خالد ميري يكتب: «مصر ٢٠١٨» النصر والحصاد

الكاتب خالد ميري
الكاتب خالد ميري

سيناء ٢٠١٨» ليست مجرد معركة شاملة لاجتثاث الإرهاب من جذوره ودفنه تحت الرمال، «سيناء ٢٠١٨» تكشف المعدن الحقيقى لزعيم إذا قال صدق وإذا وعد أوفى، تكشف المعدن الحقيقى لقوات مسلحة باسلة صدقت ما عاهدت الله عليه، وتكشف المعدن الحقيقى لشرطة لا تعرف إلا حق الله والشعب والوطن، كما تكشف معدن هذا الشعب المصرى.. شعب اختار الحياة والبناء والتعمير، اختار أن يدوس أعداء الحياة وأن يتماسك صفا واحدا لاستكمال البناء.
«سيناء ٢٠١٨» ليست مجرد حرب رغم أنها مقدسة، وليست مجرد غاية لتحقيق هدف نبيل، هى إرادة جامعة كاشفة لشعب وجيش وشرطة إيد واحدة خلف الرئيس عبدالفتاح السيسى لتجاوز السنوات العجاف، وبناء مصر القوية المدنية الديمقراطية الحديثة التى تحتل المكان والمكانة التى تليق بها وبشعبها وسط كل دول العالم.
فى احتفال مصر بمولد سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وقف الرئيس السيسى يتوعد الإرهابيين الجبناء ومن حولهم، كان قلب الوطن يدمى بعد حادث مسجد الروضة الذى راح ضحيته ٣١٠ من الركع السجود على يد كلاب جهنم الذين لا دين لهم ولا وطن، كان قلب الوطن يدمى مع سقوط شهداء من رجال الشرطة والمواطنين وهم يمنعون الإرهابيين الجبناء من نجاح مخططهم لاستهداف كنيسة حلوان، وقتها صدرت تكليفات الرئيس لأبطال الجيش والشرطة للقضاء على الإرهاب خلال ٣ شهور، واستخدام قوة الحق الغاشمة فى وجه أعداء الشعب والوطن والدين، وتكرر وعيد الرئيس فى أكثر من مناسبة وانتظر الشعب ساعة الصفر ليشفى الغليل وليبدأ حياته الجديدة بالقصاص «ولكم فى القصاص حياة»، ومنذ صدور التكليف تواصل العمل ليل نهار ليستكمل جهودا جبارة بدأت منذ ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ العظيمة، عمل عسكرى ومخابراتى لجمع المعلومات وتحديد الأهداف وتجهيز مسرح العمليات العسكرية ويوم الجمعة الماضى انطلقت العملية الشاملة «سيناء ٢٠١٨».
انطلقت بمشاركة كل أسلحة القوات المسلحة برية وجوية وبحرية فوق مسرح عمليات لم تشهده مصر منذ نصر أكتوبر العظيم.. يمتد من وسط وشمال سيناء إلى قلب الدلتا والظهير الصحراوى الغربى مع تأمين كامل لكل الحدود والمنشآت، وبتناسق وتناغم كاملين تحركت الشرطة المصرية بطول مصر وعرضها لتأمين الشعب والمنشآت والمشاركة بفاعلية وكثافة فى الحرب المقدسة.. ومنذ اللحظة الأولى اصطف الشعب خلف زعيمه ورجال الجيش والشرطة ليصب غضبه على الإرهاب ويدفنه تحت رمال مصر الحارقة.
مشهد أذهل الأصدقاء قبل أن يزرع الخوف والموت فى قلوب الأعداء، هذه مصر الواحدة الموحدة تحرق من يقترب منها ومن يريد بها شرا، هذه مصر مقبرة الغزاة والطامعين.
وصدق الرئيس السيسى عندما قال إنه لا يخشى أحدا أو شيئا فى العالم ما دام المصريون يدا واحدة وصفا واحدا.. هذه المرة الـ١٠٠ مليون مصرى وفى قلبهم أبطال الجيش والشرطة يد واحدة وهدف واحد والنصر قريب.
الحرب المقدسة أكدت من جديد ما لا يحتاج لتأكيد، الرئيس عبدالفتاح السيسى إذا وعد أوفى، رجل ما أخلف وعدا مع المصريين وما تراجع عن مواجهة تحقق مصلحة الشعب المصرى، عندما كانت البلاد على حافة الضياع فى سنة حكم الإخوان السوداء وجده الشعب نصيرا حاميا، وعندما هاجم الإرهاب مصر مدعوما بأموال وأسلحة ومعلومات دول وأجهزة مخابرات كان السد والسند، وعندما بدأ حكمه فى يونيو ٢٠١٤ والبلد على حافة الإفلاس يضربه الفساد والمتنطعون كان الظهر الذى قاد عملية البناء والتعمير فى سباق مع الزمن.
