عام على حكم ترامب| العلاقات الروسية الأمريكية «سياسة بالإكراه»

ترامب وبوتين
ترامب وبوتين

"على الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب أن يتجاوزا الأزمات بين البلدين، وأن ينطلقا نحو إقامة علاقة وثيقة"، هكذا صرح الرئيس السوفيتي الأوحد ميخائيل خرباتشوف قبل اللقاء الوحيد الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين.

تصريح الرجل الذي أعلن سقوط الاتحاد السوفيتي كان مجرد كلامٍ فضفاضٍ لم يجد له أثر على أرض الواقع، فالعلاقات الأمريكية الروسية لم تشهد تقدمًا على أرض الواقع بل على العكس باتت الآن في أجواء تشبه أيام الحرب الباردة بين البلدين، حسبما يرى محللون سياسيون في كلٍ من روسيا والولايات المتحدة.

إقالة كومي والتحقيقات

فترة العداء بين الولايات المتحدة وروسيا في عهد دونالد ترامب بدأت من قبل أن تبدأ ولاية ترامب الانتخابية في العشرين من يناير 2017، فمزاعم تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية الأمريكية ألقت بظلالها على بداية حكم ترامب في البيت الأبيض، بعدما كان يرغب في تحسين علاقته بروسيا، خلاف التي كانت عليها في حقبة سلفه باراك أوباما.

أولى العثرات الغير مباشرة في وجه عودة جريان المياه الراكدة بين واشنطن وموسكو، كانت إقالة ترامب لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالية جيمس كومي في مطلع شهر مايو، حيث اتهمه ترامب بالتقاعس عن أداء عمله، حسبما عزى الرئيس الأمريكي أسباب الإقالة.

بيد أن كومي قذف إدارة الرئيس الأمريكي بحجرٍ صلدٍ، حينما قال خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأمريكي في شهر يوليو إن سبب إقالته من منصبه هو رغبة ترامب في إنهاء مسألة التحقيقات حول إدانة مستشاره للأمن القومي السابق مايكل فلين، الذي خلص من التحقيقات حول تورطه في مسألة التواطؤ مع موسكو خلال الانتخابات الرئاسية.

وكان يتولى ملف التحقيقات الخاصة بمزاعم تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وقد حل روبرت مولر محله، والذي أدان هو الآخر مسؤولين في حملة ترامب الانتخابية أبرزهم بول مانافورت، مدير حملته السابق.

الأزمات التي طرفها روسي

أزمات ترامب الرئيسية في علاقته مع موسكو بدأت مع استقباله وفدًا روسيًا برئاسة وزير الخارجية سيرجي لافروف وسفير روسيا لدى الولايات المتحدة وقتها سيرجي كليسياك، حيث تحدثت صحيفة "واشنطن بوست" عن أن ترامب أفشى للافروف أسرار مخابراتية، وهو ما أغضب ترامب حينها وجعلته يقول إنه يواجه حربًا لم يواجهها أي رئيس أمريكي قبله.

وأجبر الرئيس الأمريكي على التصديق عن مضضٍ على فرض عقوباتٍ على روسيا في شهر يوليو الماضي، بعدما أقرها الكونجرس بغرفتيه النواب والشيوخ.

ترامب وقتها أفصح عن غضبه تجاه تلك العقوبات التي استهدفت موسكو جراء مزاعم تدخلها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، إضافةً إلى استيلائها على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، حسبما يرى الكونجرس الأمريكي، حيث قال ترامب حينها أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد له عدم تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وأنه صدقه في قوله.

نفس الغضب من مشروع العقوبات أفصح عنه وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، الذي انتقد بشدة مشروع العقوبات التي صاغها الكونجرس نهاية شهر يوليو الماضي.

ورغم ذلك الامتعاض الذي أبداه ترامب ووزير خارجيته إلا أنه له لم يكن شفيعًا له عند الرئيس الروسي الذي شجب العقوبات الأمريكية التي وقعها الكونجرس الأمريكي ضد روسيا، معتبرًا أنها تزيد من فجوة الخلافات بين البلدين.

وأتت تلك العقوبات بعد أول لقاءٍ جمع الرئيس الأمريكي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في الحادي عشر من يوليو بمدينة هامبورج الألمانية على هامش قمة العشرين، لتوأد تلك العقوبات المفروضة على مسؤولين روس أي فرصة للتقرب بين موسكو وواشنطن.

اللقاء الرسمي الوحيد الذي جمع ترامب ببوتين في هامبورج بحثا خلاله الأزمة السورية، مثيلتها الأوكرانية، إضافةً إلى مسألة تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

خلاف متواصل حول مصير الأسد

ولم يكتب شهر يوليو الذي شهد منعطفًا كبيرًا في العلاقات الأمريكية الروسية نهايته إلا على نقطة خلافٍ جديدةٍ بين الولايات المتحدة وروسيا، فتصريحاتٌ صادرةٌ من تيلرسون حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد شكلت نقطة خلافٍ جديدةٍ بين البلدين.

تيلرسون اعتبر أنه لا يوجد مستقبل للأسد وأسرته في حكم سوريا، في حين كان رد بوتين تهكميًا على رئيس الدبلوماسية الأمريكية، حيث قال ساخرًا إن وزير الخارجية الأمريكي ليس مواطنًا سوريًا كي يحدد مصير الأسد، وأن مصير الرئيس السوري يحدده الشعب السوري وحده.

ولا تزال الأزمة السورية نقطة خلافٍ وتناحرٍ بين الجانبين، وكان آخرها إعلان واشنطن إنشاء قوات جبهة جديدة على الحدود السورية، وهو ما لقى استهجانًا من قبل موسكو، التي تدعم حكومة بشار الأسد، التي اعتبرت هذه القوات الأمريكية في منزلة تنظيمي "داعش" و"النصرة" الإرهابيين.

جميل وحيد

ورغم عملية الشد والجذب بين الجانبين، خاصةً في القضايا الخلافية المتأصلة المتعلقة بالأزمة السورية، إلا أن الولايات المتحدة قدمت في شهر ديسمبر الماضي صنيعًا حسنًا لروسيا، حينما أخطرتها بوجودٍ تهديدٍ إرهابيٍ يستهدف العاصمة الروسية موسكو، وهو ما جعل موسكو تتمكن من إحباط الهجوم الإرهابي الذي كان يُحتمل أن يضرب موسكو.

وقتها وجه بوتين الشكر لترامب خلال اتصالٍ هاتفيٍ جمعهما، أكدا خلاله ضرورة التنسيق معًا من أجل مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتشددة.