مصطفي بكري يكتب : ناصر 67.. هزيمة الهزيمة

الكاتب الصحفي مصطفى بكري
الكاتب الصحفي مصطفى بكري
 قراءة في المحاضر السرية »3«‬
عبدالناصر‪ ‬يؤكد: ‬اعتدوا‪ ‬علينا‪ ‬في‪ 67 ‬لفرض‪ ‬الصلح‪ ‬مع‪ ‬إسرائيل‪ ‬وتحويل‪ ‬مصر‪ ‬لمستعمرة‪ ‬أمريكية‪ ‬وإسقاط‪ ‬النظام
‬أبلغت‪ ‬القيادة‪ ‬العسكرية‪ ‬بأن‪ ‬العدوان‪ ‬سيقع‪ ‬في‪ 5 ‬يونيو‪ ‬قبل‪ ‬الموعد‪ ‬بعدة‪ ‬أيام‪ ‬ولكنهم‪ ‬أخذوا‪ ‬الموضوع‪ ‬ببساطة
‬المصريون‪ ‬ولاد »‬‬نكتة» ‬وهذا‪ ‬دليل‪ ‬علي‪ ‬قوة‪ ‬معنوياتهم
‬عصام‪ ‬حسونة‪ ‬يقول‪: ‬ عشنا »‬‬مناحة» ‬وطنية‪ ‬في‪ 9 ‬و‪10 ‬يونيو كمال‪ ‬الدين‪ ‬رفعـت‪ ‬يقول‪: ‬لازم‪ ‬نضرب‪ ‬إسرائيل‪ ‬فورًا‪ ‬وعبدالنــاصر‪ ‬يــرد‪: ‬لازم‪ ‬نوطي‪ ‬راسنا‪ ‬شوية
‬عبدالناصر‪: ‬ الجزائر‪ ‬أرسلت‪ ‬كل‪ ‬المدفعية‪ ‬والدبابات‪ ‬والطائرات‪ ‬وزعلانين‪ ‬علي‪ ‬مصر


تواصل »‬‬أخبار‪ ‬اليوم» ‬نشر‪ ‬حلقات‪ ‬كتاب »‬‬ناصر 67» ‬الذي‪ ‬سيصدر‪ ‬قريبًا‪ ‬عن‪ »‬‬المكتبة‪ ‬الأكاديمية‪» ‬في‪ ‬الذكري‪ ‬المئوية لميلاد‪ ‬الزعيم‪ ‬الراحل‪ ‬جمال‪ ‬عبدالناصر‪ )15 ‬يناير‪ 2018(‬


حيث‪ ‬تتضمن‪ ‬الحلقات‪ ‬تفاصيل‪ ‬هامة‪ ‬من‪ ‬المحاضر‪ ‬السرية‪ ‬لاجتماعات‪ ‬مجلس‪ ‬الوزراء‪ ‬واللجنة‪ ‬التنفيذية‪ ‬العليا،‪ ‬التيحصل‪ ‬عليها ‪ الكاتب الزميل ‬مصطفي‪ ‬بكري‪ ‬من‪ ‬د‪. ‬هدي‪ ‬عبدالناصر‪ ‬كريمة‪ ‬الرئيس‪ ‬الراحل‪.‬
وفي‪ ‬هذه‪ ‬الحلقة‪ ‬يتواصل‪ ‬الحديث‪ ‬عن‪ ‬الأيام‪ ‬الأولي‪ ‬لنكسة‪ 1967‬


لم‪ ‬تكن‪ ‬هزيمة‪ 1967‬‪ ‬هي‪ ‬نهاية‪ ‬المطاف‪ ‬للرئيس‪ ‬الراحل‪ ‬جمال‪ ‬عبدالناصر،‪ ‬بل‪ ‬كانت‪ ‬اختبارًا‪ ‬مهمًا‪ ‬لعزيمة‪ ‬وصمود‪ ‬مصركلها‪ ‬قيادةً‪ ‬وشعبًا‪.‬


لقد‪ ‬تحمَّل‪ ‬الزعيم‪ ‬الراحل‪ ‬منذ‪ ‬البداية‪ ‬المسئوليةَ‪ ‬السياسيةَ‪ ‬عن‪ ‬الهزيمة،‪ ‬وقرر‪ ‬التنحي،‪ ‬إلا‪ ‬أن‪ ‬الشعب‪ ‬المصري‪ ‬العظيم‪ ‬خرج إلي‪ ‬الشارع‪ ‬مصممًا‪ ‬علي‪ ‬استكمال‪ ‬المسيرة‪ ‬ومواجهة‪ ‬التحديات‪ ‬وتكليف‪ ‬الرئيس‪ ‬عبدالناصر‪ ‬بالاستمرار‪ ‬حتي‪ ‬إزالة‪ ‬آثارالعدوان‪.‬


لقد‪ ‬ظلت‪ ‬هزيمة‪ 1967 -‬وما‪ ‬زالت‪- ‬مثارَ‪ ‬جدل‪ ‬واسع‪ ‬في‪ ‬كافة‪ ‬الأوساط،‪ ‬حيث‪ ‬اعتبر‪ ‬البعض‪ ‬أن »‬‬موت‪ ‬عبدالناصر» ‬لم‪ ‬يكن في‪ ‬الثامن‪ ‬والعشرين‪ ‬من‪ ‬سبتمبر‪ 1970‬،‪ ‬وإنما‪ ‬الموت‪ ‬الحقيقي‪ ‬حدث‪ ‬في‪ ‬الخامس‪ ‬من‪ ‬يونيو‪ 1967‬


إن‪ ‬أحدًا‪ ‬لا‪ ‬يستطيع‪ ‬أن‪ ‬ينكر‪ ‬أو‪ ‬يتجاهل‪ ‬الآثارَ‪ ‬الخطيرةَ‪ ‬التي‪ ‬خلَّفتها‪ ‬هزيمة‪ 1967‬‪ ‬سياسيًا‪ ‬وعسكريًا‪ ‬واقتصاديًاواجتماعيًا‪ ‬ونفسيًا‪ ‬علي‪ ‬الشعب‪ ‬المصري‪ ‬والأمة‪ ‬العربية‪ ‬جمعاء،‪ ‬إلا‪ ‬أن‪ ‬عبدالناصر‪ ‬استطاع‪ ‬قيادةَ‪ ‬الشعب‪ ‬والأمة‪ ‬في‪ ‬هذاالوقت‪ ‬لإعادة‪ ‬بناء‪ ‬ما‪ ‬دمرته‪ ‬الحرب،‪ ‬والصمود‪ ‬في‪ ‬مواجهة‪ ‬التحديات‪ ‬التي‪ ‬فرضت‪ ‬علي‪ ‬مصر‪ ‬من‪ ‬الخارج‪ ‬والداخل‪ ‬عليالسواء‪.‬


