تايم لاين| كيف سرق الإخوان الثورة؟ و«منحدر صعودهم» حتى سقوط مرسى

25 يناير
25 يناير

"عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".. هتافات انطلقت من حناجر المصريين في 25 يناير 2011، بعد دعوات من صفحة إلكترونية تضم الآلاف بالتجمع في ميادين مصر احتجاجًا على الأوضاع المعيشية.

"كلنا خالد سعيد".. هي الصفحة التي دعت إلى تظاهرات 25 يناير، كان الأمل آنذاك الاعتراض على ممارسات من قوات الأمن واعتراضًا على مقتل الشاب خالد سعيد في منطقة سيدي جابر بمحافظة الإسكندرية.

خالف الملايين التوقعات وامتلأت ميادين مصر بالآلاف من المصريين فيما اتخذت جماعة الإخوان المسلمين موقفًا محايدًا انتظارًا لما ستسفر عنه التظاهرات التي زادت أعدادها وحجم غضبها في الأيام التالية حتى وصلنا إلى 28 يناير أو ما يسمى بـ"جمعة الغضب"، وهنا بدأت عناصر الإخوان في التسلسل إلى الشوارع المصرية دون وجود تصريحات من قبل قيادات الجماعة.

"28 يناير".. كان يومًا فاصلا في حياة أتباع الإخوان مرورا بخروج المعزول محمد مرسى العياط من السجن فجأة في أحداث اقتحام السجون، حتى ركوبهم على الثورة، والتظاهر بانتماءهم للفئات المعارضة للنظام.

وعقب سقوط نظام محمد حسني مبارك، تولى المجلس العسكري مقاليد الحكم وفقا للبيان الذي ألقاه اللواء عمر سليمان في 11 فبراير 2011، حتى تطورت الأحداث في الشارع المصري واندلعت التظاهرات مجددا ضد سياسات المجلس، وتضمنت الهتافات هجومًا على أعضاء الإخوان بسبب سياساتهم وبعدهم على أهداف ثورة يناير.

استفتاء 19 مارس

«وقالت الصناديق للدين.. نعم».. عكف الإخوان في الأيام الأولى من ثورة يناير على تحويل أي مناقشات دستورية أو سياسية إلى صراعات دينية، وهو ما ظهر جليًا في استفتاء 19 مارس، والذي أجري لأخذ الرأي في تعديلات فى 6 مواد من الدستور، حيث حشد الإخوان والسلفيين آنذاك أنصارهم للتصويت بنعم نصرة لـ"الدين"، إذ أشاروا إلى أن التصويت بـ"لا" يؤدي إلى إلغاء المادة الثاني من الدستور التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة، وهي اللعبة التي يجيدها قادة التنظيم جيدًا، مشددين على ضرورة التصويت بـ"نعم".

وعقب إعلان النتيجة، خرج الداعية محمد حسين يعقوب ليلقي خطبته الشهيرة، والتي قال فيها "إنها غزوة صناديق"، وانتهت بـ"وقالت الصناديق للدين.. نعم"، وأن من لا يعجبه نتيجة الاستفتاء فليهاجر.

27 مايو

بدأ الإخوان معركتهم المبكرة مع الأحزاب والقوى السياسية المدنية في 27 مايو 2011، حين دعت بعض الحركات للتظاهر بهدف التعجيل بمطالب ثورة يناير، إلا أن المنابر الإخوانية هاجمت تلك الدعوات بهدف الحفاظ على الدولة، متهمة أعضاء الأحزاب بالوقيعة بين الشعب والجيش.

التمدد الإخواني لم يقتصر على الشارع المصري فقط بل أصاب السياسية في مقتل، إذ وصل إلى السيطرة على مجلس الشعب عام 2012، حيث انتخب سعد الكتاتني عضو الجماعة رئيسًا للمجلس الذي كان بأغلبية إخوانية.

