حوار| مصطفى حمدان: حلم عبد الناصر يبدأ بتنفيذ اقتراح «السيسي» بتأسيس القوة العربية

العميد مصطفى حمدان قائد لواء الحرس الجمهوري اللبناني السابق
العميد مصطفى حمدان قائد لواء الحرس الجمهوري اللبناني السابق

☼ العميد مصطفى حمدان قائد لواء الحرس الجمهوري اللبناني السابق وأمين الهيئة القيادية في حركة الناصريين المستقلين – المرابطون:
◄| اليوم تتحسّر الأمة على قائد أدخل عناوينا قومية كبرى إلى صفحات تاريخها
◄| عبد الناصر هو ضمير الأمة العربية الساكن في عقلها ووجدانها
◄| الجيشان المصري والسوري يدفعان دم غال أمام عصابات الإخوان المتأسلمين
◄| تحقيق حلم عبد الناصر يبدأ من تنفيذ اقتراح السيسي بتأسيس القوة العربية المشتركة
◄| نجاحات عبد الناصر كانت في قدرته على أن يكون الرمز والقائد في تحرير أقطارنا العربية
◄| نحن كناصريين قوميين عرب نقف مع الرئيس السيسي الذي قضى على مشروع تفتيت أمتنا 
◄| مصر المحروسة مع السيسي كانت صخرة منيعة جامدة ترتكز عليها الأمة العربية
◄| إليك العهد والوعد يا ناصر بأن نكون أحرارا ونطبّق اشتراكيتك الإنسانية

أجرى الحوار – أحمد الشريف
«قتلناكَ.. يا آخرَ الأنبياءْ.. قتلناكَ.. ليسَ جديداً علينا.. اغتيالُ الصحابةِ والأولياءْ.. فكم من رسولٍ قتلنا.. وكم من إمامٍ.. ذبحناهُ وهوَ يصلّي صلاةَ العشاءْ.. فتاريخُنا كلّهُ محنةٌ.. وأيامُنا كلُّها كربلاءْ».. ذلك مطلع قصيدة كتبها الشاعر نزار قباني يرثي فيها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؛ ذلك الزعيم الذي وسعت همته آمال أمته؛ والذي استطاع بجدارة أن يحصد قلوب المصريين والعرب منحازا لهم ومتصديًا لكل القضايا التي تؤرق مضاجعهم..

واليوم ونحن تحل علينا ذكرى مئوية ميلاد الزعيم الخالد ناصر؛ التي توافق 15 يناير من عام 1918.. تواصلت «بوابة أخبار اليوم» مع العميد مصطفى حمدان قائد لواء الحرس الجمهوري اللبناني السابق وأمين الهيئة القيادية في حركة الناصريين المستقلين – المرابطون؛ وأجرت معه هذا الحوار؛ الذي كشفه فيه سر محبة العرب للزعيم الراحل؛ ولماذا مازال باقيًا وحاضرًا وخالدًا رغم مرور 100 عام على مولده؟ وهل جمال عبد الناصر هو مشروع للمستقبل وليس حنينا للماضي؟.. المزيد في السطور القادمة..