السيسى لا تختلف أفعاله عن أقواله، وهدفه الوحيد مصلحة مصر وشعبها، من أجلها يخطط وينفذ.. والأسبوعان الأخيران كانا كاشفين لكم العمل والإنجاز وبداية الحصاد، خلال ١٤ يوماً فقط، شاركت مصر فى القمة الأفريقية الـ٣٠ فى أديس أبابا بإثيوبيا، والأفارقة يختارونها بالإجماع لرئاسة القمة الأفريقية بعد غياب ٢٥ سنة، قمة ثلاثية جمعت السيسى برئيس وزراء أثيوبيا ديسالين والرئيس السودانى عمر البشير، أزالت سحابة الصيف فى العلاقة مع الأشقاء، ليطمئن الشعب المصرى على مياه النيل التى هى حياته فلا ضرر ولا ضرار، وكم كان الرئيس السودانى عمر البشير صادقا وهو يقول للرئيس السيسى إنه يثق فيه ويعرف أن أفعاله لا تخالف أقواله، بعدها اجتمع وزيرا خارجية ورئيسا جهازى المخابرات بمصر والسودان فى القاهرة لينطلق التعاون وتزال العقبات، وتقطع السودان بأنه لا قاعدة عسكرية تركية تقام فى جزيرة سواكن.
ومن أفريقيا انطلق السيسى إلى الخليج الذى لا ينفصل عن الأمن القومى المصرى، ليلتقى السلطان قابوس فى عمان ويعيد العلاقات الاقتصادية للانطلاق لتلحق بالعلاقات السياسية القوية، ومن سلطنة عمان إلى الإمارات حيث التقى الشيخين محمد بن راشد حاكم دبى ومحمد بن زايد ولى عهد أبوظبى لاستكمال السير على مسار علاقة قوية متينة تجمع مصر والإمارات، فى الوقت الذى واصلت فيه مصر استقبال قادة ليبيا بحثا عن حل سياسى شامل ينهى أزمة طالت واستفحلت، كما استقبلت القاهرة قادة فتح وحماس لاستكمال المصالحة والسير قدما على طريق الدفاع عن القدس وحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة.
فى نفس الوقت كانت مصر داخليا على موعد مع جنى ثمار الإصلاح الاقتصادى، من افتتاح المشروعات الجديدة بالصعيد من بنى سويف، إلى إعلان بدء إنتاج حقل ظهر للغاز من بورسعيد، إلى افتتاح المرحلة الأولى لمشروع الـ١٠٠ ألف فدان صوب زراعية من قاعدة محمد نجيب غرب مصر، إنجازات ضخمة تحققت فى وقت قياسى بفضل شعب صبر وعمل واجتهد وزعيم يعرف ماذا يريد ويسابق الزمن لبناء مصر الحديثة.
حدث كل هذا فى اسبوعين فقط، شعب يسابق الزمن مع رئيسه.. يد تبنى ويد تحمل السلاح، فهل كان أعداء مصر وكارهو شعبها سيظلون صامتين وهم يرون الارهاب الذى يدعمونه ويمولونه ينتهى إلى غير رجعة ومصر تنطلق إلى المستقبل؟ الرئيس السيسى كان يعرف انهم لن يصمتوا وأعلنها صراحة مصر تحارب أخطر تنظيم عرفه العالم فى المائة عام الأخيرة، تنظيم يمتلك المليارات وتدعمه أنظمة حكم وأجهزة مخابرات.
لكنهم لم يتخيلوا أن تحقق مصر كل هذا مع تركة الفساد والبيروقراطية الثقيلة. لم يتخيلوا ان ترسيم الحدود البحرية مع قبرص سيؤتى ثماره سريعا، كانوا يعرفون ان بدء الانتاج من حقل ظهر يحتاج من ٦ إلى ٨ سنوات كما يحدث فى كل العالم. لم يتخيلوا ان يتم الاعلان عن بدء الانتاج بعد ١٨ شهرا فقط من العمل، نور «حقل ظهر» الذى أضاء مصر وأعلن بداية طريق الاكتفاء الذاتى من الغاز وتحويل مصر لمركز عالمى للطاقة.. هذا النور فضح السواد التركى والوجع القطرى والإخوانى فخرجت تركيا على لسان وزير خارجيتها جاويش أوغلو لتعترض على ترسيم الحدود بين مصر وقبرص، وسارع سامح شكرى وزير الخارجية الذى لا يهدأ للرد عليهم بعنف ولطم صفاقتهم بقوة، وكشف خبير القانون الدولى والكفاءة النادرة د. مفيد شهاب أن اتفاقية مصر وقبرص التى تم توقيعها عام ٢٠١٣ أصبحت نهائية وملزمة وواجبة الاحترام بعد تسليمها للأمم المتحدة وفقا للمادة ١٠٢، وأن ما تقوله تركيا هو خروج على القانون الدولى والشرعية الدولية، وكاشفا ان التهديد التركى لقبرص هو جريمة وفقا لميثاق الأمم المتحدة.