جماعة الإخوان التي أصبحت إرهابية الآن، خططت جيدًا ورسمت للمشهد المصري بكفاءة وبذكاء واستغلت ثورة يناير، كما وضح في الخطوة التي أعلن عنها الكتاتني في 21 يناير 2012، بالاعتذار عن عدم الاستمرار في مهام منصبه كأمين عام لحزب الحرية والعدالة إذا انتخب رئيسًا للمجلس، وبالفعل تم انتخابه رئيسا بأغلبية الأعضاء "الإخوان" خلال الجلسة الافتتاحية في 23 يناير.

29 يوليو

29 يوليو 2012 أو ما يعرف بـ"جمعة قندهار".. تغيرت ملامح ميدان التحرير فأصبحت ترى ميدانا كبيرا مليء بشعارات سوداء وجلابيب بيضاء وهتافات "إسلامية.. إسلامية"، في مفاجأة غيرت الاتفاق الذي اتفق عليه الجميع من شباب الثورة حيث كان الاتفاق هو عقد لقاء "لم الشمل" ورفع الشعارات الوطنية حتى لا تترنح الثورة ومسيرتها.

المربك في الأمر، أن أعضاء الجماعة ضربوا بالاتفاق عرض الحائط، وفوجئ الجميع بتحول الأمر إلى تظاهرة مليونية مشارك فيها الآلاف من أعضاء الجماعات السلفية المتشددة التي حشدت من كل مكان في مصر، ورفعوا الرايات السوداء، الأمر الذي أثار مخاوف المصريين الرافضين للسيطرة الإخوانية على ثورة يناير.

انتخابات الرئاسة

موقف الإخوان مع الثورة لم تقف عند التخلي عن مبادئها أو الركوب على ما فعلته، بل نفوا في بادئ الأمر الدفع بمرشح في الانتخابات، وكالعادة فاجئوا الجميع بإعلان ترشح خيرت الشاطر أولا كمرشح لهم للرئاسة خاصة بعد السيطرة على الأغلبية في البرلمان.

وبعد قرار استبعاد الشاطر، دفعوا بالمعزول محمد مرسي بدلا منه في تصميم واضح على تحدي الإرادة الشعبية المصرية، حيث دخل جولة الإعادة مع المرشح السابق الفريق أحمد شفيق، ليفوز مرسي العياط برئاسة مصر.

إلغاء حل مجلس الشعب

في 8 يوليو 2012، بدأت أول قرارات مرسي السلبية، بإلغاء قرار قرار المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع آنذاك بحل مجلس الشعب، إثر حكم للدستورية العليا ببطلان "قانون الثلث المخصص للمقاعد الفردية".

جاء القرار الجمهوري الذي أصدره مرسي، بهدف خدمة أعضاء جماعته خاصة أن الحزب في ذلك المجلس كان يسيطر على أغلبية المجلس.

المصريون يقرون دستورا جديدا

لم يأبه أعضاء الإخوان، بالانسحابات المتكررة من القوى الوطنية المدنية الأخرى، واستمروا في جلساتهم لوضع دستور 2012.

وشكل أعضاء الجماعة لجنة كان معظمها من الإخوان وأعضاء الجماعات الإسلامية، ولم يحضر أعضاء القوى السياسية بشكل قوي داخل تلك الاجتماعات ما أدى لخلافات ثنائية بين الطرفين اعتراضًا على نسب التمثيل العادل، لكن لم يلقوا لها بالا.

وانتهت اللجنة من وضع دستورها، وتسلم مرسي المسودة النهائية للدستور من المستشار حسام الغرياني رئيسها في احتفالية، إلا أن المصريين اتخذوا موقفًا صارمًا وأعلنوا رفضهم لهذا الدستور حيث عزفوا عن المشاركة في الاستفتاء على الدستور الجديد.

الإعلان الدستوري

في 22 نوفمبر 2012، أصدر مرسي إعلانًا دستوريًا هدف إلى تعزيز صلاحياته والتوسع من سلطاته وحصن قراراته في مواجهة القضاء، وهو الذي أشعل الأجواء في مصر وعادت الاحتجاجات مجددًا في ميدان التحرير.

