انفراد «الأخبار» في معتقل جوانتنامو .. سرد تفاصيل محكمته «الصارمة»

صورة من داخل قاعة المحكمة
صورة من داخل قاعة المحكمة

«جوانتانامو».. من في العالم أجمع لا يعرف هذا الاسم.. المكان الذي سيذكره ويتوقف عنده التاريخ طويلًا.. إنه المعتقل الذي أنشأته الولايات المتحدة الأمريكية بعد هجمات 11 سبتمبر الشهيرة، ليصبح أشهر معتقل في العالم، وينضم إلى غيره من المعتقلات الشهيرة بالتاريخ.

حكايات وروايات كثيرة تم تناولها في العالم بصفة عامة وبالدول الإسلامية والعربية بشكلٍ خاصٍ، حول معتقل «جوانتانامو».. ما بين حديث التعذيب، والاحتجاز دون سندٍ قانونىٍ.

 وما بين تأكيدات حول إغلاق المعتقل أطلقها الرئيس الأمركى السابق باراك أوباما، لكنها لم تنفذ، وقصص وتقارير وموضوعات صحفية وإعلامية حول الحياة داخل معتقل جوانتانامو، إلا أن كل هذه الروايات لا تستند إلى سندٍ حقيقيٍ، أو شاهدٌ على الطبيعة.

 لذلك حاولت «الأخبار» الاقتراب من الممنوع، واختراق المحظور، وتحدى الخيال، برصدٍ من أرض الواقع، سعت ومنذ شهور لزيارة أشهر معتقل في التاريخ، لتنقل لقارئها العزيز ما يجرى داخل جوانتانامو بالكلمة والصورة، وبعد أسابيع من المحاولة، نجحنا في تحقيق هذا السبق الصحفي الكبير لجريدتنا العريقة، لنكون أول صحيفة مصرية وعربية تزور معتقل «جوانتانامو».

تشريعات محكمة جوانتانامو

ما نعرفه عن معتقل جوانتانامو منذ نشأته أن المحتجزين به لا يحاكمون قبل دخولهم المعتقل، وكان الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش قد أصدر فى 13 نوفيمر 2001 أمرًا رئاسيًا يقضى بأن المواطنين غير الأمريكيين الذين يعتبرهم الرئيس أعضاء في تنظيم القاعدة، أو كانوا أعضاء سابقين بالتنظيم، أو اشتركوا معه، أو ساعدوه، أو تآمروا معه لارتكاب جرائم إرهابية دولية، تسببت في تهديد أو إلحاق الأذى بالولايات المتحدة الأمريكية أو مواطنيها، سيتم اعتقالهم بواسطة السلطات العسكرية الأمريكية ويتم محاكمتهم أمام محاكم عسكرية.

وخلال السنوات الأولى من إنشاء المعتقل لم يكن مسموحًا للمعتقلين بالحصول على محامين أو الإطلاع على المواد التي تدينهم فى المحاكمات.

 وفى مارس 2006 وافق الكونجرس الأمريكي بمجلسيه على قانون اللجان العسكرية لعام 2006 والذي يسمح للرئيس الأمريكي بالاستمرار في ممارسة حقه في اعتبار بعض المواطنين غير الأمريكيين مقاتلين أعداء وغير قانونيين وهو ما يجعلهم يخضعون لمحاكمات عسكرية.

فى عام 2008 أصدرت المحكمة الأمريكية العليا قرارًا بأن المعتقلين الأجانب الذين تم احتجازهم بواسطة السلطات الأمريكية بما في ذلك المعتقلين بمعسكرات جوانتانامو لهم الحق في محاكمات عادلة، وأن قانون اللجان العسكري الذي صدر عام 2006 كان تعليقًا غير دستورى لهذا الحق.

 وفى عام 2009 صدر قانون جديد للجان العسكرية وهو المعمول به حاليًا وعلى أساسه يتم محاكمة المحتجزين بالمعتقل، تختلف القضايا التي تُعرض على المحكمة في طبيعتها عن معظم القضايا الأخرى في الولايات المتحدة بما في ذلك القضايا العسكرية.

 أحد أهم مظاهر الاختلاف تتمثل في أن معظم الشهود الذين تستعين بهم النيابة مع قضايا المعتقلين بجوانتانامو عملاء سابقين بمكتب التحقيقات الفيدرالى أو ضباط سابقين بالجيش الأمريكي أو في جهاز الاستخبارات المركزية.

