من إغلاقه فهو يعاود الفتح والعمل من جديد.


سألنا رؤساء الوحدة المحلية عن المصنع الآخر، أكدوا أنهم لا يعلمون عنه شيئًا ودونوا اسمه من أجل البحث عن معلومات عنه وإجراء اللازم لكنهم نفوا أى معرفة سابقة به.


مصنع الإسكندرية


مصنع آخر غرب الإسكندرية بمنطقة عبد القادر يعمل على إعادة تدوير مخلفات الدواجن وهو مصنع حاصل على ترخيص، إلا أنه لا يلتزم بمعايير الحفاظ على البيئة، النفايات ملقاة على الأرض فى كتل ضخمة تسبب رائحة كريهة يستغيث الأهالى منها.


وهو ما يؤكده أحمد محمد، أحد سكان المنطقة، قائلا :»احنا كرهنا حياتنا بسبب الريحة وقدمنا شكاوى ومفيش فايدة» مضيفًا أن الرائحة تصبح غير محتملة خاصة فى الليل عند نوم معظم السكان، وعلى الرغم من تقدم الأهالى بشكاوى إلى وزارة البيئة برقم 111423 إلا أنه لم يستجب لهم أحد والمصنع لايزال قائماً ويصيب السكان بالأمراض الصدرية ويؤثر على الأطفال وهو ما يؤكده أيضًا محمود عبد الجواد، أحد السكان، أن البيوت تغلق نوافذها من شدة رائحة النافقات على الطريق العام.


مستحضرات التسميم


تواصلنا مع د. خالد بيومى، نائب رئيس شعبة أمراض الدواجن بالشعبة البيطرية بالمركز القومى للبحوث، والذى أكد لـ «الأخبار» أن المنتجات المعاد تدويرها من مخلفات الدواجن والأسماك اكتشف العلماء بعد عدة أبحاث أنها ضارة للكلاب والحيوانات الأليفة فأصبحت إذا تم استخدامها فى عدد قليل من منتجات طعام الكلاب يكتب عليها أنها منتجات قليلة الجودة ويوضع فيها مسحوق البروتين بكمية قليلة للغاية.


وأضاف بيومى أنها ضارة أيضًا فى استخدامها كأعلاف للأسماك والدواجن فهى تسبب السالمونيلا والتى يمكن أن تنتقل أيضًا للإنسان وأعراضها خطيرة إذا زاد تراكمها فى الجسد فتؤدى إلى الوفاة، وكذلك تسبب أمراضا سرطانية خطيرة على المدى البعيد، مؤكدًا أن أجزاء قليلة هى التى يمكن أن تصبح صالحة لإعادة التدوير واستخدامها فى مستحضرات التجميل أو الأعلاف لكن بنسب ضئيلة وأن هذا لا يحدث فى الواقع بل يتم فرم وطبخ الطائر النافق أو مخلفات الأسماك كاملة، وأن الشروط الواجب توافرها لا يتم اتباعها فى الغالب لصعوبتها واحتياجها إلى تقنيات مرتفعة الجودة وهو ما لا يحدث.


حساسية شديدة


أما د. هانى الناظر، استشارى الأمراض الجلدية ورئيس المركز القومى للبحوث سابقا، فأكد لـ «الأخبار» أن مساحيق البروتين ثلاثة أنواع وهى مسحوق بروتين حيوانى وكذلك نباتى وأيضًا كولاجين، وأن المسحوق الحيوانى هو مادة خطرة تسبب حساسية شديدة على الجلد وتهيجاً ومن الممكن أن تنتشر فى الجسد بأكمله وليس فى المنطقة الموضوع عليها مستحضر التجميل فقط، مشيرًا إلى أنها تسبب مضاعفات قد تصل إلى السرطان مع الوقت خاصة أن البكتريا الثانوية تتكون على الجلد بسبب مسحوق البروتين الذى ينتج عن فرم مخلفات الدواجن والأسماك عندما يتم استخدامه مشددًا أنه لابد من وجود ضمير لدى التجار ورقابة صارمة.