لقد‪ ‬رفض‪ ‬عبدالناصر‪ ‬الاستسلامَ‪ ‬للهزيمة،‪ ‬وصمم‪ ‬علي‪ ‬إعادة‪ ‬البناء‪ ‬وتحقيق‪ ‬الانتصار،‪ ‬وهو‪ ‬ما‪ ‬عبَّر‪ ‬عنه‪ ‬منذ‪ ‬البداية‪ ‬خلال الجلسة‪ ‬الأولي‪ ‬لمجلس‪ ‬الوزراء‪ ‬التي‪ ‬عُقدت‪ ‬في‪ 20 ‬يونيو‪ 1967‬‪ ‬بقوله‪: »‬‬لن‪ ‬نستسلم‪ ‬إلي‪ ‬اليأس‪ ‬ولا‪ ‬إلي‪ ‬الحزن،‪ ‬بل العكس‪ ‬اللي‪ ‬حصل‪ ‬يخلينا‪ ‬أشد‪ ‬إصرارًا‪ ‬لبناء‪ ‬أنفسنا‪ ‬ورفض‪ ‬الاستسلام‪ ‬لإسرائيل‪ ‬وأمريكا‪».‬


‪ ‬وتكشف‪ ‬محاضر‪ ‬مجلس‪ ‬الوزراء‪ ‬التي‪ ‬أعقبت‪ ‬هزيمة‪ 1967‬،‪ ‬وتحديدًا‪ ‬في‪ ‬الجلسات‪ ‬التي‪ ‬عُقدت‪ ‬في‪ 20 ‬يونيو‪ ‬و‪2 ‬يوليوو‪22 ‬يوليو‪ ‬و‪24 ‬يوليو‪ ‬و‪26 ‬يوليو،‪ ‬أن‪ ‬عبدالناصر‪ ‬كان‪ ‬واعيًا‪ ‬بحقيقة‪ ‬المخطط‪ ‬وآليات‪ ‬المواجهة،‪ ‬حيث‪ ‬ناقش‪ ‬فيها‪ ‬بكل صراحة‪ ‬ووضوح‪ ‬الأسبابَ‪ ‬التي‪ ‬أدت‪ ‬إلي‪ ‬الهزيمة‪.‬


وعندما‪ ‬قرأت‪ ‬هذه‪ ‬المحاضر‪ ‬وغيرها‪ ‬من‪ ‬الأوراق‪ -‬التي‪ ‬حصلت‪ ‬عليها‪ ‬من‪ ‬الدكتورة‪ ‬هدي‪ ‬جمال‪ ‬عبدالناصر‪- ‬أدركت‪ ‬أن‪ ‬كثيرًامن‪ ‬الحقائق‪ ‬لاتزال‪ ‬غائبة‪ ‬عن‪ ‬المثقفين‪ ‬والمؤرخين‪ ‬وعامة‪ ‬الناس،‪ ‬ولذلك‪ ‬قررت‪ ‬نشر‪ ‬بعض‪ ‬من‪ ‬هذه‪ ‬الوثائق‪ ‬المهمة‪ ‬التي‪ ‬بذلت فيها‪ ‬كريمة‪ ‬الزعيم‪ ‬الراحل‪ ‬جهدًا‪ ‬كبيرًا‪ ‬في‪ ‬تفريغ‪ ‬شرائط‪ ‬التسجيل‪ ‬المتهالكة‪ ‬والتي‪ ‬مضي‪ ‬عليها‪ ‬عقود‪ ‬ليست‪ ‬بالقليلة‪.‬


لقد‪ ‬تضمن‪ ‬محضر‪ ‬اجتماع‪ ‬مجلس‪ ‬الوزراء‪ ‬الأول‪ ‬الذي‪ ‬انعقد‪ ‬بعد‪ ‬الهزيمة‪ ‬في‪ 20 ‬يونيو‪ 1967 ‬مناقشاتٍ‪ ‬موسعةً‪ ‬بين الزعيم‪ ‬الراحل‪ -‬بوصفه‪ ‬رئيس‪ ‬الجمهورية‪ ‬ورئيس‪ ‬الوزراء‪ ‬آنذاك‪- ‬وبين‪ ‬أعضاء‪ ‬المجلس‪ ‬حول‪ ‬أسباب‪ ‬الهزيمة‪ ‬التي‪ ‬أوجزهاعبد‪ ‬الناصر‪  ‬في‪ ‬الآتي‪:‬


‪- ‬أن‪ ‬الهزيمة‪ ‬لا‪ ‬تعني‪ ‬نهاية‪ ‬المطاف،‪ ‬وأن‪ ‬جيوشًا‪ ‬عديدة‪ ‬خسرت‪ ‬جولات،‪ ‬لكنها‪ ‬لم‪ ‬تُهزم‪ ‬إلي‪ ‬الأبد‪ ‬أو‪ ‬تستسلم‪ ‬للأمر‪ ‬الواقع،بل‪ ‬إنها‪ ‬قاومت‪ ‬وتحدت،‪ ‬واستطاعت‪ ‬أن‪ ‬تحقق‪ ‬النصر،‪ ‬وأن‪ ‬مصر‪ ‬قادرة‪ ‬علي‪ ‬تجاوز‪ ‬الهزيمة‪ ‬ونتائجها‪.‬


‪- ‬أن‪ ‬ما‪ ‬حدث‪ ‬لا‪ ‬يدعونا‪ ‬إلي‪ ‬الاستسلام‪ ‬لليأس،‪ ‬بل‪ ‬يجعلنا‪ ‬أشد‪ ‬إصرارًا‪ ‬لبناء‪ ‬أنفسنا‪ ‬وبناء‪ ‬قواتنا‪ ‬المسلحة‪.‬