يوم الإثنين يوافق ذكرى مولد «أبو الفقراء»  الزعيم جمال عبد الناصر، مائة عام مرت علي مولده ماذا لو عاش عبدالناصر؟
بداية نتوجه بالسلام والرحمة على الروح الطاهرة لزعيمنا ومعلمنا ابن مصر المحروسة جمال عبد الناصر، والسلام وكل الحب والتقدير لأهلنا المصريين في الذكرى المئوية لميلاد جمال عبد الناصر.
لا شك أنه من الصعوبة بمكان الإجابة على سؤال ماذا لو عاش رجل بحجم جمال عبد الناصر في مختلف المراحل التاريخية، التي تلت ارتقائه إلى رب العالمين، في ظل التحديات الكبرى التي مرّت بها مصر وأمتنا العربية، لكن إذا ما أخذنا التطور التاريخي المنطقي لما أنجزه جمال عبد الناصر على الصعيد الوطني المصري وفي الدوائر العربية والإفريقية والعالمية نطرح الرؤية التالية:
على الصعيد الوطني المصري، استكمال بناء القوات المسلحة المصرية خير أجناد الأرض لتنفيذ الإرادة الوطنية المصرية في تحرير أرض سيناء، واستكمال المعركة القومية الكبرى مع الجيش العربي السوري والجيش العربي الأردني من أجل الوصول إلى تحرير معظم الأراضي الفلسطينية وقدسنا الشريف، وإعلان عودة أهلنا الفلسطينيين إلى دولتهم الحرة العربية.
وفي موازاة جهود البناء للقوات المسلحة المصرية تستمر الخطة الاقتصادية لجعل مصر مركزاً صناعياً هاماً على الصعيد العالمي، وتطوير أساليب الزراعة الحديثة كي تتصدر مصر لوائح المنتجات الزراعية من القطن وغيرها من خيرات الأرض المصرية.
ومن الطبيعي أنه بعد تحرير قناة السويس أن توضع كافة الإمكانيات لتصبح الممر البحري الأحدث في معدات العبور والمناطق الحرة ومركز تجاري دولي لا ينافسه أي معبر آخر.
أما بالنسبة إلى السدّ العالي فلا شك أن تطويره من أجل رفد الخطة الزراعية والصناعية المتقدمة، وتعميم الكهرباء وتطوير الصناعة السياحية سيكون هدفاً مركزياً لخطة عبد الناصر الإنمائية في مصر المستقبل، ولكان كل الطامعين بمياه النيل يخافون المسّ بالسيادة المصرية على مائه، ولكان السدّ النهضة في خبر كان وسدودهم عادت إلى نحورهم.
على الصعيد العربي، لا شك كما ذكرنا سابقاً أن القضية الفلسطينية ستفرض على عبد الناصر والقوات المسلحة المصرية تجميع عناصر القوة العربية الواحدة الموحدة لاستكمال عملية تحرير فلسطين وقدسها الشريف، وعودة كل اللاجئين من مخيمات الشتات وإعلان دولة فلسطين الحرة العربية.
وبالتالي هذا الزلزال على الصعيد العربي سيكون كفيلاً بإتمام التكامل الاقتصادي والسياسي بين كل الأقطار العربية من محيطها إلى خليجها العربي.
ومن هذا المنطلق ستشكل القوة العسكرية الموحدة التي ستواجه كل أشكال التحديات والمخاطر التي تهدد أمتنا العربية من محيطها إلى خليجها العربي، سواء كانت أطماع خارجية أم محاولات من قبل أعداء الأمة لتحريك أدوات عميلة تهدد الأمن القومي العربي.
وهنا لا بد من ذكر الواقع العربي الاقتصادي المتطور جداً، والمرتكز على الثروة العربية المشتركة من، نفط وغاز ومعادن، ومنتجات زراعية ضخمة، وطاقة نووية سلمية سيجعل من أمتنا مجتمعة جزءً مركزياً في مسار الحضارة الإنسانية على مدى التاريخ والمستقبل.
على الصعيد العالمي، كانت مصر مركز الثقل السياسي لحركة عدم الانحياز، التي كانت ستساهم بوجود عبد الناصر والصين والهند وغيرها من الدول بعملية الاستقرار السلمي العالمي وإسقاط أحلام الدول الكبرى بالهيمنة والتفرد على القرار الدولي.

