بعد أن تكلف موكبه 130 مليون جنيه

القصة الكاملة لانتقال «رمسيس الثاني»

تمثال رمسيس الثاني
تمثال رمسيس الثاني

وأخيراً استقر ملك مصر "رمسيس الثاني" في موقعه الأخير في أحضان الأهرامات، بعدما انتقل في موكب ملكي يليق بمكانته الكبيرة, كأقوى حكام مصر في العصر الفرعوني، شاهده العالم بأكمله، وحضر احتفالية نقله ما يقرب من 100 كاميرا تلفزيون عالمية، و300 مراسل وصحفي وإعلامي, لنقل الحدث القومي الذي انتهت منه وزارة الآثار أمس الخميس 25 يناير، والذي حضره أكثر من 10 وزراء ، وأكثر من 20 سفيراً لدول مختلفة ، ليثبتوا ويوصلوا رسالة للعالم بأكمله "مصر قوية". 

 

موكب ملكي لنقل ملك مصر "تمثال رسيس الثاني":

تعاونت وزارة الآثار مع شركة المقاولون العرب، لنقل تمثال رمسيس الثاني بعد اعتذار 10 شركات عالمية عن تقبل هذه العملية الهندسية الصعبة، ولكنها أثبتت كفاءتها بنقل التمثال إلى مكانه الأخير في البهو العظيم بالمتحف المصري الكبير، ولم تقتصر إذاعة عملية النقل على القنوات المصرية فقط، ولكن وزير الآثار خالد العناني قال أن "ملك مصر" لابد أن يراه العالم بأكمله ويُنقل في احتفالية كبيرة، لذا قام بالتعاون مع الشركة ومؤسسات الدولة وأولهم القوات المسلحة بدعوة وسائل الإعلام وسفراء الدول والوزراء لمشاهدة أعظم حفل في مصر. 

 

بدأ الحفل بالسلام الجمهوري، ومع بدأ تحرك "رمسيس" سبقه الخيل الأبيض، بمعزوفات موسيقية لأغاني وطنية، من مكانه السابق في ميدان الرماية، ليتحرك مسافة 400 متر حتى استقر في البهو العظيم بالمتحف المصري الكبير، ليكون أول المستقبلين للزائرين الأجانب والمصريين. 

أجهزة الدولة ومساعداتها في الصرح العظيم "المتحف المصري الكبير": 

بدأ د.خالد العناني وزير الآثار كلمته بعد استقرار رمسيس الثاني قائلاً :" نحتفل اليوم بوصول أول قطعة أثرية لمقرها النهائي في المتحف المصري الكبير، وهو من أهم الآثار المصرية، تمثال رمسيس الثاني، الذي  عاد إلى منف، بالقرب من مكان استخراجه في ميت رهينة، حيث كان موجودًا ليحمي معبد منف رب الفنانين، وعاد ليحمي مكانا من أهم المناطق الأثرية في العالم.

وقال "من هنا نعلن افتتاح المرحلة الأولى من المتحف المصري الكبير، خلال العام الجاري 2018، وهو أمر ليس بالقليل؛ لأنه يتضمن البهو الأعظم والدرج العظيم، الذي يضم 73 قطعة أثرية كبيرة، وأكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية على 23 ألف متر، وآلاف القطع الأثرية التي تخص توت عنخ آمون".

وأضاف العناني "إن الدولة المصرية بكافة مؤسساتها شاركت في أعمال بناء المتحف الكبير، مضيفًا أن الدولة تدعم المشروع وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي يؤكد على ضرورة إنهاء أعمال الإنشاءات في توقيتاتها المحددة".

وأشارالعناني، خلال مراسم نقل تمثال رمسيس، أن المهندس شريف إسماعيل، دعم المتحف المصري بكافة الوسائل المادية، وعندما كان مسافرًا لإجراء العملية الجراحية في ألمانيا، كلف د.مصطفى مدبولي بمتابعة ملف المتحف، حتى لا يتأخر في موعد افتتاحه أكثر من ذلك.

وأكد العناني:  "أشكر أيضًا، وزير المالية، فلأول مرة يصل المتحف كل احتياجاته المالية منذ سنوات، وأتوجه بالشكر لرجال الشرطة ووزارة الداخلية على تأمينهم نقل التمثال".

واستكمل "العناني": "أشكر أيضًا وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، بسبب نجاحها في جلب القرض الياباني الثاني، لبناء المتحف، كما أشكر اليابان، فإعطائها قرضين للحكومة المصرية يعني ثقتها منقطعة النظير في نجاح المشروع، كما أشكر الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، على مساهمتها الكبيرة في انشاءات المتحف".

وأشاد العناني بشركة "المقاولون العرب"، مؤكدا الاتفاق مع الشركة على نقل وتركيب 43 تمثالًا، من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف المصري الكبير، بعد أن تخوفت شركات كبيرة من تحمل هذه المسؤولية.

وقال وزير الآثار المصري خالد العناني خلال مراسم الاحتفال :"هذا التمثال كان موجودا أمام معبد بتاح في مدينة منف- سقارة حاليا- وعاد حاليا ليقوم بنفس دوره ليحمي الثقافة والفن بتصدره بهو المتحف الكبير".

