عضو هيئة تدريس بجامعة الأزهر: داعش كفار بنص الكتب التي يستندون إليها

علي محمد الأزهري
علي محمد الأزهري

نطالب بمساحات في وسائل الإعلام لتوصيل رسالتنا

التصدي للمفاهيم المغلوطة واجب علي العلماء


الأزهر الشريف منارة الإسلام التي تضيء المجتمع بمفاهيم الرحمة والإنسانية والسلام، وينقل نورها سماحة الدين الإسلامي إلي العالم أجمع، إلا أن الهجمات الإرهابية التي تقتل الإبرياء، تُبكي قلب الأزهر ليس فقط لاستشهاد الأبرياء وإنما أيضاً لتخفي تلك العناصر الإجرامية في ثوب الدين والترويج لمفاهيم خاطئة لتبرير جرائمهم الإرهابية.

ويؤكد د.علي محمد الأزهري عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر في حواره لـ"الأخبار"، أن تلك الجماعات الإرهابية هي خوارج العصر ويستدلون بكتب تحمل مفاهيم خاطئة عن الدين تكفرهم هم شخصياً، موضحاً أن عقيدتهم الضالة تبيح لهم تكفير وقتال الجيوش المسلمة وتكفير علماء الإسلام بمن فيهم علماء الأزهر، مؤكدا أن مناهج الأزهر تحمل سماحة وسلاماً لو قرأها العناصر الإرهابية المتطرفة لردهم عن ضلالهم.

المفاهيم المغلوطة التي يستخدمها الإرهابيون لاستقطاب عناصر جديدة.. كيف يمكن مواجهتها؟

هناك ضرورة لتوعية شباب الأمة بمنهج الوسطية وذلك من خلال اقتطاع مساحة من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة لنشر مفاهيم الإسلام الصحيح التي لا تُكفر أحدًا، والعمل علي رأب الصدع الذي مزق الأمة بسبب الخلافات المنهجية التي أدت إلي التفسيق حتي وصلت للتكفير واستباحة الدماء، وضرورة النظر في المناهج التي تُدرسُ علي طلاب مراحل التعليم المختلفة وخاصة في دولنا العربية.

ما دور علماء الأزهر في توصيل المفاهيم الصحيحة؟

ـ يجب تصدِّي العلماءِ للأفكار المنحرفة وترك الخلافِ جانبًا للوصولِ إلَي برِّ الأمانِ بشبابِ الأمةِ، وتفعيل دور الأزهر الشريف علي المستوي الداخلي والخارجي بنشره للمنهج الوسطي حيث يقوم الأزهر بإيفاد كثير من الدعاة المتميزين لنشر ثقافة الوعي وتصحيح صورة الإسلام في أعين الغرب من خلال البعثات ولجنة الحكماء وقوافل الأزهر، وضرورة تعاون جميع المؤسسات داخل الدولة وبخاصة وزارة الثقافة التي أصبحت مبتعدة حاليًا عن مؤسسة الأزهر الشريف، بالإضافة إلي تدريس مادة بعنوان »‬مفاهيم مغلوطة« علي جميع الطلاب تضمن جملة من القضايا التي تثار محليًا ودوليًا كالخروج علي الحكام والتكفير وإقامة الحدود والحاكمية والغلو والتطرف واجتزاء النصوص.. وغيرها، ومحاربة هذه الجماعات التكفيرية فكريًا عن طريق تدشين الصفحات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها وتكثيف المحاضرات في المساجد والتجمعات.

التكفير هو المبرر الرئيسي للعناصر الإرهابية لتنفيذ عملياتهم، فما ردك علي تلك المفاهيم المغلوطة؟

إنهم استندوا في جملة تكفيرهم إلي أن الجيش المصري يحمي الكنائس والبنوك وغيرها من التحليل المغلوط لفئات المجتمع، علي الرغم أن الاصل في الإسلام حيث إن النبي صلي الله عليه وسلم نهي عن ترويع الآمنين، وكان يقف علي رأس السرية أو الجيش يقول إياكم أن تقتلوا شيخًا كبيرًا أو امرأة أو طفلًا أو جريحًا أو أعزل أو عابدًا انقطع بصومعته أو أن تهدموا صومعة أو أن تحرقوا شجرًا أو تقتلوا بهيمة وهذا من رحمة النبي وعدله ودل هذا علي جواز حراسة المسلم لدور العبادة طالما خافوا علي أنفسهم القتل أو التفجير، وسيدنا عمرو بن العاص عندما دخل مصر فاتحًا وكانت حربًا ضروسًا بين النصاري وبعضهم وقد فر الأنبا بنيامين واختبأ في كهف من كهوف العريش فأرسل سيدنا عمرو بن العاص في طلبه وأمنه ورد عليه الكنائس وقال لكم دينكم ولي دين فكنائسهم فرض علي المسلمين حمايتها طالما في بلادهم ولا يجوز الاعتداء عليها، كما أن البنوك فيها أموال الناس وهذا واجب الدولة في صيانتها وخاصة أن الرواتب واقتصاد البلد أصبح يحفظ فيها وفي الحديث :»ومن مات دون ماله فهو شهيد»، فلماذا هم يقولون بحرمة البنوك ويستحلون الهجوم عليها وسرقة ما فيها؟