كون عبد الناصر خالدًا في وجدان الشعب المصري والعربي.. لماذا ناصر باقيًا وحاضرًا وخالدًا رغم مرور 100 عام على مولده؟
لأن عبد الناصر هو ضمير الأمة العربية الساكن في عقلها ووجدانها، والتداعيات التي حصلت بعد وفاته سواء كانت الأطماع الخارجية بالموارد الاقتصادية لأمتنا أو لفرض الهيمنة السياسية عليها، بسبب أهمية مركزها الجيو إستراتيجي في وسط العالم باستخدام الكيان الإسرائيلي أو عصابات الإخوان المتأسلمين تحت مختلف مسمياتهم طوال المدى الزمني التاريخي لاستخدامهم.
وهذا ما حاربه وقاتله عبد الناصر من أجل حماية واستقرار وتقدم وازدهار أبناء الأمة طوال حياته وخاصة في سنوات مسؤوليته التاريخية في حكم مصر على مدى 18 عاماً.
لذلك اليوم تتحسّر الأمة على قائد أدخل عناوينا قومية كبرى إلى صفحات تاريخها وهي العنفوان والكرامة، ورفض الإذعان للاستعمار، ونبذ الاستسلام للهزيمة ومقاومة الاحتلال، وضرب الإقطاع السياسي والاقتصادي المالي الفاسد، وتحفيز جماهير الأمة العربية على تبني القضايا المركزية لهذه الأمة وفي مقدمتها من دون منازع قضية فلسطين الحرة العربية.


ما هو جوهر ثورة جمال عبد الناصر، وأسباب روعتها وعظمتها وسر بقائها فتية متألقة وحية ومستعصية علي التبدد والنسيان؟
إن جوهر ثورة عبد الناصر ترتكز على أبعاد ثلاث يُضاف إليها بعدٌ رابع وهي القضية الفلسطينية، أما الأبعاد الثلاث فهي التي ناضل من أجلها عبد الناصر وهي: 
البعد الأول: إن حرية المواطن وعياً وممارسةً في الأقطار العربية هي المدخل الرئيسي إلى حرية الوطن العربي.
البعد الثاني: إن الازدهار والتطور القائم على طبيعة الواقع الحقيقي لكل بلد من البلدان يرتكز على العدالة في توزيع الثروة الوطنية وتكافؤ الفرص بين أبناء المجتمع الواحد، ومكافحة الفاسدين والمفسدين يؤدي إلى إقامة اشتراكية إنسانية يكون محور تطبيقها والاستفادة منها هو الإنسان الذي يعمل من أجل وطنه.
البعد الثالث: وهي الوحدة العربية المرتكزة إلى تجارب عديدة على امتداد أمتنا العربية، والتي جعلتنا نقتنع بأن هذه الوحدة الشاملة الكاملة لا بد أن تكون النتاج النهائي لمسار مخطط له ومدروس ينطلق من تكامل سياسي واقتصادي وعسكري لكل الأقطار العربية بحدودها الحالية.
لذلك سيبقى عبد الناصر وثورته رمزاً نادراً من رموز النهضة في هذه الأمة، واستنهاضها من ثبات عميق بعد تراكم ماضياً وحاضراً لتداعيات الاحتلال والإخضاع والإملاء عليها من خارج أسوارها.
وهذا وَعْدُ عبد الناصر الكفاحي الذي سقط من أجله شهيداً، وهو عهد علينا كقوميين عرب ناصريين أن نحققه وأن نجعله إرثاً وميراثاً للأجيال القادمة من أبناء العروبة والأمة.