لقد أسقط فى أيدى أعداء مصر وأعداء شعبها، ولأن تركيا لا تجرؤ على ان تتحرش بمصر فقد راحت تتحرش بقبرص وتمنع سفينة تابعة لشركة اينى الإيطالية من التوجه لحقل «افروديت» لبدء الكشف عن الغاز به، فى نفس الوقت الذى تشهد اكتشافات الغاز بشرق البحر المتوسط صراعا تشارك فيه إسرائيل ولبنان وسوريا وتركيا وقبرص واليونان، وكعادة الجبان اردوغان كانت تركيا وإسرائيل يدا واحدة فى هذه الحرب.
والآن هل عرف المغرضون ومن فى قلبهم مرض لماذا سابقت مصر الزمن لتمتلك جيشًا قويا عصريا يمتلك أحدث الاسلحة وأحدث وسائل التدريب حتى أصبح القوة العاشرة عالميا؟ هل علموا لماذا سابق الرئيس السيسى الزمن لتمتلك القوات البحرية حاملتى الطائرات الميسترال والغواصتين الالمانيتين والفرقاطات «جوويند» و«فريم» لتصبح من الأقوى عالميا؟
الحقيقة ان الحق يضيع بدون قوة قادرة على حمايته، وحق الشعب المصرى وأولاده وأحفاده فى اكتشافات الغاز والبترول بحقل ظهر وغيرها من الموارد الطبيعية كان يحتاج لقوة لحمايته.. والآن عرف مرضى القلوب لماذا كانت القوة ضرورة وليست ترفا، ولماذا الحفاظ على الجيش المصرى قويا قادرا هو هدف لا يجوز الحياد عنه ولا يمكن السكوت على التشكيك فيه.
وحدة الشعب المصرى هى حائط مصر المنيع ولهذا يستهدفها أعداء الوطن ويبذلون كل غالٍ ونفيس فى سبيل ذلك، وجاءت الانتخابات الرئاسية الحالية فرصة لضعاف النفوس والحاقدين ومرضى القلوب والجيوب والمزايدين لمحاولة مس هذه الوحدة، بعض من أعلنوا رغبتهم فى الترشح حصلوا على تفويضات بالآلاف وكان يمكنهم استكمال العدد المطلوب ٢٥ ألفا من ١٥ محافظة وأن يتقدموا بأوراق ترشحهم، حدث هذا مع خالد على الذى أعلن صراحة عن رغبته وحمدين صباحى الذى لم يعلن صراحة، لكنهما فجأة ومعهما عصمت السادات أعلنوا عدم الترشح، وراحوا يكيلون اتهامات هم أول من يعلم كذبها، وراحوا يسيئون لوطنهم وشعبهم، يضربون الديمقراطية وهم يتمسحون بها ويسيئون للناصرية وهم يدعون الانتماء اليها.
ولم يكتفوا بذلك بل راحوا يعلنون مقاطعتهم للمشاركة فى الانتخابات ويدعون لذلك بالمخالفة للدستور والقانون.. الدستور الذى ينص فى مادته ٨٧ على أن مشاركة المواطن فى الحياة العامة والانتخابات واجب وطنى، والقانون الذى جعل عدم المشاركة جريمة تحركها النيابة العامة وعقوبتها الغرامة، والذى ألزم كل من بلغ ١٨ سنة بالمشاركة فى الانتخابات وحدد فئات بعينها لا يحق لها المشاركة مثل المرضى النفسيين والعقليين والمحجور عليهم ومن صدرت ضدهم أحكام نهائية أو بمصادرة أموالهم أو تم فصلهم من عملهم لارتكاب جرائم التهرب من الضرائب والعدوان على المال العام والإخلال بالشرف والأمانة، وغيرها من الحالات التى تم تحديدها حصرا فى القانون، هؤلاء رضوا لأنفسهم بأن يكونوا مع الخوالف الذين يتخلفون عن أداء الواجب الوطنى من المرضى النفسيين وفاقدى الشرف، لكن الشعب المصرى الذى يحارب أعداء الداخل ويتصدى لأعداء الخارج لفظهم ولم ولن يستمع لهم أو لمزايداتهم.
هذا وقت العمل وبذل العرق والدم.. هذا وقت النصر واستكمال البناء وجنى الثمار.. هذا ليس وقت من يكره نفسه قبل أن يكره بلده، مصر بدأت الطريق وستستكمله رغم أنف كل كاره أو حاقد أو متآمر...
والنصر لمصر.