«الدرهم والجنيه يسبحان».. هل يُنقذ «التعويم» اقتصاد المغرب والسودان؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 

قبل يومين، أعلنت المملكة المغربية تطبيق نظام سعر صرف مرن للعملة، تمهيدًا لبدء إجراءات تحرير عملتها «الدرهم»، تلك التجربة التي تواجه مخاوف كبيرة في البلاد خشيةً أن تكبد الاقتصاد خسائر فادحة.

وكانت سياسة تعويم العملة المحلية بدأتها مصر في نهاية عام 2016، ونفذتها من قبل أربع مرات، كانت بدايتها عام 1977 في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بالإضافة إلى مرتين في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك عامي 1989 و2003.

واعتبر رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني أن عملية تعويم الدرهم المغربي تمت في ظروف ملائمة تتسم بصلابة القطاع المالي في البلاد، دون أن يفصح عن الآثار السلبية المنتظرة على القدرة الشرائية للسلع في المغرب.

التعويم في السودان

مع بداية العام الجديد خفضت الحكومة السودانية سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار إلى 18 جنيهًا مقابل 6.7 جنيهًا والتي كانت في السابق، وذلك بهدف تقليص الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسعر في السوق السوداء، حيث وصل السعر فوق 28 جنيهًا في نوفمبر الماضي.

إلا أن إجراءات الحكومة السودانية لم تأتِ أكلها، فوفقًا لبياناتٍ صادرةٍ عن وكالة "رويترز" أول أمس الاثنين 15 يناير، فإن سعر صرف الدولار وصل إلى 34 جنيهًا في السوق السوداء.

وأعلن وزير المالية السوداني، محمد عثمان الركابي، أن الحكومة أعفت نحو 63 سلعة مستوردة من الجمارك والضرائب والرسوم، وذلك في محاولة للسيطرة على ارتفاع الأسعار التي تسببت في احتجاجاتٍ شعبيةٍ في البلاد، اعتراضًا على ارتفاع السلع الأساسية.

وبعدما قررت مصر البدء في إجراءات تحرير العملة المحلية "الجنيه المصري" قبل أكثر من عام ارتفع سعر الدولار في مقابل الجنيه، حيث بلغ ما يربو على عشرين جنيهًا كحدٍ أقصى للارتفاع، إلى جانب ارتفاع عديد من السلع الغذائية في البلاد، في إجراءٍ هدفت منه البلاد إصلاح منظومة الاقتصاد على المدى البعيد.

سياسة التعويم بين المكاسب والخسائر

ويُطرح السؤال الأول حول ما الدافع المغري الذي يجعل بلادٌ تسلك مسلك تعويم عملتها المحلية، كحلٍ للأزمات الاقتصادية التي تعانيها؟

يجيب الدكتور محمد الشوادفي ،عميد كلية التجارة جامعة الزقازيق المصرية، عن هذا السؤال، فيقول إن تعويم سعر العملة يعني تحريرها من سيطرة الدولة، وإطلاقها بعيدًا عن تدخلها في تحديد سعرها، وإخضاعها لقانون العرض والطلب، أو بالأحرى الوصول للسعر الحقيقي للعملة الوطنية مقارنةً بالعملات الأجنبية.

ويعدد الشوادفي، في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ «أخبار اليوم»، مزايا تعويم العملة المحلية، فهي تساهم في التسعير الحقيقي للمنتجات الوطنية، وتحديد القدرة الشرائية لها مع العالم الخارجي، إضافةً إلى المساعدة في دمج الاقتصاد الوطني مع الاقتصاديات العالمية.

وعن الأسباب التي أدت إلى التضخم وارتفاع الأسعار في مصر بعد تحرير البنك المركزي لسعر الجنيه المصري في نوفمبر عام 2016، يُبين الشوادفي أن السبب في ذلك يرجع إلى أن الاقتصاد في مصر يعتمد على الواردات والتي تشكل نحو 70% من الاقتصاد، وهو ما يعني حتمية ارتفاع أسعار السلع المستوردة التي تعتمد على سعر العملة الأجنبية.

ويضرب عميد كلية التجارة المثل بالصين التي لا تريد حاليًا رفع سعر عملتها، لأنها تعتمد على الصادرات بشكلٍ كبيرٍ، فسياسة تعويم العملة المحلية يكون مفيدًا ومجديًا للدول التي تعتمد على التصدير بشكل أكبر من الاستيراد.

ووفقًا لآخر التقارير الصادرة عن البنك المركزي ،حسبما يقول الشوادفي، فإن عدد صادرات مصر زاد بمعدل ثلاثة أضعاف السابق خلال عام 2017.

لذا نستخلص من هذا أن سياسة التعويم ستكون ناجحةً إذا اعتمدت البلدان الثلاثة التي لجأت لهذا الخيار على زيادة صادراتها على حساب وارداتها، خلاف هذا ستكون سياسة تعويم العملة المحلية كارثة على البلد الذي سيظل يعتمد على الاستيراد بشكلٍ كبيرٍ.