جمال عبد الناصر هو مشروع للمستقبل وليس حنينا للماضي والعروبة الحضارية الجامعة هي السبيل للخروج من حالة الانقسام المذهبي والطائفي التي يغذيها المستعمر والمحتل، كيف ترى ذلك؟ وكيف يمكن تحقيق حلم عبد الناصر العروبي؟
إن الواقع الذي فرض على أمتنا العربية من خلال الصراع ضد الموجة الاستعمارية الكبرى، والتي أدت إلى احتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية وإقامة دولتهم المزيفة واقعياً وتاريخياً لهذه الدويلة القائمة على ركيزة استخدام الدين كمبرر لإقامتها، واستمرار تسلطها دفع بالاستعمار الإنجليزي ومن بعده الامبريالية الأمريكية وسعيها الدائم إلى الهيمنة العالمية الأحادية، وثورة الشرق الأوسط وبالأخص النفط العربي عاملاً أساسياً في هذه الهيمنة إلى إنشاء وتأسيس عصابات الإخوان المتأسلمين لملاقاة هذا الكيان الغاصب، بفكر ديني ظلامي يحمي على المدى الاستراتيجي البعيد هذا المشروع الاستعماري الديني على أرض فلسطين، بالإضافة إلى التعمق في مسائل الاختلاف المذهبي في الدين الإسلامي حيث استطاعوا بعد عشرات السنين من الاستخدام الدنيوي لهذه المذاهب، كي تتصارع وتسعى إلى إضعاف نهج الأمة الوحدوي القومي لإنشاء دويلات موز وإمارات مذهبية وطائفية تفتّت الأمة وتضرب أمنها القومي وبالتالي تحمي الدولة الصهيونية اليهودية وتعزز من زمن بقائها ووجودها، وهذا باختصار كلي ما نعيشه اليوم من تداعيات ما أسموه بالربيع العربي.
وبكثير من الموضوعية نستطيع أن نقول اليوم أن رهان عبدالناصر على جيش العروبة الأول الجيش العربي السوري والقوات المسلحة المصرية خير أجناد الأرض، أسقطوا صقيعهم العربي والطائفي على أبواب القاهرة ودمشق وبدأت غيوم الجاهلية السوداء المذهبية والطائفية بالانكفاء رغم الثمن الكبير الذي يدفعه الجيشين من دم غال للشهداء خاصة في هذه المرحلة النهائية للقضاء على عصابات الإخوان المتأسلمين تحت مسميات مختلفة كداعش وجبهة النصرة والقاعدة وأكناف المقدس وألوية الفتح وغيرها.
إن تحقيق حلم عبد الناصر يبدأ أولاً بالدفاع عن الأمن القومي العربي عبر تأسيس القوة العسكرية العربية المشتركة والتي طرح رؤيتها الإستراتيجية الرئيس المشير عبد الفتاح السيسي، ومن ثم خوض معركة الوعي القومي العربي بأساليب ووسائل تتلاءم مع متطلبات العصر الحديث من تقدّم في مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام المرئي والمسموع والسوشيال ميديا، والحفاظ على العيش الواحد والموحد والمشترك لكل أطياف المجتمع العربي الإثنية والدينية يكون نموذج يليق بأمتنا العربية يكون نقيض دولة وعد بلفور، ويأتي الربيع العربي الذي كان سائداً في عهده وزمانه وكل ربيع آخر حديث العهد أو قديمه هو طريق مقنّع يؤدي إلى الصقيع في أمتنا، وموتها بعد تقسيمها وتفتيتها من أجل أن يعلو شأن الكيان الإسرائيلي الغاصب.


كان إنجاز عبد الناصر في مجال تحقيق العدالة الاجتماعية لافتا، وكان قرار الإصلاح الزراعي الذي صدر قبل مرور شهرين على قيام ثورة يوليو ذا دلالة قاطعة على أن عبد الناصر الذي انتمى إلى الطبقة الوسطى لم يكن منحازا لها فحسب وإنما لكل الطبقات الفقيرة، هل من هنا جاءت محبة الجماهير العريضة له؟ أم للأمر زاوية أخرى؟
إن الانجازات الحقيقية للثورة الناصرية كانت على صعيد تكوين واقع الإنسان المصري وتحريره من الإقطاع والتخلف والخنوع وتحرير لقمة عيشه، وهذا الواقع نلمسه اليوم كل ما استمعنا إلى خطابات عبد الناصر ورأينا بأم العين أحداث زمانه الاجتماعية والاقتصادية، ورغم كل المحاولات التي تلت لإدخال مصر في أطروحات اقتصادية اجتماعية لا تتلاءم مع طبيعة أهلنا المصريين، نراهم يعودون إلى الخطط الخماسية التي وضعها عبد الناصر بطريقة حديثة على الصعيد الصناعي والزراعي والاقتصادي، حتى أن هناك بعض الدول الأجنبية الغربية والشرقية تسمي مسار تطويرها الاقتصادي باسم اشتراكية عبد الناصر الإنسانية.
وهنا نرى الوفاء من جموع أهلنا المصريين وخاصة الفقراء برفع صوره وأقواله في كل المظاهرات المطلبية والاعتصامات من أجل لقمة العيش، وهذا دليل واضح على البصمة الإنسانية التي ناضل عبد الناصر من اجل هؤلاء الفقراء لإقامة مجتمع الرخاء المرتكز على العدالة في توزيع الثروة الوطنية وتكافؤ الفرص أمام جميع المواطنين للعمل والعيش الإنساني الكريم.


