جمعتهم الحرب على «الإمبريالية» .. زعماءٌ حول العالم ملهمهم كان «عبد الناصر»

جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر

"أنا ناصري، وجمال عبد الناصر واحدٌ من عظماء التاريخ"، لم يكن هذا تصريحًا من قبل رئيس الحزب العربي الناصري، الذي يتبنى فكر عبد الناصر في مصر، أو أحد رؤساء مصر، الذين ساروا على نهجه، أو أحد زعماء المنطقة العربية، أو عبارة مدحٍ أسداها كاتب هذا التقرير، بل جاء من قارة أمريكا الجنوبية، ومن الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو تشافيز.

هوجو تشافيز الذي خاض طيلة حياته حربًا ضد ما أسماه الإمبريالية الأمريكية الغربية متبنيًا نهجًا اشتراكيًا، وظل حتى مماته معاديًا للولايات المتحدة، كمنهاج الرئيس المصري الراجل جمال عبد الناصر خلال فترة حكمه للبلاد التي امتدت لستة عشر عامًا، حتى غيبه الموت عام 1970.

فنزويلا ورغم البعد الجغرافي الكبير، فإن زعماءها الاشتراكيين لا يزالون يضعون عبد الناصر في منزلةٍ عظيمةٍ، فبعد وفاة تشافيز وتولي نائبه الرئيس الحالي نيكولاس مادورو حكم البلاد، تم تنصيب تمثال للزعيم جمال عبد الناصر في وسط العاصمة كراكاس، عرفانًا بنضال الرجل الذي كان تشافيز يضع صورته على مكتبه.

ومن سرد واقعة في الحاضر، نبحر بالحديث الآن عن زعماءٍ عاصروا جمال عبد الناصر خاضوا معه درب الكفاح والنضال ضد الإمبريالية، هؤلاء الذين اتخذوا من الزعيم المصري رمزًا ودليلًا وهاجًا لم تنطفئ أنواره مع وفاته وبقيت حاضرةً في الأذهان.

الرئيس السوري شكري القوتلي

البداية ستكون من سوريا، والتي كانت يومًا جمهوريةً موحدةً مع مصر تحت مسمى "الجمهورية العربية المتحدة"، فالرئيس السوري شكري القوتلي كان صديقًا لجمال عبد الناصر، وشريكًا له في حكم الجمهورية العربية المتحدة بعدما تنازل طواعيةً عن الرئاسة لصالح عبد الناصر.

علاقة عبد الناصر بالقوتلي بدأت حتى من قبل الوحدة، فقد ساندت مصر سوريا، ووقفت معها سدًا منيعًا في محاولة تركيا إسقاط الحكومة اليسارية في سوريا بإيعاذٍ من الولايات المتحدة ضمن حلف بغداد الموالي لواشنطن إبان الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، لتتوطدت علاقة مصر بسوريا، مما جعل ذلك أحد أسباب الوحدة بين مصر وسوريا، والتي لم تدم سوى ثلاث سنوات.

معمر القذافي

أرضٌ عربيةٌ أخرى كانت شاهدةً على اتخاذ عبد الناصر مثلًا يحتذى به في النضال، فمعمر القذافي في ليبيا رأى في عبد الناصر قدوةً أراد محاكاة ما فعله الضباط الأحرار بقيادته في مصر على الأراضي الليبية.

تشابه الظروف بين البلدين، كان واحدًا من الأسباب التي جعلت عبد الناصر ملهمًا بالنسبة للقذافي، فقد قاد الأخير تحرك للجيش مماثلًا للذي حدث في مصر من أجل إنهاء حكم الملكية، فأسقطت حركة الجيش عام 1969 حكم العاهل الليبي الملك محمد أدريس السنوسي.

"إنني أرى فيك شبابي" كلمة قالها عبد الناصر في حق معمر القذافي، ظل الزعيم الليبي يفتخر بها طيلة حياته التي انقضت بانقضاء حكمه في ليبيا على إثر الانتفاضة الشعبية التي أسقطت حكمه هناك في خضم ثورات الربيع العربي.

نيلسون مانديلا

ومن شمال القارة السمراء إلأى جنوبها جنوبها، فلا يغفل أحدٌ في العالم أن الزعيم الجنوبي أفريقي نيلسون مانديلا من أعظم الزعماء المناضلين الذين عرفهم التاريخ، ولكن ما قد يغفله البعض أن مانديلا بنفسه قال ذات يومٍ إنه أحد تلامذة جمال عبد الناصر.