وأضاف الناظر أن من أخطر ما يمكن هو استخدام هذا المسحوق فى بروتين الشعر وكل مشتقاته وأسمائه المتداولة فى السوق مثل البروتين والكيرياتين والنانوبروتين والنانوكرياتين جميعها تسبب تهيج فروة الرأس وكذلك تقصف وسقوط الشعر بغزارة خاصة لتواجد مادة الفورمالين التى لا يخلو أى منتج منهم من تواجدها حتى التى يكتب عليها نسبة 0% فورمالين هو كذب لأنها المادة الفعالة التى تعمل على إعطاء الشعر مظهرا ناعما فى البداية إلا أنه يتساقط مع مرور الوقت ولابد من ابتعاد الفتيات والنساء عن استخدام هذه المنتجات.


مستحضرات مضروبة!!


أما محمود الدجوى، رئيس شعبة الكوافير فى الغرفة التجارية، فقد أكد أن نسبة 80% من مستحضرات التجميل المتواجدة فى الأسواق مضروبة، وأن البروتين الحيوانى الناتج عن إعادة تدوير مخلفات الدواجن والأسماك هى المكون الرئيسى مضاف عليه فورمالين ويتم خلطه ببعض الروائح.


وأوضح الدجوى أن مادة الفورمالين المضافة إلى مسحوق البروتين «رخيص السعر» مخلوطا ببلسم تتفاعل مع مكواة الشعر فتعمل على تحنيط الشعرة من الجذر مما يؤدى إلى تغير لونها وتجمدها وتظل هكذا حتى تتساقط تمامًا مما يصيب الشعر بالتلف وفروة الرأس بالحساسية والأمراض السرطانية مع الوقت، وأكد الدجوى أن هناك حربًا جرثومية على مصر تعتمدها دول الخارج التى تعمل بعضها على تهريب منتجاتها إلى مصر خاصة «البروتين» وهو ذاته «الكيرياتين» لكن الاسم المتداول اتعمد جميع العاملين فى مجال الكوافير تغييره بعد أن أصبح سيء السمعة بعد أضراره الخطيرة على الشعر، وبعض المنتجات غير مطابقة للمواصفات.


أما الشركات المصرية غير المرخصة فى المجال والتى تقوم باستخدام مسحوق البروتين الناتج عن المصانع الخاصة بإعادة تدوير مخلفات الدواجن والأسماك فتعتمد على تقليد أسماء الماركات العالمية أو تعبئة الزجاجات الفارغة بمنتجات هذا المسحوق وتضيف إليه بعض المواد، أى تصبح المواد بأكملها معاد تدويرها سواء العبوة أو المحتوى وتباع مرة أخرى إلى الزبائن بأرخص الأسعار فى العتبة والمطرية وعين شمس الممتلئة بمصانع بير السلم والموزعين والباعة فهى صناعة متكاملة تشارك فى الحرب الصحية المعلنة على مصر.


حصلت «الأخبار» على نسخة من تحاليل عينة من منتجات الكيرياتين الخاصة بشركة «موهير» وأثبتت زيادة نسبة الفورمالين بها عن النسبة المصرح بها عالميًا، فطبقًا لمنظمة الصحة العالمية النسبة المصرح بها (اثنان من عشرة فى المائة) فيما كانت فى تحليل العينة الصادر عن مصلحة الكيميا ترتفع نسبة الفورمالين إلى 3.8 %.


أين تباع المنتجات؟


فى جولة للأخبار بالأسواق العشوائية رصدنا ما يسمى بـ «الروج السحرى» وكذلك بعض مستحضرات التجميل الأخرى من كيرياتين وبروتين وشامبو وكذلك الكريمات المخصصة للبشرة والشعر لم نجد أى معلومات تفيد بتاريخ الانتهاء أو الإنتاج أو المنشأ وكذلك كان من الواضح رداءة العبوات التى حصلنا عليها، قمنا بشراء «الروج السحرى» والذى يباع داخل مترو الأنفاق من قبل بائعة متجولة، بمبلغ 7 جنيهات وبعدما قمنا بالتفاوض معها حصلنا عليه بسعر 5 جنيهات فقط.


سألنا البائعة عن سبب تسميته بالسحرى فأخبرتنا «أصل لونه أخضر ولما تحطيه على شفايفك بيتحول أحمر» لترد إحدى الراكبات « أنا بناتى مش بيستخدموا غيره سعره رخيص وبيدى لون أحمر جميل على الخدود والشفايف» وكذلك أخرى ترد فى عربة السيدات لتؤكد على حديثها بأن طفلتها نور البالغة من العمر ثمانى سنوات تستخدمه وتلعب به «بتحب تتفرج عليه اوى وهو بيتحول من أخضر لأحمر».