لم تكن تجربة عبد الناصر بلا أخطاء بطبيعة الحال، ما هي أبرز أخطاء ناصر؟ وما هي أبرز نجاحاته؟
أن ابرز نجاحات عبد الناصر كانت في تطبيق مبادئ الميثاق الوطني عام 1963 ، ولعل أهم ما قاله إن الإنسان الذي لا يعمل هو الوحيد الذي لا يخطئ، وبالتالي نجاحات عبد الناصر كانت في قدرته على أن يكون الرمز والدافع والقائد في تحرير اغلب الأقطار العربية من الاستعمارين الانجليزي والفرنسي في فترة قصيرة جدا لا تتعدى العشر سنوات، بدءاً من الجزائر وأقطار المغرب العربي وصولاً إلى اليمن وسلطنة عمان والإمارات العربية.
على الصعيد الوطني المصري فإن تأميم قناة السويس لتعزيز الثروة الوطنية المصرية وجلاء الاستعمار الانكليزي الكامل عن تراب مصر، وتنويع مصادر تسليح الجيش العربي المصري من الدول الشرقية في مقدمتهم تشيكيا،  وعدم الرضوخ لأوامر واملاءات البنك الدولي وإقامة تحفة القرن العشرين الاقتصادية والمائية والبيئية للسد العالي وبحيرة ناصر، وتطبيق القوانين الاشتراكية المختلفة على مدى سنوات حكمه.
 أما بالنسبة إلينا نحن الناصريين نعتبر أهم نجاح له عاش قائداً وإنسانا نزيهاً وشفافاً مكافحاً للفساد قولاً وعملاً، فكان لنا مثلاً ومثالاً للقائد الذي يخرج من صفوف الجماهير فقيراً بالمال غنياً بحب شعبه له ويموت فقيراً بالمال ليودعه مئات الملايين على امتداد العالم ونفتخر انه لم يملك من فتات الدنيا إلا القليل.
أما ابرز أخطاؤه ونحن نجرأ حيث لا يجرؤ الآخرون هي هزيمة عام 1967، وبطبيعة الحال إن هذه الهزيمة لم تبدأ في 5 حزيران 1967 ولم تنته في العاشر من حزيران، فعبد الناصر لم يستطع بسبب أخلاقياته العظيمة أن يجنب مصر هذه التجربة الكالحة عبر تشديد الرقابة على المحيطين به، ودفعهم إلى التصرف بالشأن العام كما يتصرف هو، فكانت الخطيئة المميتة لعبد الحكيم عامر وشلة من المسؤولين الآخرين كارثة وطنية كبرى، ولولا قدرة إرادة الجماهير المصرية والعربية وثقتها العظيمة بقائدها والتي خرجت في 9-10 حزيران  لترفض الهزيمة، وتدفع عبد الناصر إلى الاستمرار ومحاسبة المسؤولين لكننا اليوم لا نزال نعيش في هذه النكسة.
ونحن نقول اليوم وبتفكير عميق وموضوعي في ما يتعلق بالوحدة عام 1958 وما تلاها من انفصال، إن الفشل في مواجهة هؤلاء الأعداء حيث انتصروا علينا بالانفصال يعود إلى أمرين: 
أولا: فساد سياسي وأخلاقي ومالي بسبب الغرور للمسؤولين في الإقليم الشمالي، وبالتالي انعكس سوء إدارة وجهل بالعقل الواقعي لأهلنا السوريين من انفضاض للجماهير العربية السورية عن فكرة الوحدة بعدما كانوا هم السباقون إلى السير في ركابها.
ثانيا: كان يجب رغم تقديرنا للظروف الموضوعية التاريخية يوم إعلان الوحدة الكاملة أن تتدرج الخطوات العملية لإتمامها استنادا إلى مخطط استراتيجي واضح المعالم، يحدد الايجابيات والسلبيات والعمل على تحفيز القوة الجماهيرية والحماس العظيم للمشاعر الوحدوية آنذاك.
وبالنسبة للإعلان عن الوحدة الكاملة مع سورية العربية لا نعتبره بالنسبة إلينا كقوميين عرب من أخطاء عبد الناصر، بل هو من الانجازات المهمة على صعيد التطبيق العملي لشعار الوحدة الكاملة ولولا إدراك خطورة نجاح هذه الوحدة، لما تكالبت كل قوى الاستعمار الأميركي والانكليزي والفرنسي عليها واجتمعت لتقويض بنيانها.