تكلفة نقل تمثال رمسيس الثاني: 
كشف د.خالد العناني أن تكلفة نقل التمثال بلغت نحو 13.6 مليون جنيه مصري، أو ما يعادل قرابة 800 ألف دولار أمريكي، شملت أعمال تدعيم و عزل وتغليف التمثال لحمايته بالإضافة إلى رصف وتجهيز طريق بمواصفات خاصة لتحمل ثقل وزنه.


ومازال المتحف الجديد، الذي من المقرر أن يضم كنوزا نادرة من بينها مقتنيات الملك الشاب توت عنخ آمون، قيد البناء بعد نحو 16 عاما بتكلفة تجاوزت مليار دولار، ومن المقرر افتتاحه كليا عام 2022.


وقال العناني إن الوزارة تعتزم نقل 43 تمثالا ملكيا ضخما من المتحف المصري إلى المتحف الكبير.

رحلة رمسيس ونقله 3 مرات: 

تم نقل التمثال أول مرة قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام من محاجر أسوان جنوبي مصر إلى مدينة منف، عاصمة مصر الموحدة في ذلك الوقت، (ميت رهينة حاليا) جنوبي القاهرة ليستقر أمام معبد الإله بتاح، إلى أن اكتشفه عالم الآثار الإيطالي جيوفاني كافيليا عام 1820 مكسورا لستة أجزاء، وحاول نقله إلى إيطاليا إلا أنه لم يستطع بسبب ثقل وزن التمثال.

وأصدر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر قرارا عام 1955 يقضي بنقله إلى ميدان "باب الحديد" في القاهرة الذي أصبح يعرف باسم ميدان "رمسيس" الشهير، ثم تم نقله مرة أخرى عام 2006 حفاظا عليه من عوادم السيارات ليستقر في موقعه الحالي في بهو المتحف المصري الكبير.
وكان الملك رمسيس الثاني، المعروف باسم رمسيس الأكبر، قد حكم مصر طوال 68 عاما من الفترة 1279 إلى 1213 قبل الميلاد، ويعتقد أنه عاش إلى أن بلغ سن 90 عاما، مخلفا الكثير من الآثار التي خلدت اسمه في شتى أرجاء البلاد.

 

زاهي حواس وسعادته باستقرار ملك مصر: 
وقال رئيس المجلس الأعلى للآثار، زاهي حواس، إن عملية نقل تمثال رمسيس الثاني تمت بحرفية عالية، بما يتناسب مع أهمية التمثال، مؤكداً على أن رمسيس أكثر سعادة الآن، لعله لم يكن سعيدا في قبره كونه يرى تمثاله وسط هذه الفوضى حيث لا يراه أحد."
وأضاف حواس إن التمثال تم نقله أساسا من "ممفيس" وهي إحدى عواصم مصر القديمة، بعد العثور عليه عام 1882 ، وتولى رمسيس عرش مصر لأكثر من 60 عاما خلال حكم الأسرة الـ19.

 

آراء الغرب في عملية نقل تمثال رمسيس: 
قال السفير اليابانى بالقاهرة "تاكيهيرو جاكاوا"، إن سبب دعم اليابان للآثار والثقافة المصرية هو أن شعب اليابان يعشق الثقافة، ومصر لديها تراث ثقافى غنى، مضيفًا «أنهم دعموا المتحف مثلما ساهموا فى إنشاء دار الاوبرا المصرية من ٣٠ سنة». 


وتم وضع تمثال الملك رمسيس الثانى بالبهو العظيم يجعله أول مستقبلى زوار المتحف المصرى الكبير، حيث يضم البهو العظيم «الدرج العظيم»، مجموعة من الآثار لأشهر ملوك عبر مختلف العصور، بداية من نقش الملك خوفو، الذى تم نقله بالفعل لمركز ترميم المتحف، وتمثال الملك منكاورع الشهير من الأباستر.
كما يضم الدرج العظيم بقيادة رمسيس الثانى تمثالى الملك سنوسرت المعروض بحديقة متحف التحرير، ورأس بسماتيك الأول، بالإضافة إلى بعض العناصر المعمارية، كعمودى الملك ساحورع بقاعة الدولة القديمة بالتحرير، وتوابيت الدولة القديمة، والملك توت عنخ آمون الذى تم العثور عليهما بالكرنك.

 

إبراهي محلب وسعادة أبناء المقاولون العرب بحضوره: 
قال المهندس إبراهيم محلب، مستشار رئيس الجمهورية للمشروعات القومية، إن حضوره اليوم، ليشهد نقل تمثال رمسيس الثاني، إلى موقعه النهائي، حدث هام بالنسبة له، خاصة أنه مَن أشرف على نقله من ميدان رمسيس للمتحف منذ 11 عامًا، بصفته مدير شركة المقاولون العرب، التي تولت عملية نقل التمثال وقتها.

وأضاف "محلب"، أن مثل هذه الفعاليات الهامة التي تجذب أنظار العالم لنا، هى خير مثال لصورة مصر الحالية، ومثل ما أشار الرئيس عبدالفتاح السيسي، من قبل، إلى أن استعادة مصر لدورها الثقافي في العالم، هو أمر حتمي، نظرًا لما تتمتع به من مميزات تؤهلها لذلك، ومثل هذه المشاريع الأثرية القومية، هى أكبر دليل على استعادة مصر لهذا الدور بالفعل".