خارطة ثقافية لإنقاذ الأسواق التاريخية بالقاهرة

سوق العتبة - أرشيفية
سوق العتبة - أرشيفية

بدأت وزارة الثقافة، ممثلة في المجلس الأعلى للثقافة، بالتنسيق مع محافظة القاهرة، وضع خارطة طريق لإنقاذ وإحياء الأسواق التاريخية، التي تعاني من الإهمال والعشوائية، وذلك في إطار استراتيجية الدولة للحفاظ على التراث المعماري، الذي يشكل الوجه الحضاري لمصر، فضلا عن أنه أحد أهم مصادر تنشيط حركة السياحة وجذب السياح ودفع عجلة التنمية الشاملة. 

 

وعقد المجلس الأعلى للثقافة، سلسلة جلسات حوار موسعة لاستطلاع آراء الخبراء والمتخصصين، تحت رعاية وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم، ومحافظ القاهرة اللواء عاطف عبد الحميد، لوضع مخطط تطوير الأسواق الشعبية القديمة.

 

وأعرب د. حسن بهجت من الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، عن رغبة الجهاز في أن يكون مشروع تطوير سوق العتبة نموذجًا رائدًا، بالتعاون مع أجهزة محافظة القاهرة المختلفة، مؤكدًا أنه سيكون هناك مردود اقتصادي كما سيكون هناك مردود معماري وعمراني.

 

وأشارت الأستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة ومقرر لجنة العمارة بالأعلى للثقافة د. دليلة الكرداني، إلى أهمية الأسواق التاريخية وتأثيرها في النسيج العمراني باعتبارها حلقة تطور مهمة في تاريخ المدن في بداية الحداثة، مؤكدة أنها تمثل تجارة الاحتياجات اليومية لسكان وسط المدينة بطريقة حضارية، وتحتوي على إمكانات هائلة للتفاعل الاجتماعي ووصول الرسائل التنموية والتوعوية من صحة وتعليم وثقافة، ويمكن البناء عليه في التنمية المستدامة.

 

واقترحت د. دليلة الكرداني، عدة عناصر لاستدامة الحفاظ على الأسواق منها، "خلق كيان إداري مستقل لإدارة الأسواق، والمشاركة بين تجار السوق والإدارة الحديثة في رسم مستقبل السوق، وإيجاد أفكار ووسائل محورية لتنظيم علاقة السوق بمحيطه العمراني، وإعادة تأهيل الفراغ المعماري ومتطلبات الأمن".

 

وقال رئيس هيئة الأوقاف المصرية د. أحمد عبد الحافظ، إن هناك حجم أسواق كبيرة جدا وسط القاهرة غير مستغلة وغير مطورة، والعائد ضعيف بالمقارنة بحجم الأصول، واقتصاد غير رسمي يختبئ في اقتصاد رسمي، مضيفا أن القاهرة في العشرينيات كانت من أجمل مدن العالم، ونسعى أن تعود كما كانت.

 

واتفق الخبراء على أن الموضوع ليس سهلا، فقد تم تطوير القاهرة الخديوية منذ أكثر من 3 سنوات، لكن سوق العتبة يمثل تحدٍ آخر، ولابد من وجود خطة واضحة للتعامل، وإجراء حوار مجتمعي، وتعظيم قيمة الأصول من خلال الاستثمار المناسب لكل منها، ووضع برنامج عمل لتطوير سوق العتبة والتعرف على مقترحات واحتياجات أصحاب المصالح سواء التجار والبائعين والتنسيق مع الكيان الإداري في أعمال التطوير، فضلا عن إعادة تأهيل الطراز المعماري مع إضافة المتطلبات الحديثة ووسائل الحماية الأمنية وإنذار بالحريق، وكذلك العمل على تحسين البنية والمرور المحيط بالمكان، وتحديد الدخول والخروج لكافة الأنشطة من السوق وإليه ووضع دراسة جدوى اقتصادية وتحديد الهوية لكل سوق.

 

جدير بالذكر أن الأسواق الشعبية القديمة في مصر يرجع تاريخها إلى مئات السنين، ويقصدها كل فئات الناس من الفقراء والأثرياء أيضًا، لأنها توفر العديد من المنتجات وبأسعار تناسب الجميع، وتنافس المنتجات المعروضة فيها أشهر وأقوى الماركات العالمية.

 

وتشتهر منطقة العتبة بأنها من أكبر الأسواق الشعبية على مستوى مصر، والمترددون عليها ليسوا فقط من سكان إقليم القاهرة، بل إنها تعد المقصد الأول للغالبية العظمى من تجار الجملة من جميع محافظات مصر، و لا يقتصر نشاط المنطقة على أنها أكبر سوق للملابس والأحذية فقط، بل تضم أكبر مركز للحقائب ولعب الأطفال، وتتجاوز حجم التجارة الخاصة بالمنطقة نحو 100 مليار جنيه، وفقاً لتجار وأصحاب محال تجارية بالمنطقة.