خلال السنوات الماضية، هناك من قارن بين الرئيس السيسي والزعيم الراحل جمال عبد الناصر؛ ورفع بعض أبناء الشعب المصري صور الزعيم ناصر إلى جانب صور السيسي في ثورة 30 يونيو، كيف تقرأ ذلك؟ وهل هناك تشابه بينهما؟ أو إن صح لنا القول بين المشروعين؟
ليس من العدل لعبد الناصر والمشير عبد الفتاح السيسي أن تُطبَّق قواعد مقارنة شخصية وسياسية واقتصادية بينهما، رغم وجود عوامل متشابهة كثيرة في الوقائع التاريخية والجغرافية. 
فعبدالناصر تمتدّ تجربة حكمه إلى ثمانية عشر سنة والرئيس السيسي لا يزال في بداية عهده في إدارة القيادة في جمهورية مصر العربية.
إلا أننا كناصريين قوميين عرب لا بد أن نؤكد أننا مع الرئيس المشير عبد الفتاح السيسي والقوات المسلحة المصرية وأهلنا المصريين في ثورة 30 يونيو، حيث وجّهوا الضربة الإستراتيجية الكبرى القاصمة لعصابات الإخوان المتأسلمين، وقضوا نهائياً على مشروع تفتيت أمتنا العربية إلى حصى صغيرة، فكانت مصر المحروسة مع عبد الفتاح السيسي صخرة منيعة جامدة ترتكز عليها الأمة العربية بعد الزلزال الذي أصابها لمدة سبع سنوات عجاف، عاث فيها الإخوان المتأسلمين  قتلاً ودماراً وفساداً، ولولا هذه الضربة على رأس الإخوان المتأسلمين لما استطاع أي قطر من الأقطار العربية الصمود والاستمرار في مواجهة هؤلاء.
الرئيس عبد الفتاح السيسي يسعى حيث لم يستطع عبدالناصر تجميع عناصر القوة العربية لحماية مستقبل الأمة من المخاطر والتحديات الخارجية والداخلية، فنرى أن أهم طرح عربي في هذه الأيام هو تنفيذ الرؤية الإستراتيجية لحماية الأمن القومي العربي بالمباشرة الفعلية الفورية لتأسيس القوة العسكرية العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب.

