وصفات العطارين لا تصلح ما أفسدته أسعار الأدوية..

«الطب البديل»..وهــم الشفــاء «الرخيــص»!

إقبال كبير على شراء وصفات الأعشاب هربا من غلاء الأدوية
إقبال كبير على شراء وصفات الأعشاب هربا من غلاء الأدوية
ارتفاع تكاليف الأدوية، والتكلفة الباهظة للعمليات الجراحية، واستعصاء بعض الأمراض على الشفاء السريع، دفع العديد المرضى الذين ملوا الصبر إلى البحث عن طريق بديل يوقف أنين مرضهم، فوقعوا فى شباك بعض العطارين، الذين أوهموهم بالدواء الشافى تحت مسمى «الطب البديل»، الذى أكد بعض الأطباء وأصحاب الاختصاص أن العلاج بالأعشاب نصب ودجل وقتل خلف الستار لأنه قد يتسبب فى أمراض خطيرة على رأسها السرطان والفشل الكلوى.

«الأخبار» رصدت تزايد الإقبال على وصفات العطارين، بحثا عن «الشفاء الرخيص» فى ظل ارتفاع أسعار الأدوية، ونقص العديد من أصنافها، وسألت الأطباء والخبراء عن مخاطر استخدام وصفات الأعشاب بديلا للوصفات الطبية.

شارع الأزهر واحد من أكثر المناطق التى تمتلئ بمحلات العطارة الشهيرة، التى تشهد إقبالا كبيرا طوال العام، لكن الفترة الأخيرة شهدت إقبالا مضاعفا، بحسب ما أكده العاملون فى تلك المحلات، وبخاصة مع ارتفاع أسعار الكثير من الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، ونقص العديد من أصنافها، الأمر الذى دفع الكثير من الفئات غير القادرة إلى الاستفادة من وصفات العطارين بديلا لروشتات الأطباء.

طلبنا من البائع وصفات أولها لعلاج فيروس سى والثانية لوقف تساقط الشعر والثالثة منشطات طبيعية، والتى تعد أكثر الوصفات طلبا ورواجا بسوق العطارة حسب قول البائع، الذى يقرر الوصفات بتلقائية واعتياد وسرعة ودون النظر إلى أية تفاصيل كسن المريض أو معاناته من أمراض أخرى أو لا أو التساؤل عن وجود أى خلل وراثى والكتابة على ورقة صغيرة أمامه لوصفات دوائية تمثلت فى أعشاب فيروس سى بمبلغ 30 جنيها، وزيت شمر بمبلغ 30 جنيها لعلاج تساقط الشعر، وكريم بمبلغ 5 جنيهات، لينهى البائع «الدكتور» حديثه بمقولة: «ادفع يا أستاذ وتعالى استلم».

تخرج من المحل حاملاً بضائع صغيرة تكلفتها 65 جنيهًا لعلاج مشاكل طبية لا تعلمها ولا البائع يعلمها ولكنه يوهم زبائنه بأنه إذا تناول أعشابه صباحا مع كوب لبن فسيشفى من فيروس سى، الذى يتكلف علاجه شهريًا مئات الجنيهات على أقل تقدير.

واصلنا جولتنا على «عطارات» أخرى أغلبها يدعى وجود العلاج لكن يرفض الدخول فى تفاصيل وقلة بسيطة تكتفى ببيع الأعشاب الطبيعية «مواد العطارة المتعارف عليها».

إقبال كبير

وأكد محمد طارق، مسئول عن محل عطارة شهير بحى الأزهر، أن الأعشاب المعالجة موجودة وفعالة والإقبال عليها من قبل الجمهور كبير، وكل عشب وله استخدامه فهناك ما يقوى عضلة القلب، وهناك ما يتم استخدامه لتنظيم ضغط الدم والدورة الدموية، وغيرها فى الكثير من الأمراض.

وشدد على ضرورة تحضير الوصفات بواسطة دكتور أعشاب وليس عطاراً ممارساً للمهنة، ضاربا المثل بمحل العطارة المسئول عنه وأن صاحب المحل دكتور متخصص، وقرأ الكتب القديمة ودرس الأعشاب وتخصص فيها واستخلص وصفات معالجة ونشر بعضها فى كتاب.

