رؤساء من أمريكا وطأت أقدامهم «أرض الكنانة»

صورة مجمعة
صورة مجمعة

أوفد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نائبه مايك بنس بزيارةٍ إلى الشرق الأوسط يستهلها من مصر غدًا السبت 20 يناير، في جولةٍ تهدف الولايات المتحدة من خلالها استعادة دورها في إحياء مباحثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعدما عقد القرار الأمريكي حول القدس من مسألة استمرار تلك المباحثات.

مايك بنس سيتوجه بزيارةٍ إلى كلٍ من مصر والأردن وإسرائيل، في حين رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقبال بنس في الأراضي الفلسطينية، كرد فعلٍ عقابيٍ تجاه الإدارة الأمريكية بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل.

وكان بنس يقف خلف ترامب أثناء دلوه ببيان الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل وتوجيه وزير الخارجية ريكس تيلرسون بنقل مقر السفارة الأمريكية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.

زيارة نائب الرئيس الأمريكي للقاهرة ليست الأولى لمسؤولٍ كبيرٍ في البيت الأبيض، فقد سبقت تلك الزيارة عدة زيارات لسبع رؤساءٍ من الولايات المتحدة مروا على مصر سالمين كما دخلوها آمنين.

الحرب العالمية الثانية سر الزيارات المتلاحقة لرزوفلت

البداية كانت مع الرئيس الثاني والثلاثين للولايات المتحدة فرانكلين روزفيلت، الذي كان أول رئيسٍ أمريكيٍ يقوم بزياراتٍ للشرق الأوسط، وكانت مصر أولى وجهاته في المنطقة في الفترة ما بين الثاني والعشرين والسادس والعشرين من شهر نوفمبر عام 1943 إبان الحرب العالمية الثانية.

الرئيس الأمريكي حضر آنذاك مؤتمر القاهرة الأول مع رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل والزعيم الصيني شيانج كاي شيك، الذي أكدت خلاله دول الحلفاء العزم على استمرار نشر قوة عسكرية في اليابان حتى الاستسلام غير المشروط من قبل الإمبراطورية اليابانية، وتنازلها عن جميع الأراضي التي احتلتها اليابان من الصين ، مثل منشوريا وفورموزا وبسكادورز وهونجالدنجا.

وبعد أسبوعٍ واحدٍ، عاد روزفيلت إلى القاهرة في الفترة ما بين الثاني والسابع من ديسمبر، مرة لحضور مؤتمر القاهرة الثاني  حيث حضره مع تشرشل مرة أخرى، إلى جانب الرئيس التركي عصمت إينونو، حيث تناول المؤتمر آنذاك المساهمات التي تستعد أنقره تقديمها آنذاك لخدمة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

ولم تتوقف زيارات روزفيلت لمصر عند هذا الحد، فقد عاد إليها مرةً أخرى في منتصف فبراير عام 1945، ولكن هذه المرة كانت الزيارة للإسكندرية إضافةً إلى البحيرات المرة وقناة السويس، حيث اجتمع مع ملك مصر فاروق الأول وإمبراطور إثيوبيا هيلا سيلاسي وملك السعودية عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل.

زيارة وحيدة لنيكسون

ثاني الرؤساء الأمريكيين الذي حلوا ضيوفًا بالقاهرة، كان الرئيس السابع والثلاثين ريتشارد نيكسون ،الذي ارتبط اسمه بفضيحة "وتر جيت" التي أقصته من استكمال ولايته الثانية الرئاسية في الولايات المتحدة.

زار نيكسون مصر مرةً واحدةً كانت في عامه الأخير لرئاسته الولايات المتحدة، في الثاني عشر من شهر يونيو عام 1974، وكانت تعتبر أول زيارة رسمية علنية لرئيسٍ أمريكيٍ للقاهرة بهدف توطيد العلاقات الأمريكية المصرية، حيث التقى الرئيس المصري آنذاك أنور السادات، أشاد خلالها نيكسون بالاستقبال الحافل للشعب المصري له في هذه الزيارة.

 

كارتر وتردده على القاهرة بسبب اتفاقية السلام

ثالث الرؤساء الأمريكيين الذين زاروا القاهرة كان الرئيس التاسع والثلاثون جيمي كارتر، وتزامنه زيارته مع مباحثات اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل التي تم توقيعها عام 1979 برعايةٍ أمريكيةٍ.

أولى الزيارات التي عقدها كارتر لمصر كانت في يناير عام 1978 حيث التقى الرئيس المصري أنور السادات ومستشار ألمانيا الغربية هلموت شيمث في مدينة أسوان.

أما الزيارتين الثانية والثالثة كانت في نحو أسبوعٍ واحدٍ، بدأت أولاهما في السابع من شهر مارس حتى التاسع منه، حيث ألقى خلالها خطابًا أمام مجلس الشعب المصري في وقتٍ كانت المحادثات بين مصر وإسرائيل حول اتفاقية السلام تمضي قدمًا.

بعدها سافر كارتر إلى تل أبيب في الفترة ما بين العاشر والثالث عشر من مارس حيث ألقى خطابًا أمام الكنيست الإسرائيلي، والتقى هناك الرئيس إسحاق نافون، ورئيس الوزراء مناحم بيجن لبحث ما توصل إليه من اتفاقاتٍ مع الجانب المصري حول اتفاقية السلام.

قبل أن يعود مرة أخرى إلى القاهرة في زيارةٍ خاطفةٍ يوم الثالث عشر من مارس للقاء الرئيس المصري أنور السادات لإطلاعه على نتائج المحادثات مع المسؤولين الإسرائيليين.