‪- ‬أن‪ ‬الهدف‪ ‬من‪ ‬العدوان‪ ‬الذي‪ ‬وقع‪ ‬علي‪ ‬البلاد‪ ‬هو‪ ‬فرض‪ ‬الصلح‪ ‬مع‪ ‬إسرائيل‪ ‬وتحويل‪ ‬مصر‪ ‬إلي‪ ‬مستعمرة‪ ‬أمريكية‪ ‬وإسقاط نظامها‪ ‬الوطني‪.‬


‪- ‬أن‪ ‬قرار‪ ‬عبدالناصر‪ ‬بالتنحي‪ ‬عن‪ ‬السلطة‪ ‬كان‪ ‬هدفه‪ ‬إنقاذ‪ ‬البلاد؛‪ ‬لأنه‪ ‬كان‪ ‬يدرك‪ ‬أن‪ ‬رأسه‪ ‬هو‪ ‬المطلوب،‪ ‬ولذلك‪ ‬قام‪ ‬بترشيح زكريا‪ ‬محيي‪ ‬الدين‪ ‬لتولي‪ ‬رئاسة‪ ‬الجمهورية،‪ ‬باعتبار‪ ‬أنه‪ ‬أكثر‪ ‬اعتدالًا‪ ‬منه،‪ ‬وقادر‪ ‬علي‪ ‬التعامل‪ ‬مع‪ ‬التحديات‪ ‬المفروضة‪ ‬فيهذا‪ ‬الوقت‪.‬


‪- ‬أن‪ ‬عبدالناصر‪ ‬كان‪ ‬يدرك‪ ‬أن‪ ‬عدوان‪ 1967 ‬كان‪ ‬مُعَدًا‪ ‬له‪ ‬من‪ ‬زمن‪ ‬طويل،‪ ‬وأن‪ ‬إسرائيل‪ ‬قد‪ ‬حصلت‪ ‬في‪ ‬هذه‪ ‬الفترة‪ ‬علي‪ ‬كافةأنواع‪ ‬الأسلحة‪ ‬المطلوبة‪ ‬التي‪ ‬تستطيع‪ ‬من‪ ‬خلالها‪ ‬تدمير‪ ‬الجيش‪ ‬المصري‪.‬


‪- ‬أن‪ ‬عبدالناصر‪ ‬أكد‪ ‬خلال‪ ‬مناقشته‪ ‬لأسباب‪ ‬الهزيمة‪ ‬في‪ ‬محضر‪ ‬اجتماع‪ ‬مجلس‪ ‬الوزراء‪ ‬في‪ 20 ‬يونيو‪ 1967‬،‪ »‬‬أن القيادات‪ ‬العسكرية‪ ‬المصرية‪ ‬لم‪ ‬تكن‪ ‬لديها‪ ‬قناعة‪ ‬بأن‪ ‬إسرائيل‪ ‬ستهاجم‪ ‬مصر‪ ‬وبعضَ‪ ‬البلدان‪ ‬العربية‪ ‬الأخري،‪ ‬بالرغم‪ ‬من كونه‪ ‬حضر‪ ‬اجتماع‪ ‬القيادة‪ ‬العليا‪ ‬للقوات‪ ‬المسلحة‪ ‬يوم‪ ‬الجمعة‪ 2 ‬يونيو،‪ ‬وأبلغهم‪ ‬أن‪ ‬إسرائيل‪ ‬ستهاجم‪ ‬مصر‪ ‬يوم‪ 5‬يونيو،‪ ‬وأن‪ ‬أول‪ ‬عملية‪ ‬سوف‪ ‬تستهدف‪ ‬ضرب‪ ‬الطيران‪ ‬والمطارات‪.‬


‪- ‬أن‪ ‬عبدالناصر‪ ‬أكد‪ ‬في‪ ‬محضر‪ ‬الاجتماع‪ ‬نفسه‪: ‬أنه‪ ‬أبلغ‪ ‬شعراوي‪ ‬جمعة‪ ‬وزير‪ ‬الداخلية‪ ‬في‪ ‬نفس‪ ‬التوقيت‪ ‬بموعدالعدوان،‪ ‬وقال‪ ‬له‪: »‬‬أنا‪ ‬شايف‪ ‬كل‪ ‬الناس‪ ‬واخدة‪ ‬الموضوع‪ ‬ببساطة،‪ ‬وإننا‪ ‬لابد‪ ‬أن‪ ‬نبدأ‪ ‬بعملية‪ ‬المواجهة‪ ‬من‪ ‬الآن‪».‬


‪- ‬إنه‪ ‬بالرغم‪ ‬من‪ ‬تحذيراته‪ ‬إلا‪ ‬أنه‪ ‬فوجئ‪ ‬عندما‪ ‬قام‪ ‬الإسرائيليون‪ ‬بالهجوم‪ ‬لم‪ ‬تكن‪ ‬هناك‪ ‬طائرة‪ ‬واحدة‪ ‬لمواجهة‪ ‬الطيران الإسرائيلي،‪ ‬لأن‪ ‬الطيارين‪ ‬المصريين‪ ‬كانوا‪ ‬منشغلين‪ ‬في‪ ‬حفلة‪ ‬حتي‪ ‬الرابعة‪ ‬صباحًا،‪ ‬ولذلك‪ ‬ضُربت‪ ‬كل‪ ‬المطارات‪ ‬المصرية‪ ‬فيوقت‪ ‬واحد‪.‬


‪ ‬‪- ‬أن‪ ‬عبدالناصر‪ ‬لجأ‪ ‬في‪ ‬هذه‪ ‬الفترة‪ ‬إلي‪ ‬السوڤييت‪ ‬مضطرا‪ ‬لحماية‪ ‬بلاده‪ ‬وقد‪ ‬جسد‪ ‬ذلك‪ ‬بقوله‪: »‬‬لقد‪ ‬أثبت‪ ‬هذا‪ ‬العدوان الذي‪ ‬وقع‪ ‬علي‪ ‬مصر‪ ‬أنه‪ ‬لا‪ ‬يوجد‪ ‬لدينا‪ ‬دفاع‪ ‬جوي‪ ‬في‪ ‬هذه‪ ‬الفترة،‪ ‬ولذلك‪ ‬طلبت‪ ‬من‪ ‬الروس‪ ‬أن‪ ‬يرسلوا‪ ‬لنا‪ ‬أفرادًا‪ ‬بمعداتهم لتولي‪ ‬الدفاع‪ ‬الجوي‪ ‬عن‪ ‬مصر،‪ ‬وإلا‪ ‬فإننا‪ ‬كنا‪ ‬سنصبح‪ ‬مستباحين‪ ‬للطيران‪ ‬الإسرائيلي‪.‬


