المباحثات الكورية .. فتيل «النووي» معضلة.. و«عداء أمريكا» لغة بيونج يانج الدائمة

رئيسا وفدي الجانبين
رئيسا وفدي الجانبين

مباحثاتٌ مفصليةٌ وهامةٌ بدأت اليوم بين بلدين يعتبران أنفسهما في حالة حربٍ منذ ما يُقرب من سبعين عامًا، فحرب الأربع سنوات في شبه الجزيرة الكورية بين شمالها وجنوبها توقفت عام 1953 عبر اتفاق هدنة بين الجانبين، دون أن يتم إبرام اتفاق سلامٍ بعد إلى الآن ينهي حالة العداء بين البلدين، والتي تصاعدت وتيرتها في الأونة الأخيرة.

 

ومن نفس المكان الذي وُقع فيه اتفاق الهدنة بين البلدين قبل نحو خمسة وستين عامًا، ارتأى لقادة البلدين أن يجعلوا منه مسرحًا للمحادثات الكورية، حيث قرية بان مون جوم ، الواقعة على الحدود المشتركة بين البلدين، حيث تبدأ المباحثات من تلك المنطقة المنزوعة السلاح، أملًا في أن يتم نزع فتيل الأزمة الناشبة بين البلدين، وكبح جماح بيونج يانج في طموحاتها النووية.

 

وعشية المفاوضات، وسع مجلس الاتحاد الأوروبي من عقوباته تجاه كوريا الشمالية جراء استمرارها في برامجها النووية والصاروخية الباليستية، ليستمر التكتل في مسلسل عقوباته ضد بيونج يانج التي بدأت عام 2006، تزامنًا مع أولى العقوبات الموقعة ضد الدولة المنعزلة في شبه الجزيرة الكورية من قبل مجلس الأمن الدولي.

 

اتفاق على الحوار بين الجانبين

رئيس الوفد الكوري الشمالي ري سيون كون قد قال في كلمته الاستهلالية لجلسة الحوار "أرى أن علينا أن نقدم نتيجة ثمينة كهدية لكل الشعب الكوري بمناسبة رأس السنة الجديدة، بأن نعمل على إنجاح المحادثات المشتركة بين الكوريتين بكل جدية وإخلاص".

 

وأردف قائلًا "المحادثات رفيعة المستوى اليوم هي حدث قيم جاء استجابةً للهفة شعبي البلدين اللذين يتطلعان إلى إجراء الحوار بين الشمال والجنوب وتحسين علاقاتهما مثل الماء الذي يجري متواصلًا تحت طبقة سميكة من الجليد وسط البرد القارس".

 

ومن جهته، قال رئيس الوفد الكوري الجنوبي جو ميونغ كيون في كلمته الافتتاحية، "بدأت المحادثات اليوم بعد انقطاع العلاقات بين الكوريتين لفترة طويلة، غير أن البداية هي نصف المشوار، فلنقد المحادثات بعزمٍ ومثابرةٍ".

 

بيونج يانج ترفض مناقشة ملفها النووي

أولى البيانات الصادرة حول المباحثات التي بدأت اليوم، وقطعت أكثر من عامين من القطيعة بين البلدين على مستوى المفاوضات الدبلوماسية، تضمنت اتفاق الجانبين على إجراء محادثاتٍ عسكريةٍ.

 

وقد ذكرت حكومة كوريا الجنوبية في بيانٍ أن كوريا الشمالية قررت أيضا إرسال وفد رفيع المستوى وفريق مشجعين لحضور دورة الألعاب الأولمبية الشتوية بمدينة بيونج تشانج الكورية الجنوبية الشهر القادم، غير أن رئيس وفدها في محادثات اليوم أعرب عن مشاعر سلبية إزاء ذكر مسألة نزع السلاح النووي خلال المناقشات.

 

استياء بيونج يانج من الحديث عن مسألة نزع السلاح النووي، قد يكون أولى العقبات في وجه تحديات الحوار، خاصةً أن سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ،نيكي هايلي، قد قالت أول أمس الأحد إن تخلي كوريا الشمالية عن تجاربها النووية يمثل شرطًا مسبقًا لواشنطن قبل القبول بالتباحث مع بيونج يانج.

 

ولا تبدو بيونج يانج مستعدةً للتخلي عن طموحها النووي، خاصةً مع تزايد التجارب النووية للجمهورية الكورية الشعبية، والتي وصلت موجتها للرقم ستة خلال شهر سبتمبر من العام المنصرم.

 

بل ورفض رئيس الوفد الكوري الشمالي بحث مسألة الملف النوي خلال المحادثات مع سيول، قائلًا "إن كل أسلحتنا بما فيها القنابل الذرية والهيدروجينية والصواريخ الباليستية موجهة فقط للولايات المتحدة وليس لأشقائنا ولا الصين ولا روسيا".

 

وقبل تصريحات هايلي بيومٍ واحدٍ، أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استعداده للحوار مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، دون وضع شروطٍ مسبقةٍ، لكن على ما يبدو أن الولايات المتحدة تعتبر مسألة وقف البرنامج النووي الكوري الشمالية مسألة حتمية خارج أطر الشروط قبل الدخول في مفاوضاتٍ مع بيونج يانج.

 

مفاوضات الكوريتين التي بدأت اليوم رحب بها الرئيس الأمريكي، وطالبت موسكو قبل انطلاقها واشنطن بالابتعاد عن عرقلة مسار تلك المباحثات والتزام ضبط النفس، لكن تعنت بيونج يانج تجاه الولايات المتحدة قد يمثل حجرًا عثرًا في طريقها المسدود منذ عقودٍ كثيرةٍ، والمتوقف عن البروز منذ عام 2015.