حكايات شُّهداء الغدر.. عماد لحق بولده في ذكراه.. وشهيد الشرطة يمنع مذبحة

الصلاة على شهداء كنيسة مارمينا
الصلاة على شهداء كنيسة مارمينا

في أجواء ملبدة بالحزن والألم والسكوت الذي يبدد مع لطمات الأهالي وصراخهم كانت أروقة مستشفى النصر التي نقل إليه عدد من القتلى والمصابين من ضمن مجموعة مستشفيات شملت مستشفى حلوان العام ومستشفى الشرطة بالعجوزة.
وتوافد على المستشفى عشرات المتبرعين بالدماء في محاولة لمساعدة المصابين، وظل الكثير منهم مجتمعين في صالة الاستقبال لساعات في حال احتاج المصابين لأي فصيلة دم ، أعينهم تترقب هرولة الأطباء والمسعفين على المصابين انتظارًا لإشارة المساعدة، ولم يخلو هذا المشهد الحزين من تواجد لقيادات الداخلية ففريق منهم يحادث بعضه البعض ، وفريق ينصت بإمعان لشهود العيان لمعرفة تفاصيل ما حدث بدقة، ليشق صفوفهم ترولى المصابين يحمل مصابًا مدرجا في دمائه أو ترولى فارغ تغطيه بقع الدماء بعد تسكين من كان عليه في غرفة العمليات، وتمر الدقائق بثقل وتتزايد أعداد الأهالي والمصابين، وتتزايد معها الصرخات وهرولة الأطباء والمسعفين ، فور وصول سيارة إسعاف جديدة تحمل القتلى والمصابين من موقع الحادث تصاحبهم سيارات الشرطة لتأمينهم.
كلما خطوت خطوة داخل أروقة المستشفى تجد الوجوه متباينة بين الوجوم والذهول والصراخ والعويل والصدمة والسكون دون النطق بكلمة واحدة لم يجد جرجس عبد الشهيد إلا الصراخ والعويل بعد أن فقد شقيقته صفاء 43 عامًا وشقيقه عماد 45 عامًا فى هذا الهجوم الإرهابي، ليتحدث بحزن بالغ بعبارات تتضح بصعوبة وسط بكائه على أشقائه ، إنه كان ينتظر شقيقه وشقيقته خارج الكنيسة وشاهد من داخل سيارته وصول سيارتين للشرطة داخلها بعض القيادات الأمنية التي كانت تشرف على تأمين الكنيسة للتنبيه على القوات بضرورة اليقظة ثم انصرفوا، ولم تمر دقائق حيث فوجئت باقتراب أحد الأشخاص كان يرتدى خوذة على رأسه ويتشح بوشاح يغطى وجهه، وبحوزته سلاح آلي وبدون مقدمات فتح  النار بشكل عشوائي في محيط الكنيسة وركز طلقاته على الفوج الأول من حضور الكنيسة في أثناء خروجهم، هرول مفزوعًا على أخوته وبعد لحظات اكتشف إنه من بين القتلى الذين سقطوا شقيقي الذي حضر للكنيسة لحضور الذكرى السنوية لطفله وبجواره شقيقتي أيضا، وفى أثناء لحاقي بالإرهابي فوجئت بأمين الشرطة يخرج سلاحه لقتل الإرهابي إلا أن رصاصة الإرهابي استقرت فى جسد هذا الأمين ليستشهد في الحال، لم يشعر بذاته إلا وهو حامل لسلاح الأمين سوى الإمساك بالسلاح الآلي، وتبادل إطلاق النيران معه لكنه كان قد لاذ بالفرار نحو الشارع الغربي، وليسابق جرجس الزمن في محاولة لإنقاذ شقيقه وشقيقته وأحد الضحايا  لكن دون جدوى حيث لقوا مصرعهم.
وقالت صديقة للأسرة إن الشهيد عماد عبد الشهيد ذهب للكنيسة لإحياء الذكرى السنوية لطفله  بعد القداس الإلهي، وفور خروجه مع الفوج الأول تلقى رصاصات الغدر، وأن صفاء شقيقته لها ٤ أطفال كلهم في المرحلة الابتدائية ولم يتجاوز أكبرهم ١٠ سنوات. وقالت قريبة إيفيلين شكر الله 52 عامًا، إنها دعَّتها للذهاب معها للكنيسة، وفضلت أن تذهب ليلًا لشعورها بالإرهاق، وبمجرد وصولها محيط الكنيسة كانت رصاصات الإرهاب  لها بالمرصاد.
وأضاف شاهد عيان أن لولا سرعة بديهة أمين الشرطة الذي استشهد وتحركه فور إطلاق النار بغلق الباب الرئيسي للكنيسة  لكانت أعداد الشهداء أضعافا مضاعفة، وأفاد شهود العيان ، أن ما ساهم في هروب الجاني عدم وجود حواجز أمنية تجاه الشارع الغربي في محيط الكنيسة.