أما فى منطقة «الموسكى» آلاف العبوات التجميلية تباع دون أن يكون مسجلًا عليها أى بيانات وتباع على أنها «مستوردة» وبسعر أرخص كثيرًا من الماركات الأصلية للأسماء المدونة عليه، يقف شباب بل وأطفال لا يتجاوز عمرهم 20 عامًا يشترون تلك المستحضرات بأسعار زهيدة بعضها لا يتجاوز 5 جنيهات لأحمر الخدود وكذلك الشفاه وأيضًا كريمات البشرة والشعر.


«روج» سام !!


قمنا بعرض هذا «الروج» السحرى - بحسب الشهرة الشعبية له -، على باحث متخصص فى مستحضرات التجميل يعمل بأحد معامل جامعة الأزهر، رفض نشر اسمه، وذلك لعدم وقوع ضرر، وبعد أن رفضت أكثر من جهة تحليل العينة ونشر نتائجها، فأكد أن أحمر الشفاه به نسبة 20% مسحوقا بروتينيا حيوانيا، كذلك نسبة نحاس 30% وكذلك عنصر الكادميوم بنسبة 40% مؤكدًا أن تلك النسب مرتفعة للغاية مقارنة بالمواصفات العالمية التى تنص على ألا يجب أن تزيد نسبة النحاس عن 2 من عشرة فى المائة، وكذلك عنصر الكادميوم فهو عنصر ثقيل شديد السمية والتعرض لكميات بسيطة منه يحدث تسمما مزمنا ويؤثر سلبًا على الأوعية الدموية والكليتين وهو من الأسباب المباشرة للإصابة بالسرطان والنحاس يسبب طفحا جلديا، وتوجد أيضًا نسبة من الرصاص المادة السامة وتسبب السرطان هى الأخرى ويجب الا تزيد هى الأخرى عن 2 من عشرة فى المائة.


كيف تتم المراقبة ؟


واجهنا د. ناهد يوسف، رئيس إدارة المخلفات بوزارة البيئة، بما رصدناه من مخالفات لتؤكد أن هناك ضوابط تحكم الحصول على تراخيص لمصانع إعادة تدوير المخلفات والتى من المفترض أن ما يعاد تدويره يستخدم كأعلاف، وأنه لابد من وجود ثلاجات داخل تلك المصانع لحفظ المخلفات حتى لا تسبب أى روائح كريهة وكذلك العربات لابد ان تكون محكمة الإغلاق، وأن من يخالف ذلك فعقوبة وزارة البيئة بإغلاق المصنع تبدأ من 5000 جنيه وتصل حتى مليون جنيه وأن من يتضرر يجب أن يلجأ إلى وزارة البيئة ووزارة الصحة لتقديم بلاغ وعلى الفور يتم التحرك وأرشدتنا بضرورة البلاغ عما رصدنا.


وأضافت يوسف أنه لا تهاون بالطبع مع من يتسبب فى أذى أى مواطن وأنه جارٍ العمل على تشريع قانون من أجل تغليظ العقوبات بشأن من يلوث البيئة حتى يكون رادعًا بشكل كافٍ وفعال ونمنع أى أذى يتسبب فى مرض السكان.وكذلك قمنا بالتواصل مع فاطمة الزهراء محسن، رئيس جهاز تنظيم إدارة المخلفات السابق بوزارة البيئة، لتؤكد أن الوزارة طوال فترة توليها عملت على استخراج غاز البيوجاز من مخلفات الدواجن وهو مصدر مهم من مصادر الطاقة وأن الوزارة طوال فترة تواجدها لم تتلق أى شكوى بخصوص استخدام هذه المصانع فى مستحضرات التجميل.


مصانع ملوثة


«المصانع اللى عندنا مش مظبوطة ومخالفة وبتستخدم أى مخلفات لأى حيوانات وبترمى النفايات فى الطرق ولازم يعاد تأهيلها» هكذا أكدت النائبة د. شيرين فراج، عضو مجلس الشعب، فتقول إنها قدمت أكثر من طلب إحاطة لوزير البيئة والمسئولين بالوزارة من أجل تلك المصانع وبخصوص أيضًا الاستفسار حول المنح التى حصلت عليها وزارة البيئة لتطوير تلك المصانع وتقنينها إلا انها لم تتلق أى رد، بل ويزيد على ذلك استيراد نفايات دجاج من الخارج لتلك المصانع بملايين الدولارات لتظل تعمل هذه المصانع الملوثة للبيئة.