هاجم البعض الأزهر بدعوي وجود مفاهيم تدعو للعنف في مناهجه.. ما رأيك في تلك الاتهامات؟

أريد إنصافًا أين مناهج الأزهر التي تدعو للتطرف والإرهاب؟، ومهما فعل الأزهر في مناهجه فلن يرضي الأشخاص الذين يهاجمونه، إن جميع ما يدعونه من تجديد لتراث المسلمين، ليس بحاجة للتجديد بمقدار ما نحن بحاجة لإزالة ما علق بالعقول من مفاهيم مغلوطة.

لكن هناك حملات تتهم الأزهر بعدم القيام بدوره في محاربة التطرف، كيف ترى ذلك؟

دعونا نعلن أن الأزهر قد تحمل كثيرًا موجة التهم العاتية في ظل صمت يكسوه الأدب، لكن لم يعد الصمت يُفيدُ في واقعنا، ولابد من الإعلان أن الإعلام كان شريكًا قويًا في التشهير بالأزهر ورجاله، وتناسوا أن الخوارج اغتالوا أحد علماء الأزهر فاستهدفوا الشيخ الذهبي - رحمه الله تعالي - وزير الأوقاف الأسبق، وكانت حجتهم أنه أقسم علي دستور كفري، وشارك في استبدال شرع الله، إن الأزهر تحمل كثيرًا ولم يعد هذا التحمل تقوي الجبال علي حمله، وإنني أُناشد علماء الأزهر أن يعملوا جاهدين علي الاجتماع علي كلمة سواء، وأن يجتمعوا لمحاربة هذه الأفكار المسمومة التي خربت الديار وشردت العباد، وأن يعملوا علي تفكيك هذا الفكر بأسلوب عقلاني بعيدًا عن الكلمات التي باتت لا تُفهم كثيرًا، وأناشد الإعلام الذي يظهر مؤسسة الأزهر أنها لا تقوم بواجبها تجاه محاربة الأفكار التكفيرية، أن يأخذ جولة في الأزهر ويظهر مرصد الأزهر بلغاته الكثيرة، والذي تم تأسيسه باقتراح من فضيلة الإمام الأكبر لمحاربة الأفكار المتطرفة، من خلال المصادر العربية والأجنبية حول العالم بأكمله، ولقد أشاد بدوره القاصي والداني من مفكرين ورؤساء ووزراء وعلماء وأدباء، وجاءوا لزيارته وإبرام تعاون معه.

لماذا يتأخر رد علماء الأزهر على هذه الحملات؟

رددنا مرارا وتكرارا ولكن نحن نواجه بعض الجهلة الذين يعجزون حتي علي قراءة الفاتحة قراءة صحيحة، ووجدنا أن كل هذه الشبهات التي يخرجون بها منقولة من كتب إلحادية ومغلوطة، فأحدهم عجز عن ذكر راوي الحديث الذي قاله، فكيف تلك العقول أن تُبصرَ الحق؟.. ويتهموننا بأننا نوالي هؤلاء ثم يطلبون منا أن نكفرهم وأن نتصدي للرد عليهم ؟، ولكننا ومازلنا سنرد نبتغي بذلك وجه الله، ودفاعًا عن سنة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وتوقيرًا للصحابة ولآل البيت، وتقديرًا للفقهاء والمحدثين وأهل العلم، ولن نتواري في كهوف مظلمة.

هل استحلال الخوارج لسفك الدماء المعصومة يستوجب الكفر؟

أصدر الجواب بقول الله تعالي :(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، اللعن يستوجب الطرد من رحمة الله تعالي.

مما وجدته في كتبهم ومراجعهم أنهم يستدلون دائمًا بجملة من كتب المذهب الحنبلي وخاصة كتاب (المغني) للإمام (ابن قدامة) وسأحيلهم لما ارتضوه فقهًا لهم كما يزعمون وإن كانت هذه الكتب وأصحابها منهم براء، وقد حكم بكفرهم الإمام ابن قدامة وهذا نص كلام ابن قدامة رحمه الله :
»‬ مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ شَيْءٍ أُجْمِعَ عَلَي تَحْرِيمِهِ، وَظَهَرَ حُكْمُهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَزَالَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ لِلنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِيه ِ، كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَالزِّنَا، وَأَشْبَاهِ هَذَا، مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ كُفِّرَ.

