وزير الخارجية يشارك في جلسة حوارية بمنتدي حوار المتوسط

سامح شكري وزير الخارجية
سامح شكري وزير الخارجية
في إطار مشاركته الحالية بمنتدي روما للحوار المتوسطي، شارك سامح شكري وزير الخارجية في جلسة حوارية بعنوان "رؤية من مصر" والتي تم تخصيصها لعرض وجهة النظر المصرية إزاء القضايا والأوضاع الإقليمية.

أدار اللقاء الحواري "جيراردو جريكو" مدير البرامج الإخبارية بقناة rai الإيطالية، و"نيكولاس بيلهم" المحرر الصحفى بمجلة "الإيكونومست".

وفي تصريح للمستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أوضح أن الوزير قدم خلال الحوار شرحا مستفيضا للموقف المصري تجاه الأوضاع الإقليمية، حيث أكد علي أهمية تعميق التعاون بين شمال وجنوب المتوسط لاستعادة ميزان القوة الاستراتيجي ومعالجة ما ألّم به خلال السنوات الماضية.

وأشار وزير الخارجية إلي أن العمليات العسكرية في سوريا والعراق ضد تنظيم داعش الإرهابي كانت ناجحة، ولكن حدث تهاون مع المقاتلين الأجانب وسٌمح لهم بالفرار، وقد حذرت مصر مرارا من مغبة ذلك لأنه سيؤدي إلي إعادة بروز الخطر الإرهابي في مناطق أخري في ليبيا وسيناء وأفريقيا جنوب الصحراء مما ينذر بعواقب وخيمة.

وردا على سؤال بشأن توجيهات السيد الرئيس باستخدام القوة لاستعادة الأمن والاستقرار في سيناء خلال ثلاثة أشهر، أجاب وزير الخارجية بأن منطقة العمليات المشار إليها تقع في شمال شرق سيناء ولا تمثل سوي 5% من مساحة شبه جزيرة سيناء وهي منطقة معزولة نوعا ما. وشدد وزير الخارجية في هذا الصدد علي أن حادث مسجد الروضة يمثل هجمة بربرية أودت بحياة 311 شخصا من بينهم 27 طفلا وينبغي علي العالم بأسره أن يشد من أزر مصر في مواجهة الإرهاب.

وسلط وزير الخارجية الضوء علي أن مصر تواجه إرهابا يفجر المساجد ولا يمكن تحقيق الأمن في ظل العمليات الإرهابية التي تقع في أوروبا أيضا، والتي تحتاج إلي تعامل عسكري حازم، واستطرد الوزير بأن الرؤية المصرية لمحاربة الإرهاب تجمع بين التعامل العسكري، والقيام بمشروعات تنموية في شبه جزيرة سيناء لتحقيق مستوي معيشي جيد للسكان وتحصينهم ضد الأيديولوجيات المتطرفة، إلي جانب المواجهة الفكرية لهذه الأيديولوجية التي تستند إليها الجماعات الإرهابية، متسائلا عن أسباب تقاعس بعض الدول عن تقديم العون لمصر فيما تحتاجه لمحاربة الإرهاب، لاسيما ما تحتاجه من معدات وتكنولوجيا متقدمة.

وفيما يتعلق بالشأن الليبي، أكد وزير الخارجية أن مصر تتقاسم حدودا ممتدة مع ليبيا، مشيرا إلي جهود مصر المتواصلة للوصول إلي حل سياسي وزرع الثقة بين الجماعات المختلفة في ليبيا والتوصل إلي اتفاق عادل يشمل جميع الأطراف، حيث كانت مصر فاعلا رئيسيا في التوصل لاتفاق الصخيرات، كما استضافت الكثير من الاجتماعات لتجسير الهوة بين الفرقاء الليبيين، وتوسيع أفق الحوار بينهم لإعادة بناء الدولة الليبية، وإعادة هيكلة مؤسساتها علي نحو أفضل، معتبرا أن الأمور في ليبيا تتجه نحو منحا إيجابيا.  كما أشار الوزير شكري إلي وجود منظمات تقدم أنواعا مختلفة من الدعم لتهريب البشر والأسلحة في هذه المنطقة، داعيا إلي العمل معا لقطع الإمدادات عن الجماعات الإجرامية التي تمتهن الاتجار بالبشر.

وفيما يتعلق بقضية الهجرة، جدد وزير الخارجية الإشارة إلي أن مصر تستضيف ملايين اللاجئين خاصة من سوريا انطلاقا من مسئولية مصر تجاه دول المنطقة، منوها إلي أن اللاجئين في مصر لا يتم حصارهم في مخيمات أو مراكز إيواء وإنما يعيشون بحرية وينعمون بالأمن علي الأراضي المصرية.

وفي معرض رده على تساؤل بشأن الديمقراطية في مصر، أكد الوزير أن المجتمع المصري مر خلال السنوات الخمس الأخيرة بمرحلة بناء المؤسسات بعد ثورتيّ 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 بوضع الدستور وانتخاب برلمان يعبر عن المجتمع المصري ويتمتع بكافة الصلاحيات للممارسة الديمقراطية، حيث تسعي مصر لتحقيق التوازن بين القوي المختلفة، مع احترام سيادة القانون وضمان عدم انتهاكه، وكذلك تحقيق التنمية المجتمعية لضمان توفير الخدمات الأساسية بجودة عالية للمواطنين المصريين وتحقيق آمالهم في مستوي معيشي جيد، في ظل مشهد إقليمي معقد يموج بالصراعات، وأوضاع اقتصادية صعبة تعاني منها المنطقة بأسرها، وهو مايتسق مع دور مصر عبر الزمن الذي يستند إلي قيم راسخة تضرب بجذورها في عمق التاريخ.

وأخيرا فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط، ثمّن وزير الخارجية توجه الإدارة الأمريكية في سعيها لتحقيق السلام بالمنطقة، مؤكدا تعاون مصر مع الشركاء في الولايات المتحدة لوضع حد لهذا الصراع الممتد، كما أعرب عن استعداد مصر للتنسيق مع الجانب الأمريكي عند تبلور رؤية محددة من جانب الإدارة، مؤكدا أن التفاوض هو السبيل الأمثل لحل هذا الصراع.

واختتم وزير الخارجية حديثه بالإشارة إلي أن مصر تستشرف المستقبل من خلال هذا المنتدي والمحافل المشابهة، كما أنها تبقي ملاذا آمنا للسائحين، مؤكدا ان مصر دولة آمنة ومستقرة والشعب المصري يرحب بضيوفه بحفاوة دائمة. وأبرز وزير الخارجية شخصية مصر المتفردة كنموذج للتزاوج الحضاري بين الثقافات المختلفة الإغريقية والرومانية والعربية الأفريقية، مستعرضا تراث مصر الثري وحضارتها العظيمة مما أسبغ علي المجتمع المصري سمة التسامح والنأي عن الطائفية والعنف،  مشيرا إلي أن هناك دروس مستفادة من التاريخ المصري لتحقيق الاستقرار المجتمعي، ولذلك نسعي دائما لمد جسور التواصل مع شركائنا الدوليين لاسيما في منطقة المتوسط.