الرهبنة بوادي النطرون في العدد الجديد من سلسلة "كراسات قبطية"

وادى النطرون
وادى النطرون
 صدر عن مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية العدد الثامن من سلسلة "كراسات قبطية" بعنوان "الرهبنة القبطية في وادي النطرون في القرن التاسع عشر"، من تأليف الدكتور ماجد عزت إسرائيل.

يتناول الباحث في الفصل الأول تحت عنوان "جغرافية وادي النطرون وتاريخه قبيل القرن التاسع عشر" موقع المنطقة كواحدة من المنخفضات التي تقع في الصحراء الغربية والوصف الطوبوغرافي لها حيث إنها تأخذ شكلاً منخفضًا مستطيلاً في اتجاه شمالي غربي جنوبي شرقي، ومساحتها تقدر بحوالي 207 فدان.

أما مسميات وادي النطرون فقد اختلفت على مرور الأزمان، فقد أطلق عليه قدماء المصريين اسم سخت- حمات وتعني حقل الملح، وفي العصر اليوناني الروماني أطلق عليه سكيتيس وتعني مكان النسك أما في العصر البيزنطي حتي العصر الإسلامي فقد أطلق على وادي النطرون اسم "برية شهيت"، وفي العصر الإسلامي أطلق على وادي النطرون اسم وادي هبيب نسبه إلى أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي العصر الحديث أطلق عليه اسم وادي النطرون نسبة إلى استخراج مادة النطرون من بحيراته.

وفي العصرين اليوناني والروماني زادت أهمية وادي النطرون لزيادة الصناعات واعتمادها على مادة النطرون، ومع بداية العصر البيزنطي نال الوادي أهمية خاصة بعد ميلاد السيد المسيح، وفي العصور البيزنطية الأولى سكن النساك والرهبان فاكتسبت المنطقة شهرتها من سيل الرهبان الذين استوطنوها. مع بداية الفتح العربي لمصر، شهد الوادي أول لقاء للتسامح الديني بين أقباط مصر ومسلميها، فيقال أنه عندما سمع الرهبان عن أمة جديدة قد ملكت البلاد سار منهم إلى عمرو بن العاص سبعون ألفا وطلبوا منه أن يمنحهم حريتهم الدينية وأن يعيد اليهم بطريركهم المنفي. ومع بداية الحكم الفاطمي زادت الاستفادة من الموقع الاستراتيجي للوادي في التجارة و تربية الأغنام. 
وفي العصر العثماني زادت أهمية الوادي بعد أن جعل العثمانيون من مدينه الطرانه ولاية ضمن ولايات مصر.

ويستعرض الباحث في الفصل الثاني نظم إدارة وادى النطرون، حيث شهدت مصر خلال القرن التاسع عشر تغييرًا في شكل الإدارة كأحد مظاهر تقسيم البلاد على أساس الأقاليم الجغرافية، فقد انقسمت أرض مصر منذ العصور القديمة إلى قسمين رئيسيين هما الشمال والجنوب،  وكان وادي النطرون قسمًا واستمر كذلك حتى فتح العثمانيون مصر.
 وبمجيء الحملة الفرنسية أعاد بونابرت تقسيم البلاد إلى ستة عشرإقليمًا.

 وعقب تولية محمد علي حكم مصر قسم البلاد إلى سبعة أقسام إدارية شملت البحيرة ووادي النطرون. في حين أن عند تولي عباس حلمي باشا الحكم لم يحدث أي تغيير بينما قام محمد سعيد باشا بإجراء بعض التعديلات الخاصة بالبحيرة والوادي.
 أما الخديوي إسماعيل فقد ألحق الوادي بالوجه القبلي ثم نقلها بعده الخديوي عباس إلى مديرية البحيرة.

ويتناول الكاتب في الفصل الثالث معدلات النمو السكاني في الوادي، فقد كانت تتزايد بشكل مستمر منذ تولي محمد علي وذلك بسبب اهتمامه بتجارة النطرون وتجارته، كما أنه قد اهتم بزياده النمو السكاني بشكل عام لتكوين جيش قوي
ولجمع الضرائب.

كما شهد وادي النطرون في النصف الثاني من القرن التاسع عشر تدفق المهاجرين المصريين والأجانب إليه.

ثم يتناول الباحث في الفصل الرابع دور وادي النطرون في استمرار الرهبنة الديرية خلال القرن التاسع عشر حيث إنهم قد عكفوا على نسخ المخطوطات وكتابه العديد من المؤلفات للمحافظة على التعاليم الأولى للمسيحية.

وترجع نشأه الرهبنة في مصر إلى مطلع القرن الرابع الميلادي. ثم يتطرق الكاتب إلى طقس الرهبنة والشروط الواجب توافرها في الشخص المتقدم ثم طقس الراهب الإسكيمي والأسباب التي تؤدى إلى تجريد الراهب من الدير مثل الخروج من الدير بدون إذن والتجول في العالم والاستعانة بالسلطات المدنية.

ويتناول الفصل الخامس الحياه الديرية بوادي النطرون حيث كان يزخر بأعداد كبيرة من الأديرة والقلالي والتي قد بلغت نحو مائة دير ثم صارت عشرة أديرة ولم يبق به من هذه الأعداد الكبيرة سوى أربعة حاليًا؛ وهم: دير الأنبا
بيشوي، دير القديس مقاريوس (أبو مقار)، دير السيدة العذراء السريان، ودير البراموس.


ثم يتطرق الباحث إلى الحياه الرهبانية اليومية داخل أديرة وادي النطرون والتنظيم الإداري. وفيما يخص مصادر تمويل أديرة وادى النطرون فيذكر الباحث أن المصادر كانت متنوعه ويأتي في مقدمتها ما يكسبه كل راهب عن طريق استغلال الموارد الطبيعية التي توجد بالدير وإدخالها في صناعات بدائية عن طريق عمل السلال والمقاطف، هذا بالإضافة إلى ما يكسبه الرهبان في فترة الحصاد، حيث كانوا يذهبون إلى القرى المجاورة للحصاد مقابل حصولهم على أشياء عينية. كما أن الأوقاف الخاصة بالأديرة كانت من أهم مصادر تمويل الأديرة. 

ويتناول الباحث العلاقة بين الدولة وأديرة وادي النطرون، ويذكر مشكله دير السريان والتي تعتبر من المشكلات القديمة والتي تعود إلى أوائل القرن السادس عشر الميلادي. ثم يتطرق الباحث لمشكله اعتداءات العربان البدو على أديرة وادي النطرون وهي أيضًا إحدى المشكلات القديمة والتي ترجع إلى بداية القرن الخامس الميلادي.

فقد تعرضت الأديرة لسلسلة من الغارات والتي كان يصاحبها عمليات سلب ونهب وقتل وأسر للرهبان.

وقد تناقصت أديره الوادي نتيجة لهذه الاعتداءات المستمرة فقد لجأ بعض العربان خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى الاعتداء على القوافل والمترددين على الأديرة والعاملين عليها. ولذا لجأ الرهبان إلى تحصين الدير أمامهم بتعليته وترميم أسواره ومراقبتها، كما لجأ وادى النطرون إلى العربان أنفسهم لحراستهم في مقابل تقديم واجب الضيافة كما اعتمدوا عليهم في تأدية بعض الخدمات أو نقل بعض مواد البناء والمؤن.