وَإِنْ اسْتَحَلَّ قَتْلَ الْمَعْصُومِينَ، وَأَخْذَ أَمْوَالِهِمْ، بِغَيْرِ شُبْهَةٍ وَلَا تَأْوِيلٍ فَكَذَلِكَ. »‬يعني: أنه يكفر»

وَإِنْ كَانَ بِتَأْوِيلٍ، كَالْخَوَارِجِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَحْكُمُوا بِكُفْرِهِمْ، مَعَ اسْتِحْلَالِهِمْ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ، وَفِعْلِهِمْ لِذَلِكَ مُتَقَرِّبِينَ بِهِ إلَي اللَّهِ تَعَالَي.

وَقَدْ عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِ الْخَوَارِجِ تَكْفِيرُ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَاسْتِحْلَالُ دِمَائِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، وَاعْتِقَادُهُمْ التَّقَرُّبَ بِقَتْلِهِمْ إلَي رَبِّهِمْ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَحْكُمْ الْفُقَهَاءُ بِكُفْرِهِمْ ؛ لِتَأْوِيلِهِمْ.. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ شَرِبَ الْخَمْرَ مُسْتَحِلًّا لَهَا، فَأَقَامَ عُمَرُ عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَلَمْ يُكَفِّرْهُ. وَكَذَلِكَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ، وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ، شَرِبُوا الْخَمْرَ بِالشَّامِ مُسْتَحِلِّينَ لَهَا، مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَي: (لَيْسَ عَلَي الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا) المائدة/ 93، الْآيَة. فَلَمْ يُكَفَّرُوا، وَعُرِّفُوا تَحْرِيمَهَا، فَتَابُوا، وَأُقِيمَ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ.

وَكَذَلِكَ كُلُّ جَاهِلٍ بِشَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَجْهَلَهُ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ حَتَّي يُعَرَّفَ ذَلِكَ، وَتَزُولَ عَنْهُ الشُّبْهَةُ، وَيَسْتَحِلَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ »‬ انتهي من »‬المغني» (9/ 11-12).

هذا حكم العلماء فيكم كما تقولون عنهم (العلماء الربانيون)، وحكم الله فيكم كما سطر في سورة المائدة قال تعالي في الآية الثالثة والثلاثين (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).. وفي الحديث : (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدي ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة)، وقد نلتم اثنتين بهن استوجبتم القَتل، الأولي : قتلكم للنفس المعصومة ولو كان المقتول كافرًا طالما كان مستأمنا.. الثانية : أنكم فارقتم الجماعة.

الكثير من مهاجمي الأزهر يقولون إن تنظيم داعش يستمد تطرفه من مناهج الأزهر؟

تابعنا هذه الهجمات التي تتوالي تترا علي الأزهر ومناهجه ورجاله، تارة بدعوي التجديد، وأخري بمعني تقديس التراث، وثالثة تحت شعار النصوص المغلوطة، وأن نصوص الأزهر تُبيح أكل الموتي، وأن نصوص الأزهر تحرض علي هدم الكنائس، وأن نصوص الموتي تدعو لاستخدام العنف مع غير المسلمين، وأن ما يحدث من تفجير وتخريب في الوطن سببه المناهج الأزهرية؟ ومن باب الإنصاف نعود بالذاكرة إلي فترة ظهور داعش أين ظهر هذا التنظيم ؟ في العراق، من مؤسسه؟ أبو بكر البغدادي واسمه الحقيقي - إبراهيم بن عواد بن إبراهيم البدري السامرائي - المولود في سنة 1971م، في مكان يقال له - الجلام - من أعمال سامراء بالعراق، وقد درس علي يد أبو مصعب الزرقاوي، المولود في الأردن، من متحدثه الرسمي؟ أبو محمد البغدادي، من قرية تُسمي (بنش) من أعمال ريف إدلب، واسمه الحقيقي »‬طه صبحي فلاحة» المولود سنة 1977م، وقيل إنه هلك في يوم الثلاثاء الموافق 2016/8/30م، وفق ما نشرته وكالة أعماق الإخبارية التابعة لهم حتي الآن لم نجد واحدا من مؤسسي التنظيم يتبع الأزهر ولا درس مناهجه.

وبالنسبة للمناهج الأزهرية، زعم زاعم أن مناهج الأزهر متطابقة لمناهج تنظيم داعش، وقال نصا »‬هي نفس المناهج اللي في الأزهر بيدرسها تنظيم داعش»، ومن المعلوم أن هذا التنظيم وغيره يُنكر مناهج الأزهر جملة وتفصيلًا، ويري تكفير الأشاعرة ومعتقدهم، وأيضا منهم من يري عدم تكفيرهم لكنه يرميهم بالضلال، وتارة بالإرجاء وهكذا، فما دليلك يا شيخ حتي لا تدعي زورا تحاول أن تبرر تنصل الأزهر من هذه المناهج؟