سدود أنقرة على «دجلة» و«الفرات» .. استئثارٌ تركيٌ على أنقاض معاناة العراقيين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

قبل أيامٍ قلائل، توقف نهر دجلة عن الجريان جنوب العراق، وبالتحديد في محافظة ميسان، وهو ما أدى إلى توقف محطات المياه في قضاء المجر الكبير وقضاء قلعة صالح وناحيتي العدل والخير وعشرات القرى جنوب البلاد، وهو ما يُنذر بكارثةٍ يمكن أن تحل بلاد الرافدين.

تلك الكارثة تنبأ بها الدكتور حامد الدباغ، رئيس جامعة المستنصرية العراقية سابقًا، قبل أكثر من عامين، وقتما شرعت تركيا في المضي قدمًا في عملية إنشاء سد إليسو، جنوب شرق البلاد، على الحدود مع العراق وسوريا، وقال حينها "إن استئثار تركيا بكميات كبيرة من مياه نهري دجلة والفرات، لن يعرض مشاريع الري وتوليد الطاقة الكهربائية في سوريا والعراق لأضرار بالغة فحسب، بل يعرضهما لخطر الجفاف وحلول الكوارث أيضًا".

وسد إليسو هو سد اصطناعي ضخم تحت الإنشاء على نهر دجلة بالقرب من قرية إليسو وعلى طول الحدود من محافظة ماردين وشرناق في تركيا، بدأت عملية إنشاؤه عام 2006، وهو واحد من 22 سد ضمن مشروع جنوب شرق الأناضول تهدف أنقره إنشاءهم على نهري دجلة والفرات.

مآرب تركيا

تركيا أرادت أن تضرب أكثر من عصفورٍ بحجرٍ واحدٍ جراء إنشاء تلك السدود، فهي ترغب في توليد الطاقة الهيدروليكية من خلال تلك السدود، إضافةً إلى التحكم في الفيضانات وتخزين المياه، إضافةً إلى رغبتها في تشريد الأكراد المستوطنين لتلك المنطقة من جنوب شرق البلاد، وتنشط بينهما الحركات الانفصالية المنادية بالاستقلال عن بلاد الأناضول.

ويقود حزب العمال الكردستاني تمردًا عسكريًا جنوب شرق تركيا منذ عام 1984، وتعتبره أنقره تنظيمًا إرهابيًا، ويشن الجيش التركي عملياتٍ عسكريةً ضد مسلحيه، ويعارض الأكراد مشاريع تلك السدود التركية التي تتسبب في تهجيرهم من أراضيهم وتشتيتهم في أنحاءٍ متفرقةٍ في البلاد.

خسائر العراق

وفي منتصف يناير الماضي تم ملئ سد إليسو بالماء، وهو ما جاءت نتائجه عكسية على العراقيين في جنوب البلاد، الذين باتوا يعانون من نقصٍ في المياه جراء توقف فيضان نهر دجلة بتلك البقعة التي كانت تعتمد على ذلك النهر

وطبقًا لدراساتٍ سابقةٍ أجرتها وزارة الموارد المائية العراقية، عام 2015 قبل اكتمال أعمال تشييد السد، فإن وارد نهر دجلة الطبيعي من المياه عند الحدود التركية والبالغ نحو 20.93 بليون متر مكعب سنويًا، سينخفض عند إنشاء السد إلى 9.7 بليون متر مكعب سنويًا من المياه، كما أن السد سيحرم 696 ألف هكتار من الأراضي الزراعية العراقية من المياه.

انخفاضٌ بأكثر من النصف في حصة العراق من مياه نهر دجلة، باتت الجمهورية العراقية الآن تتجرع نتائجه، وهي تواجه أسوأ أزمة مائية في جنوب البلاد، لم تعاصرها بلاد الرافدين من قبل، خاصةً إن عملية افتتاح السد التركي الجديد ستكون شهر مارس المقبل، وهو ما قد يسب نكبةً على الشعب العراقي، وبالتحديد المتواجد جنوب البلاد.

وسد إليسو هو ثاني سد تقوم الجمهورية التركية بتشييده، بعد سد أتاتورك الذي تم البدء فيه عام 1983 على نهر الفرات، ليكتمل بناؤه بعد ما يناهز العقد من الزمن عام 1992، وتشرع تركيا في بناء سدود أخرى، كسد بيره جك وسد قرقاميش.

وتعتبر أنقره نهري دجلة والفرات نهرين تركيين عابرين للحدود، وذلك خلاف ما هما عليه بموجب اتفاقية قانون مجاري الأنهار الدولية المقرّة والمصادق عليها والنافذة منذ 17 أغسطس 2014، والتي تعتبرهما مجريين مائيين دوليين، كنهر النيل والأمزون وغيرهما من الأنهار التي تجري في أكثر من دولة.