وحينما زار نيلسون مانديلا مصر عام 1996، قال "أريد أن أزور ثلاثة أماكن في مصر الأهرامات ونهر النيل وضريح جمال عبد الناصر، لقد كان لي موعدٌ مع الرئيس جمال عبد الناصر لكنه تأخره 26 عامًا".

كوامي نكروما

شعبية جمال عبد الناصر خارج مصر، بناها أكثر في القارة السمراء، ففي بلاد ساحل الذهب جمع الرئيس عبد الناصر بنظيره الغاني كوامي نكروما صداقةً وطيدةً.

نكروما هو أول رئيس لجمهورية غانا (في الفترة ما بين 1960 - 1966)، بعدما قاد حركة النضال ضد الاستعمار البريطاني الذي كان يعشش في البلاد، وكان نكروما أحد مؤسسي منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي حاليًا) رفقة جمال عبد الناصر.

صداقة جمال عبد الناصر بنكروما وصلت لحدٍ توسط خلاله الزعيم المصري لنكروما عند والدة فتحية حليم ، المرأة المصرية التي تزوجها نكروما، بعدما أبت والدتها أن تزوجها للرئيس الغاني آنذاك، ليتدخل جمال عبد الناصر ويقنع والدتها بأن تزوج ابنتها فتحية للرئيس الغاني.

باتريس لومومبا

ومن غانا إلى جارتها الكونغو الديمقراطية - زئير سابقًا - حيث المناضل الكونغولي باتريس لومومبا، أول رئيس وزراء منتخب في البلاد عام 1960 بعد جلاء المستعمر البلجيكي.

حكم لومومبا للكونغو لم يدم سوى عامٍ واحدٍ بعدما خطط ودبر المستعمر البلجيكي لاغتياله، فتم ذلك في منتصف يناير عام 1961.

وقتها استضاف عبد الناصر أبناء لومومبا ورباهم مع أفراد أسرته في مصر، ويروي باتريس الابن أن والده قال لهم وهم يتم تهريبهم من قبضة المستعمر البلجيكي للسفر إلأى مصر "يا أبنائي أنتم ذاهبون عند أبيكم جمال عبد الناصر".

فيديل كاسترو

وإلى أمريكا الوسطى، حيث دولة كوبا التي شهدت عام 1958، ثورةً شيوعيةً قادها فيديل كاسترو ،الزعيم الكوبي، رفقة المناضل الأرجنتيني الأصل كوبي الجنسية ،تشي جيفارا، فجمعت عبد الناصر بالزعيم الكوبي صداقةً بُنيت على أسسٍ من العداء للولايات المتحدة.

ويكشف تشي جيفارا لعبد الناصر ،خلال زيارةٍ أجراها للقاهرة في يونيو عام 1959، كما توضح الصورة أعلى، عن أنه وفيدل كاسترو رفعا صورة عبد الناصر عندما سمعا بإعلان عبد الناصر تأميم قناة السويس.

وروى حينها جيفارا لعبد الناصر أن كاسترو كان يستمد شجاعته من القصص التي سمعها عن صمود مصر وقت العدوان الثلاثي في 1956 وفي نفس الفترة التي كان هو يقود خلالها مجموعة من المسلحين في التلال الكوبية وقال جيفارا وقتها لعبد الناصر إن فيدل كاسترو أغدق الثناء عليه قائلًا "عبد الناصر كان مصدر قوة روحية وأدبية لرجاله".

لم يكن هؤلاء فقط هم الزعماء من حول العالم الذين اتخذوا من عبد الناصر نبراسًا ونموذجًا يُحتذى به في النضال من أجل تحقيق تطلعات الشعوب، فهناك الكثير والكثير لكننا سردنا لكم الأبرز اليوم ونحن نحي الذكرى المئوية للزعيم جمال عبد الناصر.

وأخيرًا، لا ننسى ذكر أن جمهورية غينيا أصبحت أول جامعة في العالم عام 2015 تُسمي جامعةً على اسم الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر بالعاصمة كوناكري، تقليدٌ يوضح مدى كان شعبية عبد الناصر لدى شعوب القارة السمراء.