‪- ‬أن‪ ‬عبدالناصر‪ ‬أوضح‪ ‬أسباب‪ ‬قراره‪ ‬بالتنحي‪ ‬بقوله‪: »‬‬لقد‪ ‬كان‪ ‬الخيار‪ ‬المفروض‪ ‬علينا‪ ‬في‪ ‬هذه‪ ‬الفترة‪ ‬إما‪ ‬أن‪ ‬نقبل‪ ‬بشروط أمريكا‪ ‬وإما‪ ‬يبهدلونا‪ ‬سياسيًا‪ ‬واقتصاديًا‪ ‬وعسكريًا،‪ ‬وكان‪ ‬القبول‪ ‬بالشروط‪ ‬مستحيلًا،‪ ‬وهذا‪ ‬هو‪ ‬ما‪ ‬دفعني‪ ‬إلي‪ ‬طلب التنحي‪ ‬في‪ 9 ‬يونيو،‪ ‬لأنني‪ ‬لا‪ ‬أستطيع‪ ‬أن‪ ‬أقبل‪ ‬كلام‪ ‬أمريكا‪».‬


‪- ‬لقد‪ ‬اعترف‪ ‬عبدالناصر‪ ‬في‪ ‬هذه‪ ‬الفترة‪ ‬بانخفاض‪ ‬الروح‪ ‬المعنوية،‪ ‬وقال‪: »‬‬طبعًا‪ ‬الروح‪ ‬المعنوية‪ ‬منحطَّة‪ ‬جدًا،‪ ‬وبنحاول بكل‪ ‬الوسائل‪ ‬إن‪ ‬إحنا‪ ‬نرفع‪ ‬الروح‪ ‬المعنوية،‪ ‬لأن‪ ‬الضربة‪ ‬كانت‪ ‬جامدة‪ ‬جدًا‪.‬


‪- ‬عندما‪ ‬اقترح‪ ‬السيد‪ ‬عبدالمحسن‪ ‬أبو‪ ‬النور‪ ‬وزير‪ ‬الدولة‪ ‬ضرورة‪ ‬إعداد‪ ‬المقاومة‪ ‬الشعبية‪ ‬لمواجهة‪ ‬أي‪ ‬غزو‪ ‬إسرائيلي‪ ‬للقاهرة،قال‪ ‬له‪ ‬عبدالناصر‪ ‬بكل‪ ‬حسم‪: »‬‬أنا‪ ‬باخدك‪ ‬دلوقتي‪ ‬أعيِّنك‪ ‬قائدًا‪ ‬للمقاومة‪ ‬الشعبية،‪ ‬وسيب‪ ‬إصلاح‪ ‬الأراضي‪ ‬لسيد‪ ‬مرعي‪»،وكان‪ ‬ذلك‪ ‬مؤشرًا‪ ‬علي‪ ‬جدية‪ ‬المواجهة‪ ‬منذ‪ ‬الأيام‪ ‬الأولي‪ ‬التي‪ ‬تلت‪ ‬النكسة‪.‬


‪- ‬وفي‪ ‬الجلسة‪ ‬نفسها‪ ‬اقترح‪ ‬كمال‪ ‬الدين‪ ‬رفعت‪ ‬ضرب‪ ‬اليهود‪ ‬في‪ ‬سيناء‪ ‬وبدء‪ ‬التعبئة،‪ ‬فردَّ‪ ‬عليه‪ ‬عبدالناصر‪ ‬بالقول تحديدًا‪: »‬‬رأيي‪ ‬لازم‪ ‬نوطي‪ ‬راسنا‪ ‬شوية‪ ‬لغاية‪ ‬ما‪ ‬ييجي‪ ‬لنا‪ ‬شوية‪ ‬أسلحة،‪ ‬ونسكت‪ ‬ولا‪ ‬نعبئ‪ ‬ولا‪ ‬يبان‪ ‬علينا‪ ‬إننا‪ ‬واخدين ضربة‪ ‬مدوخانا‪ ‬ولا‪ ‬نعبئ‪ ‬إعلام‪ ‬ولا‪ ‬حاجة،‪ ‬خلينا‪ ‬كدة‪ ‬ساكتين،‪ ‬وأول‪ ‬ما‪ ‬تُقف‪ ‬قواتنا‪ ‬علي‪ ‬رجليها‪ ‬شوية،‪ ‬ونعرف‪ ‬إننا‪ ‬قادرين جديًا‪ ‬علي‪ ‬الدفاع‪ ‬عن‪ ‬غرب‪ ‬القنال،‪ ‬وعندنا‪ ‬من‪ ‬الأسلحة‪ ‬ما‪ ‬يكفي‪ ‬والدفاع‪ ‬الجوي،‪ ‬نبتدي‪ ‬نعمل‪ ‬هذا‪ ‬الكلام،‪ ‬ولا‪ ‬يمكن‪ ‬دلوقتيأتحدث‪ ‬عن‪ ‬تحرير‪ ‬سيناء،‪ ‬وأنا‪ ‬مش‪ ‬واثق‪ ‬من‪ ‬الدفاع‪ ‬عن‪ ‬القاهرة‪«،‪ ‬وكان‪ ‬ذلك‪ ‬أيضا‪ ‬يعني‪ ‬فهما‪ ‬عميقًا‪ ‬من‪ ‬عبد‪ ‬الناصرلحقائق‪ ‬الواقع‪ ‬علي‪ ‬الأرض‪.‬


ولم‪ ‬يكن‪ ‬عبد‪ ‬الناصر‪ ‬مغامرًا‪ ‬بدليل‪ ‬أنه‪  ‬عندما‪ ‬تساءل‪ ‬محمود‪ ‬رياض‪ ‬وزير‪ ‬الخارجية‪: ‬هل‪ ‬هناك‪ ‬استبعاد‪ ‬للحلول الدبلوماسية؟‪ ‬رد‪ ‬عليه‪ ‬بقوله‪: »‬‬لو‪ ‬عملوا‪ ‬معانا‪ ‬اتصال‪ ‬هنعمل،‪ ‬لكن‪ ‬هل‪ ‬هنسلم؟‪ ‬لا‪.


