«إتاوات» أكياس الدم.. «رحمة المريض» خارج حسابات المستشفيات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

الرحمة والشفقة والإنسانية والضمير وإعلاء قيمة الإنسان ووضعه على رأس الأولويات، كلها مشاعر لا تباع ولا تشترى ولكنها الاشتراطات الأهم للارتقاء بالمنظومة الصحية في مصر، وليست وفرة المعدات والأدوية والمستلزمات وزيادة أعداد المستشفيات.

أبواب غرف العمليات في جميع مستشفياتنا قد تغلق في وجه مريض في أمس الحاجة لإجراء جراحة ترحمه من عذاب الألم، بل قد يدفع حياته ثمنا لعدم تنفيذ التعليمات المجحفة التي تبدو في ظاهرها رحمة ولكن باطنها يمثل أقصى درجات القسوة واللامبالاة وعدم الشعور وسوء التقدير.  

«كيسين دم» حالا دون دخول «هـ . أ» غرفة العمليات في مستشفى «س.ت» بمنطقة شبرا، لتنتهي آلامها وتحتضن وليدها، حيث اشترطت إدارة المستشفى أن يدخل زوجها المعاق كيسين من الدم لفتح غرفة الولادة القيصرية.

وفِي مستشفى أخر على كورنيش النيل، تم تأجيل تدخل جراحي دقيق في القلب لعدم إدخال ٨ أكياس دم لبنك الدم في المستشفى، رغم أن المريض سيشغل سريره يوما إضافيا في المستشفى، في الوقت الذي يتسابق مرضى آخرون بحثا عن سرير في أي مستشفى.

الواقعة الأكثر ألما حدثت داخل مستشفى نقابي في منطقة الزمالة، حيث عجزت أسرة مريض عن شراء «كيسين دم» من البنك الخاص الموجود داخل المستشفى، في مقابل ٧٠٠ جنيها للكيس، بالإضافة لرفض إدارة المستشفى قبول الدم من أحد أقارب المريض بحجة عدم ثقتهم في خلو المتبرع من الأمراض المعدية، مما كتب نهاية المريض.

وعلى جانب أخر، علق مدير أحد مستشفيات وزارة الصحة والذي رفض ذكر اسمه، بأن هذا الإجراء ليس له سند قانوني، ولكنه عرف متعارف عليه في جميع المستشفيات، مؤكدا أن المستشفيات تتعامل مع المصابين في الحوادث من خلال أقسام الطوارئ، وتوفر لهم احتياجاتهم من الدم دون قيد أو شرط، ولكن ما يحدث مع الحالات غير الطارئة يهدف لتزويد البنك بأرصدة يمكن الاستفادة بها في حالات الطوارئ، تفاديا لحدوث أي أزمات في أرصدة الدم، منوها إلى أن مدير المستشفى يمكنه إعفاء المريض من شرط إدخال الدم للبنك.

وأوضحت مسئولة في أحد بنوك الدم العامة والتي رفضت ذكر اسمها، أن البنك يستجيب لجميع طلبات المستشفيات والمرضى بتوفير احتياجاتهم من الدم مقابل ٩٠ جنيه فقط للكيس، مؤكدة أن التبرع هو السبيل الوحيد لتأمين أرصدة بنوك الدم، مطالبة كل من يستطيع التبرع بدعم بنوك الدم لإنقاذ حياة مريض في حاجة لكل نقطة دم.

وبين شكاوى المرضى وأسرهم، ومبررات القائمين على المستشفيات وبنوك الدم تبقى القضية معلقة في انتظار حل وسط يخفف من معاناة غير القادرين على تنفيذ تعليمات المستشفيات، وبين حرص المستشفيات على أمان أرصدتها من الدم.
 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي