مراقب الفوضى يكتب عن المدينة غير الفاضلة!

الروائى أحمد سمير سعد
الروائى أحمد سمير سعد

يحاول الروائي أحمد سمير سعد أن يبحث عن إجابة بسؤال: لماذا  أصبح الكون متجها نحو الدمار والفوضى؟، وذلك من خلال روايته "شواش" التي صدرت مؤخرا عن دار أكتب للنشر، ونسأله هل روايتك هى رحلة العثور على سبب لماذا أصبح العالم مشوش أو فوضوي؟.

 

ويجيب سعد: أعتقد أن براعة الفن في تفجير الأسئلة، لا في طرح إجابات. الإجابات في صفحات الجرائد وبرامج التوك شو ومواقع التواصل الاجتماعي و أغلبها لغو بلا قيمة ولا معنى، لا تجذب ولا تجيب. من خلال الرواية حاولت تجميع أطراف الصورة وحل "البازل" مشاركا القارئ النشط في ذلك مؤمنا أن الأثر الأكبر في معايشة الحالة والأجواء، مشاركة المعرفة والمشاعر لا في فرض رؤية أو صورة بالتأكيد ستكون منحازة، هكذا يكون الفن مؤثرا أكثر من ألف خبر وألف معلومة جافة وخطبة عصماء وجعجعة بلا طحن.


عن سبب اختيار سعد لعالم "ديستوبيا" حتى تكون فكرة روايته، يقول: الديستوبيا هي عكس اليوتوبيا (المدينة الفاضلة) وفي زمان قديم كان اجتهاد الأدباء والمفكرين خلق تلك المدينة المثال ولعل أبرز تلك المحاولات كانت لأفلاطون عندما كتب جمهوريته الشهيرة. إلا أنه مؤخرا بدأ يظهر إتجاه أدبي يعتقد أن المدينة الفاضلة هي محض هراء، ويبشر بجحيم سيستحيل معه كل شيء، هذه الأطروحات ظهرت مع فشل عصور النهضة والتنوير الغربية في خلق العالم المثالي، وعزز تلك الروايات وخيال كتابها ظهور بعض الأنظمة الشمولية، فشلت الحداثة وفشل العلم فلم يعد أمام الإنسان إلا تخيل الأسوأ.


كتب سعد روايته بتقنية الكتابة العلمية، ويقول عن سبب اختياره لذلك الأسلوب: أعتقد أن الرواية كل لا يتجزأ، تنادي كاتبها بعد أن تبزغ ملحة في عوالم خياله، ولعلي لجأت إلى تفصيلة علمية لأن العلم هو سحر هذا العصر.


أختار سعد عالم رياضيات مريضا بالسرطان ليكون محور الرواية ليعبر عن الدمار الذي يواجه العالم، ويقول: لهذا جاءت الرواية مكتوبة بلغة رياضية، صحيح أن الرياضيات مبنية على علم المنطق، والمنطق قاصر لقصور البشر إلا أن هناك من يعتقد في الرياضيات كلغة راقية، هذا بالإضافة أن الرياضيات لا تعرف المجاز، هي لغة تبدو حدية وقاطعة، لذلك كنت شغوفا بالتجسس على عالم الرياضيات ذلك الذي عاد إلى مصر ولا يعرف لماذا عاد بعد أن أصيب بالسرطان، وبدأ في رصد الفوضى وتحليلها مدعيا امتلاكه لبرنامج يستطيع أن يجمع كل المدخلات الحالية، ويخرج بنتائج تحدد كيف سيكون الغد، تماما كما اعتقدوا قديما في كون كالساعة متى عرفت موضع كل ترس في لحظة استطعت أن تدرك كل الماضي وتبشر بالمستقبل!