‪- ‬صارح‪ ‬عبدالناصر‪ ‬الحاضرين‪ ‬في‪ ‬هذه‪ ‬الجلسة،‪ ‬بأن‪ ‬الرئيس‪ ‬الأمريكي‪ ‬ليندون‪ ‬جونسون‪ ‬أبلغ‪ ‬مصر‪ ‬وقال‪: »‬‬متهاجموش إسرائيل‪ ‬وهيَّ‪ ‬مش‪ ‬هتهاجمكم،‪ ‬ثم‪ ‬بعد‪ ‬هجوم‪ ‬إسرائيل‪ ‬سكت‪ ‬خالص‪». ‬وهو‪ ‬أمر‪ ‬يكشف‪ ‬أبعاد‪ ‬المؤامرة‪ ‬والدور‪ ‬الأمريكيالمساند‪ ‬للعدوان‪.‬


‪- ‬وعندما‪ ‬قال‪ ‬عبدالناصر‪: »‬‬إنه‪ ‬لا‪ ‬توجد‪ ‬اتصالات‪ ‬مع‪ ‬الأمريكان،‪ ‬وهم‪ ‬يطلبون‪ ‬منا‪ ‬التسليم‪ ‬بلا‪ ‬قيد‪ ‬ولا‪ ‬شرط‪«،‪ ‬وعندما‪ ‬قال‪: »‬‬حتي‪ ‬لو‪ ‬سلِّمنا‪ ‬بلا‪ ‬قيد‪ ‬وبلا‪ ‬شرط‪ ‬فلن‪ ‬يقبلوا،‪ ‬لأنهم‪ ‬يريدون‪ ‬تغيير‪ ‬النظام‪«،‪  »‬‬إن‪ ‬الكونجرس‪ ‬كله‪ ‬مع‪ ‬إسرائيل‪ ‬والتعبئةكلها‪ ‬لصالح‪ ‬إسرائيل،‪ ‬وحتي‪ ‬لو‪ ‬أراد‪ ‬الرئيس‪ ‬جونسون‪ ‬أي‪ ‬حل‪ ‬سياسي‪ ‬فلن‪ ‬يستطيع‪». ‬فهو‪ ‬هنا‪ ‬كان‪ ‬يؤكد‪ ‬علي‪ ‬فهمه لطبيعة‪ ‬العلاقة‪ ‬القوية‪ ‬بين‪ ‬أمريكا‪ ‬وإسرائيل‪.‬
‪- ‬لقد‪ ‬ثمَّن‪ ‬عبد‪ ‬الناصر‪ ‬في‪ ‬هذا‪ ‬الاجتماع‪ ‬موقف‪ ‬الجزائر‪ ‬من‪ ‬بين‪ ‬كل‪ ‬الدول‪ ‬العربية‪ ‬وقال‪: »‬‬الجزائر‪ ‬باعتين‪ ‬المدفعية‪ ‬كلها،والدبابات‪ ‬كلها،‪ ‬والطيارات‪ ‬كلها،‪ ‬والقوات‪ ‬كلها،‪ ‬وقال‪ ‬الجزائريون‪ ‬مستعدون‪ ‬وحزاني‪ ‬وزعلانين‪ ‬من‪ ‬خبر‪ ‬إيقاف‪ ‬القتال،‪ ‬ولماراح‪ ‬خبر‪ ‬إيقاف‪ ‬القتال‪ ‬ليومين‪ ‬قعد‪ ‬أحد‪ ‬الجزائريين‪ ‬يعيط‪ ‬قدام‪ ‬السفير،‪ ‬وحالته‪ ‬كانت‪ ‬وحشة‪».‬


‪- ‬لقد‪ ‬كاشف‪ ‬عبدالناصر‪ ‬الجميع‪ ‬في‪ ‬هذا‪ ‬الاجتماع‪ ‬وقال‪ ‬لمجلس‪ ‬الوزراء‪: »‬‬أنا‪ ‬قلت‪ ‬لكم‪ ‬الموقف‪ ‬بصراحة،‪ ‬واللي‪ ‬عايز‪ ‬يهرب بجلده‪ ‬من‪ ‬دلوقتي‪ ‬يعملها،‪ ‬أنا‪ ‬مش‪ ‬متشائم،‪ ‬أنا‪ ‬متفائل،‪ ‬هنعدي‪ ‬إن‪ ‬شاء‪ ‬الله‪ ‬وربنا‪ ‬إدانا‪ ‬درس،‪ ‬في‪ ‬رأيي‪ ‬سننتصر‪ ‬إن‪ ‬شاءالله،‪ ‬لازم‪ ‬نجتمع‪ ‬ونبحث‪ ‬المواد‪ ‬التموينية‪ ‬ونعلن‪ ‬اقتصادنا‪ ‬اقتصاد‪ ‬حرب،‪ ‬ويكون‪ ‬هناك‪ ‬تقشف،‪ ‬ما‪ ‬نقعدش‪ ‬نعيط،‪ ‬الناس عندها‪ ‬أمل،‪ ‬منكفَّرش‪ ‬الناس‪ ‬بدون‪ ‬داعي‪ ‬وشوفوا‪ ‬مشاكل‪ ‬الناس‪.


