حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: فاسد.. و«بجح» !!

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

" إذا لم تستح فاصنع ما شئت ".. هذا الحديث النبوى ينطبق على تلك الشخصية الغريبة والمثيرة للجدل.. وللاشمئزاز أيضا.. فاسد ومرتشى ووسيط فى رشاوى.. وكل هذا " بأحكام المحاكم وليس اجتهادا منى لا سمح الله ".. وفى كل مرة تنتهى قصة لفساده بخروجه " كفارة " من خلف الأسوار الا ونجده يتسلل..ويتوغل.. ليتمكن ويسيطر ويعيد لفساده سيرته الأولى.. والأغرب أنه فى كل مرة يجد "أجعصها " مكاتب تفتح له.. ودعوات لاجتماعات وتجمعات من فئة " v i p ".. إذن فله الحق أن يتسلل كالصرصار.. ثم ينشر سمه كالثعبان.. ليجمع حصاد فساده فى مكر الثعلب.. لا يخاف أن يسقط.. فمهما سقط.. فإما عقوبة يقضيها أو إعفاء منها " وبالقانون ".. ثم يعيد الكرة من جديد وسط ترحيب أو صمت مجتمعى غريب.. ومريب أيضا!!
ما استفزنى للكتابة عن هذا الرجل ليست سيرته الأولى والأخيرة فحسب.. إنما ما شاهدته مؤخرا من ظهوره ببلدته بمحافظة الغربية فى تجمعات للانتخابات الرئاسية المقبلة.. ثم ظهوره فى تجمعات ودعوات لسفارات ووزارات مهمة. كل هذا رغم أنه خرج من السجن قبل شهور فى قضية وصفت بأنها أكبر قضية فساد فى تاريخ مصر.. ويقبع بسببها وزير أسبق خلف القضبان حاليا.. أما هو ورغم أنه محور ارتكاز القضية لكنه أعفى من العقوبة.. ليس بسبب براءته أو نظافة ذمته لا قدر الله.. إنما لأن القانون يعفى الراشى والوسيط إذا ما اعترفا بجريمتهما أمام المحكمة.. أى أنه فاسد ووسيط فى أكبر قضية فساد بمصر باعترافه شخصيا وبحكم المحكمة.. ورغم ذلك يعود للظهور وببجاحة لا يحسد عليها.
من يسمح لهذا السرطان أن يتسلل بيننا من جديد.. إنها هوايته التى يجيدها.. البدء بهدوء ثم التوغل والانتشار بمؤسسات عديدة.. والسبب معروف.. التجهيز لواقعة فساد أخرى.
هذا الكلام لا أقوله اعتباطا أو اجتهادا.. ومن يرجع بالذاكرة للوراء قليلا سيتأكد من طريقة هذا الرجل فى نشر الفساد والإفساد فى الأرض.. فمن بائع " أيس كريم " بالغربية إلى إمبراطور وثرى وصحفى وإعلامى.. ورجل مهم تفتح له كافة أبواب الوزارات.. وكان على أعتاب مجلس النواب لولا سقوطه الأخير فى قضية الفساد الكبرى.. وما بين الايس كريم والعودة الحالية حدث ولا حرج على عبقرية الرجل.. فى الإفساد بالطبع.
فمن عربة الأيس كريم وبعد حصوله على دبلوم الصنايع.. ولأنه من صغره " حريف " وصول وتسلق.. التحق كعامل " بوفيه " بمكتب وزير الثقافة الأسبق.. أى نعم عامل بوفيه.. لكنه تحول إلى مستشار إعلامى للوزير " أبو دبلوم صنايع ".. وبدأ نفوذه فى الانتشار.. حتى سقط ومحافظ سابق ورجال الأعمال، عام 1997م بتهمة تسهيل بيع أراضى مصلحة الآثار التابعة للوزارة التى عمل بها مستشارا مقابل رشاوى كبيرة، وبعد إثبات الواقعة بالصوت والصورة.. عاقبته المحكمة بالسجن 5 سنوات وتغريمه 3 ملايين و167 ألف جنيه، وإلزامه وزوجته برد مبلغ مماثل إلى خزينة الدولة.
اختفى عن الأنظار لفترة.. وعاد للظهور لكن هذه المرة بشكل متوحش ومتغول.. وصف نفسه بالإعلامى والصحفى بل والمثقف " اى والله أبو دبلوم صنايع " ووجد من يفرد له صفحات ومساحات رغم نفى نقابة الصحفيين لعضويته بها.. ثم عمل مستشارا لأكبر شبكة فضائية " لكن هذه المرة لا نعلم مستشارا لماذا بالضبط " !!.. وبدأ صولاته وجولاته ببلدته بحضور ومباركة عدد من الوزراء.. حتى كان السقوط الكبير فى أكبر قضيرة فساد بمصر.. وبعد إعفائه من العقوبة.. يستعد الرجل للعودة والظهور والتسلل والتوغل.. فيا ترى ماذا يخبئ لنا هذه المرة من مهاراته الإفسادية !!
ندرك بالطبع أن الله يقبل التوبة عن عباده.. لكن بشرط عدم العودة للمعصية.. وهذا هو لب القضية.. فهل تاب الرجل حقا.. وهل وثق الذين يفتحون له أبوابهم من جديد فى تلك التوبة ؟