حرب الخليج تأتي ببوش الأب للقاهرة

الرئيس الأمريكي الرابع الذي جاء إلى مصر كان الرئيس الحادي والأربعون جورج بوش الأب، الذي قام بزيارةٍ وحيدةٍ إلى مصر يومي الثاني والعشرين والثالث والعشرين من شهر نوفمبر عام 1990، وقتما كانت القوات العراقية بزعامة صدام حسين تشنًا هجومًا على جارتها الكويت بغية احتلالها وضمها إلى بلاد الرافدين.

التقى بوش الأب حينها مع الرئيس المصري حسني مبارك حيث تباحث معه الأزمة التي عُرفت بحرب الخليج الثانية، حيث كانت القاهرة وواشنطن تقاتل جنبًا إلى جنبٍ من أجل طرد القوات العراقية من الأراضي الكويتية التي احتلتها.

بيل كلينتون .. الزائر الأكبر

ومن جورج بوش الأب إلى خلفه بيل كلينتون الذي زار مصر أربع مرات في زياراتٍ متفرقةٍ خلال فترتيه الرئاسيتين اللتين حكما خلالهما الولايات المتحدة.

أولى الزيارات كان عام 1994، يومي الخامس والعشرين والسادس والعشرين من أكتوبر حيث التقى الرئيس المصري مبارك إلى جانب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات بالقاهرة، لبحث القضية الفلسطينية، وسبل تحقيق اتفاقية أوسلو.

ثاني الزيارات كانت يوم الثالث عشر من مارس عام 1996 لحضور قمة صانعي السلام بمدينة شرم الشيخ المصرية، والتي دعت لها مصر من أجل إنقاذ عملية السلام في الشرق الأوسط وضمان استمرارها في مواجهة ما تتعرض له من تحديات وذلك عقب اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين.

وفي عام 2000، زار كلينتون مصر مرتين، الأولى في التاسع والعشرين من شهر أغسطس بالقاهرة، حيث أطلع الرئيس المصري مبارك حول عملية السلام في الشرق الأوسط في ضوء قمة صانعي السلام.

وبعدها بأقل من شهرين، عاد كلينتون مرة أخرى إلى مصر، ولكن هذه المرة لمدينة شرم الشيخ حيث حضر في السادس وعشر والسابع عشر من أكتوبر اجتماع القمة بين المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين، في إطار مباحثات السلام المستمرة بين الجانبين، والتي لم تسفر عن أي نجاحٍ إلى يومنا هذا.

جورج بوش على خطى كلينتون

وسار الرئيس الأمريكي الثالث والأربعون جورج دبليو بوش على نهج سلفه كلينتون، فزار مصر طيلة فترة حكمه أكثر من مرة، كانت أولاهم في مطلع يونيو عام 2003، حيث حضر قمة البحر الأحمر رفقة الرئيس المصري مبارك و العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والعاهل السعودي آنذاك الملك فهد بن عبد العزيز والعاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة إلى جانب رئيس الوزراء الفلسطيني آنذاك محمود عباس، الذي أصبح رئيسًا فيما بعد عام 2005.

ثاني الزيارات لمصر كانت في الثامن عشر من يناير عام 2008، لحضور مؤتمر السلام في مدينة شرم الشيخ، وقد جرت تلك الزيارة وسط توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن، حيث لم تستمر زيارة بوش لمصر سوى لثلاث ساعات حضر خلالها القمة، قبل أن يرحل، وقدم قدم إلى شرم الشيخ بعد زيارةٍ للرياض استمرت لثلاث أيام التقى خلالها العاهل السعودي آنذاك الملك عبد الله بن عبد العزيز.

آخر زيارات بوش لمصر كانت في العام ذاته، يوم السابع عشر والثامن عشر من مايو، في شرم الشيخ أيضًا، حيث التقى الرئيس المصري  مبارك والملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض والرئيس الأفغاني حامد كرزاي ورئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني، كما ألقى خطاب في المنتدى الاقتصادي العالمي.

أوباما الأخير

آخر الرؤساء الأمريكين السبعة الذين زاروا مصر كان الرئيس السابق باراك أوباما، الذي زار مصر يوم الرابع من يونيو عام 2009 مع بداية حكمه، وألقى خطابًا من جامعة القاهرة، كانت رسالةً له للعالم العربي الإسلامي، حيث اتخذ من القاهرة منصةً لذلك.

وبعد سنتين من ذلك الخطاب، ألقى أوباما من واشنطن خطابًا بعنوان "القاهرة 2" جاء في الذكرى الثانية لزيارته للقاهرة، كانٍ في وقتٍ العالم العربي يعيش في خضم ثورات الربيع العربي.

ومن المقرر، أن يلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مايك بنس غدًا السبت 20 يناير، بقصر الاتحادية الجمهوري بالقاهرة.

الجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي ترامب كان قد قام بجولةٍ في الشرق الأوسط استهل من خلالها أولى جولاته الخارجية منذ تبوئه مقعد الرئيس في البيت الأبيض، وكان ذلك في العشرين من شهر مايو الماضي، حيث زار العاصمة السعودية الرياض، وعقد هناك قمةً جمعته بخمسين من زعماء العرب والمسلمين، قبل أن يتوجه إلى تل أبيب، ثم إلى بيت لحم بفلسطين، دون أن يحط الرحال بمصر في تلك الزيارة.