وكان‪ ‬هذا‪ ‬الحديث‪ ‬يعني‪ ‬أن‪ ‬عبد‪ ‬الناصر‪ ‬قرر‪ ‬المواجهة‪ ‬حتي‪ ‬النهاية‪ ‬وكان‪ ‬يدرك‪ ‬أن‪ ‬المواجهة‪ ‬توجب‪ ‬المصارحة‪ ‬وبث‪ ‬روح الأمل‪ ‬في‪ ‬النفوس


• • • 
وخلال‪ ‬الاجتماع‪ ‬التالي‪ ‬لمجلس‪ ‬الوزراء‪ ‬الذي‪ ‬انعقد‪ ‬برئاسة‪ ‬الرئيس‪ ‬جمال‪ ‬عبدالناصر‪ ‬في‪ 2 ‬يوليو‪ 1967‬،‪ ‬تركز‪ ‬الحديث حول‪ ‬أربع‪ ‬نقاط‪ ‬متعلقة‪ ‬بالموقف‪ ‬العسكري‪ ‬والروح‪ ‬المعنوية‪ ‬وإعادة‪ ‬تنظيم‪ ‬القوات‪ ‬المسلحة‪ ‬وزيارة‪ ‬بادجورني‪ ‬في‪ ‬الفترة‪ ‬من‪21-23 ‬يونيو‪ ‬والموقف‪ ‬السياسي،‪ ‬ناهيك‪ ‬عن‪ ‬العديد‪ ‬من‪ ‬المواقف‪ ‬الأخري،‪ ‬وكان‪ ‬في‪ ‬مقدمتها‪ ‬الوضع‪ ‬الاقتصادي‪.‬


‪- ‬لقد‪ ‬فاجأ‪ ‬عبدالناصر‪ ‬الحاضرين‪ ‬بقوله‪: »‬‬إنه‪ ‬ابتداء‪ ‬من‪ ‬يوم‪ 27 ‬يوليو‪ ‬لدينا‪ ‬القدرة‪ ‬علي‪ ‬الدفاع‪ ‬عن‪ ‬الضفة‪ ‬الغربية‪ ‬لقنال السويس،‪ ‬وقال‪ ‬قبل‪ ‬ذلك‪ ‬لم‪ ‬تكن‪ ‬هناك‪ ‬قوة‪ ‬دفاعية،‪ ‬وكان‪ ‬الطريق‪ ‬من‪ ‬السويس‪ ‬إلي‪ ‬القاهرة‪ ‬مفتوحًا‪ ‬أمام‪ ‬الأعداء،‪ ‬وكذلك الحال‪ ‬بالنسبة‪ ‬للطريق‪ ‬بين‪ ‬القاهرة‪ ‬والإسماعيلية،‪ ‬لقد‪ ‬نجحنا‪ ‬في‪ ‬أن‪ ‬نعوض‪ ‬ما‪ ‬خسرناه‪ ‬في‪ ‬الطيران،‪ ‬والتسليح‪ ‬الكامل في‪ ‬الدبابات،‪ ‬والاتحاد‪ ‬السوفيتي‪ ‬أمدنا‪ ‬بكل‪ ‬ما‪ ‬نحتاجه‪.‬


‪- ‬وكشف‪ ‬عبدالناصر‪ ‬أن‪ ‬السوفيت‪ ‬أرسلوا‪ ‬له‪ ‬خطابًا‪ ‬في‪ ‬اليوم‪ ‬الثاني‪ ‬للتنحي،‪ ‬وقال‪ ‬إنهم‪ ‬طالبوه‪ ‬بالعودة‪ ‬وتعهدوابتعويض‪ ‬مصر‪ ‬عن‪ ‬كل‪ ‬الأسلحة‪ ‬التي‪ ‬خسرتها‪ ‬مجانًا‪.‬


‪- ‬وأكد‪ ‬أن‪ ‬الروح‪ ‬المعنوية‪ ‬لدي‪ ‬المصريين‪ ‬أصبحت‪ ‬عالية،‪ ‬خاصة‪ ‬بعد‪ ‬معركة‪ ‬بورفؤاد‪ ‬التي‪ ‬لقَّن‪ ‬فيها‪ ‬المصريون‪ ‬القوات الإسرائيلية‪ ‬درسًا‪ ‬قويًا‪.‬


‪- ‬وتعهد‪ ‬عبدالناصر‪  ‬إعادة‪ ‬تنظيم‪ ‬القوات‪ ‬المسلحة‪ ‬تنظيمًا‪ ‬كاملًا‪ ‬حتي‪ ‬تستطيع‪ ‬مواجهة‪ ‬الأعداء،‪ ‬وتحدث‪ ‬في‪ ‬هذا‪ ‬حديثًامطولا‪ ‬مستعينًا‪ ‬بخبرة‪ ‬السوفيت‪ ‬في‪ ‬هذا‪ ‬اللمجال‪.‬


‪-‬و‪ ‬كشف‪ ‬عبدالناصر‪ ‬خلال‪ ‬المناقشات‪ ‬داخل‪ ‬مجلس‪ ‬الوزراء‪ ‬عن‪ ‬تفاصيل‪ ‬زيارة‪ »‬‬بادجورني‪» ‬وقال‪: ‬إننا‪ ‬طلبنا‪ ‬منه‪ ‬معاونتنافي‪ ‬مدِّنا‪ ‬بالأسلحة‪ ‬ومعاونتنا‪ ‬من‪ ‬الناحية‪ ‬الفنية،‪ ‬وقال‪: ‬إنني‪ ‬ركزت‪ ‬معه‪ ‬علي‪ ‬الدفاع‪ ‬الجوي،‪ ‬وقال‪: ‬إنه‪ ‬وعدني‪ ‬بإرسال طيارات‪ ‬وطيارين،‪ ‬بحيث‪ ‬يتولون‪ ‬مسئولية‪ ‬الدفاع‪ ‬عن‪ ‬مصر‪ ‬وليس‪ ‬الهجوم‪ ‬علي‪ ‬إسرائيل‪.‬


‪- ‬وتحدث‪ ‬ناصر‪ ‬عن‪ ‬الأوضاع‪ ‬الاقتصادية‪ ‬وقال‪: ‬إن‪ ‬الاتحاد‪ ‬السوفيتي‪ ‬مستعد‪ ‬لمساعدتنا‪ ‬وتقديم‪ ‬معونات‪ ‬اقتصادية‪ ‬لمصر،وقال‪: ‬إنهم‪ ‬سيبحثون‪ ‬الأمر‪ ‬ويردون‪ ‬علينا‪.‬