ونظرًا لبعد المحكمة عن أماكن عمل وإقامة معظم الشهود تستعين المحكمة ببعض الوسائل التي تمكنها من التواصل مع الشهود دون الحاجة إلى القدوم إلى المحكمة.

 أحد الوسائل التى تستخدمها المحكمة للتغلب على ذلك هى «الفيديو كونفرانس» حيث تقوم باستدعاء الشهود إلى أحد الأماكن القريبة منهم وتقوم بالحصول على شهادتهم من خلال آلية الفيديو كونفرانس وذلك تسهيلًا للإجراءات وتخفيفًا على الشهود واختصارًا للوقت والجهد والتكلفة.

 وكما هو المعتاد في جميع المحاكم يقوم الشهود بحلف يمين الحق قبل النطق بالشهادة وينطبق ذلك أيضًا على الشهود الذين يتم استجوابهم عبر الفيديو كونفرانس.

هوية المحكمة

تم تصميم محكمة «جوانتانامو» بحيث تتسع لحوالي ستين شخصًا وتكفى لمحاكمة خمس معتقلين في نفس الوقت، حيث تتضمن ست طاولات تخصص كل واحدة لفريق الدفاع المخصص لكل متهم، وتكفى كل طاولة لاستيعاب حوالى 7 أشخاص فضلًا عن كرسي مخصص للمتهم على حافة الطاولة حتى يتمكن من متابعة جلسات الاستماع والمحاكمة والتشاور مع فريق الدفاع المخصص له.

يوجد بكل طاولة شاشتين،على الأقل، يعرضا المستندات التي يتم استخدامها أثناء جلسات المحاكمة، ويوجد شاشة أمام المتهم تعرض له صورًا مكبرة من المستندات المستخدمة في كل جلسة، وبجوار تلك الشاشة يوجد سماعة للمتهم تقدم ترجمة فورية بالعديد من اللغات.

على الجانب الأيسر من الكراسي المخصصة للمتهمين يوجد مجموعات من الحراس تختص كل مجموعة بحراسة كل متهم على حده، وليس مسموحًا لوسائل الإعلام التواجد داخل قاعة المحكمة أثناء انعقاد الجلسات، ولذلك تم تخصيص قاعة خلفية تعرض كل ما يدور بقاعة المحكمة الرئيسية من خلال حائط زجاجي يكشف كل أركان وجوانب القاعة الرئيسية، ويتم بث الصوت من خلال سماعات صوت عالية الجودة.

 وبرغم أن المتواجدين بالقاعة الخلفية يمكن رؤية كل ما يدور بالقاعة الرئيسية بشكلٍ واضحٍ وفى نفس اللحظة إلا أن الصوت الذي يخرج إلى القاعة الخلفية يكون متأخرًا 40 ثانية عن وقت الحدث وذلك لاعتبارات الأمن وحتى تكون هناك فرصة لإزالة أي مقاطع صوتية قد تتضمن معلومات سرية لا يمكن بثها عليهم.

إجراءات الأمن

إجراءات الأمن لدخول القاعة الرئيسية أو القاعة الخلفية مشددة للغاية، ولا يجوز الدخول بعد بدء الجلسة، فيما يتعلق بالجلوس في القاعة الخلفية يكون بشكلٍ منظمٍ ومحددٍ مسبقًا قبل بدء الجلسات، بحيث يحصل كل شخص على رقم محدد للمقعد الذي يمكن أن يجلس عليه ولا يمكن بأى حال من الأحوال تغيير هذا المقعد.

 كما لا يمكن التحرك داخل القاعة دون الحصول على إذن مسبق وفى جميع الأحوال يجب أن يصطحبك أحد الضباط العاملين بالمحكمة، خصصت القاعة الخلفية بالأساس لاستقبال الصحفيين وممثلي منظمات المجتمع المدنى.

 على الجانب الأيمن من القاعة الخلفية يوجد مكان مخصص لأهالي الضحايا الذين فقدوا أرواحهم بسبب الحادث الذي تسبب فيه المتهمون، بمجرد انعقاد الجلسة يتم سحب ستار أزرق يفصل بين أهالي الضحايا والجزء المتبقي من القاعة الخلفية المخصص للصحفيين والمنظمات الأهلية.