ما هي حركة الناصريين المستقلين، وما الهدف من تدشينها؟ وما هي أبرز نشاطاتها وتوجهاتها وإنجازاتها؟ وهل عملها مقتصر على الداخل اللبناني أم أن الأمر يتعدى الحدود؟
إن حركة الناصريين المستقلين-المرابطون انطلقت بقرار من مجموعة ناصريين يتقدّمهم الأخ الرئيس المؤسّس إبراهيم قليلات "أبو شاكر" عام 1958 تحت شعار "إنهم فتية آمنوا بربهم فزدناهم هدىً"، حيث حرص القائد المؤسس إبراهيم قليلات أن يخوض القتال في ثورة عام 1958 ضد القوى المتآمرة على لبنان بأمر أمريكي، من أجل جعل لبنان قاعدة ارتكاز لتهديد الجمهورية العربية المتحدة ورئيسها جمال عبدالناصر انطلاقاً من عمليات تخريبية في الإقليم الشمالي "سورية".
ومن هنا وبسبب مواقفه القومية والوطنية احتضن عبد الناصر الرئيس المؤسس إبراهيم قليلات بصورة شخصية، وأصبح الأخ أبو شاكر قائد المرابطون بالإضافة إلى انتمائه العقائدي والفكري إلى الناصرية نهجاً أكثر الزعماء اللبنانيين المقربين من المعلم جمال عبدالناصر.
وهذا ما كنا دائماً نعتبر فخراً لحركتنا على امتداد تاريخنا الكفاحي ولعل أبرز وأهم المحطات التاريخية لحركتنا، هو يوم أن واجهنا العدو الإسرائيلي مع المقاومة الفلسطينية في اجتياح بيروت عام 1982، وكنا أوفياء لشعارنا بأننا فتية آمنوا بربهم فزدناهم هدىً بقيادة الرئيس المؤسس إبراهيم قليلات الذي كان في طليعة المقاومين على أرض سيدة العواصم بيروت فارتقى منا الشهداء ولا تزال آثار الجراح أوسمة على صدور مقاتلينا، ويومها طلب فيليب حبيب إخراج المرابطون من بيروت مع المقاتلين في المقاومة الفلسطينية، فأعلن إبراهيم قليلات:" لا للخروج ولا لوقف إطلاق النار ولا للمفاوضات"، رغم خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت إلا أن المرابطون استمروا في عملياتهم ومقاومتهم على امتداد الساحة اللبنانية.
اليوم من المؤكد أننا نلتزم بالفكر القومي العربي على النهج الناصري قولا وممارسة، وأن مواقفنا السياسية تنبع فقط من التزامنا العقائدي استناداً إلى ثوابتنا القومية الناصرية، ونحن كنا وسنبقى دائماً سُعاة خير لوحدة كل الأحزاب والقوى الناصرية الحقيقية، ولن نتوانى أبداً على المشاركة في أي جهد وحدوي جدي لإعلان التنظيم الحزبي الناصري الواحد على امتداد الأمة من المحيط إلى الخليج العربي وهذا ليس أمراً غير واقعي، بل إنه الواقع بحد ذاته ولا يمكن لأي ناصري أن يتمسك بأنانياته الشخصية ويتفلسف بأسباب تعدد الأحزاب والقوى الناصرية في الذكرة المئوية لميلاد جمال عبد الناصر.
نتوجه بكل الحب والتقدير والاحترام للأخ المناضل عبد الحكيم جمال عبد الناصر لجهده وسعيه الدائم والمستمر للوصول إلى الوحدة بين كل القوى الناصرية.


وما هي الأنشطة التي ستنظمها الحركة لإحياء الذكرى المئوية لميلاد الرئيس الراحل عبد الناصر؟
الأنشطة التي ستنظمها الحركة إحياء الذكرى المئوية لميلاد عبد الناصر ترتكز على مخطط يمتدّ على مدى ثلاثة أشهر أولها المشاركة مع اللجنة القومية لمئوية جمال عبد الناصر، والقيام بعد شهر بزيارة جماعية من قيادة الحركة مع كوادرها إلى مصر لعقد اجتماعات مع القوى والأحزاب الناصرية وزيارة متحف الرئيس عبد الناصر في منشية البكري.
كما أن هناك مهرجان مركزي للمرابطون في بيروت يتكلم فيها عن عبدالناصر سفراء أجانب وعرب مع تكريم فنانين ومثقفين عايشوا عبدالناصر وكتبوا عنه وغنوا له.

إن كان ناصر مازال بين ظهرانينا اليوم؛ ما الكلمة التي كنت ستحب أن توجهها له؟
شكراً جمال عبدالناصر لأنك عشقي الأبدي وقائدي ومعلمي ومثلي ومثالي، ولأنني اليوم أفتخر بأن أكون ناصرياً ممن يخجل الكثير بأنهم ينتمون إلى أطروحات عقائدية سياسية سقطت بمرور الزمن.
وإليك العهد والوعد أن نكون أحراراً ونطبّق اشتراكيتك الإنسانية وأن تكون العروبة هي الهوية والانتماء الحضاري التي تدفع الجميع بالعودة إليها كي ينجو من تدمير البشر والحجر في صقيعهم الإخونجي المتأسلم على امتداد الأمة من المحيط إلى الخليج العربي.. «عبد الناصر اشتقنالك ومنحبك».