‪- ‬قال‪ ‬عبدالناصر‪ ‬إنه‪ ‬بعد‪ ‬حوالي‪ 25 ‬يومًا‪ ‬من‪ ‬العدوان‪ ‬حدث‪ ‬تغير‪ ‬في‪ ‬الموقف‪ ‬العالمي‪ ‬وأن‪ ‬دولًا‪ ‬عديدة‪ ‬تطالب‪ ‬بانسحاب إسرائيل‪ ‬من‪ ‬الأراضي‪ ‬التي‪ ‬احتلتها،‪ ‬لكنه‪ ‬قال‪: ‬إن‪ ‬إسرائيل‪ ‬لن‪ ‬تنسحب‪ ‬إلا‪ ‬بعد‪ ‬موافقة‪ ‬أمريكا،‪ ‬وأمريكا‪ ‬لها‪ ‬أهداف‪ ‬كبيرةفي‪ ‬منطقة‪ ‬الشرق‪ ‬الأوسط‪ ‬تريد‪ ‬تحقيقها‪.‬


‪‬‪‬كان‪ ‬عبدالناصر‪ ‬يري‪ ‬أن‪ ‬المعركة‪ ‬ليست‪ ‬هينة،‪ ‬وأنها‪ ‬طويلة،‪ ‬وقال‪ ‬إن‪ ‬المباحثات‪ ‬في‪ ‬أمريكا‪ ‬مع‪ ‬د‪. ‬محمود‪ ‬فوزي‪ ‬تمحورت في‪ ‬طلبين‪:‬


‪-الاعتراف‪ ‬بإسرائيل‪ ‬كحقيقة‪ ‬واقعة‪.‬


‪ حق‪ ‬إسرائيل‪ ‬في‪ ‬عبور‪ ‬خليج‪ ‬العقبة‪.‬


وقال‪: ‬إن‪ ‬الحل‪ ‬الوحيد‪ ‬أمامنا‪ ‬هو‪ ‬فقط‪ ‬إعادة‪ ‬بناء‪ ‬قواتنا‪ ‬المسلحة‪ ‬علي‪ ‬أساس‪ ‬صحيح‪ ‬وسليم،‪ ‬وبعدها‪ ‬نتحرك‪ ‬لاستردادسيناء‪.‬


‪- ‬لقد‪ ‬أكد‪ ‬عبدالناصر‪: »‬‬إن‪ ‬الشعب‪ ‬المصري‪ ‬ميزته‪ ‬أنه‪ »‬‬ينكِّت‪» ‬علي‪ ‬أي‪ ‬حاجة‪ ‬مش‪ ‬عاجباه،‪ ‬وهذا‪ ‬يدل‪ ‬علي‪ ‬أنه‪ ‬شعب‪ ‬روحه المعنوية‪ ‬قوية‪ ‬جدًا،‪ ‬وزي‪ ‬ما‪ ‬نكِّت‪ ‬من‪ 100 ‬سنة،‪ ‬برضه‪ ‬بينكِّت‪ ‬النهاردة،‪ ‬وهينكت‪ ‬بعد‪ 100 ‬سنة،‪ ‬مهما‪ ‬مرت‪ ‬بيه‪ ‬الشدائد،وأنا‪ ‬الحقيقة‪ ‬لما‪ ‬كنت‪ ‬باسمع‪ ‬النكت‪ ‬اللي‪ ‬بتتقال‪ ‬كنت‪ ‬بقول‪ ‬إن‪ ‬معنويات‪ ‬الشعب‪ ‬كويسة،‪ ‬طبعًا‪ ‬اللي‪ ‬باين‪ ‬إن‪ ‬الناس‪ ‬حزينة،لكن‪ ‬روحها‪ ‬المعنوية‪ ‬قوية‪».‬


‪- ‬لقد‪ ‬تطرق‪ ‬الحديث‪ ‬في‪ ‬هذا‪ ‬الاجتماع‪ ‬للأزمة‪ ‬الاقتصادية‪ ‬فتحدث‪ ‬سيد‪ ‬مرعي‪ ‬وزير‪ ‬الزراعة‪ ‬عن‪ ‬محصولي‪ ‬القطن‪ ‬والأرزوغيرهما،‪ ‬وناقش‪ ‬عبد‪ ‬الناصر‪ ‬ووزراءه‪ ‬في‪ ‬هذا‪ ‬الملف‪ ‬بعين‪ ‬الخبير‪ ‬والمتابع‪ ‬لكل‪ ‬السلع‪ ‬التموينية‪ ‬والزراعية،‪ ‬وأيضا‪ ‬إيرادات السياحة‪ ‬والديون‪ ‬المطلوبة‪ ‬من‪ ‬الدولة‪.‬


أما‪ ‬في‪ ‬اجتماع‪ ‬مجلس‪ ‬الوزراء‪ ‬الذي‪ ‬عُقد‪ ‬برئاسة‪ ‬عبدالناصر‪ ‬في‪ 22 ‬يوليو‪ 1967 ‬فقد‪ ‬تحدث‪ ‬الزعيم‪ ‬الراحل‪ ‬في‪ ‬بدايته‪ ‬عن ضرورة‪ ‬تنظيم‪ ‬عملية‪ ‬الإنفاق‪ ‬الشخصي‪ ‬لمسئولي‪ ‬الدولة‪ ‬المصرية،‪ ‬وقال‪: »‬‬يجب‪ ‬أن‪ ‬نأخذ‪ ‬قرارًا‪ ‬بأن‪ ‬نواب‪ ‬الرئيس‪ ‬كل‪ ‬منهم يكون‪ ‬عنده‪ ‬عربيتان‪ ‬فقط،‪ ‬والوزراء‪ ‬كل‪ ‬واحد‪ ‬عنده‪ ‬عربية‪ ‬واحدة‪«،‪ ‬وقال‪: »‬‬مثلًا‪ ‬يقال‪ ‬إن‪ ‬عبدالقادر‪ ‬حاتم‪ ‬عنده‪ 6 ‬عربيات،فهل‪ ‬هذا‪ ‬الكلام‪ ‬صحيح؟‪ ‬هذا‪ ‬الكلام‪ ‬يجب‪ ‬أن‪ ‬ينفَّذ‪ ‬من‪ ‬بكرة‪ ‬نواب‪ ‬الرئيس‪ ‬كل‪ ‬واحد‪ ‬له‪ ‬عربتان‪ ‬والوزير‪ ‬فقط‪ ‬سيارة‪ ‬واحدة‪».‬