ويرى عبد الفتاح العطار، صاحب محل عطارة منذ 35 عاماً، أن علاج الأعشاب للأمراض «كلام فاضى»، قائلا: «نحن نعالج المغص والكحة وبس حاجة كبيرة مينفعش».. وأضاف أن رواج سوق العطارة فى علاج الأمراض سببه غياب الوعى والثقافة وتفشى الجهل. وأضاف أن أصحاب محلات العطارة الذين يروجون لهذا النوع من الأعشاب بائعو وهم و»نصابين».

علاج عشوائى

من جانبه، أكد د. محمد على عز العرب، رئيس ومؤسس وحدة أورام الكبد بمعهد الكبد واستشارى أمراض الكبد والجهاز الهضمى، أن العلاج بالأعشاب غير علمى وعشوائية يعانى منها المواطن خاصة فى الأوساط الفقيرة والقرى الفقيرة ذات التعليم البسيط.. وأشار إلى أن الأعشاب المتواجدة فى الأسواق غير آمنة مادام لم تتم تعبئتها بشكل صيدلى مناسب وصحيح وممنهج.

وأضاف أن تلك الأفكار تنتشر بكثرة خاصة فى الأونة الأخيرة استغلالا لعقول البسطاء وظروفهم الاقتصادية ومحاولة إيحائهم بأن هناك طباً بديلاً، وهو أمر عار تماما عن الصحة، وأوضح أن الأعشاب حاليا تتواجد على الأرصفة فى الشوارع وتباع داخل عربات المترو، ولا توجد رقابة على تداولها فى الأسواق.

وبين أن بعض الأعشاب قد تتسبب فى الفشل الكلوى، بسبب احتوائها على مواد يصعب على الكلى والمسائر الإخراجية الطبيعية بالجسم التخلص منها، الأمر الذى يودى بحياة المريض فى النهاية.. ووصف بعض الأعشاب بالعشوائية القاتلة، فهى ليست آمنة وقد تؤدى إلى الموت لعدم إدراجها بشكل صيدلى سليم واحتمالية وجود الشوائب والفطريات، مثل فطر اسبرجيلوس السبب الرئيسى فى سم الأفلاتوكسين المسبب لسرطان الكبد القاتل.

بدوره، رفض د. رشوان شعبان، الأمين المساعد بنقابة الأطباء، إطلاق مسمى الطب البديل على تجارة الأعشاب والوصفات، قائلاً: «ده كلام ملوش معنى، ده اسمه الطب أبو ديل مش البديل».

وأشار إلى أن ممارسة الطب تستلزم دراسة متأنية على مدار سنوات، ثم تدريب عملى فى تخصص محدد، متسائلًا عن مدى معرفة العطارين بعلوم وظائف الأعضاء وعلوم الأنسجة حتى يعطوا وصفات علاجية.

وعن جذم البعض بأنهم عالجوا أنفسهم من خلال وصفات، أكد شعبان أن الأمر لا يتعدى كونه إيحاء من المريض أو أنه متآمر معهم للتأكيد على مصداقية.

تساقط الشعر

وأكد د. هانى الناظر، استشارى الأمراض الجلدية، ورئيس المركز القومى للبحوث سابقًا، أن كثيراً من الوصفات المستخدمة من جانب العطارين لعلاج مشكلات الجلد والشعر تؤدى إلى مشكلات صحية كبيرة، فعلى سبيل المثال لا يوجد علاج لتساقط الشعر الوراثى إلا بعملية زرع الشعر، ولا يمكن إعطاء المريض أى دواء دون النظر إلى حالته فربما يكون السبب مرضاً فى فروة الرأس أو أنيميا أو خللاً بوظائف الكبد أو الكلى، أو استخدام كريمات فرد الشعر.. وحذر من أن بعض الزيوت قد تنتج مضاعفات كالحساسية أو زيادة تساقط الشعر.