قرار "الاستبن" في الإعلان الدستوري شمل تعيين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار رئاسي لمدة 4 سنوات، وهو الأمر الذي يمهد لإقالة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، واستبداله بالمستشار طلعت إبراهيم "الإخواني"، وهو ما أدى لغضب الأوساط القضائية.

واتجه المتظاهرون المعترضون إلى قصر الرئاسة للاعتراض على الإعلان الدستوري، وهو ما قابله أعضاء الإخوان بالعنف حيث نشبت اشتباكات عنيفة أمام قصر الاتحادية لقي العديد من المصريين مصرعهم، خاصة بعد استخدام أعضاء الجماعة الأسلحة النارية في مواجهة المتظاهرين العزل والمسلحين بمطالبهم السلمية.

وطرد الآلاف من مناصري مرسي وأعضاء الجماعة بطرد مؤيدي المعارضة الذين كانوا يعتصمون أمام القصر الرئاسي.

مؤتمر نصرة سوريا

في خطوة مفاجئة، عقد مرسي العياط في 15 يونيو، مؤتمرا كبيرا في الصالة المغطاة باستاد القاهرة تحت شعار "نصرة سوريا"، وأعلن خلاله قطع العلاقات مع النظام السوري، وإغلاق السفارة السورية بالقاهرة، مع سحب القائم بأعمال السفير المصري من دمشق.

ووجه العياط، تهديدًا باللجوء إلى العنف وانتشار الفوضى والإرهاب في حالة الخروج في تظاهرات تندد بحكم جماعة الإخوان، غير مهتم بالتأثير السلبي على تلك القرارات المتخذة بقطع علاقات دولية مع سوريا.

سرقوا الثورة

المحامي ثروت الخرباوي والمنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية، فند الأخطاء التي ارتكبها أعضاء جماعة الإخوان خلال فترة حكمهم لمصر حتى قيام ثورة 30 يونيو، حيث أشار إلى أن أخطاء جسيمة قد ارتكبت أدت إلى ذلك الأمر.

وأوضح في تصريحات تليفزيونية سابقة، أن تلك الأخطاء تمثلت في منهج الجماعة وعقيدتها والنظام التربوي الذي نشأ عليه أفرادها.

وأشار الخرباوي إلى أن الجماعة لم تقف بجوار ثورة يناير بل سرقتها، خاصة أنها لم تشارك فيها منذ البداية وقفزت على نتائجها والاطمئنان على مستقبلها أولا.

وشدد المنشق عن الجماعة، على أنهم حولوا أهداف 25 يناير إلى مسارات خدمت أهدافهم.

سيناريو تخيلي

استمرار الإخوان في الساحة السياسية المصرية كان مستحيلا في ظل السياسات المتبعة من أعضاء الجماعة من تكفير معارضيهم والاعتداء بالضرب والسحل على من يتظاهر ضدهم.

من المؤكد أن مرسي كان سيواصل هواياته في إصدار القرارات الجمهورية التي تمنح صلاحيات أكبر لأعضاء الجماعة والجماعات التكفيرية.

ومثلما فتح مرسي أبواب قصر الاتحادية إلى المجرمين والهاربين من السجون، كانت الأبواب ستظل مفتوحة حتى وقتنا هذا أمام أعضاء الجماعة والهاربين من السجون، ولأصدرت عشرات القرارات بالإفراج عن المسجونين من أعضاء الجماعة.

تهديدات بالسحق وتكفير المعارضين، كانت اللغة السائدة لأعضاء الجماعة، حتى في اعتصامهم الشهير بمنطقة رابعة العدوية، وهو ما ظهر في جملة القيادي الإخواني صفوت حجازي خلال الاعتصام، قائلا: "اللي هايرش مرسي بالميه هنرشة بالدم"، ليفتح بابا جديدا من أبواب العنف الدموي في مصر.

العلاقات الخارجية كانت بالتأكيد ستزداد سوءاً، خاصة أن التعاون مع قطر وتركيا في ذلك الوقت كان في أولى اهتمامات مرسي، حيث عمد على بناء خلافات حادة مع دول الجوار والسعودية والإمارات، ما يمهد الطريق لحالة من الجفاء السياسي بين مصر وأشقائها.