واستكمل‪ ‬حديثه‪ ‬المفاجئ‪ ‬بالقول‪ ويجب إلغاء 50٪ من بدل التمثيل : ‬بالنسبة‪ ‬للكل،‪ ‬وكان‪ ‬كلامه‪ ‬يحمل‪ ‬أكثر‪ ‬من‪ ‬معني‪!!‬


وفي‪ ‬هذا‪ ‬الاجتماع‪ ‬أيضا‪ ‬دار‪ ‬حوار‪ ‬طويل‪ ‬في‪ ‬هذا‪ ‬الاجتماع‪ ‬حول‪ ‬قرار‪ ‬وقف‪ ‬إطلاق‪ ‬النار‪ ‬والحل‪ ‬السياسي‪ ‬المطروح،‪ ‬وكان الرأي‪ ‬أنه‪ ‬لا‪ ‬يجب‪ ‬الاستعجال‪ ‬في‪ ‬الحل‪ ‬السياسي‪ ‬وإنما‪ ‬يتوجب‪ ‬إصلاح‪ ‬الجبهة‪ ‬الداخلية‪ ‬أولًا،‪ ‬ويكون‪ ‬عندنا‪ ‬برنامج‪ ‬عمل ونثبت‪ ‬للعالم‪ ‬أننا‪ ‬في‪ ‬هذه‪ ‬الشدة‪ ‬نقدر‪ ‬نقف‪ ‬علي‪ ‬رجلينا،‪ ‬الوقوف‪ ‬اللي‪ ‬يقدر‪ ‬يخلينا‪ ‬نساوم،‪ ‬كما‪ ‬قال‪ ‬عبد‪ ‬الناصر‪ ‬حرفيا‪.‬


وراح‪ ‬عبدالناصر‪ ‬يشرح‪ ‬وجهة‪ ‬نظره‪ ‬بالقول‪: »‬‬والله‪ ‬أنا‪ ‬يوم‪ 8 ‬يونيو‪ ‬كنت‪ ‬مستعد‪ ‬أقبل‪ ‬حاجات‪ ‬أكتر‪ ‬من‪ ‬كدة‪ ‬لعدة‪ ‬أسباب أهمها‪ ‬أنه‪ ‬كان‪ ‬عندي‪ ‬معلومات‪ ‬أن‪ ‬اليهود‪ ‬هيعبروا‪ ‬القناة‪ ‬ويحتلوا‪ ‬الضفة‪ ‬الغربية،‪ ‬ولكن‪ ‬الصمود‪ ‬شيء‪ ‬مهم‪ ‬وأساسي‪«،وقال‪: »‬‬كلما‪ ‬يقوي‪ ‬الخط‪ ‬الدفاعي‪ ‬يبقي‪ ‬ممكن‪ ‬موقفنا‪ ‬السياسي‪ ‬يكون‪ ‬أصلب‪».‬


‪- ‬ولم‪ ‬يجد‪ ‬عصام‪ ‬حسونة‪ ‬وزير‪ ‬العدل‪ ‬من‪ ‬الحديث‪ ‬مطولًا‪ ‬عن‪ ‬الجبهة‪ ‬الداخلية‪ ‬وأسباب‪ ‬خروج‪ ‬الجماهير‪ ‬في‪ ‬تظاهرات عارمة‪ ‬ترفض‪ ‬تنحي‪ ‬عبدالناصر،‪ ‬وقال‪: »‬‬لقد‪ ‬كنا‪ ‬في‪ ‬مناحة‪ ‬وطنية،‪ ‬البلد‪ ‬انتفضت‪ ‬فجأة،‪ ‬ونزل‪ ‬الملايين‪ ‬إلي‪ ‬الشارع،‪ ‬وقال إن‪ ‬إحساسي‪ ‬الشخصي‪ ‬أن‪ ‬الناس‪ ‬كلها‪ ‬حست‪ ‬إن‪ (‬الأب‪ ‬العاقل‪) ‬بيترك‪ ‬البيت‪ ‬في‪ ‬المحنة،‪ ‬وقال‪ ‬حسونة‪ ‬مفاجئا‪ ‬الجميع‪: ‬إن القول‪ ‬بأن‪ ‬البلد‪ ‬موحدة‪ ‬غير‪ ‬صحيح،‪ ‬والقول‪ ‬بأن‪ ‬البلد‪ ‬مستعدة‪ ‬أن‪ ‬تغير‪ ‬القيم‪ ‬التي‪ ‬عاشت‪ ‬عليها‪ ‬كذا‪ ‬سنة‪ ‬بسهولة‪ ‬غيرصحيح‪ ‬ومستحيل‪ ‬أيضًا‪»‬.‬


وبعد‪ ‬الحديث‪ ‬المطول‪ ‬لوزير‪ ‬العدل،‪ ‬تم‪ ‬رفع‪ ‬جلسة‪ ‬الاجتماع‪ ‬علي‪ ‬أن‪ ‬تنعقد‪ ‬يوم‪ 24 ‬يوليو‪ 1967‬،‪ ‬وفي‪ ‬نهاية‪ ‬الجلسة‪ ‬كان عبدالناصر‪ ‬كعادته‪ ‬واضحًا‪ ‬وصريحًا،‪ ‬حيث‪ ‬قال‪: »‬‬الفترة‪ ‬دي‪ ‬الواحد‪ ‬حاسس‪ ‬بوحدة،‪ ‬الواحد‪ ‬يحب‪ ‬يسمع،‪ ‬وأنا‪ ‬كنت‪ ‬بلحّ عليكم‪ ‬الأول،‪ ‬الواحد‪ ‬عاوز‪ ‬ناس‪ ‬كتير‪ ‬تتكلم،‪ ‬لأن‪ ‬العملية‪ ‬عملية‪ ‬الحقيقة‪ ‬صعبة‪ ‬جدًا،‪ ‬كل‪ ‬ما‪ ‬اتكلمت‪ ‬مع‪ ‬الناس‪ ‬علي‪ ‬أساس مدروس‪ ‬برضه‪ ‬مش‪ ‬علي‪ ‬أساس‪ ‬عاطفي،‪ ‬ممكن‪ ‬إن‪ ‬إحنا‪ ‬نحقق‪ ‬حاجات‪ ‬أكتر‪»‬.‬