فيما أكد د. مجدى علام، رئيس اتحاد خبراء البيئة العرب ومستشار وزير البيئة الأسبق، أن تلك المصانع تحصل على ترخيص من خمس جهات منها وزارة البيئة وأن شروط الحصول عليها بعدها عن أى كتل سكنية، وأن المسحوق غير مضر باستخدامه كعلف ونافيًا أيضًا أى ضرر من استخدام المسحوق كمستحضر تجميل مؤكدًا أن كل الخوف فقط من دخوله فى مواد غذائية فهى النقطة الخطرة والتى لابد أن تجعل تلك المصانع تخضع لرقابة شديدة.


يذكر أنه بتاريخ 9 نوفمبر 2017 أصدر اللواء محمود عشماوى، محافظ القليوبية، قرارًا بإغلاق مصنع للبروتين الحيوانى الذى يتم تصنيع المنتجات الغذائية به من ريش وفضلات أمعاء ودم الدواجن، حيث تقدم العاملون بمصنع مجاور بشكوى بأنه يصدر منه انبعاثات وروائح كريهة، وأبخرة من ناتج حرق النفايات والمصنع ليس له ترخيص.


بينما يقول د. حسن شفيق، نائب رئيس هيئة الخدمات البيطرية الأسبق، وهى هيئة تابعة لوزارة الزراعة، أن الطب البيطرى يراقب على تلك المصانع وهى بعضها مرخص والآخر غير مرخص ويقوم بإغلاق غير المرخص منها لحين تقنين أوضاعه، ولكن بعض المصانع بعد توثيق أوراقها والحصول على الموافقات يقوم بالمخالفات مثل عدم الاستخدام الآمن أو استخدام مواد غير صالحة ومخالفة للاستخدام مستغلين الحصول على الموافقات وضمانها وتشن الطب البيطرى حملات من حين لآخر على هذه المصانع وتعطى الإنذارات وأحيانًا تغلق المصانع وأوقات أخرى توقع غرامات قاسية لمنع تلك المخالفات إذا قامت بأخذ عينة من المسحوق وثبت أنها غير مطابقة للمواصفات.


بينما تحدثنا إلى منى محرز، نائب وزير الزراعة، التى بدورها أكدت أن بداخل بعض المجازر وحدة لإعادة تدوير المخلفات لإنتاج الأعلاف فقط وأنه من المفترض ألا يدخل هذا المسحوق إلا لهذا الغرض فقط، وأن هناك قانونا تعمل الوزارة بشكل جدى لتفعيله من أجل منع بيع الطيور حية، حتى لا تلقى مخلفاتها بالطرقات لمنع التلوث وتباع مغلفة ومذبوحة وأن يتخلص كل مجزر من نفاياته بشكل آمن.


لم تكن المرة الأولى التى تحاول فيها رشا عادل، الأربعينية التى تعيش فى محافظة القاهرة، لتغذية شعرها بعد أن أصابه التقصف، حتى سمعت عن استخدام شامبو يحوى مادة بروتينية يساعد على تنعيم وإطالة الشعر والحفاظ عليه، وكغيرها من السيدات لجأت لاستخدام هذا الشامبو إلا أن الأمر انتهى إلى كارثة بعدما سقط معظم شعرها على حد وصفها.


حكاية رشا أصابتنى بالصدمة وأثارت العديد من التساؤلات جعلتنى أبحث على مدار عام عن مصدر تصنيع هذا المستحضر الذى شوه جمالها حتى توصلت إلى معلومات خطيرة عن مافيا هذا النوع من التجميل القاتل.


تروى رشا لـ «الأخبار» أن شعرها تحول إلى شيء جاف هش ومجعد للغاية ولا تستطيع السيطرة عليه بعدما قامت باستخدام هذا الشامبو الذى كان يحمل ماركة شهيرة واشترته من أحد المحلات الكبرى فى حى مصر الجديدة، ويحتوى الشامبو على بروتين فى عرض خاص بسعر أقل من سعره الحقيقى بمبلغ 60 جنيهاً، وأخذته بناء على نصيحة إحدى مصففات الشعر بالمنطقة التى تعيش فيها.


 

 

 

 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي